القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



القسم الثقافي





























 

 
 

مقالات: الظاهر والمخفي في المشهد التركي – السوري

 
الخميس 28 حزيران 2012


صلاح بدرالدين

أعاد اسقاط سوريا للطائرة الحربية التركية الاهتمام مجددا بالدور التركي في المسألة السورية كثورة وطنية على الطغيان والتي يتعامل معها المجتمع الدولي بتردد واضح متفرجا على النزيف المتواصل للدم السوري على أيدي النظام الآيل للسقوط وهو مايثير المزيد من القلق والترقب أكثر من أي وقت مضى بعد فشل خطة السيد – كوفي عنان – نتيجة رفض النظام ومضيه في الحل الأمني الموغل بالاجرام والابادة وبوتائر مضاعفة بعد تسلم الدفعات الجديدة من السلاح الروسي الأحدث والأشد في قوته التدميرية وقد شغلت أنباء الطائرة التركية الصدارة في عناوين وسائل الاعلام وتعددت التحليلات


 فهناك من اعتبر أن " الصاروخ السوري كان رسالة مفادها أن زمن ترهيب النظام السوري قد ولى الذي لايرجح أي تدخل عسكري لامن تركيا منفردة ولا من حلفائها بالناتو بل يرى أن أمريكا والغرب عموما ليسوا بوارد التدخل العسكري وأن سوريا تبحث أصلا عن احتكاك خارجي لكسر لعبة الداخل " ومن رأى أن الحكومة التركية لن تحرك ساكنا بسبب الخلاف مع الجيش " ويرى السيد فايز سارة القريب من هيئة التنسيق الوطنية أنه " مقابل دعم تركيا للمعارضة السورية تمثل الحد السوري في دعم حزب العمال الكردستاني ( ب ك ك ) وعملياته العسكرية في جنوب شرق الأناضول وقد لوحظ تطور مهم على عدد ونوعية تلك العمليات في تركيا وبسبب الوجود الكردي الكثيف على جانبي الحدود وللأسباب الأخرى فان تركيا لن تتدخل عسكريا بسبب الطائرة " ويعتقد آخرون " أن التدخل العسكري التركي حاصل في جميع الاحتمالات بقي نظام الأسد أم سقط لأن المسألة بالنسبة لها أمنية وحفاظ على دورها بين الأعداء من كل جانب " ويذهب آخرون الى درجة " ان ثمة سعياً سورياً لربط مباشر بين الازمة الداخلية للحكم وبين العلاقة الروسية-الأطلسية، على نحو يجعل هذه الازمة جزءاً من الموقف الروسي في مواجهة الاطلسي " .

   أرى أنه لايجوز قراءة الحالة السورية ومآل الثورة والمصير الوطني بكل احتمالاته من بوابة الموقف التركي فالمعارضة السورية لم تبدأ من مؤتمراتها هناك والثورة لم تندلع بقرار من المجلس الوطني السوري الذي ولد بتركيا بل سبقت ذلك بعقود بغض النظر عن تطورات العلاقة بين نظامي دمشق وانقرة التي شهدت انفراجات وتوترات وشهور عسل وعقد اتفاقيات سياسية وامنية مثل اتفاقية – اضنة – وخلافها وتجميد العلاقات الدبلوماسية واعادتها مجددا ولاينسى السورييون أبدا مسؤولية تركيا – الجزئية – في مد النظام المستبد بعوامل البقاء والديمومة وتوسطها لدى اسرائيل لعقد اتفاقية سلام بين تل ابيب ودمشق واظهار نظام الاسد بصورة مقبولة لدى الغرب خلال أعوام .
  كما لايجوز قراءة ما ستؤول اليها نتائج تضحيات السوريين من خلال ثورتهم الوطنية المندلعة منذ عام ونصف وتصميمهم على تحقيق أهدافهم النبيلة والمشروعة في ازاحة نظام الاستبداد وتفكيك سلطة القهر والاجرام واجراء التغيير الديموقراطي واعادة بناء سوريا التعددية الجديدة من منظور طبيعة رد الفعل التركي على اسقاط احدى الطائرات بنيران القوات السورية الرسمية كل ما ستساهم به هذه الحادثة واذا تم تجييرها بصورة سليمة هو الاسراع في تحقيق ملاذ آمن للمدنيين الهاربين من الموت وحماية مناطق محررة يلبي الحاجة الانسانية والأمنية لكل السوريين بما يمهد السبيل لانضمام المزيد من العسكريين لصفوف الجيش السوري الحر ويعزز القدرات الدفاعية للثوار في الاعتماد على أنفسهم لمواصلة التقدم من أجل القضاء النهائي على نظام الأسد  .
 لم نكن نراهن في يوم من الأيام ومعنا الأغلبية الساحقة من المعارضين الوطنيين على أي تدخل عسكري تركي منفرد بل كنا ومازلنا من دعاة الحماية الدولية وفرض المناطق الآمنة اما عبر هيئة الأمم المتحدة أو حلف الناتو اذا ما عجز المنبر الأممي عن تأدية وظيفته بسبب الفيتو الروسي – الصيني وكنت من أوائل المعارضين الذين رفضوا طلب المرشد العام لاخوان سوريا في التدخل العسكري التركي المنفرد وذلك من على شاشة فضائية – الحرة – قبل زمن ليس بالبعيد ومازلنا على الموقف ذاته قبل سقوط الطائرة وسنبقى كذلك حتى لو أسقطت طائرات والأسباب كثيرة ومتشعبة ومنها أن النظام التركي مثل نظام أية دولة في العالم ينطلق من مصالحه أولا وآخرا وأن تركيا وبحكم خصوصية الحالة السورية قد يتلاقى بعضا من طموحاتها مع البعض من مصالح الشعب السوري وليس مع كلها وبعد ستة عشر شهرا من عمر الثورة مازالت السياسة التركية حول المشهد السوري تدور في فلك الشعارات والأقوال المتكررة المملة من قبيل " تركيا ستفقد صبرها وتركيا لن تقبل بتصرفات نظام الأسد ووو" وهي قد تتقبل في أقصى الحدود رحيل عائلة الأسد وتخليها عن السلطة ( واقتصار الدعوة التركية الأخيرة لاجتماع استانبول لتيارات وشخصيات أقرب لهذا الموقف واستعدادها للتحاور مع النظام القائم بما فيها هيئة التنسيق التي تضم – ب ي د - دليل على ماذهبنا اليه ) ولكن مع الابقاء على النظام القائم مؤسسات ومواقف وسلوكا وبنى وخطاب سياسي وعدم المساس جذريا بمعظم بنود الدستور الحالي ورفض أية اعادة نظر في تعريف المجتمع السوري أوالاعتراف بوجود وحقوق المكونات القومية غير العربية وخاصة الشعب الكردي والموقف التركي هذا يتطابق مع الموقف الروسي ومعظم المواقف العربية المعنية بالشأن السوري الى جانب ذلك يجب عدم انكارأن تركيا فتحت أبوابها مشكورة لاستقبال آلاف اللاجئين السوريين الهاربين من بطش النظام وتسمح لشتى أطياف المعارضة من النشاط داخل أراضيها وتقوم بدور محوري في ضيق الخناق على نظام الأسد اقتصاديا واعلاميا وتسمح لقيادة الجيش السوري الحر بالتحرك من أراضيها وهذه كلها من الأمور الايجابية في الموقف التركي ماعلى المعارضة الا الاستفادة منها وتجييرها لصالح أهدافها القريبة والبعيدة وفي جميع الحالات نحن السورييون عربا وكردا ومكونات أخرى وثورتنا الراهنة ومعارضتنا لن نتمكن من النأي بأنفسنا عن تحكم التاريخ والجغرافيا بمعادلة الدور التركي في القضية السورية فبلادنا وجميع شعوبنا كانوا جزء من الامبراطورية العثمانية لقرون ومايترتب على ذلك من تاريخ مشترك وتعايش – بحلوه ومره – بين شعوبها وحدودنا المشتركة مع تركيا تزيد على تسعماية كيلو متر أكثريتها يعيش فيها الكرد على الطرفين وهي الدولة الوحيدة في المنطقة عضو في حلف الناتو الذي من المرجح أن يقوم بحماية الشعب السوري اذا ما سارت جرائم النظام بمنحاها الراهن وكما رددناها أكثر من مرة فان كلمة السر في امكانية التفاهم والتعاون بصدق وشفافية بين تركيا من جهة وأطياف المعارضة السورية والثوار وبينهم الكرد من الجهة الأخرى هي التعامل التركي المتوازن مع كل الأطياف وليس من خلال الاخوان المسلمين وعدم التدخل بتفاصيل شؤون القضية السورية والتقدم باتجاه حل القضية الكردية في تركيا بالطرق السلمية والمضي في تعزيز العلاقات مع اقليم كردستان العراق والاعتراف المعلن بوجود وحقوق الشعب الكردي في سوريا هذه هي عناوين خارطة الطريق التي تمهد السبيل لعلاقات صداقة متينة بين الشعبين السوري والتركي ومن ضمنهما الكرد في الوقت الحاضر ومابعد الاستبداد .

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 4.2
تصويتات: 5


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات

عفوا، التعليقات غير ممكنه لهذا المقال.