المجلس الوطني والمهام التنظيمية والسياسية
التاريخ: الأثنين 09 نيسان 2012
الموضوع: اخبار



شـهاب عبــدكـي

يواجه المجتمع الكوردي في الظروف الراهنة جملة من التحديات والصعاب على المستوى السياسي والاجتماعي  ، ولأول  مرة يواجه بوقائع خارج عن منظومته المعتادة ، والتي شكلت على مر العقود هيكلاً مستقلاً بذاته بعيداً عن المتغيرات التي كانت تعصف بالعالم ، وأن وجد كان تغيراً بسيطاً في آليته التنظيمية ، لا تتصل بالوعي وبالحداثة التي كنا بحاجة لها منذ فترة بعيدة ، حتى يتم التكيف مع المتغيرات التي من الممكن ان تأتي بسياسات جديدة ، ويمكن الاستفادة منها لو كان العقل الكوردي  متفهماً لدور الخارج والداخل من جهة و القضية الوطنية والقومية جهة ثانية ،


 إلا أن الاحزاب الكوردية بقي تفكيرها محصوراً بالقضية القومية  دون الخوض في تفاصيل الوطنية والمطلوب منها ، وكيفية التوازن بين هذه الجدلية بما يخدم قضيتنا ، وتعريف الرأي العام الكوردي على ما هو ثابت وما هو متغير بالنسبة للحقوق الكوردية ، باستثناء بعض المحاولات الفردية (الحزبية)  والتي كانت تفتقر إلى دراسة عميقة متفق عليها ، وأحياناً مشكوك في نواياها ، وقد وصل الامر إلى أن الارتباطات الكردستانية أصبحت أهم من العلاقات الوطنية  ، و كان من الأفضل الاعتماد على الاستفادة وليس الاهمية ، فالسؤال المهم كان من يستفيد من الاخر ، وكان الجواب بسيطاً ، فالعلاقات الوطنية الصحيحة يمكن الاستفادة منها في العلاقات الكردستانية   .

التعاطي  السلبي مع الاوضاع السياسية والتنظيمية أوصلت الأحزاب الكوردية لطرق مسدودة وشبه مقاطعة مع الديمقراطية كأسلوب  في ممارسة الحياة الحزبية  والتي تؤهله في النهاية بأن يكون منفتحاً على الجميع ، وغير منطوي على نفسه منغمساً في صراعات حزبية ، فأنهكت قواه الفاعلة وأبعدتها عن الحياة السياسية ، وكرست مفهوم القائد الواحد الذي لا يمكن أن يستقيم اي حزب بدونه ، فهذه القواعد السلبية و التي ليست لها علاقة بمفهوم الديمقراطية ، ابعدت الاحزاب عن الاختلاف الحقيقي والتوجه نحو الخلافات ومن ثم الانقسام التنظيمي العائد لأسباب شخصية  .
تقيّم الاحزاب بسبب بنيتها التقليدية وآلية اتخاذ القرار في محافلها يشكل أحد العوامل الاساسية في تخلف ممارسة السياسة بين الافراد والهيئات ، بالتالي النقد بمفهومه الشامل الذي له غاية التصحيح والتوضيح ، وطرح المشكلات بموضوعية  سوف يساهم في بناء وربط بين هيكلية تنظيمية وخطاب سياسي ، ويكون مدخلاً جاداً في الحالة السياسية السورية بعد غياب عن الساحة الوطنية في الطرح والوجود ، صحيح أن استبداد النظام كان السبب الرئيسي في عدم الانخراط الايجابي في الحالة الوطنية  ، إلا أن الحركة كانت مرتاحة  لهذا الدور المفروض عليها ، ولم تحرك ساكناً في هذا الاتجاه  ، ولم تستطع ترجمة الشعارات التي كانت تزين صفحاتها عن البعد الوطني ، بشكل يوفر الغطاء السياسي لها عندما يحين الوقت ويعطي ثقة أكبر للحالة القومية الكوردية عندما تُطرح  كقضية وطنية ، ما نقوله هو من وجهة نظرنا الكوردية وتقيمينا لهذا الدور ، أي الحراك الكوردي في محيطه الوطني والذي كان ناقصاً ومحدوداً ، بغض النظر عن وجهة النظر الاخرى ، والمصالح التي تسيطر على الحدث السياسي .
كل ما سبق هو مدخل لموضوع  المجلس الوطني  الكوردي الذي شكل خطوة إيجابية في عمل  الحركة  نحو تأطير العمل السياسي الكوردي ، وتفعيل دوره على مساحة الوطن ، كفصيل وطني يحافظ على سلامة ووحدة الارض ، ويقوم بحمل أعباء وهموم قومه  وتحقيق امانيه في العيش بكرامة  ويؤسس لحالة صحية بناء على مفاهيم ورؤى جديدة .
السمة الاساسية لهذا المجلس هو وجود عدد من المستقلين والشباب الذين كانوا من منتقدي عمل الحركة الحزبية مما يشكل فرصة ثمينة لإثبات رؤيتهم  ، بالإضافة إلى عدد لابأس به من المثقفين الواعين الذين لهم رؤية موضوعية للحالة السياسية في سوريا وأبعادها  ، كل ذلك يشكل تحولاً وتميزاً في مسيرة هذا المجلس  ، و أرضية إيجابية لبدء حوار جدي والاستفادة من الامكانيات حول كيفية الخروج من الحالة التقليدية نحو وضع يكون متماشياً مع الحالة السياسية والاجتماعية الجديدة .
 
إعادة انتاج نمطية الأحزاب في المجلس الوطني الكوردي سوف تفقده مصداقيته ، وسوف تبقيه رهينة لأفكار الجيل القديم الذي قدم كل ما يملك مع الشكر والامتنان ، ولا يمكن له استعمار الافكار لفترات قادمة من خلال تبريرات الحرص والتجربة ،  فهذا المجلس رغم النواقص التي رافقته ، وقد يدوم لفترة أيضاً من عُقد حزبية وشخصية ، هو تمرد حقيقي وإيجابي ، وبداية لنشوء حالة تنظيمية بعيدة عن التشوهات التي رافقت مسيرة الحركة منذ نشوءه  ،  والاستناد إليها في بناء مؤسسة ديمقراطية تنبذ كل أشكال السيطرة سواء كانت شخصية أو حزبية ، داخلية أو إقليمية ، وحتى ينجح مشروعنا القومي الكوردي في اطار الوطن السوري ، لابد من تلازم بينه وبين المبدأ الديمقراطي وقبول الآخر دون تعقيدات  .
علينا الإدراك بأننا في مجال مرحلة انتقالية ، والتحليل المنطقي للمرحلة الماضية لا يعني بالضرورة اننا نعرف كل شي عن المستقبل وماذا نريد منه ، ولكن يمكن وضع استراتيجية تخدم مشروعنا القومي والوطني معاً ، فالخطاب السياسي الذي يغوص في المجهول سوف يكون مصيره الفشل ، لذا الحالة التنظيمية المتجددة تعني افكار جديدة وأشخاص جدد وحركة  فاعلة دون قطيعة مع نضال الاجيال الماضية ، وهذا يمهد دائماً لنوعية متماسكة من حيث المبدأ رغم الاختلاف ، بالتالي طرح المشروع الكوردي بكل شفافية وجرأة ضمن الممكنات التوافقية ،  والذي يعتمد على دراسة الواقع بكل اتجاهاته ،  وهذا هو عمل النخبة الجريئة ، ويجب الاعتراف بأننا بعيدون عن هذا التصنيف.
 الاستنتاج الأخير هو أن الخيارات الكوردية  محددة في مجاله القومي ، ولكنها مفتوحة في مجاله الوطني ، ويحتاج إلى ضبط وتحديد هذه الخيارات ،  بعيدة كل البعد عن العاطفة ، وحتى تقوم بذلك لابد من الاعتماد على الركيزة الاساسية أو تنظيم هذه الركيزة  ، وهي هيكلية المجلس  دون حسابات حزبية ، وتستند لحسابات القضية ، والعمل لتأسيس خطاب ينسجم مع الواقع الذي فرضته الثورة السورية ، ومع  تأسيس المجلس الكوردي أصبحت المسؤولية السياسية تقع عليه دون غيره  وهو مطالب بتبني برنامجاً متكاملاً داخلياً وإقليمياً وعالمياً .
.الصراع التنظيمي من جهة والسياسي من جهة أخرى سوف يستمر وقد يؤدي إلى تأخير المجلس في انجاز مشروعه القومي وانخراطه بشكل يناسب النضال الكوردي في محيطه الوطني  ، ورغم التأخير سوف تعطي افكاراً جديدة ، وإذا استطاعت النخبة الموجودة بالمجلس التوفيق بين هذه الصراعات و التقدم بالمجلس ككتلة موحدة رغم صعوبة المهمة ، يكون التغير الذي نحن نطالب به قد حصل دون خسارة كبيرة ، بالتالي سيخدم القضية على المدى البعيد  .  






أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=12363