مشعلُ ثورةٍ..... وكولا الأحزاب الكوردية
التاريخ: الجمعة 14 تشرين الاول 2011
الموضوع: اخبار



  آلان حمو

بتاريخ 8/6/2011 كنت على موعد بأن أرى مشعل تمو شخصياً على الطريق الدولي المؤدي إلى مدينة قامشلو, حيث كنا في استقباله وهو خارج من معتقله, ذاك الشخص الذي كنا نرفع صوره في المظاهرات كل يوم جمعة, وبعد إيصاله إلى منزله في الحي الصناعي, والجلوس تحت خيمة استقباله, وتصريحه بأول موقف له في الثورة حيث أعلن: يشرفني بالنزول إلى الشارع والانضواء تحت راية الشباب في الثورة........
تساءلنا "نحن الشباب" عن السبب وراء تبني مشعل تمو الفكر الشبابي في الثورة وهو /إسقاط النظام/, وابتعاده عن موقف الأحزاب الكوردية في الثورة أقصد عدم الثورة, في فكر الأحزاب.


شاركنا مشعل في أول جمعة بتاريخ 10/6 وكانت اسم الجمعة /جمعة العشائر/, لم تسعنا الفرحة وكان استرحاب الشباب به على كل المقايس, ولكن في ذاك الحين كانت المجموعات الشبابية تتعرض لكثير من الهزات الأرضية ولم نكن نعلم سببها وشدتها على مقياس الرختر, حتى تشكلت تنسيقيات لا تعد ولا تحصى, وأسماء بين حقيقية وافتراضية, وكانت تنسيقيتنا أيضاً نتاج تلك التكونات المتسارعة باسم /ربيع الشباب الحر/, وبحكم العادة كانت لنا علاقات وطيدة مع الأحزاب لحسن حظنا /كما كان يبدو لنا/, جعلتنا نكون في حالة خصومة نسبية مع مشعل تمو, لن أطيل في هذا الشرح الذي يشبه التكهنات وسأسرد بعض الوقائع التي كنت شاهد عيان عليها.
دعيت تنسيقيتنا /ربيع الشباب الحر/ إلى مؤتمر الإنقاذ من قبل أحد أعضائها, ولكنه قال لنا: بأن مشعل تمو لا يوافق مشاركتكم في المؤتمر معللاً السبب بأن مشعل هو الممثل الوحيد للشباب الكورد في الثورة السورية؛ رفضنا التصريح جملةً وتفصيلاً وذلك بعد قيامنا بعدة زيارات  لقيادات بعض الأحزاب وتأيدهم لرفضنا موقفه (مشعل تمو), وأيدوا ذهابنا إلى المؤتمر منفصلين عن مشعل, وحملونا رسالة إلى الشخصيات في المؤتمر, وهي أسباب عدم مشاركة الأحزاب في المؤتمر.
ونحن في دمشق حدث موقف مفاجىء ولكن؛ لم نتطرق إليه كثيراً, كنا جالسين في منزل الشخص الذي دعانا إلى المؤتمر نتحدث عن الأوضاع الراهنة, رن هاتف مضيفنا الجوال فقبل أن يجيب قال لنا: إنه الشيخ نواف البشير؛ حيث اتضح من حديثه بأن الشيخ نواف يريد الإنسحاب من المؤتمر.
 أنهى المكالمة وألتفت إلينا وقال: الشيخ يريد الإنسحاب والسبب هو مشعل تمو؛ تساءلنا عن السبب؟! أجابنا: بخصوص البيان الذي كان يجب أن يصرح به مشعل, سألته: بماذا يتعلق البيان؟ أجابني: الشيخ نواف يقول بأن مصادر موثوقة أخبرته بأن لدى مشعل تمو في برنامجه السياسي وبشكل سري فكر كوردستاني, أي؛ الانفصال وما إلى ذلك من أفكار انفصالية, وعلى مشعل أن يوضح في بيان مشروعه السياسي ويؤكد على وحدة الأراضي السورية.
عندها ضحكنا, وقلت: أتعلم يا أستاذ بأن الفكر السائد بين الكورد السوريين هو أن /إذا أتاتورك طالب بكوردستان سوريا, لن يطلب مشعل تمو بذلك/.
لن أطيل عليكم, حيث فشل المؤتمر في الداخل بسبب مهاجمة شبيحة النظام مكان إنعقاد المؤتمر وقتله [9 أشخاص] في منطقة القابون؛ وقبل تركنا دمشق والعودة إلى قامشلو, طلب منا العضو الذي دعانا إلى لقاء عاجل, حيث التقينا في سيارته وقال لنا: قبل قليل كنت مع (مشعل تمو)  وسألني عنكم وحملني رسالة إليكم قال فيها: اشكر عوضاً عني الشباب بسبب تحملهم المخاطر في الظروف الراهنة لحضور مؤتمر للمعارضة, وتحملهم مشقة الطريق, فتعجبنا بعض الشئ عن ذاك الموقف المتبدل راساً على عقب, ثم تابع قائلا: مشعل سألني بعد قوله: (الأحوال المادية في قامشلو ليست على ما يرام فكيف تحملوا تكلفة قدومهم إلى دمشق) فقال ذاك العضو: أجبته أنا الذي تكلفت بتكلفة الطريق وإقامتهم في دمشق, عندها قام مشعل بإعطائي (10) الآف ليرة سورية, عندها تحول تعجبُنا إلى صدمة ولم نفهم ما قام به مشعل, وبعد عودتنا إلى قامشلو وقولنا عما حدث, شرحه لنا بعض الأحزاب بأن مشعل اعترف بخسارته أمامكم .
تتالت أيام الثورة ونحن نحاول قدر المستطاع تفعيلها ولكن لا جدوى إلا الدخول في متاهات السياسة تارة والأقاويل المختلقة تارة أخرى, حتى وصلنا إلى اليوم الذي تم محاولة اغتيال مشعل تمو بتاريخ 8/9/2011، طبعاً كانت فاشلة عندها استوجب منا الأمر الذهاب إليه لنهنئه بالسلامة، ولنوضح موقفنا له, بأنه رغم اختلافنا في الآراء إلا أننا نشجب ونقف ضد أي فعل كهذا، ثم تحدثنا عن الثورة (ذكرت جزءاً من حديثه في مقال سابق)، وفي نهاية الحديث نوهت إلى الموقف الذي اتخذه ضدنا في مؤتمر الإنقاذ، والشئ الذي فعله قبل عودتنا (بخصوص التكلفة) طبعاً , وشكرته في ذلك، رد السيد تمو: يا (آلان) أنتم تكلمتم بشكل غير مسؤول, فلم يكن مقبولاً منكم أن تقولوا بأن عدد أعضاء تيار المستقبل /12/ عضواً/8/نساء, و/4/رجال, مع أنكم تعلمون بأني أخذت موافقة معظم شباب التنسيقيات.
أما من ناحية موقفي اتجاهكم, فلدينا كثير من الأخطاء ويجب أن نكون مهتمين أكثر ببعضنا البعض لتخطي العقبات في طريق الديموقراطية.
وصلنا إلى /جمعة النصرلشامنا ويمننا/ بتاريخ 30/9/2011 وإصابة الشاب (ديار) بطلق ناري من عامل الكهرباء أثناء المظاهرة, وكنا في اعتصام أمام مشفى /فرمان/ نستنكر الفعل الإجرامي الذي اقترفه النظام, عندها خرج مشعل تمو من وكان في زيارة إلى المصاب, فدخل بين جموع الشباب الملتهب في أستنكارهم لأفعال النظام ليحمل اللاقط الكهربائي /الذائع/, ويبدأ بكلامه الثوري, ضارباً عرض الحائط المقاييس السياسية و الدبلوماسية كلها, ومن جملة ما قال: الكورد سيعلقون مشنقة بشار الأسد على فعلته هذه؛ وعندها هاجت جموع الشباب وازدادت وتيرة الحماس لأعلى مستوياته, وفي ذلك الاعتصام أخبرني صديقي باجتماع للتنسيقيات الشبابية, للحديث عن الوضع الراهن، إجتمعنا في المكان المحدد وكان موضوع الاجتماع [كيفية تصعيد الثورة في المناطق الكوردية], ولفت نظرنا مدير الجلسة وهو أحد اعضاء تيار المستقبل وكان الاجتماع في منزله, بأن السيد مشعل تمو سيحضر الاجتماع لمناقشة موضوع أخر ويأخذ رأيكم فيه, ونحن في نقاشنا, حضر السيد دون أن يتدخل في موضوعنا حتى انتهائنا منه, ثم اعطى مدير الجلسة الحديث لسيد مشعل تمو وقال: قبل أن أدخل في الموضوع الذي أتيت من أجله, لدي تعقيب على موضوعكم الذي كنتم تناقشوه, هل تصدقون بأن الشئ الذي حدث مع الشاب (ديار) لم يكن النظام فاعله؟! فالوقت نفذ من الكور ويجب ألا نهدر الوقت أكثر, فأنا الآن أتعرض للتهديد بشكل يومي, ومع ذلك كثير من الناس لا يصدقون ذلك التهديد, ثم تطرق لموضوعه /المجلس الوطني السوري/ .
كان موعدنا في تاريخ 7/10/2011 مع جمعة /المجلس الوطني يمثلني/, في مساء ذلك اليوم حوالي الساعة /5:30/ سمعنا نبأ مقتل مشعل تمو وتسارع الجميع إلى مشفى /فرمان/، ليقطعوا الشك باليقين في استشهاد مشعل تمو على أيدي شبيحة النظام في منزل مرافقه /احمد/ الملقب /رشو/ في حي الكورنيش بمدينة قامشلو, وابنه /مارسيل/ في حالة حرجة أثر رصاصة اصابته تحت الصدر, ومديرة العلاقات العامة في تيار المستقبل /زاهدة رشكيلو/ بإصابة في ساقها .
توافد الناس إلى المشفى, ليشهد ذلك المساء مهرجاناً وعرساً نحتفل فيه باستشهاد مشعل تمو حتى ساعة متأخرة من الليل, وفي ذلك المساء دعينا "نحن التنسيقيات" إلى إجتماع طارئ مع الأحزاب الكوردية بخصوص البيان المشترك الذي لم نتفق عليه، وسأنوه هنا إلى حديث أحد قيادي حزبٍ من الأحزاب الكوردية (أتحفظ على ذكر اسمه) قال: يجب ألا تكون الرصاصة التي قتلت مشعل تمو سبباً في تفرقة الكورد .
كان صباح السبت شاحباً وحزيناً بكل ماتعنيه الكلمة وكان اسم اليوم /السبت 8/10/2011/ خير دليل على شرحه /يوم الغضب الكوردي/ أو /سبت الشهيد مشعل تمو/, خرجت الجنازة من مشفى /فرمان/ حوالي /11/ صباحاً, ليرفع الشباب التابوت المليء بالورود على أكتافهم, والشهيد مستلقٍ فيه وهو يرتدي طقماً رسمياً كعريس في يوم عرسه, عندها تنهدَ شئ في داخلي وقلت في نفسي: حتى في موته متمدناً كما في سياسته, يكسر القيود جميعها ويتحرر من كل فكر بالٍ, وكان عدد.....لن أقول المشيعين بل الثائرين لدم مشعل يفوق التصورات بالغةً أكثر من /60/ ألف ثائر متوجهين إلى جامع (قاسمو) ومنه إلى منزله في الحي الصناعي سالكين الطريق العام, مارين من دوار مدينة الشباب /المُسمات ساحة الجندي المجهول/ عندها كان الثائرون قد علقوا العلم الكوردي عالياً في الساحة, عندها تذكرت أحداث انتفاضة قامشلو لأن الشئ نفسه حدث ذاك اليوم, وهنا أقول يجب أن نسمي تلك الساحة بعد انتصار الثورة بساحة الشهيد مشعل تمو, لأنه أعاد انتفاضة الشعب الكوردي مرة أخرى, وفي تلك الساحة استشهد ثائرين أثنين وجرح العشرات, كذلك كان مشعل تمو لنا جندياً مجهولاً, فعرَفنا بنفسه باستشهاده .
أعود إلى مظاهرة الثائرين, وبعد عودتنا من الجامع متوجهين إلى مركز مدينة قامشلو للذهاب إلى منزله أعترضنا الجيش بعد ساحة الشهيد مشعل تمو, ليستقبلونا بوابل من القنابل المسيلة للدموع, ولكن دون جدوى فلم تردع الثائرين تلك القنابل وبعد حوالي ساعةً من إستنشاقنا الغاز بدأت المرحلة الثانية بإطلاق النار الكثيف على الثائرين ليستشهدَ واحد ويجرح الكثير فتسارعت جموع الثائرين إلى المشفى فكان في استقبالنا أعضاء الأحزاب وفي إيديهم قناني الكولا لنغسل بها وجوهنا الحترقة بغاز المسيل للدموع ونعود إلى البيت, هكذا فعلت الأحزاب وأطفأت حرقنتا بكولاهم وبصلهم .
سيدي عميد الشهداء مشعل تمو كان يجب أن نفهم سبب انضوائك تحت راية شباب الثورة في أول يوم لك وأنت حر, ألا وهو, الحر يجب أن يكون حراً في كل شئ وأنك خارج السجن كنت تحسب نفسك داخله, ولكن في سجن أكبر.
كان يجب أن نفكر في سبب اعتراض الشيخ نواف البشير عليك, وأن نصل إلى تفكيرك بالثورة المختلف عن تفكيرنا المشوب بعناصر رجعية أنانية لا تصل إلى النواة المركزية في صلب الثورة كما كنت, أما اعتراضك علينا في المؤتمر كان من أجلنا, وكأنك تقول لنا: لستم متحررين لتكونوا جنوداً في الثورة, أما بخصوص دفعك للتكلفة في دمشق رغم خصومتنا لك، كنت تقول: دعكم من القشور وفكروا في اللب .
سيدي عميد الشهداء مشعل تمو, لقد عريتنا, ونوعدك أنا وأصدقائي أن نبقى عاريين حتى نرتدي مثلك ذاك الطقم الرسمي ونستلقي بين الورود, أو نوصل الثورة أو (ثورتك بين الكورد) إلى هدفها المنشود .
  13/10/2011








أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=10354