القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 447 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي



























 

 
 

مقالات: حول حوار الأحزاب الكردية مع الرئيس بشار الأسد

 
السبت 04 حزيران 2011


بقلم المحامي محمد سليمان

   بعيداً عن السياسة ـ لأنني والذي هو حقٌ كما أنكم تنطقون ـ أُمارس بأقوالي هذه , دفع الظلم , لا من باب السياسة التي أكرهها أشد الكره , لأنها مُورست ولم تزل تُمارس علينا , في جانبها المؤذي بأدق تفاصيلها , وهذه حقيقة .  
   وإذا كان القول أن الحقيقة مُرَّة , فهي مخيفة ومفزعة , وفي بلد كسوريا , هي قاتلة , والتجربة خير برهان .
   1 ـ إن الكرد السوريين اليوم , هم بأمس الحاجة لتبادل الأفكار , وتناول جلَّ الأمور السياسية بكياسة تامة , والتحلي بالمرونة والبعد عن التزمت , والادعاء بأن ما يراه هذا أو ذاك الفريق , هو الأمر الصائب , وما يراه غيره بالأمر الشائب , فلكل اجتهاده الشخصي , والكل يصيب و يخطئ , ولكل شخص حقيقته الخاصة به , وفق المثل الإيطالي .


   لذا , فإن معاداة تصرف وتفكير الآخر منا , والتهجم عليه مسبقاً , من الإساءة إلى القضية أكثر من الإفادة إليها , والحكمة تقتضي منا , عدم سد الباب وعدم التردد في طرق أي باب , يمكن التوصل من خلاله لنيل الحقوق المسلوبة , أو حتى إسماع تلك الحقوق إلى الخصم المقابل , حيث يزيد القضية معرفةً ويكسبها بعدا ومدىً أوسع .

   2 ـ لا أحد يستطيع إنكار تحايل الداخل السوري على حقيقة مظلومية الكرد السوريين , إن كان في السلطة أو في المعارضة (أقصد بالتحايل عدم الاعتراف بأن سوريا تتكون من قوميتين رئيسيتين , الكرد والعرب , وما يتطلب ذلك من الاعتراف بالحقوق المتفرعة عن هذا الاعتراف) .

   3 ـ لا أحد يستطيع أيضاً تجاهل , أن الكرد كانوا ضحية تبني النظريات القومية العروبية , منذ بدايات الانفصال عن الدولة العثمانية (الاستعمار العثماني ذي الصبغة الإسلامية) في عموم المنطقة العربية , وتجسيد وتقوية هذا الاستقلال المعادي للتوجه الإسلامي العثماني , وتكريس اتفاقية سايكس ـ بيكو , وامتطاء صهوة الحصان القومي العربي (بعثي سوري , بعثي عراقي , ناصري , قومي عربي اجتماعي , الخ) والتركيز على تمجيد الفكر القومي العربي , بغية الابتعاد أكثر عن (الاستعمار العثماني) الإسلامي .
 
   تحقق الاستقلال , وكان الكرد عبارة عن حقلٍ خصبٍ لتجاربهم المشينة , لتأكيد قوميتهم العروبية من خلالهم (حرق الأطفال في سينما عامودا , حلبجة , عمليات الأنفال , حرق السجناء الأكراد في سجن الحسكة , قتل الجنود الأكراد في القطعات العسكرية السورية , تصفية البارزانيين) . 

  4 ـ واليوم ومنذ العام 1991وبعد إخفاق وفشل الفكر العروبوي , يتموه هذا الفكر وبشكلٍ أوتوماتيكي , فيُلبس بلباس إسلاموي , لستر العار العروبي والنزول عن ظهر الحصان القومي العربي , واستبداله وبخجل , بحصان مكشوف الهزال , إسلامي المظهر , في حدوده الدنيا على الأقل .
   وهذا ما حدا سابقاً بالمؤرخ البريطاني أرنولد توينبي والفيلسوف الياباني دايساكو صاحبيِّ كتاب (التحديات الكبرى) بالقول: (إن العروبة تتمظهر بغلاف إسلامي وأنها في الحقيقة , لا علاقة لها بالإسلام , إلا باتخاذه كستار) .
   وأيضاً مع احترامي الشديد للأشقاء العرب , لا بد من الإشارة في هذا الصدد  إلى صاحب قاموس وسبنسر الأمريكي الشهير , وتفسيره لمدلول كلمة عربي بأنه يعني في مدلوله: (شحاد , متسول ... الخ من المرادفات المماثلة) .
 
   ولا أجني على الأخوة العرب , عندما أشير إلى ما قاله عنهم أحد رواد عصر النهضة في مصر , رفاعة رافع الطهطاوي والمطابق من حيث المعنى لما تناوله ابن خلدون عنهم في الفصول (25و26و27) من مقدمته الشهيرة: ((أنهم أمة وحشية باستحكام عوائد التوحش وأسبابه فيهم ... وهذه الطبيعة منافية للعمران ومناقضة له ... وأيضاً فطبيعتهم انتهاب ما في أيدي الناس ... وأيضاً فإنهم ليست لهم عناية بالأحكام وزجر الناس عن المفاسد ودفاع بعضهم عن بعض إنما همهم ما يأخذونه من أموال الناس نهباً أو غرامة .... فتبقى الرعايا في ملكتهم كأنها فوضى دون حكم والفوضى مهلكة للبشر مفسدة للعمران ... وأيضاً فهم متنافسون في الرئاسة وقل أن يُسلِّم أحد منهم الأمر لغيره ولو كان أباه أو أخاه أو كبير عشيرته إلا في الأقل وعلى كره من أجل الحياء فيتعدد الحكام منهم والأمراء وتختلف الأيدي على الرعية في الجباية والأحكام فيفسد العمران ... العرب إذا تغلبوا على أوطان أسرع إليها الخراب)) .
   5 ـ في العام 1969 سُرق دكانة لنا , في قرية السعدية الكبيرة , وكانت السرقة بحفر الجانب الأيمن من نافذة الدكان الترابي , وإحداث فتحة فيه والسرقة من خلاله . ولا زلت أتذكر مخاطبة الشيخ الراشدي الطياوي الثمانيني من العمر حينه للجمهور المتجمع أمام الفتحة المسروقة منه , عيسى الجراح (من قرية السعدية الصغيرة) حين قال: (( اللي باك (سرق) هالدكان ماهو عربي؟! لأن العربي إن باك (سرق) ما يخلي شي وراه , إما ينهبوا كلوا أو يخربه)) . بمعنى أن الدكان لازال فيه بضاعة كثيرة ولم يلحقها الأذى .
 
   ولإزالة الشك باليقين من كلام الشيخ عيسى الجراح , عندما تم نهب محلات الخليوي العائدة للأكراد بالقامشلي في العام 2005 من قبل مجموعة محمد الفارس بتنسيق أمني . دفعني قول عيسى الجراح إلى زيارتي لجميع محلات الخليوي المنهوبة والتمعن في معاينة تلك المحلات , وفعلاً وجدت في بعضها شاشات كمبيوتر محطمة كسراً , ونافذات واجهاتها مكسرة , حتى الواجهة الألمنومية لم تسلم من التحطيم , وحتى الطاولات المعدنية الموجودة في تلك المحلات , نالها التحطيم والكسر . أدركت حينه قول عيسى الجراح (بأن العربي ما يخلي شي وراه , إما ينهبوا كله أو يخربه) .
   6 ـ قس ما ذكرت على مجادلة الحقوق . نعم كلنا سوريون وكلنا ننشد التغيير وإسقاط النظام في أبعد الحدود , لكن , لنحلل نوايا هذه المطالب ولنحدد الهدف من هذا التغيير , بمعنى لنحدد الهدف الذي ينبغي الوصول إليه . لا شك أن الأمر مختلف باختلاف أطياف المجتمع السوري , فمعركة التغيير كردياً هي معركة وجود أو عدم وجود , وبالمقابل لا أجافي الحقيقة بالقول , أن معركة الكثيرين من القسم العربي من الشعب السوري , هو معركة تغيير الحكم الفردي الاستبدادي ذي اللون الطائفي , بحكم المتعددين في الاستبداد ذي الاتجاه واللون العروبي الواحد , إن لم أذهب إلى أعماق التاريخ العربي , بحروبه الباردة والساخنة , بين قطبين متناحرين وإلى الأبد علوية وسنية , والذي هو سر العجز العربي في عدم امكان تقبل الآخر المختلف , وإلا , ألسنا جميعاً مسلمون أو من مؤسسي الحضارة الإسلامية .
  7 ـ لقد عُوملنا باستمرار على أننا مختلفون ـ رغم مشاركتنا باستمرار في صنع  الحضارة العربية الإسلامية وحمايتها من الزوال ـ عندما تعرضت هذه الحضارة لأشرس وأضخم الهجمات الخارجية عبر التاريخ والتي استهدفت إزالتها ـ وضحينا بأنفسنا في سـبيل إعلاء شأن الإسلام وتخليده , وحققنا الهدف ببقاء (لا إله إلا الله محمدٌ رسول الله) إلى يومنا هذا . 
   لكننا أصبحنا المستهدفين منذ ذلك التاريخ . لأننا مكون صحيح مستقيم . ثابت في أعماق نفسه على الإيمان بالله , مهما بدى في تمظهره الشكلي , كرد فعل آني على مظلوميته .
   8 ـ نحن اليوم بحاجة ماسة إلى تبادل الأفكار , والاستفادة منها , رغم الاختلاف في الرؤى , حتى لا نتسبب في تعميق الوضع المأزوم , الذي نعيشه ككرد سوريين , مساهمةً منَّا في تجاوز هذه الأزمة , والسير بمجتمعنا نحو الأفضل , لنأخذ مكاننا اللائق بنا , كمكونٍ كردي , محلياً وعالمياً .
   9 ـ يقول الفيلسوف والفيزيائي الفرنسي باسكال: (إن ما يُعتبر حقيقةً قبل جبال البيرنييه , يعتبر خطأً خلف جبال البيرنييه) .
   لذا فالعقلانية والموضوعية تتطلب منا احترام جميع الآراء , مجاراةً لروح العصر . وإلا ما هو التفسير السوري بشأن القائد البربري الأصل , طارق بن زياد , فاتح الأندلس وقرطبة وطليطلة وإشبيلية ومالَقَة Malaga , ما سبب تواجده متوفياً أمام باب أحد مساجد دمشق , دون معين .
   أو ما السبب الذي حدا بالمجاهد الشامي فخري البارودي إلى القول قبل وفاته في الجناح العمومي بمشفى دمشق: (يلعن كل واحد حارب فرنسا!) . ألم يكن هذان بطلان إسلاميان على الأقل , ليلاقيا ما لقياه من إهمال , وهل كانت العلة فيهما أم في مستثمري انتصاراتهما , بعد انتفاء الحاجة إليهما ؟! .
   نفس التشابه ينطبق في العلاقة النضالية الكردية الأتاتوركية التي انتهت إلى انقلاب الأخير وإجحاده لرفاق أمسه .
 
   غايتي مما ذكرت , العمل العقلي والابتعاد عن المزاجية والانفعالات الضيقة الأفق أو المصلحية , وعدم النظر من زاوية واحدة , لأننا نخدع أنفسنا عندما نحصر حل أي مشكلة بدرب واحد يوصلنا إلى حقوقنا , فدروب الحقوق متعددة , لكن تفكيرنا الضيق قد يتغافل دوماً ويعجز عن رؤية الدروب الأخرى (فحضور أنتاليا يؤدي إلى الحل وكذلك بروكسل ودمشق وغيرها الكثير من الدروب) والاستفادة من تجارب التاريخ لا يخيبنا.

   وأخيراً ليس لي إلا أن أقول: لقد أصاب كبد الحقيقة من قال: (أن على السياسي أن يتَّسم بمزايا عالم الآثار) . مع التذكير في ختام القول , بأن كل الأمل في تنسيقيات شباب الثورة , في قلب الطاولة على الجميع , انتزاعاً للحقوق , عدلاً وإنصافاً , فلا يموت حقُ وراءه مطالب , وهل أجمل من أن يفيض عروق المطالب بالدماء الشابة التي تأبى الذل والهوان .


 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 5
تصويتات: 2


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات