القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 519 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي





























 

 
 

مقالات: هل للايديولوجيات دورها، في مشهدية الحراك السياسي الكردي المعاصر؟

 
الأثنين 25 كانون الثاني 2016


 خالص مسور 

من المفيد أن نكرر هنا السؤال الملح، هل الايديولوجيا سيئة إلى هذا الحد في المشهدية السياسية والاجتماعية الكردية على الاطلاق، أم أن لها جوانب أخرى اختلطت علينا وعلى طول الخط دورها، ظروفها، هوامشها، ومتونها؟ في الحقيقة قد لاينكر أن للإيديولوجيا إثمها ومنافعها، ولكن منافعها في مرحلة تحرير الشعوب أكبر من اثمها، ولاشك أن فيها نوع من الاكراه والاجبار والخضوع لأجندات فكر أحادي الجانب، أما الجانب النفعي فيها فيكمن في دورها الهام في استنهاض الفكر وشحذ الهمم ومقاومات الشعوب وهذا هو المطلوب كردياً اليوم وعلى المدى المتوسط على الأقل، بغض النظرعن آثامها ومساراتها الخطية، فهي قادرة على خلق الانسان الجسور والمضحي في سبيل مباديء سامية وقضايا كبرى قد يعجز الانسان عن حملها في حال افتقادها وانعدامها، فحتى الحداثة الرأسمالية والليبرالية ذاتهما ترتكزان على قاعدة إيديولوجية واضحة المعالم.


وحتى لو رآى البعض بعدم ضرورة الايديولوجيا بالمطلق وفي كافة الظروف وفي كل حين كمشهدية داعمة لحركات تحررية، فهذا لايصدق في الحالة الكردية اليوم حيث تفرض الايديولوجيا نفسها كضرورة تنسيقية لمفاهيم ومنظومات القيم الثورية التي تؤدي إلى خلق الانسان المبدئي والمضحي كما قلناه آنفاً. وحسب هذا فقد لايمكن إدانة الظاهرة الإيديولوجية بالمطلق في تاريخ الحياة السياسية للمجتمعات والشعوب، أي يجب الأخذ هنا بالنسبة للايديولوجيا بالحسبان الظروف التاريخية والجغرافية التي تمر بها هذه الشعوب في مرحلة التحرير بعين الاعتبار، وخاصة في الحالة الكردية المعاصرة وظروفها السياسية والاجتماعية المجزأة والتي يمكن أن تعالج عن طريق ايديولوجيا مناسبة. فالإيديولوجيا رغم تعدد تعاريفها لدى علماء الاجتماع، وحسب مبلغ علمنا فإن لها ما يقارب الثلاثة عشرة تعريفاً، ورغم تردد ماركس في تعاريفه لها في مدحها أحياناً ومهاجمتها في أحايين أخرى ونعتها بقدرتها على خلق نوع من الوعي الزائف لدى الطبقة العاملة، لأن هذه الطبقة تنخدع على الدوام بما تفرضه عليها الإيديولوجيات الرأسمالية، فتتبنى اجنداتها تحت ضغط الدعاية والاعلام والاعلان، ولهذا نعتها ماركس هنا بالوعي الطبقي الزائف، ولكن وحتى لايفهم الكثير من مثقفينا الايديولوجيا بشكل مغايرلما هي عليه نقول، بأنه وحسب علم اجتماع المعرفة وحسب تعاريف اخرى لماركس ذاته، والذي يقر في أحد تعاريفه لها بأنها تلعب دوراً ديناميكياً في تاريخ الشعوب والمجتمعات الانسانية قاطبة، وأن الإيديولوجيا الجديدة القادرة على ابراز التناقضات في المجتمع الرأسمالي ومعاناة الطبقة الكادحة واغترابها، هذه الايديولوجيا هي التي تولد الوعي الطبقي الثوري لدى الطبقة العاملة. كما أشار فيلسوف الوضعية (اوغست كونت)  إلى أن الفلسفة الوضعية الأثيرة لديه هي ذاتها نتاج ثورة إيديولوجية.
 ولكي ندلل بأن للايديولوجيا ظروفها التي تفرض نفسها فيه يقول (رينهارد بيندكس) ظهرت الإيديولوجيا في أوربا بعد انهيار النظام الاقطاعي الذي ساد في العصور الوسطى، وفي هذا العصر سمح بالتعدد واختلاف الأفكار والإيديولوجيات، وأن عصر الإيديولوجيا هذا هو تعبيرمرادف لمصطلح ثقافة التعدد والتنوع. ومن جانبه يرى(أليكس دوتوكفيل) أن الديموقراطية الأمريكية ذاتها نوع من (إيديولوجيا الدعوة إلى المساواة) وحتى الديموقراطية فهي اسلوب معين للحياة أي أنها إيديولوجية.    لكن ما هو دور الايديولوجيا الحالية في السياسية الكردية وفي المجتمع الكردي تحديداً؟ فهل هي ضرورة في الظروف الكردية الحالية للم الشمل وتوجيه الطاقات الكردية المؤدلجة نحو العدو الرئيسي وضد الابادات الجسدية والثقافية والسياسية؟ وهل يختلف هنا الأمل والمآل كما كانا في عصر الايديولوجيا ما بعد الاقطاعي؟ فهذا ما نريد الإجابة عليه في هذه العجالة البحثية لنقول: أن التاريخ والجغرافية الكرديين وبدون مقدمات، يتطلبان إيديولوجية جديدة قادرة على خلق الانسان المبدئي وابراز الخلل في تاريخ المجتمعات الكردية وتناقضاتها السياسة في المواجهة الساخنة مع الاحتلال العسكري لكردستان ومجزئيها ولإنجاز أمور أساسية منها:
 1 - فالتاريخ الكردي مليء بالمآسي والفجائع التي تسبب بها محتلو الديار والمقار ولجوئهم على الدوام إلى حبك الدسائس والمؤامرات، وبذرهم بذور الشقاق وخلق العداوات بين ابناء الشعب الواحد حتى بات الكردي يعتبر أخاه الكردي عدواً، والمحتلون أخوة وأخوات في الدين والولاء، والقضاء على هذا التشظي الكردي لا يتم إلا بإيديولوجا معينة كما هو الحال مع الاسلام الذي وحدت القبائل العربية تحت راية إيديولوجية كانت مناسبة للوحدة ولم الشمل والوقوف في وجه أعتى الامبراطوريتين آنذاك.
 2 – التناقضات الظاهرية المستفحلة في المسار البنيوي للأحزاب السياسية الكردية، حتى بات الحزبي الكردي يفضل نفسه ومصالحه على حزبه ومصلحة حزبه على مصلحة وطنه، ويفضل التعامل مع آخرين لا يريدون الخير والفلاح للكرد، على أخوته الكرد أنفسهم وما ذاك إلا لوجود اختلافات في المصالح الذاتية والتي تحدد بوصلة المسار السياسي بين أفرقاء الدرب الواحد وهو الأمر الذي دعاه ماركس بالوعي الزائف.
 3 – العداوات العائلية وحوادث الثأر والانتقام على المستوى الاجتماعي والسياسي، وهو الصدع الذي لا يرأب إلا في حال العمل على مباديء ايديولوجية تعمل غلى التهدئة وتحجيم العادات العشائرية الانتقامية واحلال روح الاخوة والإيثار بين ابناء الشعب الواحد.
 ومن هنا القول، بانعدام امكانية إزالة هذا الاحتقان المجتمعي والسياسي إلا بالثورية الإيديولوجية القادرة وفي الظروف الاستثنائية التي نعيشها على انتشال المجتمعات الكردية من تناقضاتها، وهي إلى هذا وذاك يكون السبيل الأمثل لترسيخ قيم ومبادي تسير في ركب بناء مجتمع جديد يرسخ الجانب النفعي للايديولوجا، والقبول وفق أولويات الأهم قبل المهم والسير نحو عقد اجتماعي، يعيد للكرد وطنهم المسلوب وحقوقهم التي ديست تحت جزمات جندرمات الغزاة من حكام شعوب المنطقة، وهي لهذا تبدو الايديولوجيا في الظروف الكردية الحالية وليست الدائمة، هي الطريقة المثلى لخلق انضباط سياسي ومجتمعي متميز وفي ظرف متميز، وقدرتها على رسوخ حالة روحية تصل إلى حد التضحية بالنفس والإيثار في سبيل الحقوق المشروعة للشعب الكردي، ولحقوق كافة المكونات التي تعيش مع الكرد في كردستان بدلاً من الاقتتال الداخلي والتضحية في سبيل المصلحة الشخصية أو الثأر العائلي والعشائري. 
....................................................................     

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 3
تصويتات: 2


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات