عن العراق ..من القلب و العقل
التاريخ: السبت 11 تشرين الثاني 2006
الموضوع: اخبار


دهام حسن
Daham46@hotmail.com     

 يعيش العراق مأساة ، كارثة إنسانية , تتجدد مشاهدها المفجعة كل يوم .. أما آن لهذا الشعب المنكوب أن يستريح ؟ بعد ليل سرمدي من الظلم والظلام ؛ هل كتب عليه أن يضحي ، أن ينزف ليل نهار فحسـب ؟ وتظل قواه الوطنية عرضة للنهش والتجريح .ألا ينبغي  لهذه الأقلام أن تكف عن التنظير بالشؤون العراقية بما يحلو لها ويتراءى من بعيد ؟ فاقل ما يقال في أصحاب هذه الأقلام أنهم ليسوا عراقيين ، أكثر من أبناء الرافدين . هل يحق لنا أن نزايد على هذا الشعب بمسألة القومية  والوطنية ؟ هل يحق  لنا أن نفكر بدلا عنه وننظر ونخطط  في مسائله الداخلية ؟  من منا عاش مأساة هذا الشعب حتى يعطي لنفسه حق التحليل والتنظير أقل ما يقال فيها هو التدخل بشؤون العراق الداخلية ؟ تحليلات تلفها رؤية ضبابية وتحكمها  أفكار مسبقة ، أفكار مفبركة إيديولوجيا .. دعوا هذا الشعب يلملم جراحه ، دعوه  بمبادراته  الداخلية ، يدير شؤونه ، ويقرر مستقبله ، هو أدرى بماله وبما عليه أن يفعله ، وهل هناك  أدرى  من أهل مكة بشعابها ؟

لقد وصل عدد المقابر الجماعية المكتشفة إلى ما يقرب من ثلاثمائة مقبرة ؛ شاهدناها كشريط  لمسلسل  تلفزيوني لا تنتهي   حلقاته ؛ تأثرنا  قليلا  أو كثيرا ، لكن  سرعان ما  انشغلنا بأمورنا وهمومنا ، هل فكرنا مليا بهؤلاء الضحايا كيف قضوا؟ ولماذا هذا المآل الفاجعة كان مصيرهم ؟ ماذا حل بأطفالهم من بعدهم ؟ كيف عاشوا ، وتربوا، وكبروا ؟ لقد وأدت أحلامهم ، لقد حرموا من  دفء حنان الأم ، وحدب  ورعاية  الأب ؛ هؤلاء  كانوا  يحلمون كأترابهم  بقلم  ودفتر  ومقعد مدرسي ... ما حال الثكالى والأرامل واليتامى ؟ ما الجرم الذي ارتكبه هؤلاء الصبية ، والأطفال  وحتى الرضع  لكي يدفنوا في هذه المقابر ؟ آلاف القرى هدمت على رؤوس أصحابها من الأكراد ،  حولت إلى أنقاض ، وسويت بالأرض ، وفي كل قرية غالبا ما بني مسجد و مدرسة.. هذا ما فعله  الرئيس المؤمن ، محب العلم والعلماء في حروبه المقدسة منها الأنفال بحق الشعب الكردي ؛ هل فكرنا  بأهالي  تلك القرى . التي  أزيلت عن بكرة أبيها ، وسويت بالأرض كما أسلفنا،ما أخبارهم ؟ أين حلوا ورحلوا ؟ ربما بيعت  الصبايا  في سوق  النخاسة ، وأعدم  الشباب ، ودعي  المسنون  ليؤدوا  أدوارا تمثيلية بين تباح ونهيق ! هل أرقنا ذلك المشهد المأساوي المفجع ، ضحايا الأسلحة الكيميائية ؟ حيث  كنت  ترى  الأطفال يفرون فرقا وعلى وجههم يهيمون ، فلم يجدوا غير أحضان أمهاتهم ملاذا آمنا، فرقدوا مع أمهاتهم رقدتهم الأبدية الأخيرة
كل هذا يمر أمامنا كشريط سينمائي كما بينا  آنفا ، والشعب العراقي المنكوب في قلب هذه المأساة ، لا يغفل عنها اليوم ولن ينساها أبدا  لما خلفته تلك المأساة من آلام وتداعيات وكلوم لن تندمل بسهولة ..
هل شاهدنا قصور شهريار بلياليها الملاح  ، تعج بالضحايا ، وعلى الأريكة يفح سادي كالأفعى ، يتلذذ بهتك الستور؟ أما لامست أسماعنا ونخوتنا استغاثة تلك الحرة لما عانت وقاست من عذابات وانتهاكات تقشعر لها الأبدان ويشيب  لهـا الولدان ؟ بعد هذا ! .هل يحق لنا نحن المراقبين من خارج الحدود،أن نفكر بدلا عن هذا الشعب ، وننظر عنه , ونتفلسف على حسابه ، ونخطئه ونترحم على القتلة واللصوص ؟..

إذا ما تجاوزنا هذا التناول الوجداني لهذه المأساة , واحتكمنا إلى منطق العقل ، باعتقادي  أن العقل  والوجدان  لن يختلفا في الحكم القاسي على النظام  البائد ، وبأنه كان نظاما لعصابة من المارقين . بل قل وكرا للمجرمين  مثل هذا النظام  لا يمكن أن يترحم عليه أي متابع منصف . ثماني سنوات من حرب عبثية ضد  إيران، أي ما يقارب ضعف فترة الحرب العالمية الأولى ، والحصيلة كانت عشرات الآلاف من الضحايا ، بل قل مئات الآلاف . ثم كان غزو الكويت وما رافقه من سطو على البيوت ن ونهب مقتنياتها ، وأسر الأهالي وسوقهم إلى العراق ،وتصفيتهم فيما بعد على مايرجح. ألم نقل بأنهم عصابة من المجرمين القتلة ، واللصوص ؟ ثم . لماذا سقط النظام  بهذه السهولة ؟ رغم ما أشيع عن تمتعه بقوة عسكرية هائلة ، وأخطبوط أمني مرعب ؟ السبب هو أن النظام كان في واد ، والشعب في واد آخر ؛ لقد كان النظام آفة كارثة على الشعب العراقي ، وحربا على دول الجوار ، فخذله الشعب , وهذا هو المتوقع أبدا ، وهذا هو المصير المتوقع لكل طاغية ، عندما تحل ساعة الحساب . رغم ما زال لدى البعض أوهام معلقة على هؤلاء القتلة ، يمنون أنفسهم بعودة عقارب الساعة إلى الوراء ، لهذا فهم يخلعون على هؤلاء المجرمين القتلة رداء المقاومة . هذه هي السياسة البراغماتية لا مبادئ ، لا قيم ..
إن الشعب العراقي الباسل ، الذي تخلص من النظام  السابق ن لقادر أن يتعامل مع قوى التحالف لإنهاء  تواجـده إما عبر التفاهم مع الحكومة العراقية ، أومن خلال  معارضة وطنية منظمة ، تعلن عن هويتها الوطنية ، وتجهر ببرنامجها النضالي ، ولا تعمل في الظلام .. لابد من النضال الجاد والحثيث ، لكي تعود سيادة العراق للعراقيين كاملة غير منقوصة ، يرسم الشعب العراقي مستقبله ، ويقرر شكل الحكم  الذي يرتضيه وخريطة بلده  دون وصاية أو تدخل ؛ ليشهد العالم ميلاد عراق جديد ـ وطن حر وشعب سعيد – وإن غدا لناظره قريب ...


 








أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=1082