كوردستان موطن شعب حتى لو كانت قرية صغيرة - الى مناف جاسم -
التاريخ: الأحد 02 نيسان 2006
الموضوع: اخبار


   م . محمد امين محمد

    قبلنا بصدق مشاعر الاخ مناف جاسم وتاكيده على انه لايحمل تجاه الكورد سوى المحبة والتفهم لقضيتهم العادلة وحقوقهم المشروعة في مقالته التي نشرها بعنوان ( ما معنى تكريد اسمي مدينتي رأس العين وعفرين السوريتين! ) حيث عبر بوضوح عما يحمله من تصور وثقافة وسيكولوجية تجاه مصطلح ( كوردستان سوريا ) او ( غرب كوردستان ) هي بالحقيقة تعبير بليغ وشفاف لمشاعره  و مشاعر الملايين من العرب الذين وقعو في مصيدة الفكر والثقافة القومية العربية الشوفينية منذ حوالي نصف قرن من حكم الشوفينيين العرب لسوريا والعراق في العصر الحديث ولاكثر من اربعة عشرة قرنا من حكم العرب باسم الاسلام للشعوب غير العربية في المنطقة وعلى اوطانهم وثقافتهم وتاريخهم وجغرافيتهم وغيرها


مما انتجت جملة تصورات و مفاهيم تحولت في النهاية الى معتقدات ومسلمات منتهية لاتقبل الجدل والى مفاهيم مقدسة او لنقل الهية بصورة اكثر تعبيرا و بلاغة, وتحول كل من يتحدث خارج اطار تلك المسلمات الى كافر او مرتد او عميل , لذا فان الاخ مناف قد كتب وفق ما تمليه عليه تلك الخلفية الثقافية  المتراكمة عليه دون قصد منه او تعمد .
    لقد اعتبر الاخ مناف اطلاق اسم  كوردستان على وطن الكورد على انها جريمة وخيانة وشبيهة بحالة اسرائيل , وقد قالها بكل بساطة وطلاقة و دون خوف او وجل  منطلقا من حالة لاشعور كرستها البيئة والمناخ الذي يعيشه والسلطة الاستبدادية التي تحميه على عكس الحالة التي يشعر بها الكوردي من كل ذلك حيث يتجنب ذكر اسم وطنه كوردستان او لغته او ثقافته او تاريخه خوفا وخشية من ذات البيئة والمناخ ومن السلطة الاستبدادية ذاتها , والمفارقة هنا بادية وواضحة ومؤلمة  .
ان كل حديث خارج اطار فلسفة عروبة هذه المنطقة فكريا وثقافيا وتاريخيا تعتبر خيانة وعمالة وكفرا على ان العرب هم اسياد هذه المنطقة واما الاخرون , اديانا او اقواما , فيمكن ان يمنحو بعض الحقوق شريطة ان يقبلو بالاسلام دينا وبالبعث قائدا للدولة والمجتمع وبصدام حسين او حافظ الاسد قائدا الى الابد بعد ان يحفظهم الله ويرعاهم , تلك اصبحت القاعدة واما النشاذ هو ان تتحدث عن مسائل اخرى كالمساواة و الديمقراطية وحقوق الانسان , حتى ولو كنت تتحدث عن قريتك واغاني آبائك واجدادك .
 من هذا المنطلق لايرى الاخ مناف في سوريا , التاريخ والجغرافيا والثقافة والاقوام , سوى انها عربية  وان اي حديث عن لاعروبة سوريا او اي جزء منها هي مؤامرة وخيانة وغدرا , وينسى ان سوريا بحضارتها وآثارها وتاريخها ومدنيتها وجدت قبل دخول العرب اليها وينسى ان نسبة العرب في سوريا لاتصل الى 10% من مجموع السكان وهم تلك الفئة التي استوطنت ريف الحسكة ودير الزور وريف حمص والرقة , بعد مجيئ الاسلام,  اي الشريط المتصل مع الحدود العراقية وان باقي سكان سوريا لاينحدرون من اصل عربي الا اذا اصر الاخ مناف على ان هذا القول ايضا يعتبر كفرا وخيانة وعمالة وتقسيما وتجاوزا لكل المقدسات .
ان مفهوم التقسيم ايضا تحول بفعل تاثيرات ثقافة الاستباد والطغيان الى مرض مذمن في خيال القوميين العرب , لذا يعتبرون كل حديث عن التعدد الديني والقومي تقسيما وكل حديث عن راي سياسي اوفكر ديمقراطي او ثقافة اخرى تقسيما وخيانة وغدرا , وفي ظل هذا المناخ , العروبي , الاسلاموي , المتسم بالارهاب والسطوة والسحق , بات من الصعب الحديث في هذا العالم الجميل القائم على الحرية والديمقراطية وعلى مبادئ حقوق الانسان وحرية الاعتناق والانتماء واللغة والراي , من التحدث عن تلك القيم النبيلة في سوريا ومعظم الدول العربية , ما عدا العراق الجديد .
ختاما لقد ابلى الاخ حسين عيسو بلاءا حسنا حين او رد ببعض الحقائق التاريخية من الماضي السحيق , اي فترة ما قبل قدوم الاخوة العرب الى هذه المنطقة بعدة آلاف من السنين , وانا اقول للاخ مناف ان كوردستان التي تعتبرها اسرائيل ثانية هي موطن لملايين من البشر يعشقونها ويفتخرون بانتمائهم اليها بحلاوتها ومرارتها ,  كونها تجسد شخصيتهم وكرامتهم وتاريخهم وهم مقتنعون  بهذا الوطن الذي اسمه كوردستان سواءا كان وطنا ممتدا على مساحة قارة او وطنا مختزلا بمساحة قرية ,  واود ان اطمأن الاخ مناف بان الكورد لايطالبون بدمشق اوالقدس او القاهرة او غيرها من المدن التي حرروها , بكل اسف , من الصليبيين الذين ربما ما كانو اشد ظلما وقسوة من اخوتهم العرب وهم لايطالبون سوى بمدنهم وقراهم المتناثرة هنا وهناك والمحرومة من كل شيئ ابتداءا بشرف حمل الهوية وانتهاءا بمنع تسجيل ولادة طفل يولد , والى ان يتحرر هذا الوطن لابد لابنائه من النضال والعمل والمثابرة من اجل ذلك ولابد من ايجاد اصدقاء اوفياء من الاخوة العرب والترك والفرس , امثال مناف جاسم  وغيره , حتى يساعدوننا على التحرر من عبوديتهم لانه تحرر لهم ايضا  والتمتع معا بالحرية والكرامة والمساواة .






أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=143