القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 310 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي



























 

 
 

مقالات: قراءة في كلمة نيجيرفان بارزاني التأبينية

 
الأربعاء 14 نيسان 2010


  صلاح بدرالدين

خلال مراسيم دفن رفات مائة وأربع طفل وامرأتين من ضحايا عمليات الأنفال السيئة الصيت من كرد منطقة – جمجمال – وهي دفعة جديدة من بقايا المقابر الجماعية قضت في أحد سجون النظام المقبور بقضاء – دبس – بمحافظة كركوك قبل نحو عشرين عاما ألقى السيد نيجيرفان بارزاني كلمة تأبينية هامة بهذه المناسبة الأليمة باسم رئاسة اقليم كردستان تطرق فيها الى بعض القضايا السياسية الجوهرية التي تشغل بال جموع المثقفين والناشطين وأصحاب الفكر من الكرد وشركائهم من العرب والأتراك والايرانيين في مختلف الأجزاء والأماكن الحريصين على الصداقة والعيش المشترك فبعد ترحيبه باعلان – المحكمة العراقية الجنائية العليا – اعتبار جرائم القصف الكيميائي في حلبجة وعمليات الأنفال جرائم ابادة جماعية نفذها نظام صدام حسين


 طالب القوى والجماعات السياسية العربية العراقية بأن تحذو حذو المحكمة وتعلن بوضوح تام عن اعترافها بأن ماحصل هي جرائم ابادة جماعية وهو مطلب حق وعادل ليس بكثير على شركاء الحاضر والمستقبل بل أن المرحلة الراهنة التي تمر بها العملية السياسية الديموقراطية بكل معوقاتها تتطلب اقترابا عربيا بخطوة جديدة نحو شعب كردستان ومبادرة تطمئن الشريك الكردستاني المتعاقد مع عرب العراق في علاقة اتحادية طوعية على أن جرائم الابادة التي اقترفت بحق الكرد منذ عقود وبصور وأشكال مختلفة لن تتكرر بعد الآن وما مطالبة السيد بارزاني التحالف الكردستاني بادراج هذه المسألة كبند في المباحثات المقبلة مع القوى السياسية العربية العراقية وكشرط لأية اصطفافات جبهوية كردستانية عربية قادمة وصولا الى التعاون في تشكيل الحكومة والتوافق على استحقاقات الرئاسات الثلاث والمناصب السيادية الا ادراكا منه بأن الشريك العربي العراقي قد تأخر كثيرا في الافصاح عن موقفه من ابادة شعب الاقليم وقد تكون جماعات وتيارات معروفة في كتل وقوائم فائزة تتحمل مسؤليات جرمية سابقا وراهنا على الصعيدين العملي والنظري وقوى معينة مازالت مترددة بهذا الشأن الذي يعتبر مدخلا لأي تعاون ثنائي وأية شراكة مستقبيلية وفي الوقت ذاته ملاحظة وجيهة لاتخلو من النقد موجهة الى قيادة التحالف الكردستاني في طريقة وشكل ادارتها للصراع السياسي وكيفية تعاملها مع الفريق المقابل في مرحلة مابعد – اللعبة – الانتخابية البرلمانية أي في زمن نيل الاستحقاقات الدستورية والقانونية والادارية حسب برامج وخطط مدروسة تخضع للنقاش في أوسع المجالات الممكنة حتى يتحقق تجسيد مصلحة شعب كردستان وصيانة حقوقه المشروعة وحتى لاتضاع الفرص مجددا كما عودتنا عليها القيادات الكردية طوال تاريخنا الدامي وأحداثه الدرامية وكوارثه المفجعة  .

     الأمر الآخر بذات الأهمية الاستراتيجية الذي تطرق اليه السيد نيجيرفان بارزاني في كلمته التأبينية أمام نعوش رفات العشرات من أطفال منطقة جمجمال الذين شاء قدر الطغاة أن لايكونوا اليوم شبابا بين أهلهم وذويهم يمارسون الحياة الطبيعية في ظل حكومة الاقليم الفدرالي كاداريين ومسؤولين وعلماء ومثقفين ودبلوماسيين وبرلمانيين وقضاة هو موضوعة علاقات الكرد مع المحيط العربي – الاسلامي والمقصود (كرد وعرب وترك وفرس) وصولا الى المحيط الأوسع والأشمل وخاصة تجاه العمق العربي والاسلامي في منطقة الشرق الأوسط وذلك عندما انتقد علانية الموقفين الرسمي والشعبي العربي والاسلامي في الصمت تجاه جرائم النظام السابق في حين نددت غالبية الدول والمنظمات الأوروبية والأجنبية الأخرى بتلك الجرائم بل اعتبرتها كجرائم ابادة بشرية وفي هذا السياق يقصد السيد بارزاني بأن الجوار الكردي من شعوب وأنظمة وحكومات مازالت تتحفظ اما على الحقوق الكردية وأحيانا على وجوده بعدم الاعتراف به كقومية مستقلة مميزة تتمتع بكافة علائم الشعب والأمة ويشكل هذا الموقف المتجاهل – المعادي قاعدة لبروز وتطبيق الحلول العسكرية تجاه القضية الكردية منذ عقود وما أنتجت من خسائر بشرية ومادية والتعامل مع حقوق الكرد المشروعة بنظرة أمنية بحتة وليس كقضية سياسية تحررية تتعلق بمصير شعب وحاضره ومستقبله الى درجة أن فئات وتيارات سياسية آيديولوجية وخاصة في أوساط العسكريتاريا صاحب السلطة والنفوذ ركبت موجة العداء للكرد وتصويرهم أمام الشعوب المجاورة كانفصاليين ومتمردين ومتسللين وخارجين على القانون ليتسنى لها التحكم بالسلطة باسم الأمن القومي والدفاع عن وحدة الأوطان مستخدمة في ذلك الأحكام العرفية وقوانين الطوارىء للجم الحركة الشعبية وخنق الديموقراطية وانتهاك الحريات على حساب التقدم الاقتصادي والتنمية والنتيجة هي خسارة الجميع كردا وعربا وتركا وفرسا .
    نعم يريد السيد نيجيرفان بارزاني أن يعلم الجوار والأبعد من كيانات وأنظمة ومنظمات وحركات سياسية غير حكومية (قومية واسلامية ويسارية) بأن موقفهم خاطىء تجاه الكرد كشعب وكقضية وأن مبادىء الحرية وقيم الأخلاق المادية والروحية لاتتجزأ وأنه لايجوز أن تتبنى قضية عادلة في مكان ما من الكرة الأرضية وتدافع عن حقوق مكون ما في أحد أصقاع العالم وتتجاهل قضية عادلة تعايشها وتشارك مآسيها بل وتساهم في تفاقمها فأية عدالة هذه ؟ وعلى سبيل المثال هناك جامعة عربية تضم الدول العربية الثانية والعشرين وهناك امتداد كردستاني في دولتين عضوين فيها وهناك ما يكفي من علاقات تاريخية منذ أكثر من ثمانية قرون بين الكرد والعرب وهناك وشائج عميقة تربط الشعبين ولكن وحتى هذه اللحظة لاتعترف الجامعة بالوجود الكردي ناهيك عن حقوقه ويتشاطر أمينها العام في كل مناسبة من أن يحاول في جعل تركيا وايران عضون أصيلين أو مراقبين في الجامعة ويتجاهل الشعب الكردي الذي يشكل المكون القومي الرابع في الشرق الأوسط والأمر ذاته ينطبق على منظمة المؤتمر الاسلامي التي تضم غالبية الدول الاسلامية في العالم والى جانب ذلك نجد الغالبية الساحقة من منظمات المجتمع المدني العربية والاسلامية من أحزاب وجمعيات ومراكز بحث ونقابات مهنية تتطابق مواقفها الكردية في معظم الحالات مع المواقف الرسمية وتستبعد مثيلاتها الكردية من المؤتمرات واللقاءات وحتى من ورش التدريب ودورات التثقيف والتعريف بحقوق الانسان والشعوب والأقليات فأية مفارقة هذه ؟
   أمام التردي الحاصل في الحركات الوطنية والديموقراطية المعارضة منها والموالية في الدول الأربع التي تقتسم كردستان والشعب الكردي والتراجعات والهزائم التي تمنى بها باتت الأنظار تتوجه الى الدول والحكومات رغم استبداديتها خاصة في بعض المنعطفات السياسية التي تشهدها شعوبنا فبالأمس القريب استقبل العاهل السعودي في الرياض رئيس اقليم كردستان السيد مسعود بارزاني وقلده وشاحا رفيعا ولاشك أنها لفتة معبرة مشكورة ولكن هل أعرب الملك عبدالله لضيفه الكبير الذي يرمز الى كل الكرد في العالم وليس كرد العراق فحسب عن موقف جديد حيال الكرد والقضية الكردية والفدرالية ؟ لقد قلد الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات بعض الشخصيات العربية والعالمية أرفع وسام فلسطيني – درع الثورة الفلسطينية – وكان واحدا من تلك الأوسمة من نصيب كاتب هذه السطور في بداية ثمانينات القرن الماضي ببيروت حيث رافق التقلد كلمة من المقلد جاء فيه : " تكريما لعلاقات الصداقة الفلسطينية الكردية واعتزازا بالشعب الكردي الشقيق وكفاحه العادل من أجل حق تقرير المصير وتثمينا لنضالكم المتواصل من أجل تمتين وتعزيز العلاقات الكردية العربية وباسم شعب فلسطين ومنظمة التحرير الفلسطينية وحركة التحرير الوطني الفلسطيني – فتح – نمنحكم درع الثورة الفلسطينية عربونا للصداقة والتآخي والله ولي التوفيق ".
   كل ما ذكره السيد نيجيرفان بارزاني بخصوص نقد مواقف الآخرين لتقصيرهم تجاه الكرد خاصة في أوقات الشدة والمحن سليم وفي محله ولكنني أريد أن أضيف أن الكرد وخاصة حركاتهم السياسية ومؤسساتهم الاعلامية وبشكل أخص في اقليم كردستان العراق الفدرالي الذي يشكل المركز المتقدم في الحركة القومية التحررية في المنطقة والعالم يتحملون قسطا من المسؤولية في ذلك التقصير لأسباب عديدة وفي مقدمتها غياب الخطاب السياسي الكردي المؤثر ولاأقول الموحد حيث يمكن التأثير حتى في ظل الخطاب التعددي وغياب الاعلام الكردي الموجه بلغات الشعوب المجاورة لشرح القضية الكردية والتعريف بالكرد وتاريخهم وانعدام العلاقات المنظمة في حدودها الدنيا بين أطراف الحركة الكردية وأجزائها ومؤسساتها وعدم ايلاء أهمية تذكر للتواصل مع منظمات المجتمع المدني العربية والتركية والايرانية التي من المفترض أن تكون أقرب الى الكرد من الأنظمة والحكومات رغم قصورها عبر المؤتمرات وجمعيات الصداقة والتعارف والندوات وغياب مراكز البحث الكردية المختصة بقضايا العلاقات مع الشعوب الأخرى وانني لعلى ثقة بأن السيد نيجيرفان بارزاني على علم بالعديد من المشاريع الحيوية في هذه المجالات ظلت ومازالت حبيسة الرفوف المكتبية هنا وهناك.

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 3.28
تصويتات: 7


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات