القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 542 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي


























 

 
 

مقالات: استراحة ... أم صمت من يحتضر

 
الأثنين 28 ايلول 2009


خليل كالو
 x.kalo59@hotmail.de  

كم نتمنى أن تكون طبيعة هذا الصمت المخيم على قطاعات واسعة من المجتمع الكردي الآن الذي سببه ذاتي هو من طبيعة هدوء العنوان في شطره الأول أعلاه لا من طبيعة الصمت في شطره الثاني ! ولكن ليس نيل المطالب يأتي بالتمني والكلام الزائد من دون بذل جهد حقيقي حيث تتحقق جميع الأهداف والأماني بالمثابرة والاجتهاد والعمل المضني والتضحيات اللازمة وحكمة الفيلسوف وعدم خيانة المرء لخيالاته. فأكبر خيانة يقوم به المرء هو أن يخون ذاته من خلال ذاته وإنكار خيالاته وكل من يخون ذاته يهون عليه خيانة الآخر وبسهولة وما كل التطور الذي وصلت إليها البشرية ليس سوى تحقيق ما حلم به المبدعون وحققوا هذه الخيالات وحولوها إلى واقع وحقيقة ملموسة.


ما يحدد مصير المرء والجماعة الوعي الذاتي الخلاق وليس المزيف وليس شيء آخر سواه و الكرد ليسوا بأقل من غيرهم من حيث الشكل والذكاء ووزن الدماغ والبيئة و التاريخ والمقومات كمتحد أصيل. فكم من زمان طال والكرد يسعون للتعبير عن ذاتهم بطرق شتى دون الوصول إلى تكوين نظرية فكرية وثقافية لها طابع متمايز وبهوية عنصرية مثل غيره من الأمم والشعوب وبقي من الشعوب الشفاهية بدون كتاب وقد كان للكلام السوقي والحديث عن الفكر المجرد قد أخذ النصيب الأكبر من وقت حديثه بعيداً عن مشاكلهم وقصروا في خوض المناقشات البنية للوصول إلى ما يسعون إليه فكان هذا أمراً غير صحي ولم يكن له من فائدة تذكر خلال المراحل الماضية  ومن خلال نخبه المتنوعة وخاصة المتنورة من رجال الدين وأمثالهم ومن كافة الطبقات الاجتماعية كان هذا قبل النهضة القومية في بداية القرن العشرين ولكن أن تستمر مثل هذه المناقشات البيزنطية في هذا الوقت وأن تقتصر العمل الفكري والثقافي على الكلام مثل السلف يقتصر وظيفة النخب على متابعة الأخبار وتفسير المواقف التي لا شأن لنا بها وقراءة الأخبار والجرائد والتفرج على الأحداث كمن يتابع مباراة رياضية دون أن يؤدي كل المناقشات والمحاكمات إلى نتاج فكري وثقافي أولا وإلٍى عمل مثمر في النهاية ودون بذل جهود حثيثة لتغيير الأحوال والتقدم نحو الأفضل وتصحيح مسار الاعوجاجات الضارة فالأفضل لنا في هذه الحالة ألا نتكلم على الإطلاق لأن الكلام غير المقترن بعمل خلاق هو من صفات الشعوب الأمية والمتخلفة وترسيخ لهذه الصفات والسلوكيات فالثرثرة في المجالس دون تكوين فكر ورأي عام ووعي جمعي وتغيير في المفاهيم وتقويم لصفات الشخصية واستبدال سلوك العبد بثقافة الحر سيبقى الحديث فارغاً دون محتوى وضياع للوقت والجهود وسببا لجلب المتاعب وخلق المشاكل حتى بين المثقفين وممثلي الرأي العام  ويولد شعوراً كاذباً لدى الفرد حتى كاد أن يعتقد أنه قد أصبح من العارفين ليفتح الطريق أمام الجهل والمحتالين وما نصف العلم أخطر من الجهل كما يقوله الانكليز في أمثالهم ويفضل على كل مثل هذا الكلام قليل من العمل حتى لو كان حفظ كلمة من اللغة الكردية واستبدالها بكلمة أعجمية واستعمالها خلال حديثه العام يكون أفضل بكثير من دردار طبل يملأ الوادي ضجيجاً وهذا أضعف الإيمان في مقاييس الكردايتي وقس على ذلك الكثير من هذه الاعوجاجات التي تملأ الكثير من جوانب حياتنا الاعتيادية ناهيك عن تقصيرنا تجاه الواجب الذي لا شكر عليه . ولكن الذي لم يكن على البال هو الصمت المطبق منذ مدة من قبل الحناجر التي كانت تصم الآذان مدعية الدفاع عن الحقوق وتمثيلها مطالب الشعب الكردي وكأنها أصابت بالجدري في حلقها وأصابت معها الحركة الثقافية والسياسية والحراك العام الشلل النصفي إذا لم نقل التام. هذا ما يلاحظه الناس في حياتهم العامة والبيئة التي يعيشونها ولا يهمهم   بما ليس لهم من علم عما يجري في القصور والفيلات والأماكن الخاصة  والبؤر السياسية المغلقة وخلف الجدران وخارج حدود الوطن. في نفس الوقت ليس من المعقول ولا هو أمر صائب ومنطقي ولن يتقبله العقل السوي أن يكون هكذا هو قدر الكرد في هذه المرحلة بالرغم من عدم إيماننا واعتقادنا بالقضاء والقدر بعيداً عما يعتقد الملحد. بالطبع لا. فكل ما يلاقيه الإنسان  من خير أو شر هو من صلب وعيه وسلوكه وليس للظروف الموضوعية دور في تحديد مصير الإنسان ومثله الجماعات من شأن سوى انتهازها فرصة حالة الضعف والفوضى المنتشر في الصفوف للاستحواذ على المقدرات وسلب الإرادة لذا حيت يبقى الوعي هو الحقيقة المطلقة في كل زمان ومكان وسيبقى أبدياً من نتاج الإنسان وما الثقافة والفكر و امتلاك القوة على كل الأصعدة عناصر ومفردات ناتجة ومرافقة للوعي السليم لقد أثبت تاريخ التطوري المضطرد للبشرية أن الوعي والقوة عنصران أساسيان متلازمان يحددان مصير الأفراد والجماعات في كل زمان ومكان ولم تتغير تلك الرابطة الجدلية بينهما منذ الأزل ولن تتغير ما دامت الطبيعة وحركة تطور الحياة عليها تطلبان بقاء ذلك الاتحاد كون الإنسان ما زال يعيش الكثير من سلوكيات جده الأول (القرد) وما قول الناس سواسية كأسنان المشط ونحن بني البشر من أب واحد والديمقراطية حل ومسألة حقوق الإنسان ليس إلا خرافات وجرعات تخديرية للضعفاء. إن امتلاك الوعي وإنتاجه هو صنيعة رجال قوامون على إدارة شؤون الجماعة وأن إيجاد القوة هو من نتاج الوعي الخلاق من أجل البناء والقوة هنا لا تعني بالضرورة الوسائل المادية التدميرية التي هي من صنيعة الفكر غير الخلاق المنتمي على العالم السفلي  بل لها مصادر كثيرة ومتنوعة وجميلة في نفس الوقت تخدم حقيقة الإنسان وتعلو من قدره. فبدون وجود نخبة مبدعة ذات شخصية حكيمة قائدة ومسئولة لا يمكن الحديث عن تغيير المفاهيم السائدة والتحول في البنى الأساسية لوجود الجماعة والحداثة في مرتكزات وعوامل تكوين الثقافة والارتقاء بالفكر وامتلاك الفرد الوعي الحقيقي .إذا كانت الطبيعة تبقي على أصحاب الشخصية الضعيفة المهلهلة البليدة أحياناً فهذا لا يعني إنهم جديرون بالعيش في الحياة ومحترمون بل يقوم الأقوياء بالاحتفاظ بهم ليكونوا لهم خدماً و يستخدمونهم كأدوات للأعمال القذرة والسخيفة , حيث الأقوياء لا يتنازلون القيام بها و الضعف صفة سيئة تحط من قيمة الفرد والجماعة وعنصر أولي في بناء الشخصية المزيفة وانتشار ثقافة العبودية والاستسلام وإذا ما ابتلى شعب ما بهذه الشخصية سينتابه الضعف بشكل حتمي وسيكون نهايته سيئة وعواقبه على الأجيال القادمة وخيمة ورهيبة ولكي يستطيع التخلص من هذا الضعف المركب لا بد من تكوين وبناء شخصية جديدة للسير بشكل طبيعي وسليم نحو الأمام وحينئذ يحتاج إلى مناهل فكرية وثقافية وتضحيات جسام ونقد لاذع للماضي ووجوب وجود نخبة مثقفة تنير له الدرب ومواجهة الواقع بحكمة وتعقل وشجاعة كاوا .لقد سعى الكرد منذ قرنيين من الزمان لإيجاد نظرية فكر قومي وبناء شخصية الكردايتي على أساسها لها هوية ثقافية متمايزة ولكنهم فشلوا إلى حد كبير وبقيت الأحوال سيئة وها نحن نعيش ذلك الواقع الآن.
 إن بقاء الشخصية الكردية ضعيفة هكذا بدون مسوغات وأسباب حقيقية ومنغلقة على ذاتها ومغتربة عن حقيقتها وضائعة داخل متاهة الثقافات التي توافدت إلى كردستان أدت هي بدورها إلى اغتراب وضعف الشخصية الكردية أكثر وأكثر مع فقدان الكثير من عناصر تكوين الوعي والشعور القومي والثقافي والروحي المستقل التي تكون هذه المقومات أولية وأساسية في تحديد هوية الفرد حتى يستطيع البقاء بشخصية مستقلة. فكل شخصية قوية هي قوية بميزاتها الروحية والثقافية وقوة النظرية الفكرية والثقافية لديها والمعارف التي تكتسبها والهوية التي تميزها عن الآخرين. ليس سرا عما نبوح به عن حقيقة مرة ما بعدها مرارة وليس تشفيا وتلفيقا وتشهير بأحد بل نتحدث عما يجول في وجداننا هو أن تصل الحال بالحراك العام للمجتمع الكردي إلى هذه الحالة التي يتحسر عليها العدو قبل الصديق في الوقت الذي باتت التطورات الديناميكية تعصف بهذا العالم ومن حولنا باضطراد حيث يسعى الكل إلى تحقيق أعلى سقف من المطالب والحقوق القومية والوطنية في عملية تبادلية وعلاقات مشتركة وأحياناً أخرى بطريقة استعمارية وأساليب إرهابية عدوانية حيث يفرض القوي إرادته على الضعفاء لابتزازهم لأجل السيطرة على مقدراتهم الاقتصادية فمن هؤلاء من يقاوم وينتظم صفوفه ويعيد حساباته بغية الخروج من حالة الضعف الذي هو سبب كل المآسي والشقاء والتصدي للظروف المحيطة بهم من فكر وثقافة  والبحث عن قيادة ونخبة  ذات هوية متمايزة ومخلصة لأهدافها وقضيتها وعادة ما تكون نمط الشخصية المطلوبة على الساحة هو أن تكون مبدعة ولها أهداف واضحة وحقيقية لصالح الجماعة تمتلك فكرا خلاقا وقادا والشجاعة اللازمة والاستعداد للتضحية إذا تطلب الأمر لا تهمها شيء سوى العبور بالأمانة إلى الجانب الآخر من الشط مهما بلغت مصاريف الجهود وثمن التضحيات فكل همهما الاقتراب من أهدافها وتحقيق ما تسعى إليها وغالباً ما تصل بسفينتها بسلامة وبالتأكيد ستصل مثل هذه الشخصية بقيادتها الجماعة إلى بر الأمان وهذه هي إحدى مسلمات التاريخ من حركة الشعوب الحية وهنا لا يهم كثيرا مقدار التضحيات التي قدمت من  أجل ذلك حيث العبرة بالنتائج والنهايات السعيدة وهناك آخرين من هؤلاء الضعفاء يستسلمون للقدر ويتركون أمرهم للرفيق الأعلى ويضعون اليد على الخد بانتظار الموت وهم ميتون وإذا ما وجدت أمثال هذه الجماعات  حينها يعلم أنها لا تمتلك قيادة إستراتيجية وفكرية وثقافية وروحية  ونمط الشخصية السائد بينها مزيف ومتهالك ومحتال يجتمع فيها كافة المزايا السيئة والسلوك غير السوي و حينها تصبح حال الجماعة أشبه بقطيع بلا راع  يطمع فيها كل من هو مقتدر عليها يتصرف بمصيره ـ ﭽرتو و ﭭرتو كما يقول الشاعر الكبير ﺠﮕرخوين في أحد أشعاره ـ وأن عوامل وأسباب استمرار الحياة لديها ستضعف وفرص الخلاص من عبوديتها سيتضاءل  وستحتضر نتيجة لسقمها وعللها المزمنة. لقد مر المجتمع الكردي بظروف وعصيبة كثيرة وتعرض على كافة أشكال الظلم والإقصاء والإنكار وقد كان لها أسبابها الموضوعية والذاتية من الجهل والثقافة البالية وإرهاب المادي وفقدان القيادة واغتراب الفكر وسيطرة التراث الإسلامي على عقله وتبنيه سلوك الغير في التعامل مع مقتضيات الحياة الخاصة به من حيث عاداته وتقاليده وهويته الثقافية ولكن هذه الظروف قد تغيرت منذ ما يقارب من قرن وباتت مقومات البقاء والعيش بهوية عنصرية قومية مثل الآخرين متاحة وفي متناول اليد من حيث العوامل المساعدة وتوفير الشروط الذاتية والظروف الإيجابية من التاريخ النضالي القومي وامتلاك الكرد الكثير من مقومات البقاء والاستمرار كقومية لها من التراث واللغة والتاريخ وميراث غني للمناضلين والقادة الذين ملئوا صفحات القرن الماضي بالتضحيات والأعمال البطولية وتنامي فكر الكردايتي وظهور شخصيات مبدعة وعظيمة في هذا المضمار على مر السنوات الماضية بالإضافة إلى كل ما ذكر يضاف إليها ميراث حراك سياسي عنيف مستطرد  ومما لا يستساغ وما هو ليس في البال ويثير الاستغراب أن تصل الحالة في النهاية عما هو عليه الآن والنتيجة أن تكون الركون والتواري عن أنظار والجميع يولون الدبر فرادى وجماعات وترك فراغ كبير وهوة سحيقة بين من يعتبر ذاته زينة الواجهة وبين البؤساء من الكرد حتى سادت الأجواء الآن صمت يشبه صمت من هو يحتضر وفي كل مكان بشكل يثير العجب والاستغراب والدهشة. ربما كان هذا الكلام الذي نقوله مكرر ونحن نعتقد ذلك ولكن الذي لا نعتقد به هو أن نقول لا يوجد ما في اليد من حيلة الآن ومن طريقة أخرى للتعبير عن ذات الكرد سوى البكاء على الإطلال والرثاء كما كان يفعله الشعراء.


 28/9/2009

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 0
تصويتات: 0

الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات