القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 526 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي


























 

 
 

مقالات: المتحول في حروب الشرق الأوسط

 
الخميس 22 كانون الثاني 2009


صلاح بدرالدين 

   أصابت حروب الشرق الأوسط المندلعة الساخنة ما بعد مرحلة الحرب الباردة بين المعسكرين الغربي المتفوق والشرقي المنكفىء الى تحولات جوهرية عميقة ليس بسبب توفر السلاح المتطورالمستعمل والهدف والوسائل والشعارات ووتيرة الوحشية العالية والدمارالشامل فحسب بل بما يتعلق بطبيعة الأطراف المتواجهة حيث أن جل هذه الحروب لاتدور في معظم الأحوال بين دولة وأخرى بل بين دول من جهة ومنظمات وأحزاب وقبائل ذات الطابع الأثني والمذهبي من الجهة الأخرى كما حصل في أفغانستان وفي الفصول الأخيرة من حرب العراق وفي لبنان وغزة


وتختلط في هذه الحالات أساليب حرب العصابات المبتكرة كالمتفجرات والانتحاريين بالأحزمة الناسفة وحركات الكر والفر مع وسائل الحروب النظامية التقليدية وتتبادل أطراف الصراع الأدوار والوسائل بما في ذلك أحدث أنواع الأسلحة التي تجد طريقها عبر المساعدات بقنوات رسمية أو ملتوية عبر التهريب والسوق السوداء ومن المشاهد المعتادة أيضا في معارك عصرنا وخاصة بعد انفلات الأصولية الاسلامية من عقالها وأحداث سبتمبر الأمريكية قبل سبعة أعوام أن قيام دولة عظمى بكل جبروتها يمواجهة حزب أوحركة أو مجموعة وفي الوقت ذاته أن تتمكن واحدة من الأخيرة من الحصول على أسلحة تدميرية أو جرثومية أو تفجيرية وتصل الى أية بقعة في العالم .
   باستثناء الحربين الكونيتين والحروب الأخرى الصغيرة التي اندلعت في أراضي الغير بالنيابة عن القوى الكبرى وخاصة المعسكرين خلال حقبة الحرب الباردة فان سنوات القرنين التاسع عشر والعشرين شهدت في ماسمي ببلدان العالم الثالث في القارات الآسيوية والافريقية والأمريكية اللاتينية عشرات بل مئات الحروب والمعارك والمواجهات في أطر حركات التحرر الوطني للشعوب المناضلة من أجل الحرية والاستقلال والتي ضمت مختلف الطبقات الاجتماعية والشرائح والفئات الوطنية تتصدرها الحركات السياسية الأكثر تنظيما وتجذرا في صفوف الشعب والتي تحمل الأفكار الاشتراكية والديموقراطية والقومية اليسارية وتربط كفاحها ضد الاستعمار والاحتلال والانتداب من اجل تقرير المصير بالنضال السلمي من اجل التقدم الاجتماعي وحقوق الانسان والمساواة بين المرأة والرجل والتنمية والعيش الكريم الآمن ولم تكن تلك الحركات الوطنية التحررية التي حملت السلاح أيضا تمارس أي نوع من الارهاب حتى ضد العدو أو عمليات عسكرية ضد المدنيين أو استخدام الشعب كدروع بشرية وكانت تتحاشى بشكل قاطع الحاق الأذية بالشعب أو توفير الذرائع للعدو بالانتقام من الأبرياء في حين نرى في عصرنا الراهن حروبا تقع في بلدان مستقلة تحكمها أنظمة دكتاتورية شمولية أو ديموقراطية يغلب عليها الطابع الآيديولوجي والصراع على السلطة وتتصدرها قوى أصولية من الاسلام السياسي لاتلتزم بقوانين ومتطلبات وصفات التحرر الوطني السالفة الذكر فحسب بل تنتهج سلوكا يؤدي الى وصمها بالارهاب من قبل المجتمع الدولي وقوى التحرر والتقدم الوطنية .
   كانت حروب التحرر الوطني تندلع في ظل شعارات واضحة وأهداف معلنة من جانب طرفي الصراع أما حروب عصرنا التي تفتقر في أكثر الأحيان الى الشفافية من حيث أهداف الفرقاء فتضيع في أوارها الحقائق ولم يعد يجدي سوى انتظار النتائج على الأرض وهنا من المفيد  مقاربة الأسباب المعلنة والخفية لحروب أفغانستان والعراق وغزة :
 -  أفغانستان : بهدف " القضاء على زعيم القاعدة أسامة بن لادن " وقد نجحت الحرب في  1 – اسقاط حكومة طالبان وتصفية دولتها ومسؤوليها وملاحقة فلولها . 2 – تدمير البنية التحتية لمنظمة القاعدة من معسكرات وأسلحة وخلايا ومشاريع استثمارية . 3 – تنظيم اصطفاف جديد يمثل الغالبية الساحقة من مكونات أفغانستان القومية والأثنية والقبلية تمثل في مؤتمر بون ومن ثم تشكيل حكومة اتحاد وطني مهدت لانتخابات برلمانية . 4 – وضع أسس دولة حديثة حسب المبادىء الديموقراطية ومشاريع اقتصادية تنموية تربوية مدعومة من دول الناتو وبرامج ثقافية واعلامية . 5 – رفع الحظر على المرأة واطلاق طاقاتها وتحقيق مشاركتها في الحياة العامة . 6 – مواصلة محاربة الارهاب وزراعة وتجارة المخدرات .
- العراق : بهدف  " تدمير أسلحة الدمار الشامل " العراقية وقد حققت الحرب التي قامت بها القوات المتعددة الجنسيات بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية عدة أهداف ليس من بينها اسلحة الدمار الشامل ومنها : 1 – اسقاط نظام صدام حسين الدكتاتوري  . 2 – تفكيك الدولة العراقية بما فيها حل الجيش العراقي وكافة المنظومات الأمنية . 3 – اجراء انتخابات برلمانية ديموقراطية منبثقة عنها حكومة وحدة وطنية . 4 – وضع دستور دائمي جديد للعراق الفدرالي وارساء العملية السياسية . 5 – حل القضية الكردية على أساس النظام الفدرالي . 6 – اطلاق الحريات العامة الحزبية والاعلامية والمدنية وتثبيت حقوق كافة المكونات العراقية القومية والدينية والمذهبية . 7 – محاربة الارهاب واجتثاث جذوره . 8 – اعادة علاقات العراق الودية السلمية مع جيرانه والعالم وابرام المعاهدة الأمنية الاستراتيجية مع الولايات المتحدة الأمريكية .
- غزة : بهدف " وقف اطلاق صواريخ حماس " وقد حققت الحرب التي قامت بها القوات الاسرائيلية أهدافا عديدة ليس من بينها – حتى الآن – اسكات الصواريخ ومنها : 1 – تدمير البنية التحتية لسلطة حماس المسيطرة على قطاع غزة منذ انقلابها العسكري من مؤسسات ومواقع عسكرية وأمنية وادارية . 2 – نسف كل بنى ومكاتب وزارات ووسائل حكم سلطة حماس . 3 – شل الحياة الاقتصادية والمعيشية والحياتية بما فيها الكهرباء والماء وقطاع المستشفيات والمدارس والجامعات والحاق خسائر مادية جسيمة بالأموال والممتلكات العامة والخاصة قدرت بملياري دولار . 4 – وقوع ضحايا مدنية بالمئات . 5 – قتل واغتيال وجرح وأسر المئات من أعضاء وكوادر وقيادات حماس . 6 – نجاح اسرائيل بصورة ما في اظهار حربها الاجرامية أمام الرأي العام على كونها تستهدف الارهاب المدعوم من ايران واستفادتها من مواقف قادة حماس الخاطئة التي قدمت الذرائع وخدمت أجندة خارجية وانسحبت من الحوار الوطني برعاية مصر وتسعى لفظيا الى الحرب .7 – خلق وقائع سياسية جديدة قد تعزز من شرعية ووحدانية تمثيل السلطة الوطنية ومنظمة التحرير عربيا ودوليا . 8 – احتمالات تكريس عزل قادة حركة حماس الذين اختبؤوا ومحاسبتهم بالمستقبل بعد استتاب الاستقرار وتحميلهم جزء من مسؤولية ما حصل . 9 – احدى نتائج الحرب ظهور حركة حماس بمظهر العاجزة بفكرها وممارساتها عن قيادة الدولة والحفاظ على أمن وسلامة الشعب الفلسطيني والحد من الخسائر .
 عودة الى أهداف الأطراف المواجهة المعلنة في هذه الحروب نقول لسنا مجبرين لتصديق ماتدعيه القاعدة وطالبان عن القضاء على الصهاينة والنصارى في العالم أو ما تزعمه المجموعات الدينية والطائفية بالعراق من تحرير ومقاومة أو ماتطلقها حماس من شعارات الصمود والتحريروالمقاومة كمثيلها حزب الله في لبنان حيث لكل من تلك الجماعات مقاصد ومرامي أخرى تتعلق باالسيطرة على السلطة وخدمة الأجندة الخارجية الاقليمية التي باتت أكثر من معروفة .
ازاء هذه الحروب بفظاعتها وعبثيتها لم يعد المجتمع الدولي لامباليا وأصبحت القوى الكبرى والصغرى عالميا واقليميا جزء من آلية الحسم العسكري والتأثير الاقتصادي وتغليب كفة الميزان ومنغمسة فيها من الأذنين وحتى أخمص القدمين وبات شعار محاربة الارهاب العنوان الأول والأخيرللسياسة الدولية في عصرنا .

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 5
تصويتات: 3


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات