القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 504 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي



























 

 
 

مقالات: فضيلة الأحزاب الكردية على علاتها

 
الخميس 11 حزيران 2020


ماجد ع  محمد

ثقافة الإنصاف تقول للمرءِ بأنه إن رأى أحدهم يقوم بالذي يقدر عليه في مرحلةٍ ما وخاصةً أوان الظروف الخانقة، ومن ثم رآه عاجزاً عن القيام بما يُطلب منه في مرحلة أخرى، فهذا لا يعني بأن يتناسى كل ما صنعه في الفصل الأول من حياته، وتالياً يباشر بلعنه ليل نهار عن تقصيره في الفصل الثاني من مساره، فيحنها لا شك سيكون من الجاحدين عندما ينكر كل ما عمله سابقاً على اعتبار أنه لم يكن في مستوى توقعاته في الوقت الراهن، وهذا الأمر من كل بد ينسحب على الأفراد والمؤسسات والتنظيمات. 


ومن هذا المنطلق فمن المفروض علينا ككرد أن لا ننكر قط جهود أحزاب الحركة السياسية الكردية في سورية خلال السنوات التي سبقت انطلاق الثورة، لأن لها الفضل على الكثير منا نحن اللامنتمين إلى تلك الأحزاب مثل فضلها على المنخرطين في صفوفها، وبرأيي لو لم نتسلح بالثقافية السياسية من قبل تلك التنظيمات لاستطاع أمثال النغل المجهول الهوية والنسب المسمي نفسه "جماري خضر بوزان" التأثير على قناعاتنا الكثير منا وإضعاف حسنا القومي، وهنا بالضبط، في هذا المجال تحديداً كان لأحزاب الحركة السياسية الكردية دور مهم في بث الروح القومية والإيمان بقضية الشعب الكردي في سورية، إذ يكفي  لتلك التنظيمات السياسية فضيلةً أنها قامت بفعلها التنويري طوال السنوات الماضية، وجعلت عموم الكرد المسلمين يميزون بين انتمائهم الديني وانتمائهم القومي وانتمائهم العرقي، ولولا تلك الأحزاب القومية لكان الكردي الذي صار مسلماً عقب غزوات المسلمين على ديارهم مشتتن فكرياً، متشظين معرفياً، محقونين بالأيديولوجيا الاسلامية، ومعبأين بالأوهام التي زرعتها فيهم الأنظمة المعادية لكل شيء له علاقة بالقومية الكردية، كما هو حال بعض الأخوة الأيزيديين في العراق وبعض الكرد المسلمين في تركيا، الذين أعماهم التخلف وما عادوا يميزون بين الدين والقومية والمذهب.
ولا يُخفى على الكردي المتابع بأن حزب البعث العربي الاشتراكي حاول ونجح نوعاً ما في إقناع شريحة من الايزيديين والفليين والشبك في العراق، بأنهم ليسوا كرد وأن الايزيدية  فقط أيزيدية لا قومية لهم، وأن الشبك والفليين شيعة ولا انتماء قومي لهم، علماً أنه بالنسبة للدين الايزيدي لم يظهر إلا بين الكرد من بين كل شعوب المنطقة، ولكن اللامتسلح بالعلم والمعرفة عادةً لا يمتلك حجة لاقناع الخصم أو حتى للدفاع عما يؤمن به، لذا تراه خاضعاً بكل يسر لمن كان أقوى منه حجة أو نفوذاً أو سلطانا، كما أن افتقاره لأدوات الربط والمقارنة وإعمال العقل سبب رئيسي لتكوين شخصيته الهشة القابلة للاستسلام أمام المؤثرات الخارجية، المؤثرات التي كانت من أهم أسباب ظهور تلك الشريحة الواهنة التي تشكو من خللٍ في الهوية، وتعاني من عقدة النقص من بين الفئات الثلاث، إضافة عامل إلى طغيان الحكومات العراقية وجبروتها ولجوئها للبطش، والذي كان له دور كبير في جعل بعض مكونات العراق تكفر بانتمائها وتتهرب منه، وبالتالي تتنكر لذلك الانتماء في مراحل معينة، خشيةً على النفس والعائلة من جبروت السلطة، وحمايةً للذات من الهلاك على يد جلاوزة تلك الأنظمة.
وكما كان الوضع في العراق فثمة محاولات مماثلة، ولكنها يائسة وبائسة ظهرت مؤخراً في سورية مستهدفة الفئات المهزوزة من الكرد، فمرةً ظهرت زعامات عشائرية لم نكن نسمع بها من قَبل في ريف حلب كعفرين واعزاز والباب، وراحوا يشنون الحملات على الأحزاب الكردية على أمل أن تغدو تلك الأطر المختلقة بديلاً عن الأحزاب في قادمات الأيام، في سعيٍّ واضح من الجهات الداعمة لإبعاد كرد سورية عن الحركة القومية التي رفعت رايتها الأحزاب الكردية منذ عام 1957 والى تاريخ اليوم، وبتصوري لم ولن تنجح تلك الخطوات باعتبار أن الفكر القومي لدى كرد سورية ليس بجديد ولا يزول بسهولة، ولا بمقدور حركات اجتماعية أخرى مصطنعة أن تحل محل تلك الأحزاب بالرغم من أن الأحزاب الكردية في أضعف حالاتها اليوم، ولكن حضور الوعي القومي لم يعد متعلقاً بالأحزاب أصلاً، وقد تجاوز الإنسان الكردي بوعيه القومي مجمل تلك الأطر، وقد يلاحظ المرء الكثير من الكرد الذين لم ينخرطوا في أي عمل حزبي طوال حياتهم إلاّ أن وعيهم القومي ربما صار أقوى مما هو عليه لدى الكائن الحزبي نفسه، وذلك بفضل قراءة التاريخ وانتشار العلم والثقافة والبحث عن والمعرفة، وعدم الاكتفاء بما كتبه مؤلفو الأنظمة عن الكرد بما يتماشى مع سياسة الدول الغاصبة والانخداع بها، فبفضل ذيوع العلم والمعرفة وصل الفرد الكردي إلى ما كتبه المستشرقون عن الكرد، وصار له عقل ووعي يقارن ويغربل ما كُتب عنه كقومية مستقلة هنا هناك، وهو ما لم يكن قد بلغه بعض الاخوة الايزيديين في العراق وكذلك الكرد المسلمين في تركيا، بسبب انتشار الجهل والتخلف بالتوازي مع ظهور فئة انتهازية تعرف وتحرف، إذ أن أفراد تلك الفئة الانتهازية ومن أجل مكاسب مادية أو معنوية تافهة رضيوا بها وعملوا مع الأنظمة الباغية وأدواتها على ترسيخ ما يشاع عن الكرد من قبل السلطة في أذهان العامة الذين لا قدرة لهم على التفكير والتحليل والطعن بالشائعات السلطوية.
وفي السياق ذاته فبعد فترة من ظهور تلك الكروبات العشائرية المستحدثة في عفرين واعزاز والباب، ظهرت صفحة وهمية تحمل صورة نائب أردني وراحت تنسب عشائر الكرد في كوباني إلى الغجر، وذلك بهدف تشتيت البيت الكردي من الداخل، وإحداث الشروخات كما فعلوا مع الايزيديين والفليين والشبك في العراق، إلا أنهم نسيوا بأن الكردي السوري وخاصة من لا يزال يتكلم بلغته فقد نهل من معين القومية منذ نعومة أظفاره وليس من السهولة بمكان التأثير على قناعاته القومية أو زحزحتها، كما أن هذه الفئة التي تبث تلك المعلومات المختلقة لا شك هي امتداد لعمل استخبارات الأنظمة، ولكن بتصوري أن كرد سوريا أوعى من شريحة كبيرة من كرد العراق أو تركيا الذين انطلت عليهم تلك الأكاذيب التي بثتها بينهم أجهزة السلطة مع طواقم من المخبرين والصحفيين والكتاب والباحثين؛ لأنه بالنسبة لكرد سورية فالعامل الديني آخر ما قد يؤثر عليهم وحتى العامل العشائري لن ينجح معهم بسبب انتشار العلم والمعرفة بين أبنائهم، لذا فهذه المحاولات ستبوء بالفشل والفضل في ذلك لا شك للأحزاب الكردية على اختلاف برامجها ومناهجها وتوجهاتها، فهذه الأحزاب قامت بما قدرت عليه طوال العقود الماضية، وكانت وراء زرع الثقة بالذات لدى الفئات المتأثرة بمحيطها العربي، وحقيقة هذا الوعي القومي الذي نمتلكه الآن هو بفضل الحركة التحريرية الكردية على اختلاف شعابها السياسية، فتحية لهم على ما قاموا به، وما أَوصلونا إليه، وفتحوا أعيننا عليه، ومهدوا الطريق أمامنا لمعرفة الذات والآخر معاً، وذلك حتى وإن أصاب تلك الحركة الجمود، أو طالها التكلس وتقاعست عما يُطلب منها في الوقت الراهن، إلا أن ما قامت به في الماضي أوان الظروف القاهرة كافي بأن تكون قاعدة أساسية للبناء عليها والإنطلاق منها، كما ينطلق الابن في عالم المال والأعمال بالذي تركه له ذووه، هذا في حال إذا ما غابت الأحزاب الكردية عن الساحة جملةً وتفصيلا ولم تتطور وتتابع عملها بأفضل مما كانت عليه من قبل، وكان الابن حينئذٍ فاعلاً حقيقياً أمام هذه المتغيرات التي تجري من حوله ولم يكن متكل أو خَوّار أو كسول أو متقاعس. 

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 0
تصويتات: 0

الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات