القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 584 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي



























 

 
 

مقالات: سقوط العملية السياسية أم سقوط كركوك؟

 
الأثنين 23 تشرين الاول 2017


د. آزاد أحمد علي
 
لا يمكن لأي مراقب موضوعي أن يدرج الهجوم العسكري الذي شنته قوات حكومة العبادي، بالتنسيق العملي مع حكومتي طهران وأنقرة، ضمن الفعاليات السياسية، فضلاً عن تعارضها التام مع الممارسة الديمقراطية وروح الدستور العراقي، فهذا الهجوم الذي مهد له، وأقره برلمان بغداد بغالبيته المذهبية المؤدلجة، ما هو إلا عمل عسكري موجه ضد أحد مكونات العراق من منظور قانوني ودستوري، وهو بالتالي انقلاب على عرف التوافق السياسي، الذي شيدت عليها الديمقراطية التوافقية أو المتكيفة (بصيغة علمية أخرى) التي طبقت في العراق الجديد بعد عام 2003.


كما أن كثافة النيران واستقدام فصائل الحشد الشعبي والاستعانة بالقوات الأجنبية، تدفع بمجمل عملية غزو كركوك والمناطق الكوردستانية المتنازع عليها لتكون صيغة من (الجينوسايد) وحرب الإبادة الجماعية بحق الكورد، هذا ما تم تنفيذه عملياً، مشاهدته وتوثيقه من قبل المنظمات المختصة، وإن على نطاق ضيق. 

وبالتالي عملية غزو قوات حكومة عبادي وحلفاؤه المذهبيين والأمنيين الأجانب ترتبت عليها نتائج خطيرة، أبرزها:
1- انتهاء العملية السياسية في بغداد، بل سقوطها سقوطاً مدوياً، فحجة الاستفتاء التي لم تترجم على الأرض، لا تعطي المبرر السياسي ولا الأخلاقي لشن الحرب بالأسلحة الثقيلة على مواطني كوردستان والمناطق المتنازع عليها، ولا يمكن الجمع بين الحرب والعملية السياسية  في بلد واحد إطلاقاً.

2- فك الارتباط  بين قوات حكومة بغداد وقوات البيشمركة عملياً، بعد أن تم اتخاذ البيشمركة هدفاً عسكرياً معادياً من قبل القوات الاتحادية العراقية، ما يعني تفكك منظومة الدفاع العراقية.

3- نهاية مشروع دمقرطة العراق الذي بدء بعد عام 2003، وذلك عبر التوجه لفرض أجندات سياسية ونمط سلطة محدد بالقوة والغزو العسكري، وبالتالي نسف كل التوافقات السياسية المحلية والدولية منذ عام 1992م، وكتحصيل حاصل فقد المشروع الأمريكي الداعي لنشر الحريات والديمقراطية في الشرق الأوسط مصداقيته، حيث جاء العمل العسكري الذي سكتت عنه واشنطن لينسف فعالية ديمقراطية سلمية أنجزت ونجحت على الأرض، وهي عملية استفتاء مواطني إقليم كوردستان العراق على تقرير مصيرهم السياسي، إذ كانت الفعالية نفسها أحد ثمار عملية دمقرطة العراق وبروفة أولية لممارسة الحريات الديمقراطية والسياسية في منطقة حرمت منها تماماً.

إن ما حدث بدءاً من يوم 16/10/ 2017، لم يكن نهاية للحلم القومي الكوردستاني ولا فشلاً لجهة سياسية معينة ونجاحاً لجهة حزبية أخرى، وإنما شكلت نهاية لمرحلة جمع المتناقضات وتسويق وثنية سياسية جديدة، متمثلة بحكم الطبقة السياسية الشيعية المذهبية وفرضها على عموم العراق العربي وجنوب كوردستان قسراً، وفي الوقت نفسه كانت عملية الاجتياح العسكري نسفاً لما راكمه وشيده الخيرون من أبناء العراق والمنطقة منذ عقود، فقد شكل الحدث عملية دفن لمشاريع الحوار وتأسيس الشراكات السياسية، هذا وإن صدف وأن تحجج البعض بفشل حكومة إقليم كوردستان العراق بتطبيق الديمقراطية ومحاربة الفساد، فالمفارقة تكمن في أن حكومة بغداد هي الأكثر فساداً على مستوى العالم بحسب بارومترات قياس الفساد العالمي، فضلاً عن أنها لم تتمكن من تأمين الأمن لسكان بغداد، كما هجرت الملايين من أبناء العراق لأسباب سياسية ومذهبية فاقعة، فلا يمكن استبدال حكم سيء فرضاً بحكم أسوأ حقيقةً.

إن المشهد بات من الوضوح للقارئ بحيث لا يتطلب السرد المطول، فالمطلوب من القوى الكوردستانية والحليفة أن تتلمس بشكل سريع المخاطر التي تحدق بوحدة كوردستان سياسياً واجتماعياً، وأن تتفهم تماماً أن الممارسة الديمقراطية وإرادة شعوب كوردستان ورغبتهم الديمقراطية في التعبير عن حقهم في تقرير المصير السياسي هو المستهدف الأول والأخير. 

لم تحترم الحكومة العراقية، ولا القوى الإقليمية والدولية درجة الممارسة الديمقراطية في كوردستان، بل استخفت برأي 93% من صوت لصالح الاستقلال في إقليم كوردستان، حيث شكل هذا الموقف صدمة للبشرية الحرة جمعاء، فضلاً عن أنصار الديمقراطية والتعايش السلمي في المنطقة، لقد تبين للقاصي والداني أكذوبة العملية السياسية والديمقراطية العراقية، فضلاً عن أساطير حماية حقوق الإنسان من قبل حكومات الغرب. 

لقد سقطت الكثير من الأوهام ليلة سقوط كركوك، وقبل الخوض في طبيعة هذه الأوهام، نستعرض أهم الخطوات السياسية التي ينبغي للقوى الكوردستانية القيام بها عاجلاً، وتتلخص في:

A- التصديق على نتائج استفتاء مواطني إقليم كوردستان العراق على الاستقلال، الذي جرى يوم 25/9/2017  من قبل برلمان إقليم كوردستان العراق بوصفه عملاً ديمقراطياً مشروعاً وسلمياً، وتوثيق عملية التصديق وإدراجه ضمن المحاضر والوثائق الرسمية لبرلمان إقليم كوردستان العراق، ليثبت برلمان كوردستان أنه برلمان الديمقراطية والسلام وليس برلمان يصادق على قرارات الحرب على المواطنين، كما فعل برلمان بغداد، وبالتالي ضرورة حفظ توثيق واحترام إرداة مواطني كوردستان.

B- الإقرار بنهاية العملية السياسية التي بدأت منذ سقوط نظام حكم البعث،  كنتيجة أولية للغزو العسكري لمناطق كوردستان، وعدم احترام إرادة شعب كوردستان، كذلك توفير البيئة السياسية والإقليمية لتوجيه صفعة قوية للسياسات التي تبناها الثنائي تيرلسون – ماكورك.

C- المطالبة بحل حكومة بغداد وبرلمانه بوصفهما مسؤولين عن غزو وتدمير مناطق من العراق، وتحمليهما مسؤولية إعلان الحرب على شعب كوردستان ونتائجها المستقبلية.

D- وضع نهاية للصفقات المنفردة للأحزاب الكوردستانية، بل تحريم جميع الصفقات السياسية والأمنية المنفردة، فقد أثبتت فشلها وخطرها على المشروع القومي الكوردستاني.

E- الإسراع في توحيد مؤسسة البيشمركة، وعدم السماح بأي منظمة مسلحة خارج إطارها، وتحجيم الحمايات والحراسات وتقنينها.

F- تجميد أي مشاركة في العملية السياسية الراهنة، بدون مشاورات سياسية وشعبية واسعة، على أن يقره برلمان إقليم كوردستان العراق.

أخيراً يجب التنبه والإقرار بأن مرحلة جديدة في تاريخ العراق قد بدأت، وأن مرحلة بريمر – ماكورك قد انتهت في كوردستان على الأقل، ونتيجة لهذه الانعطافة السياسية الحادة، ينبغي إعادة ترتيب وجدولة الحلفاء والشركاء، وكذلك دراسة الخيارات المستقبلية المصيرية، وخاصة مسألة وتساؤل: ما إذا كانت القيادات السياسية النبيلة في كوردستان ستسلك طريق الخنوع والتبعية، أم التحرر والمقاومة الشعبية.
-----
رووداو

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 5
تصويتات: 2


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات