.. أو أن فزعه الكبير من اسقاطه جماهيرياً مثل الدكتاتور الروماني
يقلقه إلى درجة قمع أي مظاهرة سلمية بالعصي والهروات وأعقاب البنادق والأحذية العسكرية في سوريا. هذا وحده كاف لتقدير مدى عجز ورعب النظام السوري.. ومثال آخر نسوقه هنا من أيام الرئيس السوري الراحل
حيث اهتز بدن نظامه يوم هددته تركيا بالغزو، وهي عضو واحد في حلف الناتو، مالم يطرد الزعيم الذائع الصيت
اتحاد المنظومات الكوردستانية أو شيء من هذا القبيل).. أي أنه غير قادر على مقاومة أي تهديد عسكري دولي أو اقليمي ولولأسبوع واحد فقط...ناهيك عن الوضع الاقتصادي المتردي والفقر الذي يفتك بالطبقات الكادحة التي وعدها البعثيون بالحياة الكريمة والعيش الرغيد والاشتراكية، فسلبوها لقمة العيش ودفعوا بها إلى حافة بركان خطير، قد ينفجر في أي لحظة قادمة...
الخبز الذي يعيش عليه هذا النظام السوري هو ميوعة أو "
لطافة" السياسة الأوربية حياله، حيث لا يزال هناك بعض المترددين من السياسيين الذين يعتقدون بأن سوريا "
عنصر استقرار في المنطقة"، ولكنهم منذ اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق الشهيد
رفيق الحريري وما تلى ذلك من اغتيالات ومواقف متشجنة وتصريحات خطيرة لرأس النظام السوري باتوا في خانة الأقلية.. فالأوربيون الذين يظهرون للملأ وكأنهم متراصون ومتحدون يظهر من بينهم على الدوام من يخرج على الصف ويقوم بمبادرات شخصية أو حزبية أو حكومية ويلوّح بمكافاءات وهدايا ووعود بهدف تحريك شيء إيجابي في منطقة ما من مناطق العالم، وبخاصة في الشرق الأوسط.. ومنهم من يحاول كوزير الخارجية الألماني
شتاينماير الذي كان يحبذ الصمت والبقاء في الظل دائماً أن يمارس سياسة "
دليل الطريق" المحبوبة لدى فطاحل السياسة، وهي أن تسير بعربتك أمام عربة إنسان غريب عن المنطقة لتدلّه على الطريق التي تريدها صوب هدفه، أو تمسك بيد إنسان أعمى لتساعده على تفادي المخاطر ... وهذا ما جرّبه هذا الديبلوماسي المحنّك والخبير بشؤون الشرق الأوسط مع الحكومة الإيرانية للعدول عن مشروعها النووي فأصيب بخيبة أمل أزعجته إلى درجة أنه قال بما معناه:"
لن أعود لزيارة طهران حتى تثبت أنها قد عدلت عن سياستها النووية هذه." وقال قبيل زيارته الأخيرة إلى دمشق بأنها ستكون بالنسبة إليه شخصياً زيارة صعبة، وأن على النظام السوري القيام بما يطلب منه دولياً وأن يساهم في تحقيق الأمن والاستقرار والسيادة الوطنية في كل من العراق ولبنان، وأن يدعم جهود الاسرائيليين والفلسطينيين للمضي قدماً في طريق السلام وبناء الدولة الفلسطينية المستقلّة... لقد قالت فرنسا كلمتها الصريحة: "
النظام السوري يستطيع مدّ البساط الأحمر طويلاً ولكنه غير مستعد للقيام بأي شيء مفيد." إلاّ أنّ هذه الصراحة لا تعني أن الفرنسيين لايمارسون سياسة مائعة أو لطيفة تجاه مستعمرتها السابقة سوريا، إذ بالمقارنة مع سياساتها في مستعمراتها الأفريقية السابقة نجد فارقاً كبيراً في تناول الشأن السوري أو التدخلاًت السورية السرّية والعلنية في لبنان والعراق.
إن هذا النظام الذي عاش حتى الآن بسبب المواقف المترددة للأوربيين وغير المتشددة للأمريكيين لن يتراجع عن مواقفه وتدخلاته في شؤون الجوار، لأنه كلما يستقبل ديبلوماسياً غربياً يعتبر ذلك دليلاً قوياً على صحة تلك المواقف والسياسات التي يمارسها ويعرضها على أنها دليل قوة وأن الغرب بحاجة له، وليس كما ينشره المعارضون السوريون والكثير من السياسيين العرب الذي يقولون بأن النظام السوري في عزلة شديدة وأنه لن يتخلّى لأسباب عديدة عن دوره التابع لايران وأن مشاكله الداخلية متفاقمة وأزماته خانقة وسياساته مضرّة بالشعب السوري ومصالح الشعوب المجاورة ولابديل عن ازالته والاتيان بنظام ديموقراطي تعددي حديث يرفض حكم العائلة أو الطائفة أو العسكر أو الحزب القائد.... ولذا فإن زيارة الوزير الألماني لسوريا قد قوبلت بنقد كبير وتهكّم واضح من قبل مراكز عديدة يطبخ فيها القرار السياسي في الغرب.