السياسة وأحوال القادة الصغار..!
التاريخ: الأحد 08 تموز 2012
الموضوع: اخبار



دهام حسن *

جاء تشكيل المجلس الوطني الكوردي في سوريا بإطاره الحالي، جاء جامعا لسائر فصائل الحركة السياسية  الكوردية مما ترك جوا من التفاؤل والارتياح في الشارع الكوردي المتلهف لهكذا لقاءات وتوافقات، لكني أستدرك لأقول أن هذا الإطار الجامع غلب عليه الجانب العاطفي، فلم يمهد له بأي تحضير، كما لم تعط له أية مهلة زمنية حتى يتاح تداول المشروع بالشرح اللازم حتى يكتمل ويستقيم، ويكتسب المجلس بالتالي قوة ونضجا وأيضا مناعة من عبث العابثين، لهذا جاء المجلس هشا، سلقا، فلم يؤسس كحاجة موضوعية اقتضتها المرحلة الثورية الراهنة..


من أسباب هشاشة المجلس الوطني الكوردي أن تحكم في مفاصله قادة سياسيون لم يحظوا بمحبة وتقدير وسطهم الاجتماعي، بل ربما كانت الغالبية منهم محط الشك والظنون في مصداقيتهم النضالية، فلم يحافظوا على أحزابهم المهددة بالانشطار، لكن ما كان يخشى منه قد وقع فعلا، فبعد انقسام التقدمي وما انبثق عنه من كيان جديد ضم التقدمي من جانب، وتيار واعد باسم حركة الإصلاح من جانب آخر، جاء الدور على الآزادي فانشطر بدوره إلى تيارين لن يستطيعا أن يعدا بشيء مهما صح منهما العزم طالما هما وسط هذا الكم الهائل من التنظيمات، ثم تبعهما أخيرا وليس آخرا يسار الأستاذ محمد موسي بمؤتمر جاء في وثائقه أنه يهتدي بالماركسية اللينينية وقد سرتني أنا الشيوعي المزمن العجوز هذه العبارة الاهتداء بالماركسية اللينينية لكن ما اختلط علي الأمر هو هل هو بلشفي ؟ أم هو منشفي مثلي .؟ المهم انبثق عن مؤتمر محمد موسي إقصاء السيد صالح كدو مع نصف الحزب مما حدا بالأخير أن يعقد مؤتمرا خاصا به، وكل هذا الإرباك حصل عقب الزيارة التاريخية لأقطاب الحركة السياسية الكوردية لإقليم كوردستان واللقاء المثمر بالرئيس مسعود البارزاني أما بالنسبة لحزب الوحدة فهو ينوء تحت وطأة السكرتير، ومواقفه لا تخلو من غموض والتباس والحزب يعد بميلاد فصيلين توءمين عاجلا أم آجلا.ربما كان (يكيتي)هو الحزب الوحيد الذي لا يخلد فيه السكرتير حيث أنهم أرسوا قاعدة هي أن يتجدد السكرتير في كل مؤتمر ، وهذه سابقة في الأحزاب الكوردية، القائد السياسي الكوردي الذي يقسم يجزئ حزبه لأنانيته كيف يمكن الاعتماد عليه وإنابته في الدفاع عن حقوق شعب.؟

ثمة أحزاب صغيرة غير مرئية لا تعرف إلا بذكر اسم السكرتير، منها من خرجت من عباءة التقدمي (طاهر سفوك -عزيز داوي) فأبقيا على تلك الصلة أو أحيتها سائر الأطراف لاحقا(من تحت لتحت) جراء الحنين لدفء التقدمي، وهناك من أرغم أن ينشطر عن البارتي (عبد الرحمن آلوجي) فمات مقهورا وقد أسر لي بأن معاملة بعض رموز البارتي له من أسباب تفاقم المرض عليه حيث قضى مأسوفا عليه، أما الثاني المقصي عن البارتي (نصر الدين إبراهيم) أذكر أني نصحته بأن يضحي بنفسه وألا ينفرد بتأسيس حزب ما، لكن يبدو لي أن طموحاته ومشاريعه كانت فوق مداركي ورؤيتي البريئة، فقام بتأسيس حزب من بقايا البارتي على قياسه وعلى قاعدة(مافي حدا أحسن من حدا) ثم راح يحابي سكرتير التقدمي في المجلس السياسي ثم انتهى به الأمر بعد تأسيس المجلس الوطني الكوردي أن يكون قريبا من سكرتير حزب الوحدة ليلف الغموض بالتالي كليهما في مسار لا أحد يعلم إلى أين ينتهي بهما المطاف..
أريد أن أخلص إلى القول صراحة من أن الحركة السياسية الكوردية المنضوية تحت لواء المجلس بشخوصها هي دون مستوى المهام والمسؤوليات، بل أنها عاجزة من أن تمثل الكورد في اللقاءات والمحافل، ربما استطاعت بعض هذه الأحزاب أن تلعب في دائرتها الضيقة، أما فوق ذلك فلا، من هنا أستطيع القول بأني لم أكن أستبعد من الأحزاب الكوردية في مؤتمر القاهرة ما حصل وهو الانسحاب والعجزعن المواجهة النقدية، بل ما حصل كان متوقعا، وهذا أقرب إلى الهروب منه إلى المواجهة وطرح الحجج في مسائل خلافية، أليس من الأنسب أن يناور المساهم الكوردي  في نقاط الخلاف لكي يكسب أصدقاء ويبدو لي أن الانسحاب كان مخططا له مسبقا، ثم علينا أن نعي من أن مسائل خلافية سوف تثار بين قوى معارضة حليفة وقد يتطلب حلها أو التفاهم حولها زمنا من التعاطي السياسي، وعلينا أن نحتاط بألا يتحكم في سلوكنا ضيق الأفق القومي، ثم أن العنصر القومي العربي قد يفاجئ بحقوق الكورد المشروعة  فلا يتقبلها في أول وهلة، ثم لا يلبث أن يقتنع بسواسية البشر وبحقوقهم، من هنا أقول أن الانسحاب الكوردي المتكرر لا يليق بالكرد كشريك ومحاور سياسي، ثم من السذاجة الاعتقاد من أن الكورد سيحصلون على حقوقهم كاملة دون نقصان في هذه المحطة النضالية، فلن تكون المحطة الأخيرة، ولسوف يستمر الكورد في النضال، ولابأس من أن يقرعوا خصمهم السياسي بالنقد، المهم هنا ليس خلق أجواء من التوتر والنفور بين رفاق النضال، بل الأهم هو كسب أصدقاء  جدد من العناصر العربية والوطنية للوقوف إلى جانب قضية الكورد القومية العادلة..
للحقيقة والتاريخ والإنصاف نقولها من أن الحركة السياسية الكوردية الداخلة في قوام المجلس الوطني الكوردي، لا تعد نفسها من ضمن قوى الثورة السورية، لهذا فتفاهمها مع المجلس الوطني السوري أمر مستبعد وانسحابها من مؤتمر القاهرة كان متوقعا، ثم جاء الغمز واللمز على حالة سيدا، وغليون، وأوغلو ورميهم بالألقاب، وهذا التنابذ من سمات سلوك بعض أعضاء المجلس نخلص إلى القول من أن هؤلاء ليسوا جديرين بتبوء القيادة في هذه المرحلة، واستبعادهم عن الواجهة السياسية أمر مطلوب وملح..

ثمة مسائل نظرية اختلف حولها الشيوعيون في يوم من الأيام وكان بالإمكان تجاوزها، من ذلك على سبيل المثال هل العرب هم أمة أم لا ؟ وهل العامل الاقتصادي الذي يجعلهم أمة متحقق أم لا.؟ وهل يصح إطلاق لفظة الشعب العربي أم الشعوب العربية على العرب.؟وهل يصح أن نقول عن الأكراد في سوريا الشعب الكوردي.؟ أم نقول فيهم الكورد، القومية الكوردية، المكون الكوردي.إلخ أما كان بالإمكان التساهل في هذه المسميات وتجاوزها عما تثير من مسائل خلافية نحن لا نبغيها ألبتة، وعما تسبب من قطيعة وإثارة أغبرة سياسية كنا بغنى عنها، ربما الخلافات واختلافات اليوم ذكرتني باختلافات الأمس اليس بالإمكان تجاوزها وقد تجاوزها المجلس الوطني السوري فعلا عما أثير من خلافات بلقاء المعارضة السورية في باريس بعد القاهرة..

*(عضو اتحاد الكتاب الكورد) -سوريا-






أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=13374