القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 558 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي


























 

 
 

مقالات: (أمكنة ٌلا أسماءَ لها) - تمكين اللغة -

 
السبت 22 تشرين الثاني 2008


  عبداللطيف الحسيني

كأننا جئنا من التاريخ . أزحْنا الترابَ , و الطمي عن وجوهنا. وعدْنا لنرى أنْ لا شيءَ بقيَ على حالِهِ , و كأنْ لا عيونَ لنا . سد مسدَها الطميُ و الرملُ . كأنا عُدْنا إلى أصلنا الترابي الصلصالي . فقالوا (كنْ) فكنا لحماً و دماً هشاً. و لو أنا لمْ نغادرْ مدينتا أو قريتنا يوماً. وكأننا منْ كتبْنا (يا منازلُ لكِ في القلوب منازلُ) . ما هذا الجرمُ الذي ارتكبَهُ المكانُ حتى يتغير هذا التغيرَ كله .حتى يغيره كل هذا التغيير .  حتى لو أجرمَ لما تعاملْنا معَهُ بهذه القسوة و الصلابة. و كأن فيه عدواً يتربصُ بنا , فيجبُ أنْ نغرمَه , و نغير معالمَهُ ببطء ٍ.


مرة ً نهدمُ بيتاً ترابياً مبتهجاً بأهلِهِ (المكينُ بالمكان). ومرة نشردُ أهلَهُ منه (المكانٌ بالمكين) , بحججٍ علميةٍ لا  يفهمُها إلا مَنْ غيرها وسادها . أو سيسودها زمنا ليس بالقليل, نسود مهبطَ الروح أمامَ أعين آهليها.  و مراتٍ بتغيير اسمه. بل أسمائِهِ . حتى باتَ المكانُ دمية نطلقُ عليها أسماءَ هزلية ً غريبة تُضحك الغريب الذي  يمرََ بها . ولأن للمكان كلَ هذه الأسماء . حتى يصلَ الأمرُ إلى (لا اسم له) . في مجلس ٍضمَ ناشئة . أصبحَ لقرية مغضوب عليها (ثلاثةُُ أسماءَ) الكلُ تعاركَ بأن اسمَ القرية هو ما يقولُُهُ هو , وكما سمعَه من آخرين . لهم مشاربُ في تغيير التسميات .  جاءَ في الحديث: (ولا تنابزوا بالألقاب) . بمعنى عدم إطلاق تسمية على شخص تقلقٌهُ التسميةُ الجديدة ُالغريبةُ عنه, غير أن الأمرَ يختلفُ للجماد الذي لا يحاسبُ مَنْ أطلقَ عليه الاسمَ الجديدَ . بل يشتمُهُ , و يثأرُمنه بطريقته الغرائبية . يلطمُ كفاً ترابياً على خد من غير اسمَهُ  , فضاعَ و تبددَ اسم ُ القرية الحقيقي من بين كل الأسماء المُطلقة عليه. لكن ماذا يفعلُ طفلٌ مدرسيٌ. له اسمان , في البيت (ولات) , و عند التفقد المدرسي (وطن) . - هنا الترجمة الحرفية تلعبُ دوراَ بلاغيا قاسيا و جلموديا - , هذا التغييرُ يمنحُ صفة الأبله , والعقل الجليدي للطفل ذاك , الذي يُنادى عليه دون إجابةٍ منه : فهو المشتتُ بين اسميه في البيت و المدرسة . إن (تمكينَ اللغة) و هذه تسمية في غاية الفصاحة البلاغية الحديثة المرنة. تقرأُ و تُفهم بوجه واحد . وليس لها وجهان أو أوجهٌ كما في البلاغة , وعلوم الآلة . إن المصطلحَ الجديدَ يغيرُ أمكنة ً, وأسماءَ, لكنْ قراءةُ العمق للمصطلح تقولُ: تمكينُ اللغة يغيرُ بنية الإنسان و المكان.   

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 4
تصويتات: 5


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات