حبيب صالح لـ «الراي»: «بيان مؤتمر الداخل الأخير أصاب المعارضة السورية بنكسة خطيرة»
التاريخ: السبت 24 ايلول 2011
الموضوع: اخبار



 انتقد الكاتب المعارض السوري حبيب صالح المؤتمر الذي عقدته هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الوطني والمجلس الوطني الموسع في ريف دمشق يوم السبت الماضي، مشيراً الى «أن المؤتمر أصاب المعارضة السورية بنكسة خطيرة وأعاد الأمور الى المربع الأول ودشن لجسور الحوار مع النظام».
وتحدث صالح عن وجود «تسويات معينة»، لافتاً الى أن النظام السوري طالب بعقد مؤتمر المعارضة الداخلية الأخير في قلب دمشق «وتحديداً في قلب مكتبة حافظ الأسد»، مشدداً على أن اللاءات الثلاثة الصادرة عن بيان مؤتمر ريف دمشق والمتمثلة برفض التدخل الخارجي والضغوط الاقتصادية والحل الأمني، «كان سوّقها النظام».


ورأى أن بعض أطياف المعارضة في الداخل والخارج ينظرون الى الحركة الاحتجاجية من «مواقعهم الايديولوجية»، وأن «الجزء الأكبر من المعارضين من حملة الشعارات»، مؤكداً أن ما يجري في سورية ثورة وطنية وحقوقية ليس لها طابع ديني، ومحذراً من اللعبة الخطيرة التي يلعبها النظام «عبر اثارة النعرات العصبوية والطائفية لدى العلويين» قائلاً: «النظام يلعب لعبة خطيرة يحاول أن يوحي للرأي العام بأن من يقوم بالثورة هم من الطائفة السنية وأن العلويين يريدون الدفاع عن حقوقهم».

«الراي» اتصلت بـ صالح الذي شارك في مؤتمر المعارضة الداخلية الأخير وأجرت معه الحوار الآتي:

• عقدت هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الوطني والمجلس الوطني الموسع مؤتمراً في ريف دمشق يوم السبت الماضي. كيف تقوّم هذا المؤتمر بعد ان شاركتَ فيه؟

– لقد شاركت في المؤتمر الأخير للمعارضة السورية ولدَيّ مآخذ كثيرة عليه، فهو عُقد بموافقة السلطة وكانت هناك تسهيلات أمنية سافرة لم تكن مفترضة بقدر ما كانت منظورة، وهذا ما يؤكده أكثر من مؤتمر صحافي عقده حسن عبد العظيم وفايز سارة، وهؤلاء هم أصدقائي، حيت أكدوا أن الأمن السوري لم يتعرض لهم، وكان ذلك في ظل تسريبات تحدثت عن طلب تقدمت به السلطة لعقد هذا المؤتمر في قلب العاصمة دمشق وتحديداً في قلب مكتبة حافظ الأسد، وقد رفضت المعارضة هذا العرض وفضلت عقد المؤتمر في مزرعة في ريف دمشق يملكها أحد المعارضين.


• هل يعني ذلك أن النظام يسعى الى إجراء تسوية مع منظمي المؤتمر الذي عقدته المعارضة الداخلية اخيراً؟

– التسوية لم تحصل لكنها طُرحت، فقد طلب النظام أن يجري الاعتراف بحزب البعث، وان الانتقال الى الديموقراطية لن يلغي الحزب. وفي رأيي أن البيان الصادر عن المؤتمر أعاد تكريس هيمنة حزب البعث، وقد أصاب كل المعارضة السورية بنكسة خطيرة حين ربط سورية بالنضال العروبي، وهذا لا يعني أننا لا نعترف بأننا عرب، لكن ثمة تعددا داخل سورية على المستويين الديني والعرقي. ويمكن القول إن المؤتمر الاخير للمعارضة الداخلية يحاول مد الجسور مع النظام السوري مقابل تسويات كان جاهزاً أن يدفعها، وقد سبق للنظام ان طرح سحب الحل الأمني والبدء بالحوار، الى أن جاء مؤتمر الداخل ليقول انه يرفض الضغوط الاقتصادية والتدخل الخارجي والحل الأمني، وهذه اللاءات الثلاثة كان النظام يسوّقها، خصوصاً عندما أشار البيان الى رفض عسكرة الثورة. وهنا أريد أن اسأل هل كانت الثورة معسكرة أصلاً؟ ان البيان الأخير أعاد الأمور الى المربع الأول ودشن لجسور الحوار مع النظام. وخلال مشاركتي في هذا المؤتمر اختلفتُ مع بعض المعارضين في القراءة مع احترامي الشديد لبعض رموز المعارضة خصوصاً ميشال كيلو، لكن في النهاية كانت الغلبة للتيار المحافظ الذي يقوده حسن عبد العظيم، وهو شخصية إسلامية عروبية.


• ماذا كان موقف لجان تنسيقيات الثورة التي شاركت في المؤتمر؟

– طبعاً لم توافق على البيان وقد انسحب ممثلو لجان التنسيقيات من المؤتمر. والمشكلة تتمثل في بعض المعارضين الذين يحاولون التعاطي مع الحركة الاحتجاجية من الموقع الايديولوجي ومن موقع مصادرة الثورة السورية واحتكار خياراتها الوطنية، وهؤلاء يحاولون اكتساب مواقع قيادية على دماء الشهداء، ويتعاملون مع الثوار من منطلق المحاصصة.


• تكثر في الأسابيع الأخيرة مؤتمرات المعارضة السورية في عواصم متعددة. ما تفسيرك لذلك؟ وهل يكشف تعدد المؤتمرات عن عدم وضوح الرؤية السياسية للمعارضة في الداخل والخارج؟

– تكشف عن انعدام الرؤية الوطنية لهؤلاء وعن بعدهم الشديد عن روح الثورة، فهم يتقاتلون ويتحاصصون على دماء الثورة. هم لم يقاتلوا ولم يشاركوا في الدماء التي دفعها الشعب السوري، وما زالوا ينظرون الى الحركة الاحتجاجية من مواقعهم الايديولوجية، والجزء الأكبر من المعارضين من حملة الشعارات. من يصنع الثورة السورية هم الفقراء والمهمشون وليس أولئك الذين يسكنون في القصور أو الذين يشاركون في المؤتمرات. انا لا اريد تحميل المعارضة المسؤولية في غياب الرؤية الوطنية الجامعة، فالنظام السوري طوال أربعين عاماً حارب الحياة السياسية في سورية، وحارب كل تجمع، وجعل سورية رهينة عائلة الأسد، وإزاء هذا الوضع لم يبق للسوريين سوى المسجد كموقع للاجتماع والتعبير. ومعلوم أن حافظ الأسد كان يراهن على الكتلة الإسلامية المحافظة لضرب العلمانيين واليسار السوري، ولكن المفارقة التاريخية ان الثورة ضد النظام البعثي انطلقت من المسجد وقادتها الشريحة الشعبية الإسلامية المحافظة التي لا تطرح شعار الدولة الإسلامية وإنما تطالب بالتعددية السياسية والحرية والمواطنية وحقوق الانسان واسقاط النظام البعثي. المعارضة الميدانية هي التي تمثل الوجه النقي والحقيقي للثورة السورية، ولا أعلم كيف تعود المعارضة التقليدية بعد مرور سبعة أشهر من سفك الدماء الى مد الجسور مع النظام الذي لم يقتل إسرائيلياً واحداً منذ العام 1973 بل يرتكب المجازر بحق الشعب السوري.


• من الملاحظ الحضور الكثيف لحركة الاخوان المسلمين في المؤتمرات التي تعقد في الخارج. وهل تتخوف من مشروعهم السياسي في حال سقوط النظام؟


– أصدر الاخوان المسلمين وثيقتين: الأولى عام 2004، والثانية عام 2006 وقد أكدوا إقامة الدولة المدنية في سورية وأنهم سيقبلون اي برلمان تأتي به صناديق الاقتراع. وبحسب ما يبدو فقد تخلوا عن مشروع اقامة الدولة الاسلامية. ولا أعتقد أنهم يشكلون أي خطر على مدنية الدولة في سورية.


• ما رأيك في مؤتمر اسطنبول الأخير؟

– مؤتمر اسطنبول كان مؤتمراً استباقياً، لأن معظم من شاركوا فيه من القوى الإسلامية، وهؤلاء يعتقدون أن الثورة في سورية هي ثورة دينية.


• يرى البعض أن من يقود الثورة في سورية غالبيتهم من الطائفة السُنيّة. هل توافق على هذا التوجه؟

– الثورة السورية ثورة وطنية وحقوقية، ولا ترتبط بطائفة محددة، لكن هناك اتجاها سياسيا يروج الى مسألة خطيرة جداً مفادها أن العلويين في سورية يشكلون الحاضنة الايديولوجية والعصبوية والدينية للنظام، وهذا الكلام ليس دقيقاً. أنا من الطائفة العلوية، وأقول لك إن الطائفة العلوية لم تجتمع بعد لتحدد موقفها من النظام، عدا ذلك فإن العلويين لا يملكون مرجعية دينية رسمية كبقية الطوائف، وهم طائفة صوفية. النظام يلعب لعبة خطيرة اذ يحاول أن يوحي للرأي العام بأن من يقوم بالثورة هم من الطائفة السنية وبأن العلويين يريدون الدفاع عن حقوقهم. وأريد أن أعطي مثالاً بسيطاً، فرقة «الشبيحة» التي تقتل السوريين تُدفع لها راوتب مرتفعة جداً تصل الى حدود 5000 دولار، وهؤلاء للأسف غالبيتهم من الطائفة العلوية، وقد خضعوا في السابق الى تدريبات عسكرية، وأصولهم تعود الى سرايا الدفاع التي شكلها رفعت الاسد لمواجهة الاخوان المسلمين بين عامي 1977 و 1982، وجزء من فرقة الشبيحة تعود أصوله الى جمعية المرتضى التي تمّ تسليحها في زمن حافظ الأسد، والأسلحة تمّ جلبها من لبنان بعد انتهاء الحرب الأهلية وتم تهريبها عبر مرافق غير شرعية. بشار الأسد يلعب على العصب الطائفي العلوي وقام بإعادة تطويع سرايا الدفاع وبقايا الجنود الذين خدموا في لبنان.
الرأي / بيروت ـ من ريتا فرج







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=10115