المجلس الوطني الكردي من إطار مؤسساتي فاعل إلى مجلس أحزاب معطل
التاريخ: الخميس 16 ايار 2013
الموضوع: اخبار



  فيصل سفوك

في اللحظات الأولى من انطلاق الثورة السورية والتحول التاريخي والإستثنائي الذي طرأ على الحالة الكردية , سعى الجميع على العمل من أجل توحيد الصف والقرار الكردييين , وتكثيف الجهود من اجل بناء كيان كردي جامع ,يسعى إلى تحقيق هذا المطلب الجماهيري والمرحلي , وفعلا بدأت العملية بوتيرة متسارعة رغم أنها صاحبت ببعض الأخطاء والسلبيات والتحفظ على آليات اختيار أعضاءه من المكونات غير الحزبية, إلا أن ولادة المجلس الوطني الكردي بحد ذاتها كانت بداية جيدة وخطوة أولية في الإتجاه الصحيح , بالمقارنة مع حالة الحركة الكردية في سوريا المتشرذمة والمنقسمة على نفسها أصلاً ,


ورغم أن هذه الوحدة كانت غير مكتملة لكنه كان هناك تيقن وإدراك تام بأنه يمكن الوصول إلى وحدة متكاملة لكافة أقطاب الحركة الكردية , إذا توفرت الإرادة السياسية لديها وإذا استطاعت التغلب على الأنانية والمصالح الحزبوية الضيقة وبالفعل تم تحقيق جزء لابأس به من خلال مشاركة أربعة أحزاب أخرى خارج هذا الإطار للانضمام إلى صفوفه فيما بعد.
ومن خلال تجربتي كمستقل شعرت في البداية بروح المشاركة الحقيقية , من خلال اعتماد المبادئ الديمقراطية في اتخاذ القرارات ومن أهمها مبدأ التصويت والانتخابات ولكن للحقيقة وانطلاقاً من روح المسؤولية , بدأت الأمور تنحرف عن مسارها الطبيعي والمرسوم لها فقد بدأت الأحزاب بتشكيل التكتلات الحزبوية رغم الخلافات والإختلافات الفكرية و السياسية المعلن منها والغير معلن و عملت الأحزاب المنضوية تحت سقف هذه التكتلات اعتماد مبدأ التراضي ( إذا صح التعبير) تحت مسمى التوافق في تشكيل بعض اللجان ومبدأ الانتخابات في لجان أخرى وفق مصالح حزبوية تهدف إلى أسر إرادة المستقلين والحراك الشبابي وكذلك المرأة , والضغط عليهم للدخول معهم إلى هذه التكتلات من خلال بعض الممارسات الغير محبذة ولست بصدد الدخول في تفاصيلها .
ما يهمنا هنا أن نقف على البعض من أهم الأمور التي أعاقت عمل المجلس في الفترة الماضية (أسبابها ومسبباتها )
1- تحويل المجلس الوطني الكردي من نتاج مجتمعي يشمل أغلب شرائح المجتمع الكردي من فعاليات اجتماعية وثقافية ومهنية واقتصادية .. إلى مجلس أحزاب بامتياز بعيد عن العمل المؤسساتي من خلال مصادرة رأي المستقلين والتأثير على قراراتهم وبالتالي تهميشهم وإقصاءهم وسد الطريق أمامهم وعدم إعطاءهم الفرص المناسبة في اللجان والمكاتب التابعة للمجلس و بما لا يتناسب كلياً مع تمثيلهم الحقيقي .
2- تعمد أحزاب المجلس على إعداد هيكلية تنظيمية هشة ومبهمة تغلب عليها الطابع الحزبوي مما خلق حالة من الفوضى ومشاكل تنظيمية ساهمت بشكل مباشر في حالة من الجمود , كما أنها اتفقت على برنامج سياسي متخبط وهجين أفكار متناقضة أوصدت الأبواب أمام التواصل والحوار مع أقطاب المعارضة العربية وأدت إلى تقزيم دور ومكانة المجلس في المحافل الدولية   
3- دخول أحزاب المجلس بقوة في المحاور السياسية الكردستانية فأصبحت أسيرة قرارات هذه المحاور والذي انعكس على أداءها وعملها داخل المجلس مما خلق حالة من الشلل التام في اتخاذ القرارات المصيرية والوطنية للشعب الكردي .
4- قيام بعض الأحزاب بفرض الهيمنة الحزبية على المجلس ومحاولتها مصادرة المجلس لمصالحها وأجنداتها الحزبية و مسؤوليتها في حالة الانشقاقات الحزبية التي حصلت خلال مسيرة المجلس وبالتالي إشغال المجلس بمعالجة هذه الإشكاليات .
5- عدم جدية الأحزاب في البحث عن حلول مناسبة لتوفير أبسط وسائل المعيشة ومستلزمات الحياة من كهرباء ومحروقات و دواء وتدهور الحالة الاقتصادية والأمنية والظروف الصعبة التي يعيشها المواطن الكردي و انشغلت بمصالحها الحزبوية وبالتالي ساهمت بشكل مباشر وغير مباشر في الهجرة الجماعية للكرد السوريين وإفراغ المنطقة الكردية والحاضنة الشعبية للمجلس مما أفسح المجال للعمل بمفردها كأحزاب بعيداً عن الرقابة والمساءلة  .
6- اتفاقية هولير التي انبثقت عنها تشكيل الهيئة الكردية العليا بين المجلس الوطني الكردي بمكوناته المتعددة من الأحزاب والمستقلين على اختلاف آرائهم السياسية والفكرية ومجلس شعب غرب كردستان الذي يتبع لجناح سياسي وحيد يملك كافة مقومات العمل على الأرض دون النظر إلى اختلاف موازين القوى , مما شجع مجلس غربي كردستان إلى عدم الرجوع إلى شريكه الضعيف وتنصله من مبدأ الشراكة والمشاركة الحقيقية كمخرج حقيقي  للأزمة الكردية في الظروف الراهنة  وتحويلها إلى أداة استغلال من طرف على حساب الطرف الآخر وبالتالي انعكاسها على أداء و عمل المجلس الوطني الكردي وتعطيله
7 – تحويل الدعم المادي والمعنوي من إقليم كردستان للمجلس الوطني الكردي ككيان قائم بذاته إلى مكوناته الحزبية , مما أضعف الإحساس بالعمل الجماعي وبالتالي أفسح المجال لإعادة ترتيب الأولويات وانشغال هذه الأحزاب بالاهتمام بنفسها أكثر من اهتمامها بالمجلس من خلال فتح مكاتب لها وإعطاء الدور الأساسي لعملها على حساب المجلس بعدما أصبحت لها الامكانيات المادية والميدانية اللازمة للقيام  بذلك .
 والأسباب كثيرة ومنعاً للإطالة أكتفي بهذه الأسباب ولكن في الختام لابد أن ندرك تماماً بأن هذه المرحلة الحساسة  والمصيرية في تاريخ شعبنا الكردي في سوريا وحركته السياسية تتطلب منا الشفافية والمكاشفة في عملنا السياسي والتكاتف ووحدة الصف فالتاريخ لن يرحم كل من يتخاذل ويقف حجر عثرة في طريق نيل شعبنا الكردي لحقوقه القومية المشروعة كشعب عان الظلم والطغيان والتنكيل والإنكار لوجوده مالم يعانيه أي شعب على وجه الأرض.







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=15553