القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



القسم الثقافي





























 

 
 

مقالات: ( التافهون ... وراية الرذيلة والخطايا )

 
الأحد 10 ايلول 2006

كفاح محمود كريم
kmk_info@yahoo.com

         منذ احتلال العراق في آذار 2003 وانهيار النظام السياسي الذي حكم العراق منذ نهاية الستينات من القرن الماضي وحتى هذا اليوم ورغم ما تحقق من إنجازات كبيرة ربما هي الأعظم في تاريخ العراق والعالم العربي عموما إلا إن الإخفاقات في كثير من الأمور كانت سببا في تدهور الأوضاع الأمنية والاجتماعية والاقتصادية بشكل يؤشر منعطفا خطيرا قد تمر به الأوضاع لاحقا وربما تؤدي إلى عودة عكسية في كثير من أجزاء البلاد إلى الوراء.
      


ولعل واحدة من أخطر ما واجه العراقيون بعد انهيار النظام السياسي لحزب البعث وهروب قيادته بشكل مخجل على أقل تقدير لأولئك الذين كانوا يعتقدون إنه أمل العرب في تحقيق أهدافهم وطموحاتهم، وانهيار تلك القوة العسكرية التي تم صنعها من جماجم وأهات الملايين من العراقيين، هي التعامل مع موروثات ذلك النظام التوتياليتاري ومواجهة مخلفاته بشكل حاسم. 
وكما يعرف معظم العراقيين في أن علم دولتهم ومنذ تأسيسها كان يصدر دون استشارتهم أو حتى معرفتهم إلا بعد رفعه على مباني المؤسسات الحكومية، وليس بخافٍ على أحد جملة القرارات التي كانت تصدرها مؤسسات ما تسمى بمجلس قيادة الثورة لكل الانقلابات التي حكمت هذه البلاد، ولعل العلم والنشيد الوطني وحتى أسم الدولة وحياة ما قبلهم كانت تصدر بجرة قلم أو قرار يتخذ على مائدة غداءٍ أو عشاء أو ربما حلم من أحلام الرئيس الضرورة والتي تتحول في اليوم الثاني إلى قوانينا أقوى وأنفذ من ما كان يسمى ظلما بالدستور.
    وطبيعي بعد كل تغيير أو ( انقلاب ثوري ) يتم تبديل كل ما له علاقة بالنظام الذي سبقه دعك عن رجاله الذين يرسلون إلى الجحيم أو يسحلون في الشوارع حتى تتلاشى أجسادهم، وهكذا أستبدل العلم العراقي بعد 14 تموز 1958 وتحول العراق من مملكة غير خالدة إلى جمهورية خالدة ومعه النشيد الوطني الملكي إلى النشيد الجمهوري، ولم يدم هو الآخر إلا عدة سنوات لكي يقفز البعثيون بالطريقة التي يعرفها العراقيون وأولي الأمر في لندن وواشنطون والأخوة في القاهرة والشام آنذاك، وخلال دقائق تم تصفية كل شيء يتعلق بالزعيم الأوحد وجمهوريته التي لم تعد خالدة في فجر الثامن من شباط 1963 ابتداءً من رجالاتها وحتى حماياتهم ومستشاريهم ومن عمل معهم حتى الدرجة الرابعة كما كان يصنفهم الأنقلابيون الجدد، وطبعا كان في مقدمة هؤلاء الشيوعيون والديمقراطيون الكوردستانيون وغيرهم من الوطنيين العراقيين.
    وخلال أشهر أصبح الزعيم وجمهوريته الخالدة، جمهورية العرب والأكراد في ذمة الخلود أوربما على تعبيرات الرفاق البعثيون إلى مزبلة التاريخ، ورفرف علم جديد يحمل ثلاث نجيمات تمثل إمبراطورية الأمة الواحدة من ضفاف البحر المتوسط إلى ضفاف الخليج العربي أو الفارسي ( لكي لا يزعل علينا صناديد الأمة الجدد في حزب الله ) وبالتأكيد كان هذا العلم نتاج وقرار منظمة من منظمات حزب( الأمة العربية ) لا أكثر وأصبح علم العراق ونفوسه التي تتجاوز آنذاك الثمانية ملايين (مكرود) وتحت لوائه تم إنشاء الحرس القومي الذي سيحرس شرف الأمة وحدودها ويحرر فلسطين والأسكندرونة وجبل طارق والأندلس وعربستان، بما عرفه العراقيون من نضاله ( المشرف ) وبالذات مع شرف العراقيات وأرواح العراقيين الذين أرسلهم خلف الشمس(!).
   تحت ضلال هذا العلم انتهكت الأعراض وأحرق الأخضر واليابس في كوردستان والجنوب، وامتلأت معتقلات وسجون العراق بأشر ف خلق الله من المناضلين والأشراف، حتى عادوا ثانية في فجر 17 تموز 1968 ليصبح للعراق علمين، علم النجوم الثلاثة وعلم الأمة العربية وثورتها التي ابتكرها أخينا في الإسلام ميشيل عفلق ( عبد المهيمن )! .
   وتحت هذا العلم قتل الكوردي والشيعي والسني والمسيحي والأيزيدي والتركماني والصابئ ومن لم يقتل، عليه أن يكون ذليلا أو مهاجرا أو ثائرا، وفي كل هذه الحالات كان محكوما بالإعدام، حتى خط القائد الضرورة بيده ( المباركة ) حروف الله اكبر ليصبح هذا العلم راية الحواري والحوريات وأنهر الخمر واللبن والشهادة والجهاد في سبيل ( البعث العظيم ) ورجاله الصديقين من صحبة القائد وأقربائه الميامين ورفاق مسيرته يتقدمهم قائد الحملة العامة للأيمان ونائب الأمين العام بطل الأبطال والقائد المغوار الفيلد ماريشال الخليفة عزة الدوري.
   تحت هذه الراية قتل الملايين في أقذر حروب الأرض وأوسخها وانتهكت أعراض أشرف الناس وأطهرهم وأبيدت أجمل قرى العراق وأهواره وينابيعه ونخيله وبساتينه، هل نسينا أيها الشعب العجب كل هذي القذارات والجرائم وأصبحنا ضحايا للمزايدات والمهاترات لمجرد أن يقرر جزءً من العراق أن يكون وفيا لأولئك الأشراف والشهداء الذين تم خنقهم بهذا العلم وإذلالهم؟.
   هل نسينا أطفالنا ونسائنا وأحزاننا وفواتحنا السرية وطوفان الدماء في الثمانينات في كل زقاق وقرية، هل نسينا ذلك العلم الأسود حينما يلفون به أجساد فلذات أكبادنا في واحدة من أتعس الحروب العبثية في تاريخ البشرية؟
   إنها حالة شاذة لا مثيل لها في التاريخ السياسي في العالم، دولة بأكملها تسقط وتذهب إلى الماضي غير المشرف، ليبقى علمها ورايتها أربع سنوات يمثل جبننا وعجزنا وعبثنا؟
   في كل تجارب العالم وانقلابات دول الفقر والعوز والقهر يتم استبدال العلم ووكل شيء يتعلق بما مضى، تصوروا حتى اليابان أجرت تعديلا على علمها حينما أيقنت إنها تنتقل لمرحلة جديدة في حياتها وحياة مجتمعها. إنها حقيقة حالة شاذة لشعب عجب ولقيادات أكثر أعجوبة وربما أكثر اشمئزازا.
   في كوردستان العراق لم يحسس مواطنها لدقيقة واحدة إن هذا العلم وحتى غيره منذ تأسيس هذه الدولة العجب يخصه بشيء إلا الرعب والقتل والأنفلة، لم يكن رمزا للحب والانتماء والإخاء لكل مواطني كوردستان في أقصى قراها التي أبيدت تحت أفيائه ورفرفته، وأدنى مدنها التي تعوم على عشرات المقابر الجماعية التي احتضنت آلاف الضحايا تحت رفرفة راية الرذيلة والخطايا وأنغام وطن مد على الأفق جناحا.
   أي قدسية يمثل هذا العلم المغمس بالرذيلة والخطيئة ؟
   أي شعب تمثله هذه الراية: العراقي أم السوري أم المصري في نجومه الثلاث؟
   وفي ألوانه من يمثل، الكورد أم العرب السنة أم الشيعة أم التركمان و الكلدان؟
   وأي رب يقصده صدام في حروفه؟
   أي قانون يحميه أيها التافهون المصرون على رفعه ؟
   وأي عراق يمثله هذا العلم ؟
   عراق الأوغاد والفاشست والجبناء؟
   عراق الرعاع والحزب الواحد والبطل الخرافي ؟
   عراق العشيرة الواحدة والاسم الرباعي والمذهب الأوحد؟
   عراق عدي خاطف الحرائر ومغتصب الفتيات؟
   عراق علي كيمياوي ومن لف لفه من سقط المتاع؟
   أم عراق الشهداء والثكالى والأيتام الذين يخجلون ألان منكم؟
   أم عراق الذبح من الوريد إلى الوريد؟
   عراق الحفنة تراب وتدمير كل شيء وأي شيء وفي كل مكان؟

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 5
تصويتات: 1


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات