القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 507 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي



























 

 
 

مقالات: فيسبوك كردي مختلط وگرافيتات مغلوبة على أمرها

 
الأثنين 20 حزيران 2011


 إبراهيـم محمــود

    " إلى " أيان" في مجهوله المعلوم فقط "
 ( يا فرسان الهيئـة المحزنـة، أيهـا السادة التنابـل،
يا من تنزوون في الأركان وتغزلون خيوط الروح العنكبوتيـة)
                       "فريدريك نيتشه"
 
إشارة رئيسة

لا بد من التنويه أولاً إلى أن لكلٍّ منا انتماءه الإنساني الاثني، وأن تخلّيه عنه  لهو بمثابة خروجه عن إنسانيته، وبالتالي فإن الذي أثيرَ في هذا المقال لا يمس هذا الجوهر المميّز لأي كان، لذا فإن حديثي عن الانتماء أو الكردية المتعلقة بأي كان، أو بالنسبة لكرديتي وأنا في حدود الجغرافيا السورية، يبقي الجوهر المذكور باسمه، ليظل مثار الاختلاف هو كيفية إدارة الكردية في الأزمات حين يتلبسنا إشكال معين، ربما يستشفُّ من موقف ضدي مما هو قومي، كما لو أنه تنكرٌ لها، وهذا غير وارد إطلاقاً، كما نوهَّت إلى ذلك في مقال لي بات كلاسيكياً. إن أقصى ما يمكن التفكير فيه هو كيفية تجاوز الكردية في نسختها الرديئة والتعبير عما يجري بتلك الكردية الأكثر تبصراً بالمستجدات، أي عندما يوصف أحدهم بأنه يتفاعل مع الأحداث بطريقة تضيء أو تنير كرديته وانتماءه الوطني معاً من الداخل، والمثال الأقرب هو كتاب الراحل محمد الماغوط( سأخون وطني)، وكيف أن الذي ذهب إليه، هو محاربة الوطن الذي يمثله الفاسدون والقتلة وتشبثه بالوطن الحر النبيل، وعلى المنوال ذاته، إن الذي أردت التعبير عنه هو تعرية الكردية المزيَّفة، والرهان على الكردية التي تؤالف بين أهلها وموطنها بصورة أفضل.



تصعيد موقف

في سلوك الكائن الحيواني حتى الأكثر ضعفاً، ثمة علامتان فارقتان تسِمانه: التزامه جحره أو حيث يتوارى عن النظر، إن استشعر خطراً يتهدده، وخروجه من جحره، إن استشعر موتاً محدقاً به لتكون المواجهة شراً لا بد منه.

يعيش الحيوان استراتيجيتين، وهو ذو التماس المباشر بالطبيعة، طبيعته ككائن موسوم بحكم الغريزة مذ وجِد:

استراتيجية الدفاع، لحظة انسحابه إلى داخل الجحر أو انزوائه، تقديراً بهائمياً منه، بأن ذلك أسلَم له.

استراتيجية الهجوم عند مواجهة العدو، تقديراً بهائمياً آخر منه، بأن ذلك قد يسْلمه من خطر متربص به.

هذا ينطبق على الشعوب والجماعات والأفراد، على كردنا بالذات راهناً أكثر، وعلى" الطليعة" فيهم: كتاباً ومتنورين بالفطرة أو بالوراثة العائلية وغيرها، وساسة من نوع خاص جداً، وعليهم ألَّا يعلنوا نفيرهم الشعبوي، لأني استهللت مقالي بـ" الكائن الحيواني"، فكلنا حيوانات الله، وإذا أصرّوا على حشد نفيرهم، أستعين بأرسطو الذي يعرفه البعض من دون قراءة بسبب الفطرة الكردية الاستثنائية، وقوله المنطقي( الإنسان حيوان ناطق)، وإن تمادوا في صخبهم الشعبوي، فحسبي أن أقول بأن ما ابتدأت به يعنيني قبل أي كان، وأنا خارج جحري..

للسبب ذاته سأمارس هجومي المعاكس( سأخرج من جحري العازل)، وأنا إزاء فيسبوك كردي بتمامه وكماله، حيث نعيش تحولات مفتوحة على احتمالات كبرى أو غير متوقعة بينما الكردي الغفل من التاريخ فيستمر في تقديم عروضه المقلقة له قبل غيره، لأن الزمن غير مناسب ولا المكان مناسب باعتباره مناسباتياً جداً بقياسه.

إنه الوعي البائس جداً بالتاريخ والتشظّي على مستوى التعاطي مع الأحداث، إذ ما أن يطرأ حدث عظيم، حدث هائل ومتحدٍّ فيهم كامل قواهم، حتى ينبروا على أتم ما يكونه التشرذم والغياب الموضوعي عن المكاني.

ثمة بلبلة تتملك عليه وعيه بالتاريخ، وهو مضرب المثل فيما يشدّد عليه تاريخياً في النازلات الماحقات به، إلى درجة أنه يكاد يستظهر في نفسه نسخة أخرى مغايرة لما يسمُّيه في حياته الاعتيادية، عندما- ودفعة واحدة، وفي المجمل- يفقد استشعاراً بالواجب القيام به في الحد الأدنى، ولا يعود المعني إثرئذ، بنوعية المكان الذي يخصُّه وقد بدا فيه طافياً على الأحداث، تتقاسمه جهات الأرض لتكون مواقفه الحاسمة، الأكثر قرباً في التمثيل الشعبوي والرسمي اعتباراً، والتنظير الثقافي للحدث كما هو حدث الراهن في سوريا بالذات، مثيرة للاستهجان من ذوي أقل أمم الأرض انشغالاً بالمكان وساكنيه والذين يكونون أولي أمره، أي بين أن يكون كما هومعروفاً به كردياً، وكما هو من أهل البلاد سورياً، ولديه حاسة خاصة بنباهة التصرف، وهذا ما يتم افتقاده، جرَّاء شعوره أن البلاد دونه ليست بلاداً، وأنه بوصلة الاتجاه الحاسم لواقعتها النفيرية، دون معاينته لموقعه!

 نعم، تمثـُل أمامي بجلاء بليغ: مومياءاتُ العشائر وحكائيُّوها الجوَّف، ذوو الياقات المبهرجة، مهرّجو المناسبات الخلّبية شأن دعاتها الجوَّف، نفاسيو المجالس الموبوءة،  سدنة الأمثال المجيرة، وعَّاظ نافقون حمَلة أبواق صدئة، وأنا إزاء فيسبوك كردي وگرافيتات مغلوبة على أمرها، في مضمار وطن يسمى باسمه أو بتصرف، حيث أعيش تداخلات صور الذين ينتظرون مناسبة ليست كأي مناسبة، غير عابئين بها إلا بوصفها مناسبة للتذكير بهم..

ليس من باب إظهار النقمة على الجميع، فتلك راديكالية عجفاء، وإنما حين يبرز أهل الصنعة في الموقف السياسي وإزاء الجاري أي إزاء موازين القوى المحلية دون الوعي المطلوب وخطورة اللحظة.

تأتي قرارات الأكثر بروزاً فيهم من رموز الأحزاب المعنية بداية غالباً ذات صبغة استعراضية، ناسين أنهم محط أنظار الراصدين لهم، وهم يصعّرون خدهم، مصعّدين من نبرة التحدي للسائد، وفيما بينهم، مذكّرين أهل الذاكرة، أنهم دون الاهتمام بهم، أي من ذوي الإدراك المكاني وسياساته الاستراتيجية ومتحولات الزمن وما يمكن التنبه له سريعاً، حيث تتقاذفهم أمواج خلافاتهم وتحزباتهم وسوء إدارتهم لمواقعهم، إلى درجة إثارة السخرية ممن يولونهم قدْراً ملحوظاً من التقدير العارض لطالما تمنَّوه، وتسمية مواقع لطالما أرادوا الظهور فيها، وإذا بهم يذهبون بسقف مطالبهم إلى ما هو أعلى مما يدخل في نطاق استراتيجية القوى المحلية والإقليمية، والذين أفصحوا عن قدر معيَّن من حكمة التروي واستثنائية المناسبة، يأتي تصرفهم اللافت لا تعبيراً عن إرادة اقتدار مدروسة، وتحسباً للحظة فالتة تاريخية كهذه( في الدعوة إلى ما هو حواري، وما يخص الموقف الحرفي من النظام وبقائه)، إنما نكاية ما بالذين أبانوا عن مناورة في الذهاب بالمطالب إلى درجة اللاعودة والرهان على ما ليس داخلاً في الحساب الاستراتيجي لقواهم ككرد في الداخل، وفي المقارنة مع القوى السياسية الأخرى حيث تمثلها المعارضة وشعاراتها الحدّية، يعلنون عن أنهم- وفي غفلة تاريخ هي سقطته المريعة وغير المدرَكة بنتائجها المخيفة- شركاء أكثر هؤلاء حملة اليافطات الداعية إلى الحسميّ ناسين أنهم كرد ومحلهم المتذبذب في الإعراب السياسي.

ثمة زحف خجول، زحف كاريكاتيري لمئات، قل لآلاف تتنادى، في هذا الشارع المنتقى أو ذاك حيث يقيم الكرد، هاتفين مجلجلين بمعارضتهم القطعية وهو ما يدخل في سياق التحدي بقوى تبز قواهم( الشعب يـ....) دون أن ألغي البتة القيمة الثورية لمن ينشدون التحول الأسمى في وطن مشترك، ولكنها القيمة التي يجب أن تقاس من خلال معرفة العامة في، وثمة لقطات تُبث فيسبوكياً أو قنواتياً وتعليقات مربكة لناطقين بالضاد، ذوي لكنة كردية ملحوظة، إشهاراً بواقع يريدون الظهور في واجهته دون تقدير الحد الأدنى من الاحتمالات، متذرعين بأن ذلك فرصتهم وهم فرسانها الثملون، غير دارسين للنتائج التي قد تكون وخيمة بالنسبة لهم وهم وحدهم غالباً.

وفي وضع كهذا يكون الأكثر تميزاً بوعي المواطنة في الشارع وضرورة التغيير نحو الأفضل، ربما الأكثر تعرضاً لما هو مباغت وصادم، ليكون على مسافة أبعد منه من ينتظر الإيقاع به في فخ غير مرئي..

ثمة من يبرزون، من تدفعهم غريزة التجلي في الواجهة واحتلال الصدارة، لأن ثمة ما يسهّل لهم ذلك، إلى التقدم على من هم أكثر ضبطاً لخطواتهم، غير مخفين إرادة أخلاقية حصيفة في نياتهم دون تحسبات جانبية، هؤلاء الذين ينشدُّون إلى فضيلة الغريزة المسواقة في طبعتها الكردية غير المتقنة، تمثّل أهواء ورغبات وتطلعات ذات صبغة ذرائعية رجراجة: البحث عن بطولة معتبَرة، عن تحين فرص مجيَّرة بأنانيتها، الالتفاف على من هم أبعد ما يكونون عن مساومات مبتذلة من هذا النوع، وهم قلة قليلة، مراعاة مع حالة رخاوة القبضة الأمنية لأسباب لا أظنها خافية على من هم مدركون لكل شاردة وواردة في هذه الرقعة الجغرافية أو تلك، بأهليتها الكردية وغيرها.

إنها لقطات" پوظات" تؤخَذ بالصوت والصورة، وأرشفتها وإظهارها عند اللزوم، دون نسيان وجود أجندة كردية بتمام طاقمها، لا تخفي هي الأخرى مهامها الدعوية ذات الغمز واللمز، ذات النسَب الجمعاوي، وما يدخل في سياق امتحان الكردي الذي يستثنى بـ" إلا" إدارية ومحاسباتية مؤجلة إن روعيت أمكنة أخرى ومستجداتها.

ثمة كتـَّاب ساكتون لائذون بصمتهم المعهود، رغم أنهم معروفون بالصوت والصورة، يحاولون التستر على وضع غير محسود عليه، يراقبون الجاري عن كثب، بينما ألسنتهم لا تكف عن هذر قوموي، شعبوي، كردي صاخب خارج التغطية تخوفاً، وآخرون يعيشون خارج الحدود الجغرافية للوطن السوري، يتنكرون كثيراً لذاكرة الأمس وما كانوا عليه في صمتهم المريب، تعبيراً عن موقف وطني، مجتمعي يقي الجميع كرداً وغير كرد من احتمالات كارثية، بقدر ما ينسون أنهم في أمكنة لا تقدّر فيهم نبالتهم الطارئة، وهم لا يكفون عن استثارة أهليهم، أو إثبات أنهم أهل لمقاومة غير معهودة لجموع غفيرة ممن يعنون بأمرهم وعلى المستويات كافة ولتنظير غير مسبوق، إنما غير مأخوذ به نظراً للاختلاف المكاني نفسه وهم يصيغون عبارات غاية في المباشرة والثورجية الدالة على عطالة وعي المكان ذاك وكاريكاتيرية الموقع الذي يظهرون فيه في تسمية النظام، أو تعريته وما يخص أهل النظام وحدود النظام بأسلوب أقرب إلى السفه السياسي وغياب النضج الفكري، إنما أيضاً عن قدر كبير من الإساءة القاعدية إلى أهلهم أو بني جلدتهم، وتعرية مكشوفة فضائحية لما هم عليه وهم بعيدون عن المعنيين بما يجري محلياً في جهات الأرض الأربع، وهم أيضاً متقدمون بصور" پوظات"، وعناوين لا تليق بما حصَّلوه رسمياً من شهادات، وإن كانت تجلو في العمق ضحالة ثقافتهم وحقيقتهم، وكتابات سريعة تنتهز فرصاً، أو تدخل في نطاق خطف الأضواء الرخيصة، بينما ينتظَر منهم ما هو معايَن في مواقعهم باعتبارهم حملة شهادات، أو حين يعززون اتصالاتهم الكاشفة لعورتهم مع قنوات، واعتماد الأكثر حدة في التعبير المواقفي ناسين أن ذلك لا يحسَب لهم إنما عليهم، مرتين هذه الحالة: لأنهم ينتمون إلى جهات تتطلب منهم التصرف الأكثر انضباطاً بما يتناسب وطبيعة الجهات تلك، وإذ يظهرون حاسة افتقاد المكان في بطولة نافقة، كونهم كرداً دون مستوى تحدي الحدث والوعي المأسوي والشمولي لبنية الحدث الشاغل للبلاد والعباد، ولأنني أستثني هنا - مع التشديد- الذين يُشهَد لهم بطول باعهم التاريخي ووضوح رؤيتهم وصراحتهم فيما يخصُّونه من مواقف وكتابات داخلاً وخارجاً، إذ يجمعون بين تمثلهم الكردي وحضورهم الوطني السوري بامتياز وهم قلة قليلة طبعاً...

إزاء هذا الدائر من حيثيات الكبائر الكردية، أقول المرة تلو الأخرى: سحقاً لهذه الكردية التي لا تتبصر حقيقتها في ضوء الراهن على مستوى البلاد والعباد، وليس الكردية بالجملة، إنها الكردية وقد أبانت عن طبعتها الرديئة في تمثل الراهن: تأليفاً وتمثيلَ أدوار وإخراجاً، في يوتوبيا الكرد الغافلين عما هو جار باسمهم وبرغبة منهم .

مجدداً وباختصار لمن يهمه فحوى مقول القول:

أعلن، وأنا بكامل وعيي، أنني خائنُ كرديتي التي يجري تسويقها هنا وهناك شعاراتياً ، كرديتي التي يُتشدق بها على ألسنة من يزعمون أنهم أهلها، جهاتها، سماؤها وأرضها، صلبها وترائبها: ساسة دون اتقان الحد الأدنى من السياسة ذات الصلة بالمتغيرات، كتَّاباً يتوسلون آلهة بختهم في أن تنقشع سحابة رعبهم التي تكتم أنفاسهم من حولهم، اندفاعيين دون رؤية الطريق ومن فيه وما يقع على جانبيه، وأنا أعلن براءتي منها بالعشرة، إذ أعاين وطناً يمتد داخلي بتعدد لغاته، وأحاول مؤالفة بين جغرافيته وتاريخه، ليس كما يتصرف أولو أمره الداخلين على الخط، ولا الذين يؤثِرون التذكير بالخط قياماً وقعوداً وهم بعيدون عنه إلى درجة صعوبة تصنيفهم من أهله الجغرافيين، وعلى بيّنة معلومة من تاريخه الفعلي.!

وعليه أوقّـــــــع طبعاً!!!!!!!

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 3.5
تصويتات: 14


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات