الحركة الكوردية والمرحلة الحاسمة
التاريخ: السبت 18 شباط 2012
الموضوع: اخبار



شهاب عبدكي

الوضع السياسي بدأ يتحرك في سورية نحو خيارات محددة ، ويبدو أن الأمور سوف تسير بسرعة في الأسابيع القادمة ، لتحديد مصير الشعب السوري ، فالفيتو الروسي سرع من وتيرة  العزلة الدولية للنظام سياسياً واقتصادياً ، فالشعب السوري وحده بدأ يدرك صعوبة الأوضاع الاقتصادية وما ينتج عنه من غلاء فاحش في الأسعار وعدم تأمين الخدمات الأساسية  ، بالإضافة  إلى تبعات الحلول الأمنية تجاه المدن والبلدات السورية ، والتي خلقت إشكالية طائفية بدأت تظهر باتجاه النظام في الوسط السياسي أيضاً ،


فالنظام عمل ولا يزال يعمل على عسكرة الأزمة السورية حتى يقوي موقعه التفاوضي في المستقبل ، وكأنه بدأ يدرك بأن نظامه يتداعى من جميع النواحي وباعتقادي أن صراعاً سياسياً وعسكرياً ، يجري في الخفاء والعلن حتى يتم التوافق على مبدأ معين بين المجتمع الدولي والنظام السوري , وقد تكون روسيا عرابة هذا الحل التوافقي في المستقبل لذا فهي تعمل على جبهتين الأولى : دعم النظام لوجستياً ومادياً ، و الثانية : مواجهة المجتمع الدولي سياسياً ، لكي تحافظ على مصالحها بعد التغيير التوافقي ، و والحيلولة على عدم تغير الجذري الذي قد يقطع علاقة روسيا بالمنطقة .
في ضوء هذه الأوضاع ، الأحزاب الكوردية مطالبة بأن تُسرع من وتيرة العمل في الأيام القادمة حتى تستطيع أن تحدد مصيرها في المعادلة السياسية ، وأن تساهم بفعالية أكثر في الثورة السورية و تحدد موقفها من كل الأطراف ، و الاستجابة للنداءات الشعبية و الثقافية في ترتيب بيتها الداخلي ، كل ذلك  يؤهل الحركة بأن يكون لها شأن في التسوية المقبلة ، قد تكون على غرار ما يجري في اليمن ، لأن النموذج الليبي بات مستبعداً لعدم وجود حافز قوي للتدخل العسكري نتيجة الوضع الاقتصادي الضعيف من ناحية تمويل هذا التدخل ، كما أن استقرار سوريا مهم لجميع الذين صوتوا في مجلس الأمن مع مشروع القرار العربي الأوربي , لوجود أكثر من سبب وتلاقي المصالح ، رغم التناقضات السياسية ، بالتالي عدم تشكيلهم لكتلة كوردية موحدة لها حجم ووزن وموقف قد يؤخر من وجودهم السياسي في الاستحقاقات المقبلة و التي بدأ فيها العد العكسي منذ زيارة لافروف والانسحاب الجماعي للسفراء العرب وغير العرب من سوريا والبدء بتشكيل مجموعة اتصال للضغط على النظام لقبول المبادرة العربية بكل بنودها  والتي في تصاعد مستمر مع تصاعد وتيرة الثورة من جهة والقتل من قبل النظام من جهة أخرى , وهذا ما جرى في جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة حيث تم تبني مشروع قرار الجامعة العربية بأغلبية الأصوات .
وإحدى إشكاليات عدم التوصل لوحدةٍ سياسية أيضاً هو عدم وضوح الرؤية لدى حزب الاتحاد الديمقراطي  بخصوص الثورة والتوافق على مطالب محددة مع الأحزاب الكوردية وأن يحدد إستراتجيته المقبلة ، والابتعاد عن الأسلوب التكتيكي في ممارسة السياسة للأوضاع الإستراتجية ، فهيئة التنسيق التي ينتمي إليها لا تعترف بحقوق الأكراد القومية ، وحل قضيته بشكل يتناسب مع الظلم الذي لحق به، وتعتبر سوريا بكل جغرافيتها جزء من الوطن العربي ، في الوقت الذي وصلت فيه الثورة السورية إلى الذروة من الوضوح  وعلى جميع المستويات ، وكذلك هناك عدة اتهامات صريحة من قبل بعض الأطراف للحزب بوقوفها في صف النظام  ، وطُرح هذا الموضوع على القنوات الفضائية ، في دلالة ًمنهم على أن الحزب ليس مستقلاً سياسياً عن ما يجري في تركيا ، فعلى الحزب أن يتخطى هذه الإشارات ويركز اهتمامه إلى القضية الكوردية في سوريا , مع تعاطف قومي للأجزاء الأخرى من كردستان , وبالرغم من أن السيد صالح مسلم  قد نفى هذه الاتهامات في أكثر من مناسبة ، إلا انها تشكل حاجزاً في التوصل إلى اتفاقية بين الكتل الكردية ، وتحديد مصير الأكراد في المعادلة السياسية بكل وضوح ، والانتقال من التفاهمات السطحية إلى وحدة  سياسية استراتجية.
الحركة الكوردية  بحاجة لإعلان سياسي جديد ، ذو تمثيل حقيقي دون وصاية من أي طرف ، وقطع الطريق على العجز الذي لحق به منذ تأسيسها ، والاعتماد على طاقات هذا الشعب الذي سبقه في التحرك الثوري منذ بداية الاحتجاجات ، فالضرورة القومية والوطنية تحتم عليها أن تبادر بأقصى سرعة لحل هذه الإشكالية حتى يكون غطاءً سياسياً لمجمل أعمال الحركة في الأيام القادمة . 






أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=11742