القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 499 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي



























 

 
 

مقالات: الشرق الأوسط بين فقدان المشروع الوطني و ضبابية المشاريع الأجنبية

 
السبت 06 حزيران 2020


صالح جعفر

بعد ان تم تأسيس الدول الشرق الاوسطية الجديدة بدعم و تأييد و اعتراف الدول المنتصرة في الحرب العالمية الاولى و خاصة بريطانيا و فرنسا و انتدابهما استفادت شعوب هذه الدول من الجوانب الإيجابية لسياسات الانتداب المباشرة و الغير المباشرة حيث سارت هذه الدول باتجاه البناء و الاستقرار النسبي بعد ان شهدت شعوبها الحروب و الويلات و الإبادات الجماعية على أيدي سلطنة الخلافة الاسلامية من الظلم و التخلف و الفقر بحق الغالبية الساحقة من مواطنيها.
صحيح ان الدول المستعمرة او المنتدبة لم تكن مثالية في قيادة هذه الدول و لم تخلوا سياساتها هي ايضا من الكثير من السلبيات و لكنها ساعدت على تكوين البنى التحتية لهذه الدول و وضعت الدساتير لها و ساعدتها على انتخابات برلماناتها و تدريب الكوادر لتشكيل جيوشها و حكوماتها ألخ ..


رغم عدم استقرار الوضع الدولي و قدوم الحرب العالمية الثانية الا ان هذه الدول تقدمت بخطى جيدة نحو الامام و حققت الكثير من الإنجازات و حصلت العديد منها على الاستقلال الوطني و عاشت شعوبها فترة استقرار نسبية لا باس بها نتيجة إشراف و ضبط الأمور من قبل الدولة المنتدبة .
بعد ان خرجت الدول المنتدبة و عادت الى وطنها الام لبناء ما تهدم من الحرب و الانشغال بقضاياها الوطنية و ترك ادارة هذه الدول لأبنائها من الحكومات المحلية التي استولت على مؤسسات الدولة عبر استغلال الجيش و الأجهزة الأمنية و تسخيرها لمصالحهم الشخصية و التغلغل فيها و تحويلها الى شركات حزبية للنهب و السلب و من ثم كحقول و مزارع عائلية و ختاماّ كملك لشخص الدكتاتور و أسرته .
انانية وجشع و تخلف و همجية تلك الانظمة و عدم وجود مشروع وطني لتطوير الدولة و حل مشاكلها أدت الى انهيار مؤسسات الدولة رغم كل شعاراتهم البراقة و التي فشلوا حتى في تحقيق جزء بسيط منها بل عملوا عكس ذلك تماما و ادخلوا ما تبقى من الدولة في حروب بالوكالة تحت شعارات قومية و طائفية و حزبية و عشائرية و حتى عائلية مفتعلة مما انعكست بنتائج كارثية على شعوب هذه الدول بل و على جميع شعوب المنطقة و العالم اجمع .
انعكس الوضع الغير المستقر في الشرق الأوسط على الوضع العالمي بعد بروز و استفحال قوة التطرف و الاٍرهاب و انتشاره عالميا عبر دخول كل المجموعات على هذا الخط الساخن و الانطلاق منها مما دفعت الدول الكبرى للعودة مجددا الى المنطقة .
عودة الدول الكبرى الى المنطقة لم يكن وفق خطة أو مشروع استراتيجي لصياغة و ترتيب المنطقة من جديد بل جاء على شكل عمليات تأديبية لبعض الأنظمة لترتيب مصالحها المتضررة من سياساتهم الطائشة و العودة الى الاستقرار الأمني المؤقت عبر تغيير بعض وجوه النظام و تسليم الأمور الى البعض الاخر و ضبط خلافاتهم الداخلية و احيانا الى الاضطرار لتغيير بعضها للحفاظ على توازن المنطقة و استقرارها، لتقوم هذه الأنظمة من جديد بواجبها لضبط المجموعات الإرهابية و لو على حساب قمع شعوبها و ازلالهم و ممارسة ابشع السياسيات بحقهم ليصبحوا (مرغمين) لقمة صائغة و قود و سلاح فعال بيد مجموعات الإرهابية لاستخدامها لأغراض و مصالح بعيدة بل و مناقضة لطموحاتهم و احلامهم .
أسباب المشكلة الحقيقة في المنطقة تكمن في البداية الغير الصحيحة لتشكيل هذه الكيانات القسرية و الغير موفقة في تكوينها و جغرافيتها ومن ثم تركها للإدارات المحلية و التي فشلت بدورها لحل مشاكل هذه الكيانات الغير منسجمة مع حقيقة تركيبة شعوب المنطقة و تنوعها و طبيعتها هذه الأسباب أدت الى استفحال أزمات المنطقة و من ثم وصولها الى الانفجار و التشظي و الانتشار ليصل نارها الى ابعد ما كان متوقعا .
اضطرت الدول الكبرى في السنوات الاخيرة و رغم انشغالها بالعواصف التي تعصف بها ان تطرح بين الحين و الاخر مشاريع غير واضحة لإعادة الاستقرار الأمني لهذه الدول و ايجاد آلية جديدة لإدارتها بغية الحفاظ على مصالحها و وقف تداعيات الفوضى و انعكاساتها عليهم .
ليس للمحور الغربي و لا للمحور الروسي مشروع واضح كالمشروع الفرنسي - البريطاني في القرن الماضي. لم تصل سياسات هذه الدول الى مستوى مشروع لرسم خارطة جديدة لهذه المنطقة عبر تأسيس دول جديدة و تفكيك البعض القديم منها لتنسجم مع طبيعة و تنوع شعوب المنطقة التي حرمت من حقها في تقسيمة سايكس بيكو و اعادة مؤسسات الدولة الى الدول القائمة ذات اللون الواحد عبر ازالة الأنظمة القمعية و دعم مؤسسات الدولة و حمايتها و مساعدتها على النمو و التطور لخلق الأمن و الاستقرار في عموم المنطقة . ليكن للدول الكبرى مصالحها في المنطقة، و هذا حق مشروع لكن شريطة ان تراعي الحد الأدنى من مصالح و حقوق جميع القاطنين في هذه البقعة الحساسة من العالم . الخارطة القديمة و التي يتم الحفاظ عليها بحجة الشرعية ! و التي عملت على تقديم و دعم مجموعة على حساب مجموعة أخرى و ترك الأنظمة القمعية تعبث بالدولة بحجة عدم التدخل في الشؤن الداخلية اثبتت فشلها و تركت المنطقة متخبطة في صراعاتها و لم تحقق الأمن و الاستقرار و أبقتها كبركان يقذف بحممه على المحيط و يتطاير شظايا كتله على العالم اجمع . سيبقى نشاط هذا البركان قائما ما لم تفكر هذه الدول بوضع مشروع استراتيجي بعيد المدى يعمل على تحقيق الأمن و الاستقرار في المنطقة و الذي سينعكس بدوره على الأمن و الاستقرار العالمي .
03-06-2020

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 5
تصويتات: 1


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات