القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 531 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي



























 

 
 

مقالات: أحزاب الحركة الوطنية الكردية في سوريا بين التجاهل والتحامل

 
الأربعاء 10 اب 2011


إبراهيم محمــــود
 
ليس من حزب- أي حزب- قادر على تأكيد وجوده عبر من يمثله على أنه جماهيري في العمق، إلى درجة التشديد على أن كل ما يقوله أو يقوم به جماهيري، وبالتالي، فإن الحقيقة تكون حيث يكون الحزب كلاماً وسلوكاً.
أما إذا توافرت لدينا مجموعة أحزاب إلى درجة لافتة جهةَ العدد (أكثر من عشرة)، وكل منها ينطلق من ذات الجماهير وإليها يكون مآله، ويعني الحقيقة ذاتها، فيكون من الوهم هنا زعم الادعاء أنها تقوم بأدوار مسرحية مقصودة، إذ يكون لكل منها الدور المناسب، بما يرضي الجماهير وليس سوى الجماهير والحقيقة ذاتها،


إنما تكون أدوارها على قدر خلافاتها أو اختلافاتها، فلا تكون جماهيرها مستنسخة" كرتونية"، أي على مقاسها، ولا تكون الحقيقة المسماة هي ذاتها، إنما هو الانقسام المضروب بين الجمهور الذي يصبح جماهير عدة غير منسجمة، والحقيقة تصبح مجموعة حقائق متضاربة، ولا يعود في وسع أي كان، التأكيد على أنها مجتمعة، أو فرادى تعمل لمصلحة الجماهير عموماً والجمهور الواحد خصوصاً، إنما انطلاقاً من تضارب رؤى، هي إيديولوجيات متضاربة إلى درجة التنافر، ولا يوحدها معاً إلا من يعاني اختلالاً مزمناً في عقله، وحيث لا  يكون الكم العددي محل اعتزاز إطلاقاً في الحالة المتقدمة، إنما يكون باعثاً على الأسى والسخط معاً، لأن تاريخ هذا التشظي العددي تاريخ سلسلة انقسامات وخلافات وعراضات شخصية وقاعدية، كما هو الوضع التاريخي لأحزابنا الكردية في سوريا قبل غيرها. إن الشيطان نفسه يعجز عن قبول أي مبرر لوجود هذا الكم المهين لتاريخه، أعني لجمهوره الذي كان صدره الرحب، ليصير مرماه ومصاباً بدائه العصي على البرء كما يبدو.
وحين أكتب عنها فلعلي أتناولها باعتبارها أحزاباً لها تواريخها، وصراعاتها الجانبية، وتاريخ نضالاتها، إنما دون تجاهل حلبة الانقسامات المتتابعة في تاريخها، ونقدي يطال ما تسكت عنه وتتستر عليه بوصفه علامة بقائها، دون أن أمارس أي تعميم إطلاقاً، لأن ثمة أصواتاً حرة بأرواحها، ومواقفها، وأنشطتها الذاتية، رغم كونها حزبية، ترفض أن تكون كراكوزية أو إمَّعية، وتناضل من الداخل على قدر وعيها لما يجري من حولها..
إن الذي حفَّزني على كتابة هذا المدخل، هو البيان "التاريخي"، لأحزاب الحركة الكردية في سوريا، والذي أصدرته "نتّياً" كما قرأته في موقع" ولاتي مه، في 9-8/2011" وتحت عنوان (أحزاب الحركة الوطنية الكردية في سوريا: لماذاَ هذا التحامل على أحزابنا ؟)! نعم، هو عنوان لافت من خلال المؤشَّر عليه، وبصيغة جمع المتكلم الاستفهامي( لماذا هذا التحامل على أحزابنا؟)، وهو أكثر شبهاً بـ" بطاقة نفير" وإنذار لمن يهمه الأمر، ولعلّي من الذين يقدّرون حرص أحزابنا على مكونها الاثني والاجتماعي ووحدة صفها وكلمتها، بقدر حرصهم على نباهة الحس التاريخي وعامل اليقظة لدى ممثليها وسرعة المبادرة لديهم في التنبيه إلى ما يجري من أخطار تتهدد هذه الأحزاب أو ترمي إلى الإساءة إلى تاريخها. أقولها، وأبصم على ما أقول بالعشرة، إذا كان هذا الحرص الاثني والاجتماعي ووحدة الصف والكلمة قائماً، تتمثله الجماهير وتعلم بحقيقته واقعاً. حرص يكون له مفعول عكسي في الحال بانتفاء وجوده إزاء هذا الكم اللامتآلف، حيث نكون في مشهد (دائرة الطباشير الكردية)، عندما يشد كل حزب إلى جهته" وليد القضية البائس: الشعب الكردي"، وإن كانت النتائج وخيمة، فالمهم هي الحركة كما تقول سلوكيات هذه الأحزاب وبياناتها اللامشتركة رغم وحدة البيان. لأقل هنا: نعم هو بيان تاريخي حقاً بمتضمناته الدالة على بؤس الحقيقة الواحدة- كما هو المزعوم-، وهذا ما يوقفنا عند مفاصله الكبرى.
أورد ما أعتبره الشواغل الرئيسة للبيان المذكور، كما جاء في البداية والوسط والنهاية، ومن خلال الترقيم:
1- بين الحين والآخر ، تظهر بوادر سلبية تجاه معظم أحزاب الحركة الوطنية الكردية أو كلها ، تحملها أقلام يائسة و نفوس غير سوية ، تسعى إلى التجييش الإعلامي والجماهيري ضد هذه الأحزاب ، تستهدف التقليل من شأنها عبر التشكيك بقدراتها النضالية ، أو وصفها بالكلاسيكية ، وإلى ما هنالك من النعوت والأوصاف التي تبعث على اليأس لدى الجماهير أو تثير القلق على مستقبل قضية شعبنا الكردي ..
وكأن أصحاب هذه الأقلام يدعون إلى الكف عن النشاط السياسي المنظم أو أنها تريد حل هذه الأحزاب لا تطويرها...
2-  مما يعني أن دعواها لا تخدم مصالح شعبنا وقضيته العادلة .
- ومن المفارقات العجيبة في أمر هذه الأقلام والجهات ، أنها تبحث لها عن أي مبرر أو مسوغ للتحامل على هذه الأحزاب ، لدرجة تقع أحيانا في تناقض مع دعواتها ، فبالأمس كانت تتخذ من القضايا الخلافية بين أطراف الحركة لها ذريعة في الإساءة إلى هذا الحزب أو ذاك الشخص ، واليوم تتخذ من قضايا التوافق نفس الذرائع لتشكك في عملية التقارب بين فصائل الحركة الكردية بدل تشجيعها وتعزيز عوامل الالتئام فيما بينها أكثر...
 -  في هذه الإثناء تفتح تلك الجهات أبواقها الدعائية من جديد للتشكيك بمساعي أحزاب الحركة الوطنية الكردية نحو عقد مؤتمر كردي وطني أكثر تطلبا وإلحاحا...
3- إننا في أحزاب الحركة الوطنية الكردية في سوريا ، في الوقت الذي نسعى فيه إلى خلق  أجواء التفاهم والتلاحم على المصير المشترك عبر حوار معرفي هادئ وموضوعي ، ندعو في ذات الوقت إلى النقد البناء الذي يسهم في تصحيح الخطأ وتحسين الأداء ، لكننا ندين الأقلام الرخيصة المعروفة بعدائها للحركة الكردية وكل قضايانا القومية والوطنية والتي باتت مكشوفة وعارية أمام الجميع ، وما دعواتها وخصوصا في هذا الظرف إلا مساعي يائسة لاستهداف وعرقلة الجهود والمساعي الوطنية الخيرة ولاسيما تلك الهادفة لتحقيق المؤتمر الوطني الكردي المنشود الذي نحن أحوج ما نكون عليه وأكثر من أي وقت مضى ..
 
تسليط ضوء
إن المدقق في بنية البيان لا يخفي عليه الجانب التعميمي والتسرع في نسج صيغته، انطلاقاً من قضية منطقية بائسة، وهي إما- أو: ثمة متهم، وآخر بريء. اللقاء التحاوري ممنوع هنا، كما هي البنية الذهنية غالباً لـ" أقطاب" الحركة الكردية، استناداً إلى قاعدة أثبت التاريخ زيفها، وهي أن مجرد الدخول في جماعة يعني اصطفاف الحقيقة إلى جانب الداخل في الجماعة، دون السؤال عما إذا كانت الجماعة هذه ترجم الشيطان وتوحد الله حقاً، ما إذا كانت الجماعة هذه جماعة ميممة وجهها شطر القضية التي كانت سبباً لتكوينها، أم تعويذة لبقائها إجمالاً، وليكون رجم الشيطان ممثَّلا في كل من يحاول توجيه نقد لها، وسط آلهة شرك يمثلون مذاهب الأحزاب وتوجهاتها..
ثمة وحدة حال للفت النظر في صيغة البيان، لتأكيد استعطاف جماهيري والذين يقفون على حياد ما، حيث إن بنية البيان الفكري إيديولوجية من أساسها (وهنا يكون الاعتراف الأتمُّ بوحدة أحزابنا، عندما يكون: الخصم، العدو واحداً، مهما كان جنسه أو لونه، أو نوعه، أو موقعه)، هي التي أفرزت كلاماً استنفارياً وتشهيرياً (في الأحزاب ذاتها وليس في المعتبَر خصماً)، إذ إن المعنيين بالتشهير أو التنبيه إلى خطورتهم على القضية العادلة كردياً، هم الذين يوجهون كلاماً لا يرقى إلى مستوى النقد( ولا أعلم، وفق أي معيار حزبي، كردي، يكون النقد البناء، كما وردت العبارة هذه في المتن..)، أيكون المديح أو تأكيد البعد النضالي لهذه الأحزاب( وهو موجود طبعاً)، هو ما تريده أحزابنا، إنما دون أي تحفظ أو مراجعة (وهو محل الإشكال)، أو مساءلة عن خلفية المديح وزمانه ومكانه( وهو الإشكال الكبير في الموضوع). هل غضُّ النظر عن انقسامات الأحزاب هذه وأساليب نيلها من بعضها بعضاً، وتسفيه خصومها، والتشهير بهم، وليس نقدهم تأسيساً لفكر حزبي ناهض وتاريخي، ومن ثم عجزها عن تأكيد كلمتها في مواجهة التحديات التاريخية، كما هو وضعها الراهن، هو داخل في هذا المديح، أم في سياق (ألجم لسانك ألجم..)؟ نعم، إن (النيل من الحركة الكوردية خط أحمر)، كما هو فحوى مقال أحد الكتاب الأصدقاء" م. محفوظ- ولاتي مه، 21 أيار2011"، طبعاً إذا كان هناك خط أخضر يؤنسنا ويشحننا بالتفاؤل، ويغنينا عن التفكير في الخط الأحمر، وإذا تمكنت الأحزاب الكردية هي ذاتها من الحفاظ على هذا الأخضر، ولم تتجاوز هي نفسها الخط الأحمر: عدم الاستهتار بالشعب الذي لا يكون في عمومه متحزباً، كما يوحى هنا وهناك.
ليس من أسماء، إنما هو سلاح الأعداء المستعار: وجود أعداء من بني جلدتنا يتربصون بنا، وهو تعميم مستهلك من شدة أو كثرة الاستعمال، لأن ليس من تحديد إطلاقاً. طبعاً لأن الأحزاب هذه تجد نفسها، مهما بدت محدودة العزم والعزيمة أكبر من أي رأس، بينما يسهل عليها، لغاية تتجاوزها شعبوياً، في كتابة بيان استنكاري يخص اعتقال السياسي حسن عبدالعظيم، والآخر: رياض سيف، وهو رجل أعمال صار سياسياً لاحقاً، كما ورد في بيانها الصادر في " 8 أيار، 2011"، بينما يهون عليها أن تسمي كتاباً ينتمون إلى ذات النسب الاثني، بذرائع شتى، وعدم التسمية هروب من المواجهة النقدية، ولتمرير تهمة التمرير، خصوصاً عندما يكون المعنيون في البيان الاستنفاري أصحاب (أقلام يائسة، ونفوس غير سوية)! ولا أدري ما مفهوم (القلم اليائس) دون النظر الدقيق في بنية كتابته، وبم يكون اليائس يائساً ولم يكون يائساً، إذا مددنا البساط على آخره. الأنكى من ذلك ما يخص العبارة التالية، في تشخيصها المرَضي المريع (نفوس غير سوية)، وكنت أتمنى من المعنيين بالبيان أن يعلمونا بحقيقة العبارة، لكن مهلاً! إنها تعني: اختلالاً في الشخصية، ربما هلوسة، أو ما يشبه الجنون، أو حتى الهستيريا، أو الوهن النفسي، أو الانعزالية، أو الوسواس، أو جنون الارتياب.. وكلها تمس اختلال الشخصية!
هل حقاً هم هؤلاء الذين كتبوا مقالات، قد تكون حادة في صيغتها، إنما هل هي انعزالية وبعيدة عن واقعها؟ هل تكون اجتماعية وفي غاية الانسجام إذا كالت المديح تلو المديح لهذا الانقسام داخل الحزب الواحد، حيث الممثل الأوحد غير ضامن لموقعه بين الحين والآخر جرَّاء مركزية الذات، ولعجز هاتيك الأحزاب عن الوصول إلى لجنة ممثّلة لها جميعاً، واختيار من يكونوا شركاء معها في المؤتمر الوطني الكردي فالسوري؟
إن قراءة بيانات الحركة هذه، تأتي في الغالب مكررة، لأنها في الغالب تركز على الديمقراطية، أو التعددية، وعلى ضرورة إطلاق سراح السجناء السياسيين، وعقم اعتماد الحل الأمني في إدارة البلاد، واعتبار الشعب الكردي مكوناً رئيساً من مكونات المجتمع السوري( ينظر مثلاً، في مجموعة البيانات هذه والمؤرخة في 14 نيسان- 15 نيسان- 17 نيسان- 18نيسان- 22 نيسان- 23نيسان-5 أيار- 8أيار--18أيار-10 أيار-12 تموز-14تموز-5آب-8آب...الخ... وهي منشورة في  موقع ولاتي، وقد اعتمدت عليها..).
لا أحد مسمى من هذه الأقلام" الرخيصة"- النفوس غير السوية"، وهذا يجرد البيان من أي صيغة بحث عن الحقيقة، أو من حرص على سلامة الحزب ومفهومه الاعتباري والتاريخي.
ترى هل ما كتبه أياز بلو ( 7 نيسان)، وفرحان مرعي (28 تموز)، وزانستي جومي، وخليل كالو وبرزو محمود ( 8آب)، وسيامند إبراهيم ( 9 آب)، وما كتبه ابراهيم يوسف، وكتبته أنا ...الخ، في العديد من المقالات بالاسم أو ضمناً، وفي موقع" ولاتي مه"، يحيل هؤلاء إلى خانة (الأقلام اليائسة والرخيصة والنفوس غير السوية)؟
ماالذي تراهن عليه هذه الأحزاب ليصدر عنها كل هذا الكلام الاستعلائي، وهي تتجاهل أخطاءها (انقساماتها المتتابعة، وهمُ مفهوم" أحزاب الحركة الكردية مجتمعة" لأن الواقع يسمّي التنافر لا التضافر.
إن الحديث في بنية التنسيقيات وما يخص بيانات كل حزب (يمكن تتبع ذلك في الخط البياني القائم في لائحة عناوين موقع" ولاتي مه" لا ينفصل عن بنية الأحزاب الكردية ومأسويتها، حيث يقيم الوعي الشقي على أشده، ويظل الوعي المتبصر بالواقع الجماهيري أو الشعبي الكردي في حل من أمره، أي في عطالة متجددة غالباً.
إن إدعاء تمثيل الشعب الكردي من قبل هذه الأحزاب لا يخلو من مراوغة ومخاتلة، كما لو أن الشعب الكردي مسلّم مفتاح خزانة أسراره التاريخية وسجلاته لرموزها، لها دون غيرها، وكأن كل بيان موجه إلى (جماهير أمتنا العظيمة)، ليس سوى مشروع تجديد الانقسام واللعب بمشاعر هذه الجماهير، كأن مفهوم القضية العادلة لشعبنا مدرج- فقط- في سلوكيات هذه الأحزاب التي لا تمثل عموم الشعب، كما ذكرت في مقال لي، كأن مفهوم" القضية العادلة" مفهوم حزبي محض، وكل تعرض له من الخارج دون موافقة حزبية كردية، استعداء لجماهير الكرد.
ويتأكد ذلك في الأسلوب الدوغمائي الذي يشير إلى أن هؤلاء " المأجورين" كما يظهر، في بنية البيان: الهجوم علي الأحزاب الكردية في خلافيتها أو توافقيتها! ترى ماالذي تحقَّق في سباقها الماراتوني الكردي التوافقي وهي حتى الآن عيَّاء صمَّاء عما يجري، غير قادرة على اتخاذ قرار موحد، في لجنة مشتركة، ومن ثم وجود آخرين معها من مبدأ الشراكة لا التابعية، اللهم، كيفية تقليد سلوكيات النظام في تشكيل قوائم ظلية من الذين يتحركون وفق رغباتها، فعاليات اجتماعية أو من يندرجون في خانة المثقفين (وليتني أعلم، بنوعية الحكمة التي يتحمس لها ممثلون لأحزاب الحركة وتحت رعايتهم، في إقامة ندوة عن اللغة الكردية، يقوم بها من ليس لهم أي حضور البتة في معمعان الشارع السوري أو الكردي، إنما هو توار ٍ عن الأنظار، وخوف من المساءلة، وعجز عن التواصل لدى هؤلاء، وأنا أسمي بالحرف: دحام عبدالفتاح، كوني ره ش، درويش درويش...الخ)، ترى هل أكون متحاملاً إن أشرت إلى مثال حي من هذا النوع، وكيف أن أحزاب الحركة تبحث عن ظليين لها، وليس عن الذين يمكنهم تأصيل الدور الكردي أكثر في الواقع، بقدر ما يمكنهم مكاشفة هذه الألاعيب المسرحية التحزبية هنا وهناك؟!.
نعم، تتحرك أحزابنا الكردية وهي بعين واحدة، وهي مرمدة، عندما تعتبر ما يخرج عن نطاق نظرتها في حكم العدم، وأن كل من يتحدث دون أخذ الأذن منها، في حكم المتحامل، كما لو أن تجاهلها لهذا الحراك الواقعي- لا الحزبي المتحزب- يمثل وضعاً عصامياً ونبالة وجاهية تشد على مواقفها ذات الأجنَّة الريفية غير المكتملة في نضجها الذهني، بقدر ما ينبئ حراكها السياسي عن هذا التوقف في النمو ومعادة التكيف مع ما هو مديني.
إن أكثر ما يلفت النظر هو الاستمرار في النسق الدعاوي المعهود لديها مذ وجدت غالباً، كما في القسم الثالث، لحظة التأكيد على عري هذه الأقلام" بأصحابها طبعاً" أمام الجميع. وليت الأحزاب هذه وعت ما تقوله وهي تصيغ بيانها، عندما يكون " الجميع" مشهداً تركيبياً، يمثّل فزاعتها في بستانها التاريخي غير المثمر، إذ لو أنها بدت عارية أمام الجميع لما كان من ضرورة لكل هذا الغبار المستثار فوق الرؤوس والتهويل.
نعم، وأقولها بالفم الملآن: إن البيان استفزازي من ألفه إلى يائه، وهو في كلّيته، شروع نظري في قتل الذين لا بد أن المعنيين به يحتفظون بأسمائهم ونصوص مقالاتهم وصورهم، ورغبة في النيل منهم، لو توفرت الظروف المناسبة، ليكون الذين صاغوه ومن كانوا وراءه طغاة صغار، لا يرون سوى صورهم" الشبيحة" في مراياهم الصدئة، معجَبون بطغاة كبار في أنفسهم.. تُرى كيف سيكون تصرفهم لو توافر المجال المناسب لهم إذاً؟!
نعم، أيها السادة مدبَّجي البيان ومن حفَّزوكم على كتابته، لستم الوحيدين في الشارع الوطني أو الكردي، فتنبَّهوا إلى ما تقومون به أو تقولونه، وما يمكن أن يقال في الحال بأن ما كتبتُه هو ذاته الاستفزاز، لكنه محاولة الكشف عن حقيقة البيان الذي يخفي المعنيين به، بقدر ما يجلو حقيقتهم، وما يكونونه على أرض الواقع...
إن حزباً يعتبر نفسه طرفاً من بين أطراف عدة في مجتمع مختلف في أصول أفكاره وتوجهاته، لهو الجدير وحده بالتقدير، وقبوله بهذه الحقيقة يعني انفتاحه وتلقّيه السليم لأي نقد، أما زعم أنه فوق الجميع، فهو خيانة للمجتمع بالذات ولتاريخ الحقيقة في التاريخ، خصوصاً حين تمارس مجموعة أحزاب سحرها المنعكس عليها، كالتي ذُكرت، وهي تؤكد استقواءها على الآخرين، وعلى من تعتبرهم ذوي نفوس غير سوية، هم ومن معهم في " الخارج".
نعم، أعترف بيني وبين نفسي قبل غيري من أصدقائي (من النفوس غير السوية) بأن ثمة حالات لا سوية تتملكني بين الحين والآخر، تحثني على إعادة النظر فيما مارسته سلوكياً وقلته أو كتبته، وأظنها حالة هؤلاء الأصدقاء بدورهم، أما الذين يشددون على لاسوية هؤلاء، ويضعون أنفسهم في موقع العصي على الوقوع في الخطأ، أو التعرض لحالة لاسوية، فهم ليسوا أكثر من مرضى نفسيين لا يعترفون بأنهم مرضى البتة، وبالتالي، فإنه لا أمل في شفائهم، وتركهم حتى يغيّبهم ظلام التاريخ!
===============
ملاحظة: هذا المقال مكتوب يوم الثلاثاء، 9 آب/ 2011، ولهذا لم يرد فيه ذكر مقالات ذات صلة بالموضوع، منشورة في موقع "ولاتي مه" في اليوم التالي صباحاً، وتأخر نشره لضعف الاتصال الانترنتي..


 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 3.58
تصويتات: 12


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات

عفوا، التعليقات غير ممكنه لهذا المقال.