ففي الحين الذي تنشغل فيه الأسرة الدولية بكل أجندتها لمراكمة مساعي إحلال السلام والأمن في العالم عموماً وشرق أوسطنا خصوصاً، وفي الوقت الذي يبذل فيه المجتمع الدولي ومعه مناصري الديموقراطية وحقوق الإنسان والشعوب ما بالوسع من جهود لإيجاد خيارات سلمية لحل مختلف الملفات العالقة كالقضية القبرصية والكوردية والفلسطينية واللبنانية وغيرها من القضايا التي تقف عائقاً أمام دَمَقرَطة بلداننا وتحرير شعوب منطقتنا من القهر والإستبداد....!؟، نجد بأنّ حكام تركيا (العسكر والساسة لا فرق) يديرون ظهرهم ولا يكترثون بذلك الإنشغال العالمي وبتلك الجهود الدولية المنشدة للسلم والإستقرار...، لا بل إنهم يفعلون العكس فنراهم منهمكين في مواصلة مسلكيتهم العنفية الرامية للشطب على القضية الكوردية التي تخص حاضر ومستقل عشرات الملايين من الكورد الذين يشكلون بعراقتهم العرقية وبتعدادهم البشري أكبر أمة في المعمورة لم تنل حقوقها القومية حتى اليوم...!؟، ليس هذا فحسب لا بل إنّهم لا يكفون عن إتباع مختلف ألوان وأشكال المناورات الإقليمية التي من شأنها دسّ السّم في دسم دول الجوار عبر التحرّش بهم وحشر أنفها النّـتِن في الشؤون الداخلية للعراق وقبرص واليونان وسوريا التي تعتبرها جسراً للتدخل في مشاكل لبنان وفلسطين وتأجيجها بدلاً من تهدئتها ودفعها بإتجال حلحلتها وإيجاد مخارج ديموقراطية لها...!؟.
ما يعني أنّ عسكر تركيا يريدون لدولتهم أن تكون دولة بوجه أخطبوطي يحتوي على أنف دسائسي وعدّة عيون حمراء طامعة بالآخرين...!؟، وللعلم فإنّ العين الأولى الأكثر إحمراراً تبقى تسهر على إستهداف شعبنا الكوردي المستَباح به مِنْ قبلها منذ عصور، حيث أنها تخطط وتحارب القضية الكوردية في كافة أجزاء كوردستان ويجري التركيز بشكل خاص على إقليم كوردستان الفيدرالي الآمن الذي لم يغب يوماً عن بال الأتاتوركيين وعن عينهم العدوانية وخاصة بعد تنامي دور القيادة السياسية الكوردستانية على شتى الصعد والمستويات...!؟، وعينها الثانية على بلاد الفرس وبلاد الرافدين وبلاد الشام وغيره من البلدان التي تحلم تركيا بإستعادتها إلى أحضان أمبراطوريتها التي أمست في خبر كان...!؟، أما العين الثالثة فهي على قبرص واليونان وباقي دول البلقان التي يعتبرها العثمانيون جزء لا يتجزأ من مملكتهم المقبورة...!؟، والعين الرابعة على بلاد القوقاز والهند والسند وحتى أعماق أسيا الوسطى...!؟، أما العين الخامسة وليس الأخيرة فهي تتطلّع بها إلى حلم الإنضمام للإتحاد الأوربي الرافض لقبول طلب إنتساب تركيا بسبب إفتقارها لشروط الإنضمام خاصة ما يتعلق بحقوق الإنسان وجرائمها المرتكبة ضد الكورد والأرمن والعرب الذين تعرّض الآلاف من مناضليهم للإعدام شنقاً حيناً وبالمقصلة حيناً والخازوق أحياناً أخرى على يد أمراء الظلام العثماني...!؟، أما أنفُ تركيا الحشري فوظيفته الأساسية هي تصدير أزمات الكماليين إلى الخارج عبر النفخ بزفراته الشوفينية في لهيب كافة الملفات الساخنة في المنطقة ليزيدها تعقيداً وتأجيجاً ولكي يُلهي الرأي العام العالمي بمشاكل الآخرين للحؤول دون تدخّل أحد بمشاكل تركيا الداخلية المتفاقمة...!؟.
 أمام هكذا سلوك سياسي غير متوازن لا بل جانح لأحفاد بني عثمان الربائبيين الحاملين معهم أحقادً لا حدود لها على الآخرين الذين تسبّبوا أو ساهموا في إنهيار عروش سلطنتهم...!؟، ليس بوسع الآدمي سوى أنْ يدين ما يقترفه السلاطين الجدد من إنتهاكات سافرة بحق شعبنا الكوردي وقضيته العادلة التي لا سبيل لحلها سوى الخيار الديموقراطي السلمي...، وأنْ يشجب ويدين مغامراتهم العسكرية الدونكيشوتية العرض عضلاتية الجارية على تخوم إقليم كوردستان العراق...، وأنْ يناشد الرأي العام العالمي للوقوف بالضد من عدوانية تركيا التي يبدو أنها تنوي التحرّش بكافة الأوراق الإقليمية في هذه الفترة الحرجة التي تسبق المؤتمر الدولي المزمع إنعقاده في الخريف المقبل بخصوص عملية السلام في الشرق الأوسط...، وأنْ يذكّر رعاة هذا المؤتمر الدولي والأطراف الحاضرة فيه بأنّ حظوظ نجاح هذا المحفل الدولي سوف تزداد بإدراج القضية الكوردية في جدول العمل الذي لن يكتمل ما لم يجري البحث فيه عن حلول ديموقراطية لهكذا قضية عادلة وعالقة...!؟، وأنْ يؤكد بأنّ الأمن والسلام في شرق أوسطنا قد يبقى مطلباً صعب المنال ما لم يتم إنصاف شعبنا الكوردي وجيرانه من الشعوب المقهورة.
==============