من موتهم صنعوا الحياة..!!!
التاريخ: الأثنين 10 تشرين الاول 2011
الموضوع: اخبار



خليل كالو

   ها قد فعله مشعل التمو أيضاً فما أحسدنا...!! أفضل الألقاب يناله المرء وأنبل الرجال هو من يسعى طموحاً كي يصبح عضوا في نادي الرجال العظام ويهب بموته حياة للآخرين ويدون صفحة مشرقة يضاف إلى التاريخ. وأسوا الرجال حظاً وأتعسهم نصيباً حين ينتظر الموت كالبعير ويقرأ عليه فاتحة ناشفة ويوارى جيفته التراب ويكتب على شاهد قبره المرحوم فلان وتاريخ وفاته خوفا من الضياع على عكس مدونو التاريخ الذين سيذكرهم الأجيال طويلا . لا شك هي العظمة عندما يصدر حكم الإعدام بشخص بسبب إيمانه في الدفاع عن حقوق أو انتمائه لعقيدة فلسفية أو هدف سام يؤمن به فيتلقى الأمر بصدر رحب وهو مرفوع الهامة لا يخشى الموت،


 وهو مدرك من قبل أنه مشروع شهادة يوم ما فيتقبل الموت وإن جاءته في كل لحظة ولا ينتظر الرحمة من أعدائه أو أن تقيمه بسمات وصفات جيدة لأنه لا ينتظر المدح والوصف الحميد منهم وكل همه هو مثوله أمام محكمة التاريخ بوجه ناصع ومرفوع الرأس ليس في تفكيره من مكان للتوسل أو التراجع خطوة واحدة خوفا على حياته. وهو يدرك تمام الإدراك أن الموقف الأول سوف يخلق ثقافة المقاومة ومنها يشتق الحياة من جديد وتاريخا مشرقا يعتز به الذي من بعده وسوف يبنى على ذلك الإرث شخصية مفعمة بروح الانتقام والثأر للدفاع عن النفس من أجل دورة حياة جديدة ، ويرى في ذات الوقت أن الموقف الثاني سوف تخلق ثقافة العبودية وروح الاستسلام والجبن وتاريخ عار. كون المرء هو دائما نتاج الإرث التاريخي والثقافي والتقاليد بالإضافة إلى الظروف والأحكام التي تضبط حياة المجتمعات والجماعات وما يتقلده الأفراد من السلوك الجمعي والأفكار. فعندما يكون نمط الثقافة السائد في المجتمع مبدع هادف ويقوده مبدعون تكون أحوال الناس في تحديث مستمر وبالتالي اليسر والرخاء والتطور. وعندما تكون القيادة في يد المبتدع والبليد تصبح أحوالهم وظروف حياتهم صعبة وقاسية جدا تنتشر الفوضى والفساد في صفوفهم فتكون هذه الشخصية ستخدم الأعداء ككلب الصيد تماما.

 
  يوجد في التاريخ صفحات نيرة يذكرنا بنماذج عظيمة من الرجال يجعل من المرء الوقوف عندهم بالضرورة لشجاعتهم الفائقة وقوة الإيمان لديهم فهم يزرعون بذور المقاومة والحياة فهناك من تذكر شرف الكرد في ظروف عصيبة وحافظ عليه من الدنس والإهانة كما سعى الآخرون لأجل حقوقهم وبالمقاربة والمقارنة مع واقع الحال هناك الكثيرون ممن هم الآن في الساحة يسيرون على منحى طريق التاريخ ولكن باتجاه معاكس يخجل من مواقفهم حتى العاهرات  ..؟  وهناك رجال قد بنوا مواقف نبيلة في ظروف حرجة في الوقت الذي لم يبخلوا يوم قط  بمثل ما طلب منهم وهم في ساحات النضال ومنهم من قاتلوا بلا ادخار جهد في ساحات الوغى وكانوا مشروع شهادة  والعظيم فيهم من كان بينه وبين أعواد المشنقة و الموت خطوات قليلة لم يطاوعوها ...؟ لا شك أن من يقوم بذلك ولا يأبى الضيم هو الكرم والسخاء الذي هو من شيم الرجال العظام ممن صنعوا التاريخ المعاصر للكرد ولهم في رقابنا دين كبير يتطلب سداده على الأقل من خلال التذكير بحياتهم ومناقبهم وإحياء ذكراهم للجيل وتجسيد روح الشجاعة بينهم من خلال بث ثقافة تمجد أيام تلك المراحل وإسقاطها على الواقع الراهن لعل أن تشحذ هممنا وبهذا يكون قد أدينا بعض من الواجب كأضعف الإيمان وهذه بعض أسطر من صفحة في تاريخ مشرق في أيام عزاء مشعل تمو:
  " من الطابق الثاني في سجن ديار بكر المركزي ينزل العقيد محمد خليل ختو  M- xelîl xeto قائد جبهة فارتو في موش أبان ثورة الشيخ سعيد عام 1925 بشواربه المهيبة رابط الجأش وواثق الخطوة وهو في طريقه إلى المشنقة في ساحة الإعدام في بوابة الجبل Deriyê çiya في ديار بكر وعند ما وصل إلى محاذاة الطابق الأرضي حيا جميع  رفاقه وهم ينظرون إليه من النوافذ متحسرين قال : أيها الأخوة أنا الآن سعيد بما أنا مقدم عليه ولا أهاب الموت وما قمنا به كان من أجل الشرف والشعب والوطن وفي هذه اللحظات التاريخية سوف نلتحق برفاقنا الذين استشهدوا من قبلنا وها أنا أسلمكم الكولوس (القبعة) والمنديل الكردي Hemawî  ـ الذي كان على رأسه ـ أودعه أمانة لكم لأنهما يمثلان رمز وشرف الكرد وأنني أخاف أن يسقطا من على رأسي تحت المشنقة ويدوس عليهما جنود الأتراكسيأسيأااااااااا فتابعوا من بعدنا من بقي حيا مسيرة الحياة ومنهج الشهداء ".
  التاريخ يكرر نفسه فقط من خلال سيرة الرجال العظماء ونجزم بأن مشعل التمو  Miş`el Temoقد ردد تلك العبارات أعلاه خلال حياته ونضاله وردد وراءه المشيعون في موكب مهيب بعد مماته ولكن بكلماتهم وأسلوبهم وسقط الشهيد خلف الشهيد وفاء وهكذا هي دورة الحياة وطبيعة الشخصية النخبوية المبدعة والمتفوقة على ذاتها الأنانية والمتمردة على واقعها المشوه في كل زمان ومكان التي تجعل من المستحيل حالة يستفاد منها ومن الموت حياة ومقاومة، ومن الجبن والضعف شجاعة وقوة. هذه الفئة هي من تقع على عاتقها المسئولية الكبرى والكثير من الواجبات الأخرى مثل الإدارة والتنظيم والدفاع عن الحقوق والتنوير وإيجاد الحلول الكفيلة بارتقاء الشعب وتطوره. حيث يكون لهؤلاء عادة أداء فكري وثقافي سليم وسياسي عال ومستوى أدائهم فعالا جدا فلهم تأثير على مجمل العملية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية تأثيرا بالغا، وتطبع المرحلة بطابعهم الخاص. فكم من مرة دفع الشعب الكردي ثمن غياب هذا الدور وهذه الشخصية ولم يدرك هذه الحقيقة في وقته، لذا فمن الواجب إيجاد هذا النمط من الشخصية ودعمها دائماً وهذا النمط من الشخصية والثقافة ضرورية في المرحلة الراهنة لذا يجب البحث عنه وإيجاده لملء الفراغ الحاصل وسد الطريق أمام الشخصية المغتربة التي تتلاعب بمقدرات الكرد .






أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=10299