الفيتو الروسي والفيتو الكوردي وجهان لعملة واحدة
التاريخ: الأثنين 30 كانون الثاني 2012
الموضوع: اخبار



إبراهيم بهلوي٭

    دأب السوريين ومنذ بداية ثورة الكرامة والحرية في وطنهم سوريا لاستمالة الرأي العام العالمي وكسب التأيدات الإنسانية لما يجري في وطنهم من مجازر بحق المواطنين المتظاهرين سلمياً منذ انطلاق ثورتهم.
المعارضة السورية وبمختلف توجهاتها وأطرافها تسعى بجهد لشد أنظار القوى الدولية والتعاطف مع الشعب السوري وخلاصه من آلة التدمير، تكللت نجاح المعارضة بتشكيل مجلس وطني سوري يضم البعض من قادات المعارضة والأطراف السياسية السورية المتجمعة في خارج الوطن السوري يقابله داخلياً هيئة التنسيق المعارضة وأيضاً يضم البعض من القيادات المعارضة والأطراف السياسية، الكتلتان ورغم جهودهم في إنهاء حالة العنف قوبلت بالرفض الشديد من أطراف دولية وعلى رأسها روسيا القيصرية.


مجلس الأمن الدولي ورغم محاولتها فرض عقوبات سياسية وإقتصادية على رأس النظام السوري أصطدم بالرفض الروسي ، بل واستمرت روسيا بممارسة حقها الفيتو ودعم النظام السوري من خلال صفقة الأسلحة المباعة للنظام السوري وأكدت بان هناك صفقة روسية-سوريا بخصوص الأسلحة فيما يخضع سوريا لعقوبات غربية بخصوص قمع الاحتجاجات السلمية.
الفيتو الروسي لم يتوقف عن قرارها في مؤازرة النظام السوري حتى بعد وصول جامعة الدول العربية إلى قرار يفيد بنقل السلطة من الرئيس الأسد إلى نائبه الأول والإقرار بمناقشة الملف السوري في دائرة مجلس الأمن الدولي من قبل رئيس جامعة الدول العربية بعد فشل مهمة المراقبين العرب في سوريا وقرار دول الخليج بسحب مراقبيها من سوريا،فكان الرد الروسي حاضراً بأن الملف السوري وأزمتها سوف تكلل بالنجاح في حال حوار النظام مع المعارضة ، ورفضها الشديد بالتدخل الدولي في سوريا بحجة حماية المدنين اللذين يزهق أرواحهم بشكل يومي والإحصائيات حسب منظمات دولية تشير إلى زهاء 7200 قتيل منذ اندلاع الثورة السورية منتصف آذار من عام 2011.
يجدر بنا أن نذكر بالعلاقات التي تجمع روسيا مع سوريا بالأخص بعد عملية الاستقلال السوري عام 1944 الهادفة إلى دعم دمشق وخلاصها من عزلتها الدولية وأزداد التعاون الروسي السوري عقب 1957 حيث الاتحاد السوفيتي بتشييد 63 مشروعا ، ومن أهمها سلسلة المحطات الكهرمائية على نهر الفرات والعقدة المائية مع المحطة الكهرمائية " البعث" والمنشأة المائية مع المحطة الكهرمائية " تشرين " والمرحلة الأولى للمحطة الكهرحرارية " تشرين" ومد 1.5 ألف كيلومتر من السكك الحديد و3.7 ألف كيلومتر من خطوط الكهرباء وبناء عدد من منشآت الري. واكتشف الاتحاد السوفيتي حقول النفط في شمال شرقي سوريا وقام بإنشاء خط أنابيب ضخ المشتقات النفطية بين حمص وحلب بطول 180 كم ومعمل الأسمدة الكيميائية مما امن نسبة 22 % من الطاقة الكهربائية ونسبة 27 % من النفط مساحة 70 ألف هكتار من الأراضي المروية.
كان الاتحاد السوفيتي يقدم لسوريا الدعم السياسي والعسكري في مواجهتها لإسرائيل. وفي عام 1963 أقيم مركز الدعم المادي التقني للأسطول البحري السوفييتي في ميناء طرطوس السوري. وكان الاتحاد السوفييتي يورد إلى سوريا أسلحة وغيرها من السلع بكميات كبيرة مما أدى إلى تراكم المديونية الكبيرة ( في عام 1992 كان دين سوريا لروسيا يتجاوز مبلغ 13 مليار دولار). وفي عام 2005 وقعت بين البلدين اتفاقية شطب 73 % من الديون السورية آخذا بالحسبان أن المبلغ المتبقي وقدره 2.11 مليار دولار سيتم صرفه لتنفيذ العقود الروسية. وتم إبرام هذه الاتفاقية في يونيو / حزيران عام 2008.
وقد أزداد عملية التبادل التجاري الروسي – السوري فقد تشكل مجلس الأعمال الروسي السوري برعاية مجلس الأعمال الروسي العربي عام 2004، كما وازدادت التجارة بمعدل هائل منذ عام 2005 حيث كانت 459,8 لتقفز إلى ما يزداد المليار دولار عام 2007.

الفيتو الكوردي السوري ومسوغاته

لم يعد للسوري عامة وللكوردي على وجه الخصوص تذكير نفسه بعد اندلاع ثورته فبدى الأمر أشبه بباب مقفل في وجوه التنسيقيات الشبابية والفعاليات السياسية والحقوقية، فقد كان عمر الثورة في سوريا 7 أشهر وأكثر حينما عقدت بعض الأحزاب الكوردية مؤتمراً سمي بمجلس الوطني الكوردي في سوريا، كان هامش الإقصاء للقوى الديمقراطية والفعاليات الشبابية واضحاً للعيان، حين أصرت البعض من الأحزاب الكوردية وبشكل علني بأن وجودنا كحزب يمنع الآخر المخالف معي، لن نرضى بغيرنا يوجه الشعب الكوردي في أتون الثورة السورية.
بعد صدور قرارات المؤتمر حاولت البعض من الأحزاب الكوردية ركوب الموجة داعية جميع الأطراف إلى الحوار والانضمام إلى المجلس الكوردي الوطني وتبني قراراته الداعية إلى حق تقرير المصير كمطلب رئيسي لثاني أقلية تعيش في سوريا، نجحت بعض الجهود الخيرة من الاتحادات الشبابية والقوى الحزبية الميالة لوحدة الصف الكوردي تحت ائتلاف كوردي سوري موحد من أجل الاستعداد لكل متغير في سوريا، ونجحت بإقناع حزبين للانضمام إلى المجلس مع بقاء أطراف أخرى متحفظة لآرائها وتشكيل ائتلاف آخر سمي " اتحاد القوى الديمقراطية "، ولكن حالة الفيتو الكوردي أستمر رغم الجهود المضنية، فقد علقت قرار الهيئة التنفيذية للمجلس الوطني الكوردي في تصريح ضم أطراف أخرى من الأحزاب الكوردية السورية إلى شهر آخر والموضوع قيد الدراسة من قبل بعض الشخصيات التي تملك من الاستبدادية والقرار المتحجر بضرورة أبقاء مصير الشعب الكوردي تحت درايتها وإرادتها.
ومن باب التفصيل الأكثر أقناعاً لمسوغات الفيتو الكوردي هو بعض الخلافات الشخصية المرتبطة بشخص الأمين العام "السكرتير" لبعض الأطراف الحزبية التي اختلفت مع "السكرتارية الحزبية" ومبدأهم الماثل في تثبيت التوريث وإقصاء كل من ينتمي إلى الروح والتفكير العصري للحالة الراهنة في تبني الفكر الشبابي ودفعهم للأمام.

العلاقة الحزبية الكوردية وفيتو الآغوات

أول حزب كوردي سوري أسس عام 1957 ونتيجة عدم الوصول إلى قرار أو رأي توافقي لحقت عملية التأسيس تكاثر انشطاري بلغ ذروته في عام 2011 ليصل عدد الأحزاب إلى أكثر من 16 حزباً يختلف عن بعضهم من حيث العدد القليل ويتشابهون من حيث المطالب، والإحصائية الغير رسمية للكورد في سوريا وحسب بعض الأحزاب والمؤسسات المعنية بالأمر يتجاوز الـ 3 مليون كوردي من أصل 23مليون سوري.
وعن حالة الانشقاق الحزبي الأول كان في عام 1965 والتسميات حسب من عايشوا الواقع كان يمين ويسار وتوالت الانشقاقات لتصبح يمنيون ويساريون وعقدة الاختلاف كانت في الشخص الذي يترأس الحزب وضرورة الحالة العشائرية بأن السكرتير يجب أن يكون من رؤساء العشيرة، أما عن حالة الوعي والسياسة والثقافة لم تكن له أي صدى لمواجهة فكرة التأبييد والتوريث من ناحية العشيرة أو الآغى كما يقال.

الثورة الكوردية الشبابية السورية والفيتو الكوردي

الشباب الكوردي الثائر والذي شكل ربيع عام 2004 شرخاً واسعاً بينهم وبين حركته السياسية، أبلغ رسالته من خلال خروجه المستمر ومنذ الأيام الأولى للانتفاضة السورية مرددين شعارات الحرية والكرامة، ونتيجة لقلة خبرتهم السياسية استطاعت الأحزاب المخضرمة في ممارسة التسلط من إقحامهم في دعم قرار الفيتو وذلك من خلال عدم قبولهم لأي حراك شبابي غيرهم في المجلس الوطني الكوردي وترسيخ ذهنية بأنهم الوحيدون من يقومون بالحراك الشبابي ووجود قوة شبابية آخرى غيرهم في الإطار سوف يقلل من مقاعدهم المخصصة لهم، الأمر الذي دفع البعض من الحراك الشبابي المنضوي تحت سقف المجلس الوطني الكوردي بأخذ قراراته من بعض الأشخاص المقيمين في خارج الوطن السوري وتقبل توجهات القادة السياسيين من الأحزاب الكوردية في المجلس نفسه، لتصبح الفئة العمرية الشابة أداة تنفيذية في ممارسة الفيتو دون شعورهم بالفخ السياسي.
أما عن وجود أي مشروع سياسي نوعي بين الحراك الشبابي والأحزاب السياسية فقط يكمن في تجنيد الشباب في الدعاية للأهداف الحزبية الضيقة.

وجود حل للفيتو الروسي وفقدانه في الفيتو الكوردي

أشرنا في مقدمة المقال بوجود علاقة تجارية بين روسيا والحكومة في دمشق وصفقات جارية، روسيا من جانبها لن تتخلى عن حقوقها بغير ضمانات تؤكد استمرارية تلك العقود.
والمعارضة من جانبها إن وافقت وبشكل رضائي عن جميع الشروط الروسية حيال صفقاتها فأن روسيا من جانبها سوف تتخلى عن حليفتها الحكومة السورية الحالية وسوف ترضى بكل مقرارات مجلس الأمن والحكومات الغربية ولن تمارس الفيتو متى حصلت على الضمانات.
أما الحالة الكوردية فأن الفيتو ساري المفعول لأن مشروع الأحزاب هو سياسي تبحث عن أجندات حسب ميولها ولن ترضى بجهة مخالفة لها كون الحالة الراسخة في الشخصنة والفكر الضيق لدى رؤساء الأحزاب الكوردية مرض عضال لا علاج له.

كاتب كوردي سوري








أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=11479