القيادة الكردية في سوريا... وجودٌ أم خيال?!...
التاريخ: الجمعة 08 حزيران 2012
الموضوع: اخبار



د.كسرى حرسان

يعيش الوجود القومي الكردي في سوريا هامشية مزمنة تصل إلى حد الإذعان والانحلال العنصري ومحو الشخصية وتتجلى ملامحها ومظاهرها في التعامل الذي يقابله على أنه أقلية تملك حق العيش أو لا تملكه أصلاً، وهذه الحقيقة مؤسفة، ولكنها صحيحة ومؤكدة تماماً، إذ لا يتناقش اثنان في إثباتها أو إنكارها، ولا شك أن تجريد شرائح كثيرة من الشعب الكردي من الجنسية السورية حتى وقت قريب خير شاهد على هذا الواقع المرير.
ومن أجل تعليل هذه الواقعة لابد أن نعزو الأسباب إلى ضآلة الدور أو الوزن الكردي منذ البداية في إثبات وجوده والدفاع عن خصوصيته، ويعود ذلك بالتأكيد إلى افتقار الشارع الكردي إلى قيادة فعلية تؤدي مهامها النضالية بالشكل الذي يلبي طموحاته وتطلعاته.


لقد مرَّ الأكراد السوريون على امتداد القرن الماضي خصوصاً وفي السابق عموماً بمراحل تاريخية عصيبة حافلة بالقسوة والاضطهاد، ابتداءً من الحكم العثماني الذي رسَّخ ركوداً اقتصادياً مدقعاً لدرجة تسميته بالرجل المريض ومروراً بالاحتلال الفرنسي الاستعماري، وكلاهما كرَّس الفقر والجهل والأمية حتى درك الفاقة والإزراء، وهذا كله كاف وكفيل بتحييد الشعب الكردي عن ممارسة حقه بنفسه في تقرير مصيره الذي ظل بأيدي الإقطاع والآغاوات الذين لا تهمهم إلا مصالحهم وأهواؤهم المحدودة والآنية التي لا تتعدى عتبة الحاضر المعيش بغية استشراف آفاق المستقبل، بحيث لن تستوعب من النضال فيما بعد سوى أشكال الولاء والتبعية السياسية التي تمنحها واجهة مقبولة تقيها تجشم المشاق.
إننا إذا قسنا أوضاع الكرد في سوريا بصروف إخوتهم الآخرين في المناطق الكردية الأخرى نرى أن فرصهم النضالية كانت أكثر ملاءمة وتشجيعاً وأحسن مؤاتاة من فرص أولئك الأشقاء، إذاً فالمناخ النضالي الكردي في سوريا كان أكثر مؤاءمة منه في أية بقعة جغرافية كردية أخرى، فلماذا ظل راكداً ومتقهقراً ولم يحرز أي تقدم مذكور?، الجواب هو وجود الإقطاع الكردي في سوريا بقطاعات واسعة ومتفرقة يجعل من المستحيل توحيد القيادة بل يُوجد بسهولة تلقائية الزعامة الفردية التي لا تعرف إلى النضال سبيلاً.
فنتيجة لما سبق ظل الشعب الكردي بنخبته المثقفة محولاً بينه وبين تقرير مصيره أو رسم تطلعاته، فالطبقة الارستقراطية الكردية هي التي تسلمت زمام الأمور، والنضال تحوَّل عن مساره الأصلي لينحو منحى الضعف والاستكانة والتسليم بالأمر الواقع، ويجدر ذكره أن التحكم والاستبداد بالزعامة ليس إلا عبارة عن هوى وتسلط متأصل في الصميم والأعماق، ولذلك لابد من لثام أو غطاء لإخفاء هذا الشغف القديم.
فكيف لا يبقى هذا الشعب مفتقراً إلى وسائل الكفاح والمقاومة، بعد أن أضعنا الوقت حتى تعاظم الخطب وادلهمَّ ليل البغي والطغيان.
وأخيراً فمن حق كل واحد منا أن يُدلي رأيه في أغوار الحقيقة، فهو يقول الحق الذي يجب أن يقال، أما مصادرة الآراء وأن يعيب أحدنا على الآخر رأيه فهذا هو العيب عينه، أليس الرأي رؤية صحيحة لا تعبر إلا عن حقيقة مُرة، أليس صراحة قادمة من موضع الألم الممض.
صحيح أنه ليس للقول محل في ساحة العمل، ولكن عندما ينعدم العمل الجيد لا يبقى إلا أن نقول وهذا أضعف الإيمان.
ملاحظة: بشعور عميق بالحزن والألم أعتذر لأعزائي أصدقاء الفيسبوك عن عدم قدرتي على التواصل معهم بسبب الحجب الذي تعاني منه صفحتي.








أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=13050