القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 517 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي



























 

 
 

صحافة حزبية: لا مصلحة لأحد في القطيعة، ولا في الإنكار!.

 
الأربعاء 01 ايلول 2010


  افتتاحية جريدة الوحدة ((YEKITI *

   لقد بات استهداف الكرد موضوعاً يتردّد على كل لسان، وباتت معاناتهم من مختلف أوجه التمييز والتضييق على فرص العيش الكريم، تثير المزيد من القلق، مثلما بات النشطاء منهم وكوادر الحركة الكردية ضحايا الاعتقال والاستجواب ومنع السفر، وغير ذلك من عناوين الحرمان والقمع، الأمر الذي يستدعي التوقف والتساؤل، ويتطلب المراجعة والتحقيق في أسباب وجدوى وأهداف هذا الظلم اللاحق بهذا المكوّن الوطني، وفي النتائج التي يمكن أن تتمخّض عنها، إذا ما بقي العنان طليقا لهذه السياسة، وفي الفوائد التي يمكن أن يجنيها الوطن جراء تطبيقاتها المقيتة، اعتباراً من المماطلة في إعادة الجنسية للمجرّدين منها، ومن انتزاع أراضي الفلاحين، وإلى محاربة المواطنين الكرد في لقمة عيشهم لمجرد الانتماء القومي.


  وبالعودة إلى يوميات الاضطهاد، ومتابعة الخط البياني للتشدّد الأمني بشكل عام، وفي المناطق الكردية بشكل خاص، نرى أن أحداث آذار الدامية  عام 2004 قد تم استغلالها كمنطلق للتصعيد ضد الكرد وحركتهم الوطنية، بدلاً من استثمارها للمراجعة ومعالجة الدوافع، فهي -أي الأحداث – لم تكن مجرّد حالة شغب محصورة في ملعب القامشلي، كما إن التظاهرات والامتدادات المناطقية، لم تكن أيضا مجرد رد فعل آني .. ويمكن الاستدلال على هذا وذاك من خلال رصد العديد من القرائن والدلالات، التي يأتي في مقدمتها امتناع السلطة عن تشكيل لجنة تحقيق شـفافة قادرة على تحـديد المسؤولين عن إطــلاق الرصاص الحي، وقتل المواطنين العزل بدم بارد في محيط الملعب، وتكرار ذلك في مناطق أخرى وفي سنوات ومناسبات تالية، مما خلق شعوراً مريراً بالخوف لدى المواطن الكردي، الذي بات يخشى على دمه من الهدر، مثلما هدرت دماء الآخرين. كما امتنعت السلطة عن إجراء التحقيق في الحرائق التي طالت المؤسسات الحكومية حينذاك وتقديم مرتكبيها إلى العدالة، وذلك بهدف تضليل الرأي العام الوطني، وإيهامه بمسؤولية الكرد.
  وفي الحالتين لم تكتف السلطة بإرهاب الجانب الكردي، جزاء له على مشاعر الأمل التي تملّكته جراء التطورات الايجابية في الجوار الإقليمي، وعلى مشاركة النشطاء الكرد في الحراك الديمقراطي مع القوى الوطنية الأخرى في دمشق، وانخراطهم في النضال الوطني السوري العام، وصولاً إلى إعلان دمشق، بل اتخذت من تلك الأحداث عموماً لائحة اتهام جماعية، لتبرر بذلك استصدار المزيد من القرارات والمراسيم التي اقتحمت المناطق الكردية، لتخلق بذلك حالة غير مسبوقة من التعاون بين غضب الطبيعة وقساوة السياسة الشوفينية، التي توّجت بالمرسوم 49 لعام 2008 ، ونزع ملكية الفلاحين الكرد، وتضييق الفرص أمام طالبي العمل منهم. ولا يزال حبل تلك السياسة على الجرار الكردي، ولا يعرف أحد متى تنتهي آثارها الخطيرة، ولا إلى متى سيظل شعبنا الكردي صابراً على هذه المصيبة، ولا إلى أين سوف تجر هذه السياسة بلدنا..فأصحابها يتصرفون حيال الكرد وكأن الغد غير موجود، ولا يكتفون بإنكار وجوده، والشطب على دوره وتاريخه فحسب، بل ينكرون أيضاً مستقبل هذا البلد القائم على الشراكة الوطنية بين مكوّناته من العرب والكرد والآثوريين وغيرهم، كما ينكرون حقائق الماضي التاريخية، وحقيقة تشكيل سوريا كدولة، بموجب اتفاقات سايكس- بيكو، التي وضعت بدون إرادة السوريين بجميع تلاوينهم وانتماءاتهم، وحقيقة أن العرب والكرد كانوا وسيظلون شركاء، وحّدتهم الآمال والآلام المشتركة، وينتظرهم مستقبل واحد، لن يكون فيه مكان لدعاة التمييز الذين يختزلون الوطن في صيغة قومية واحدة أو حزب واحد، ويعاملون الكرد المطالبين بالمساواة والإنصاف كمتمردين خارجين على القانون.
  إن هذا الوضع الاستثنائي الذي يعيشه الكرد السوريون لا يعتبر حالة صحية أبداً، لأنها تغذّي مشاعر الاغتراب والاحتقان، وقد حان الوقت لتغليب منطق الحكمة والعقل لكي يستعيد المواطن الكردي توازنه القائم أصلا على التلازم بين الحقوق والواجبات، بعيداً عن التمييز القومي الذي لا يتلاءم مع عصر الانفتاح والديمقراطية، ليعيش مع غيره من المواطنين في ظل دولة التنوع والتعدد، التي تعتبر الولاء للوطن مقياساً أساسياً للوطنية فيها، ويشارك في بناء مستقبل يكون فيه للمواطن وزن وأهمية ودور وطني، وتصحيح علاقته مع السلطة في إطار المصالحة الوطنية التي دعا إليها إعلان دمشق الذي ولد من أعماق حاجة الناس المشاركين في صياغة مبادئه، ومنهم الكرد الذين وجدوا في الإعلان خياراً وطنياً، جسّد طموحاتهم بعد أن كانوا متّهمين من قبل المعارضة بالولاء للسلطة، ومن قبل السلطة بالولاء للخارج، كتهمة لا تزال تلاحقهم كلما أرادت السلطة إيجاد ذريعة للنيل منهم أو تطبيق مشروع عنصري أو إصدار قرار يسئ لهم، وباتوا يشعرون بحاجتهم الماسة إلى مدافع وطني عن قضيتهم المشروعة.
  ومن المؤسف القول أن إحدى التهم الموجهة لهذا الإعلان، والتي وجهت لاحقاً لعدد من معتقليه في محكمة الجنايات، هي انه يدعو لاقتطاع جزء من البلاد، كناية عن إقراره بوجود قضية كردية في سوريا تحتاج لحل ديمقراطي عادل في إطار وحدة البلاد، رغم أن الجانب الكردي، ومعه الكثيرون داخله، يدعون لمراجعة وثائقه وآليات عمله وأدائه السياسي، وتفعيل دعوته لعقد مؤتمر وطني سوري عام تبادر له السلطة، أو تشارك فيه يمهد له بحوار وطني شامل. كما يعتقدون بأنه آن الأوان لقيام السلطة من جانبها بمراجعة مماثلة، خاصة بعد أن  تأكّد عقم سياساتها على الصعيد الكردي الخاص، وعلى صعيد المعارضة الوطنية. فهي دفعت الكرد بتلك السياسات نحو الانعزالية، ودفعت مئات الآلاف منهم نحو مخاطر الهجرة إلى داخل البلاد وخارجها، وألحقت الضرر البالغ بالمجتمع الكردي، لكنها عجزت عن مصادرة إرادتهم النضالية والشطب على الوجود الكردي.. وليس من مصلحة أحد الإبقاء على حرمان هذا الشعب من حقوقه والإبقاء على حالة الاحتقان المتعمّقة نتيجة هذا الحرمان، وإخضاعه لسياسة القمع والتنكيل، التي تغذّي الاتجاهات غير الموضوعية وتسوّق الشعارات الخارجة عن سياقها الطبيعي، وتهدّد دائما بالاختلال الاجتماعي.
  وبنفس القدر فإن السلطة مطالبة بالكف عن محاولة فك ارتباط هذه القضية بعمقها الوطني، والتعامل بحكمة مع المعارضة الوطنية في الداخل الممثّلة بإعلان دمشق، الذي يرى فيه الجانب الكردي وعاءً لتجميع القوى وتنظيم عملها، وحاضنة وطنية لحماية قضيته، على خلفية اليأس من إمكانية تفهّم السلطة لهذه القضية، وحلّها ديمقراطياً في ظل سياستها المشحونة بالمشاريع والقوانين الاستثنائية، التي من شأنها عرقلة تطوّر المجتمع الكردي وخلق بيئة موبوءة بكل أشكال الانحراف بين أبنائه، بما في ذلك الانحراف السياسي .
  وبالعودة إلى إعلان دمشق الذي يستعد للمراجعة بعد إطلاق سراح معتقليه، فإن السلطة مطالبة بالاعتراف بأن الاعتقالات لم تكن حلاً سليماً، وإن البلد يحتاج بالنهاية لمعارضة بنفس مواصفات الإعلان، الذي ينطلق من حاجة الداخل السوري للإصلاح الديمقراطي الشامل، بعيداً عن الأجندات الخارجية. وقد أثبتت التجربة بأنه مشروع وطني حافظ على توازنه وثوابته الوطنية، رغم حملات الاعتقال وعمليات المنع، التي لن يكون بإمكانها تغييب المعارضة الوطنية التي تستحق الاحترام بدل الشطب، والحوار بدل القطيعة، خاصة في هذه الظروف، بعد أن أثبتت سياسات اللون الواحد عجزها عن تقديم الحلول الناجعة لقضايا الوطن، بما فيها القضية الكردية، وبعد أن باتت مختلف القوى الوطنية في البلاد تدرك بأن كل التطورات الجارية حولنا تثبت أن سياسة الإنكار المتعمد لوجود شعب تأصل وجوده، وتعمّقت جذوره في أعماق تاريخ المنطقة، لم تعد مجدية، ولا يمكن لها الصمود أمام الحقيقة الكردية إلى الأبد.
   مرة أخرى، أن مصلحة الوطن تحكمنا جميعاً، وأن هذه المصلحة تقتضي تنظيم العلاقة بين السلطة والمعارضة الوطنية في الداخل، وأن الحوار بين الطرفين يبقى الطريق الآمن والمضمون للتفاهم من أجل خير بلدنا، وتعزيز دوره ومكانته في المنطقة والعالم، وإنجاز مهمة الإصلاح الديمقراطي المنشود.

* الجريدة المركزية لحزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي)– العدد (205) آب-2010م

 

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 3.14
تصويتات: 7


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات