قراءة في الثورة السورية مع الشاعرة آخين ولات
التاريخ: السبت 24 اذار 2012
الموضوع: اخبار



  أجرى الحوار- عبدالقادر مصطفى

الشاعرة الكوردية آخين ولات, من مواليد عفرين, ومقيمة في  السويد, ولكنها تعيش بروحها وفكرها آلام الوطن وجراحاته, وتقول لنا دائما, في سوريا ثورة لا تشبه الا نفسها, وتتنهد في احدى قصائدها قائلة:
 السبعينيات السويديات يتحدث بمرح في الساونا عن" شارلي ولولا" و " يوكوشوكوموكوتوتو",
 بينما اتخيل دبابة في الخارج تطوق الصالة والمسبح,
 تحاصر المدينة وتقصف الغيوم,
 فأغرق في عرق مالح وحارق,
 في الساونا كل شيء حار جدا,
 مثل دم الاطفال المراق في بلادي.


وتقول أيضا:
 مات ابي بسكتة قلبية,
 وغياث مطر بكل انواع القتل,
 اما ابراهيم القاشوش مغني الثورة وابن النواعير الشاهقة,
 فقد التحقت حنجرته بالثوار,
 وغرق عشقا
في العاصي.
 الشاعرة الكوردية آخين, ترى الحرية كمفهوم وقيمة هي الإنسان, هي ان أحقق انسانيتي المتحررة من اي نوع من الانتماءات المكتسبة, ان اعرف ان حريتي تنتهي تماما عندما تبدأ حرية الآخرين... وحريتي كشاعرة هي ان اكون انا, بعيدا عن الخوف من اي تابو, اي سلطة رأي شرطي ننصبه على انفسنا, ان اتحرر من ذاتي المكبلة, لصالح الذات الطليقة, الخيال اللامحدود والتأمل الحر.

لنرى معا هذا الحوار مع آخين ولات:

1-  كيف تصفين او تقرأين لنا ملامح الثورة السورية الحالية؟

الثورة السورية كما كل الثورات، تتضمن ملامح متنوعة وفيها الكثير من الإيجابيات والسلبيات.
كل ما أتمناه هو أن تتفوق الإيجابيات على السلبيات في ظل معارضةٍ غير قادرة على قيادة الحراك الشعبي الثوري، هذه المعارضة التي باتت تشكل عبئاً على تقدّمها والثوار.

2-   هل تعتقدين, ستكون باستطاعة الثورة السورية هدم كل المفاهيم والأطر الكلاسيكية ومن ثم إيجاد بدائل ذات البعد الليبرالي والعلماني والمدني؟

هذا ما يُفترض بالثورات، ولكن يؤسفني القول أني لست متفائلة جداً بمرحلة ما بعد الثورة.
هناك الكثير من الانتهازيين الذين لا يختلف منطقهم كثيراً عن منطق النظام الحالي، ويعتبرون أنفسهم قادة للثورة ولأنهم سياسيون فإنهم سيتبوؤون مناصبهم التي يطمحون لها سواءً رضينا أم لا، وكل شيء في عالم السياسة ممكن لأنها إتقان فن الكذب، والزمن للأسف لهم.
أجزم أننا سنحتاج إلى ثوراتٍ فكرية وميدانية لما بعد الثورة الراهنة إثر سقوط النظام. 
نحن نطمح لسوريا ديمقراطية تعددية علمانية، وهذا حملٌ أثقل من قدرة المعارضين والسياسيين على تحقيقها، لأن القوى السياسية المعارضة في ثورتنا هي أولى باستبدالها بعقول نيرة وأفكار يؤمن بها أصحابها إيماناً يبلغ حد التحدي لواقعنا المزري، وهذا لا يتم بين ليلةٍ وضحاها.
نحتاج وقتاً طويلاً للتخلص من كل ترسبات البعث وثقافة الإقصاء والتفرد بالحكم.
نحتاج شباباً يؤمنون بالدولة المدنية وشروطها، ويفهمون ما تعنيه الديمقراطية؛ والثورة هي الخطوة الأولى في هذا المنحى وليست النتيجة النهائية.

3- يساور البعض من السوريين القلق من صعود الاسلامويين في التسلق والامتطاء على مكاسب الثورة مثلما حاصل اليوم في تونس و مصر و ليبيا, هل من خطر حقيقي تنتظر سوريا الجديدة من الاسلام السياسي؟.

وأنا واحدة منهم، أتوجس جداً من هذه النقطة بالذات.
الثورة أعلنها الشباب وسطا عليها شيوخ الجماعات الإسلامية الذين ظهروا فجأةً وأعلنوا النضال مراهنين على دماء الشعب الذي لا همّ له سوى الحرية، بينما هم يسعون إلى نواياهم وأطماعهم القديمة، إلى جانب معارضين انتهازيين لا همّ لهم سوى السلطة.
أتمنى أن أكون مخطئة ولكن هذا ما أراه على ضوء الواقع حتى الآن.

4- نحن الكورد جزء من الثورة السورية, ما مدى صحة هذا القول؟.

بالتأكيد نحن لسنا فقط جزءٌ منها، بل كنا الجزء المبادر قبل سنوات لأنها تمثل مطالبنا المفقودة ، تلك التي لن تتحقق سوى بالثورة.

5- في هذه الأيام يرتفع عاليا شعار حق تقرير المصير من قبل الأحزاب الكوردية, ما مدى جدية رفع هذا الشعار من قبل هؤلاء؟.

لن أتحدث عن مدى جدية الكلام بقدر ما يهمني هذا الحق كحق شرعي وبديهي لأي شعب. هذا ما يجب أن تحققه الثورة وإلا ماذا ستعني لي شخصياً كل هذه الدماء إن لم تسفر عن فكرٍ منفتح ومرن، يقبل كل المطالب المطروحة ويناقشها بما يتلاءم مع مصلحة سوريا الديمقراطية التعددية المدنية والوطن الشامل.
وحق تقرير المصير للكرد لا يتعارض مع وحدة البلاد كما يعتقد الكثيرون ويتوجسون من هذا المطلب إن تمّ تشريعه في الدستور واتسعت له قوانين البلاد.

6- هناك شرخ واضح في الوسط الكوردي السوري حول التعامل او الانضمام الى الثورة, الأحزاب تناور وتراوح مكانها ومترددة في اشتراكها الفعلي, وفي المقابل هناك قوة فاعلة على الأرض بقيادة تنسيقيات الشباب الكورد, ما معنى دلالة هذا التباين؟.

هذا من جملة ما تعنية الثورة، باعتقادي يجب إسقاط الكثير من قيادات الأحزاب الكردية واستبدالها بالشباب القادر على فهم حقوقنا أكثر والعمل على تحقيقها بشكل أكثر جرأةً ووضوحاً وقدرةً على التحاور.

7- في البعد الوطني هناك انكسارات وانقطاعات بين المكونات السورية المتنوعة, ما سبب غياب الدمج الوطني والاغتراب الحاصل في الوطن الواحد؟.

هذا ما عمل النظام جاهداً عليه طيلة حكم البعث للبلاد، وقد تمكّن من ذلك على أبعد وأكمل وجه. اتّبع سياسة فرّق تسد التي يجب إتباعها عادةً مع الطرف المعادي في حال وجود طرفين متصارعين، ولكن قادة البعث اتبعوها مع الشعب لأنهم لم يطمئنوا يوماً له، وكانوا يدركون جيداً أنه لو تمكّن من الاندماج والتحاور كما هو واجبٌ في أي مجتمعٍ مدني، لشكّل قوةً فعّالة وقادرة على ردع البعث عن أهدافه في العزل والتفريق.

8- المرأة العربية حاضرة في قيادة الثورة في الداخل وفي الخارج, اين المرأة الكوردية من الثورة؟

بجانبها. نعم المرأة الكردية لم تتخلّف عن الحراك والعطاء في كل المظاهرات التي شهدتها المدن السورية، تبعاً لمدى انخراط شارع هذه المدن في الحراك الثوري. إنها حاضرة في المشهد منذ ما قبل الثورة وهي الأم لشهداء انتفاضة 2004 وهي الأخت والابنة والزوجة المنتفضة إلى جانب إخوتها في كل المناسبات، وأنت تعرف أن الكرد لم يكفوا عن المطالبة بحقوقهم المغتصبة من قبل البعث في كل المناسبات.
والآن أيضاً تتراوح فعّاليتها حسب المناطق التي يتواجد فيها الكرد ويكون الحراك فيها أكثر أو أقل حدّة.
لا مجال لمقارنة فعاليتها في قامشلو مثلاً مع فعاليتها في حلب، المدينة الأكثر هدوءاً بل رضوخاً حتى الآن.

 9- المجتمع الكوردي غني بفنانيه وشعراءه ومبدعيه, هل يد الثورة لم تطلهم بعد؟.

بل هم أول من طالتهم الثورة باعتقادي، حيث لم نسمع حتى الآن بشاعرٍ أو فنانٍ وكاتب تخلّف عن المشاركة الثورية بما لديه من إمكانيات.
الفنان شارك بفنه الملتزم بالحرية، والشاعر والكاتب شارك بكلمته الحرة مثلهم مثل البقية المنتفضة في الشارع.

10- القرار الكوردستاني اخذ مفعوله بين أكراد سوريا وخاصة من أشقاءهم شمالا وشرقا, الا يعد هذا تدخلا في شؤون غرب كوردستان؟.

لماذا لا نسميه تضامناً إنسانياً منهم، واطمئناناً من الكرد في سوريا لهذا التضامن البديهي؟
نحن أيضاً تضامننا ونتضامن معهم في كل المناسبات، ولا يحمل هذا شكلاً من أشكال التدخل، إلا اللهمّ إذا اعتمدت قيادات الأحزاب ما تطرحه القيادات الكردية هناك من حلولٌ لنا نحن الكرد السوريون، وقد سبق وأبديت رأي عما يجب اتخاذه حيال معظم أحزابنا فيما بعد الثورة وإسقاط النظام.

 







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=12206