الكرد وضرورة وضع إستراتيجية كردستانية موحدة
التاريخ: الأربعاء 31 كانون الثاني 2007
الموضوع: اخبار


زوهات كوباني

لنبدأ بالسؤال التالي: هل الكرد بحاجة الى اتفاق كردي- كردي؟ واذا كان هذا الاتفاق من احدى الضرورات التاريخية والاستراتيجية، فعلى اي اساس يجب ان يتم هذا الاتفاق وضمن اية مقاييس وعلى اية اسس أو مبادئ ؟. ثم لماذا لا تنجح الاتفاقيات الكردية - الكردية ؟ اين تكمن العلة ، وكيف يمكن معالجتها معالجة صحيحة وناجحة ؟ هل الاتفاقات والاتصالات الموجودة على الصعيد الكردي سواء في الاجزاء الكردستانية ام في المناطق، او بين الاحزاب الكردية يتطلب تجاوزها والوصول الى صيغة جديدة وفق متطلبات المرحلة ، ام انه لا بد من تدعيمها وتفعيلها من اجل الوصول بها الى مستويات اعلى  واكثر تقدماً؟ كل هذه الاسئلة يتطلب الرد عليها بشكل موضوعي وعلمي وفق مصلحة الكرد وتحقيقا لامنياتهم ومطاليبهم الحياتية في المرحلة الراهنة .

اذا قمنا بنظرة خاطفة سريعة للتاريخ الكردي وما تحقق فيه من اتفاقيات ، فنرى بانه كان هناك اتفاقيات خدمت الكرد وحقق لهم المزيد من التطور والتقدم والازدهاروالنجاح ، واتفاقيات لم تخدم القضية بل عملت على ضرب القضية. فالاتفاقات التي حصلت ايام الامبراطوريات العبودية وما بعدها في الكثير من الثورات والانتفاضات الكردية ، وخاصة ضد امبراطورية الاشورية استطاعت ان توصل الميديين والشعوب الاخرى الى بر الأمان وتحقق لهم الحرية من نير العبودية . هذه الاتفاقات كانت عبارة عن اتحادات كونفدراليات عشائرية لمواجهة الهجمات الخارجية بحيث تحافظ كل عشيرة على طبيعتها وإدارتها دون التدخل بالشؤون الداخلية للآخر، وهذا ماحقق لهم النجاحات التاريخية وخاصة في المرحلة الميدية حيث تجاوز اتحاداتهم واتفاقاتهم الكردية- الكردية ، الى الكردية - المنطقية مع الشعوب الجارة. وفي النتيجة اكسبهم ذلك القدرة الى تحقيق المنجزات العظيمة التاريخية ، كما كان الإنتصار على الامبراطورية الاشورية وتحقيق الحرية للكرد وبقية شعوب المنطقة .
وجوهر هذه الاتفاقات ان الكرد كان لهم الدور المحرك الاساسي وكانوا اللاعب الحاسم في قيادة التغيير وكانوا طليعة مثل هذه الاتفاقات، بما يقدم للجميع من خير وبركة ، وهو انهم كانوا متفقين على ضرورة التخلص من الظلم من اجل التمتع بالحرية وتحقيق المساواة والرفاهية للشعوب .
الى جانب هذا وفي مراحل لاحقة كانت هناك  الكثير من الاتفاقات بين العشائر الكردية ولكن دون ان تكون السبيل الى النجاح التاريخي الكبير كون هذه الاتفاقات كانت آنية وردة فعل لضغوط من الخارج او اعداء الكرد، اضافة الى نجاح الأعداء في تحليل هذه المعادلة واللعب على حبل المصالح الضيقة وزرع بذور الفتنة والشقاق بين القبائل الكردية، من اجل تشتيتها وفقا لسياسة فرق تسد ، و لم يتبع هذا الإسلوب تجاه الكرد فقط بل كان متبعاً تجاه جميع شعوب المتطلعة الى الحرية والتحرير . فتاريخ الانتفاضات الكردية خير مثال على ذلك، فالكثير من الانتفاضات الكردية كاد ان يكتب لها التجاح لكن الشقاق والاختلاف الكردي افشلها. فكل هذه الامور كانت تظهر نتيجة اتباع صغائر الامور واللهاث خلف المصالح الضيقة دون التفكير بالمصلحة الكلية العامة فكانت تفٌرض المصلحة الخاصة على العامة، ويٌجعل من العام ضحية للمصلحة الخاصة .
والجانب المؤلم والتراجيدي هو وجود اتفاقات وتفاهمات كردية مضادة للاتفاقات الكردية الاساسية والإستراتيجية التي كان ينبغي تقديمها على كل شأن. ولقد نجح اعداء الكرد تحقيق النجاح في هذا الأمر. بل وحدثت حروب كردية ـ كردية نتيجة هذه الألاعيب. كما حدث في التاريخ القريب في تنظيم فرق الجحوش في كردستان الجنوبية ضد قوات البيشمركة،  وتشكيل تنظيمات حماة القرى العميلة للدولة في كردستان الشمالية لتعمل ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني (كُريلا )، وتنظيم القرويين تحت الكثير من المسميات مثل" البصيج " وغير ذلك في كردستان الشرقية ضد قوات البشمركة في الماضي ، ومقاتلي حزب الحياة الحرة الكردستاني حديثاً، الى جانب تنظيم شبكة واسعة من المخبرين والعملاء والجواسيس في الاجزاء الكردستانية الاربعة،  وفي هذا كان يتم الاعتماد على امكانات هائلة تتوفر للعدو. وبهذا وبدون ان يتدخل العدو مباشرة في المواجهة مع الحركات التحررية الكردية، كان يعمل لضرب الكرد بعضهم ببعض ليتقاتلوا فيكون القاتل والقتيل منهم .
وفي الوقت الراهن هناك بعض الاتفاقات تقوم بتشهير الحركة الكردية في هذا الجزء او ذاك دون مسؤولية، وكأن المهمة الأولى هي تشويه سمعة الحركة الكردية العاملة في الجزء الكردستاني الفلاني. وهذه المحاولات التخريبية تنعكس سلباً على خطاب هذه الحركة الاعلامي والتحريري واسلوب التعامل وتناول القضايا والامور، فبدلا من محاكمة الاعداء وتصعيد النضال ضدهم لتحقيق هدف الكرد في الحرية والمساوة والديمقراطية يعمل البعض لضرب الحركة من الخلف ، وكأنهم يستكملون دور الاعداء في اداء مهمتهم الغير الموفقة والغير شريفة تلك.
ومن خلال هذه النظرة السريعة والخاطفة على التاريخ الكردي، وبشكل خاص تاريخ الاتفاقيات الكردية، وما اسفرت من نتائج ايجابية أوسلبية ، ينبغي ان نحلل الاتفاقيات التي تجري وتتم بين الاكراد او بين الاكراد والشعوب الاخرى  بجدية، ونمحص في الاسس والمبادئ التي تتم عليها ومدى وجود مصلحة للشعب الكردي في هذه الاتفاقيات الموجودة .واستنتاج الكثير من العبر والدروس من هذا التاريخ الطويل سواء  السلبية منها او الايجابية .
فاذا قمنا بتحليل مقتصر على الاوضاع الراهنة التي يعيشها الكرد في المنطقة وما يدور ويحاك لهم من مؤامرات وألاعيب من اجل تدمير المكاسب التي تحققت لهم في بداية هذا القرن ، خاصة الاتفاقيات التي حصلت بين دول المنطقة تركيا وسورية وايران تجاه الكرد عامة وكردستان الجنوبية بشكل خاص، فإن ذلك يتطلب تحليلاً موضوعياً، واذا أضفنا الى هذا المصالح الدولية الوقتية فاننا نجد ان الكرد بأمس الحاجة الى اتفاق كردي- كردي (اتفاق كردستاني شامل) قبل اكثر من اي وقت مضى، وهو بالنسبة للكرد بمثابة الماء والهواء للانسان. فالسياسات الموجودة في المنطقة سواء الصديقة او المعادية كلٍ لها مصالحها الخاصة حتى عند التعامل مع الاكراد ، وفي حال رؤيتهم الخطر على هذه المصلحة يبدؤون بابرام اتفاقات اخرى حتى ولو كانت تستهدف القضية الكردية سواء بين دول المنطقة او بين دول الكبرى ودول المنطقة او بين الكرد ودول المنطقة او بين الكرد ودول الكبرى ، لذلك فهذا الوضع الحساس المتزحلق في المنطقة يتطلب من الكرد الوصول الى صيغة تفاهم كردي – كردي وصولا الى استراتيجية كردستانية على جميع الصعد وتحديد القواسم المشتركة فيما بينهم للتحرك المشترك من اجل حماية انفسهم من الاخطار المحدقة ،  فاذا استطعنا ان نحقق هذا وكتب لنا النجاح في وضع مثل هذا الإتفاق وبناء على مصلحة الشعب الكردي، سنتمكن من تحقيق الامنيات والاهداف التي نناضل من اجلها منذ امد طويل كون المنطقة والعالم تتوجه نحو نظام عالمي جديد ويتم تبيان اطار هذا النظام يوما اثر يوم ، فمن اجل التمكن على الحفاظ على المكتسبات المتحققة للكرد من ناحية والعمل على تحقيق مكتسبات اخرى وفق السياسات الموجودة يتطلب الوصول الى مثل هكذا اتفاق وتتويجه بكونفرانس وطني يحدد اسس العمل والنضال الكردي وحماية الكرد من المخاطر المحدقة بهم في الوقت الراهن .
ان مثل هذه الاتفاقات يتطلب قبل كل شيء التخلص من عقلية الاحكام المسبقة الموجودة بين الكرد وتحليل الامور بواقعية وموضوعية وعلمية بعيدة عن المنافع الضيقة الحزبوية او المحلية، واتباع كافة الوسائل والاساليب المعاصرة في هذا الصدد وبالعلنية والشفافية في التعامل دون ترك الامور غامضة، وكذلك الجواب على كل سؤال يمكن ان يٌطرح والعمل على توفير وتحقيق الجاهزية في العمل النضالي والتضحية المطلوبة منهم بترك المفاهيم التعصبية الضيقة التي لا تجلب الفائدة.

اذا فالوقت قد حان لان يقول الكرد "لا للانقسام والنفاق والتشتت والصراع الداخلي" ، نعم للوحدة والاتفاق والتعاون والتعاضد الحضاري الراقي الذي يتوج بكونفرانس وطني يجمع فيه الكرد من مختلف مشاربهم واحزابهم وفئاتهم على اسس ومبادئ وطنية ديمقراطية معاصرة تحمي مصلحة الكرد وتوحد كلمتهم ومواقفهم تجاه المخططات والاتفاقات العدوانية الخطيرة. يجب هنا حشد الجميع و دون ترك احد مهما كان حجمه صغيرا او كبيرا خارج الكونفراس ، وبهذا يمكن للكرد حماية مصلحة الشعب الكردستاني وتحقيق اهدافهم في الحرية  والمساواة والديمقراطية .  

 







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=1467