الكرد السوريون والسياسة
التاريخ: الأثنين 08 نيسان 2013
الموضوع: اخبار



خالد جميل محمد

السياسة لم تجد لها مكاناً فعلياً عند الكرد السوريين لعدم توافر البيئة الحقيقية الصالحة لممارستها، وأهم شرط من شروط تلك البيئة هو حق التعبير عن الرأي بحرية بعيدة عن الخوف من الانتقام وبمعزل عن العنف والإرهاب بمختلف أشكالهما اللفظية أو الفكرية أو الجسدية بدءاً بالوعيد وانتهاءً بالخطف أو التصفية الجسدية أو التشهير أو اختلاق القصص والحكايات المسيئة إلى السمعة ومروراً بدفع الزعران لمواجهة أصحاب الفكر والرأي والثقافة والإبداع ممن أخذوا يهربون من الوطن جماعاتٍ جماعاتٍ وأرتالاً أرتالاً كل يوم بل كل ساعة، ليكونوا بمنأى عن إرهاب الأخوة وانتقامهم الفظيع من كل من يبدي رأيه في عملية نهب واحتكار ونصب واحتيال مكشوفة المعالم أو يبدي رأيه في زعيمٍ مقصّر متخلف جاهلٍ عدوّ للحق والحقيقة والآراء المخالفة..


زعيمٍ تربّع أو يريد أن يتربّع على عرش القيادة أكثر من صَدّام وعائلة الأسد والقذافي.. ولا يقصّر في أداء أدوارهم إن سُنحت له الفرص والإمكانات المناسبة للقتل وجدع الأنوف وبتر الأصابع..
فكيف يمكن للشرفاء والعقلاء أن يمارسوا سياسة حقيقية في بيئة لها علاقة بالجريمة والإرهاب والعنف والانتقام والعصابات ولا علاقة لها بأي جانب من جوانب السياسة بمفهومها القديم أو الحديث.
ما هو منتشر في بيئة الكرد السوريين لا علاقة له بالسياسة بصفتها علماً أو فناً أو ممارسة أو سلوكاً أو خلقاً.

السياسة في نسختها الكردية السورية

تتحقق السياسة فكراً وممارسة ناجحينِ عندما تتشكل على أرضيةٍ نظريةٍ تجعلها قابلةً للتطبيق الفعليّ في واقع البيئة التي تنشأ فيها تلك السياسة، وبذلك تحتاج إلى حاملٍ عقلي تَــكُونُ عُــمْـــدَته المعرفةَ والخبرةَ والدهاءَ البعيدَ عن قِيمِ الكذب والمراوغة والمتاجرة والترّهات التي لا تزال عالقة في أذهان بعض قيادات الحركة الكردية السورية ممن فهموا السياسةَ (المسكينةَ/ ضحيةَ تحويرهم لها ولفحواها وطبيعتها) على أنها تشترط قَــــدْراً كبيراً من الغدر بأقرب الرفاق لترسيخ الأبدية والتأليه الزعامي والتفرُّد بالمكاسب المادية والمعنوية والشهرة والإعلام والسفر والتقاط الصور مع المشاهير من الساسة أو في الفنادق الفخمة، إضافة إلى أساليب إقصاء الرفاق المتسببين في تعكير صفو الزعامة بجلالها وسموِّها! مع شرط العداء الشديد للوعي والديمقراطية وحرية الرأي والترشّح والترشيح والانتخاب والتصويت إلا في إطار رضا السيد الزعيم الوحيد الواحد الأحد الفرد المتفرّد (جلَّت مكانتُه ونَدَرَتْ طينتُه!) دُرّة العصر ويتيمة الدهر! لا خلق الله على شاكلته ولن يخلق أحداً كما هو واهِمٌ وأتباعُه والمريدون والمستفيدون من فيض خيراته أو من قَـــطْـــرِ ما يتناثر من فمه الناطق بالجواهر النادرة عن دفعةِ مال لهذا وكمشة أوراق نقدية لذاك.
مفهوم السياسة في بيئتنا الكردية السورية ممسوخ تماماً، بل مشوَّه كما هي العقلية التي تحمله، لأنه عالق في فضاء الخَواء المعرفي المستند إلى عقلية التحكم والاستبداد القيادي من جهة بعض القيادات الكردية السورية التي أثبتت الوقائع والسنوات عجزَها وتقاعسَها عن اكتساب الوعي والثقافة والسلوك المقبول سياسياً! كما أثبتت عنادها وتحجرها في الالتصاق بكرسي القيادة مهما كانت الأثمان والتضحيات وكيفما كانت. هذا المفهوم الخاطئ عن السياسة وممارستها جعل ذوي العقل والحكمة بعيدين عن ساحاتها لا تخاذلاً بل تجنباً لشرور انتقام الغوغاء بتحريض أسيادٍ يقبضون أرواح المختلفين معهم بقدر ما يقبضون من أموال سياسية تُشرى بها الذمم وتُــباع في أسواقها الشعوب والقضايا والضمائر والحقوق باسم الشعب والوطن. 
السياسة في نسختها الكردية السورية، على أيدي بعض القيادات المتأبّدة المتألّهة والمتضخِّمةِ أناها، ليست سوى ضروب من المخاتلة والغش والمكر والمتاجرة والنخاسة في أسواق (المال السياسي) بحق شعب يزداد معاناة يوماً بعد يوم. إنها (السياسة) القنّاصة التي تُـنْهي حياة كل مَنْ يتفوّه بكلمة تثير سُخْطَ زعيمٍ هنا وزعيم هناك ومريدٍ هنا وأحمقَ هناك، حيث يمكن أن يتكفل طيشُ أخوثَ إنهاءَ حياة عشرات العقلاء والحكماء في سوق النخاسة هذه التي يُطلَق عليها مجازاً وتجاوزاً وبهتاناً اسم (السياسة) وقد أصابها على أيدي تجار القضية ما يمكن تلمّسه في وجوه الناس، بؤسِهم، تشرُّدِهم، هروبِهم، اغتيالهم، خطفهم، الانتقامِ منهم، الغدر بهم ونهب ما يأتي بِــاسْمِهم من خيراتٍ اغتنى بها المريدون وأتباع الأسياد من خريجي سجون العهر والجريمة ليكونوا شوكة/ حربة في جبين الشرفاء، ومن المتملقين والمنافقين والزعران الذين صاروا سَدَنة ما تُسمى بــ (السياسة) لكنْ في نسختها الكردية السورية.






أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=15382