القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 593 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي


























 

 
 

مقالات: السلطة التنفيذية في لبنان بين الدستور والامزجية الطائفية

 
الأثنين 14 ايلول 2009


موسى موسى

لا يمكن أن يقال عن الدستور إلا تلك الوثيقة الأساسية الناظمة للدولة من حيث شكلها, ونظام الحكم فيها, وتنظيم سلطاتها, وعلاقة تلك السلطات فيما بينها, كما ويعتبر المرجع الاساسي الذي تلتزم به المؤسسة التشريعية في اصدار كافة القوانين الوطنية, ويعتبر الخروج عنه مثاراً للمسؤولية.
وقد وضع الدستور في لبنان جانباً وتعطل العمل به في كثير من الاوقات, لتصبح أمزجة القوى المتنفذة- الطائفية والمذهبية- وارتباطاتها الاقليمية والدولية هي الناظمة للدولة مما كان من نتيجته ويلات شهدته لبنان من حروب أهلية مدبرة لضرب ذلك النظام السياسي الديمقراطي البرلماني الوحيد في الوطن العربي, الذي لم يكن بمقدور رئيس الدولة فيه من ان يتحول الى دكتاتور يسيطر على مفاصل الحياة السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية ويسخر الدولة وما فيها لخدمته وحاشيته.


لبنان ذلك البلد الوحيد في محيطه العربي الذي تحولت خصائصه الثلاث الى مكمن الخطر عليه ومدخلاً لضربه وشقه عوضاً عن أن تكون محركاً له نحو الامام، فالنظام الديمقراطي البرلماني, ورئيس الجمهورية المسيحي ديناً, والنسبة العالية من سكانها المسيحيين حيث تصل فيها الى ما يقارب 40%, هذه الخصائص الثلاث التي يختلف بها لبنان عن المحيط العربي كانت مكمن ويلاته. ولما لم يكن بمقدور الطامعين والراغبين في تحويل وتغيير تلك الخصائص خلال تاريخه الطويل, إلا انهم كانوا دائماً بمثابة العصي في عجلات تطوره وتقدمه، وماكان من اعتذار زعيم تيار المستقبل سعد الحريري بعد مرور 73 يوماً من مشاوراته  لتشكيل حكومة إئتلاف وطني بعد تكليفه من رئيس الجمهورية إلا قناعة منه بان قوى سياسية طائفية كانت وراء عرقلة تشكيل تلك الحكومة خدمة لمصالحها ومصالح تلك القوى التي لا تريد للبنان الامن والاستقرارإلا في فلكها.
ودستورياً لا يمكن أن يقال عن لبنان إلا ما نص عليه دستوره النافذ في الفقرة "ج" من مقدمته بان "لبنان جمهورية ديمقراطية برلمانية "
وكذلك الفقرة "ه"   "ان النظام قائم على الفصل بين السلطات وتوزيعها وتعاونها".
 وكذلك الفصل بين منصبيي رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء, وجعل رئيس الجمهورية غير مسؤول سياسياً بموجب المادة /60/ منه كما والقى التبعة على الوزارة كما جاء في المادة /66/ "يتحمل الوزراء اجمالياً سياسة الحكومة ويحملون افرادياً تبعة افعالهم الشخصية".
وقد القت المادة /17/ منه السلطة الاجرائية على الوزراء ليؤكد على الطبيعة البرلمانية لنظام الحكم في لبنان حيث نصت المادة المذكورة على ان "تناط السلطة الاجرائية بمجلس الوزراء وهو الذي يتولاها وفقاً لأحكام هذا الدستور".
وبإناطة المسؤلية على الوزارة يصبح رئيس الجمهورية غير مسؤول سياسياً, حيث لا يجوز مساءلته عن شؤون الحكم أمام البرلمان، فلا يحق للبرلمان سؤاله أو استجوابه أو الاقتراع بعدم الثقة به لإرغامه على الاستقالة قبل انتهاء مدة حكمه او رئاسته. ويترتب على قاعدة عدم المسؤولية نتيجتين هامتين:
أ‌-        انتقال السلطة الفعلية في الدولة الى الوزارة: حيث لا سلطة بدون مسؤولية, وحيثما توجد السلطة توجد المسؤولية, والوزارة في النظام البرلماني كما في لبنان هي البديل الذي يتحمل مسؤولية الحكم وتبعاً لذلك لا يكون لرئيس الدولة سياسة خاصة او برنامجاً ذاتياً حتى ولو كان مؤمناً او ملتزماً بينه وبين نفسه أو في العلن, إلا انه لا يستطيع على تحريك ذلك البرنامج أو تلك السياسة, لانه ليس هو الذي يقرر او يضع سياسة الدولة لان وضع السياسة في هكذا نظام (برلماني) يكون متروكاً للوزارة، وعليه تكون سلطات رئيس الدولة في النظام البرلماني سلطات فخرية او اسمية.
ب‌-    عدم استطاعة رئيس الدولة العمل منفرداً:
تنص المادة /54/ من الدستور اللبناني على ان "مقررات رئيس الجمهورية يجب أن يشترك معه في التوقيع عليها رئيس الحكومة أو الوزراء المختصون ما خلال مرسوم تسمية رئيس الحكومة ومرسوم قبول استقالة الحكومة أو اعتبارها مستقيلة ، أما مرسوم اصدار القوانين فيشترك معه في التوقيع عليه رئيس الحكومة"
وبهذا يكون جميع الاختصاصات أو السلطات المسندة الى الرئيس يجب أن يمارسها عن طريق الوزارة ولا يكون توقيعه على القرارات الهامة ملزماً إلا إذا كانت مصحوبة بتوقيع رئيس الوزراء أو الوزير المختص, وهذا ما يعرف بقاعدة التوقيع المجاور أو المزدوج. هذا بالنسبة لأعمال رئيس الدولة المكتوبة. أما بشأن أعماله الشفوية كإلقاء الخطب أو استقبال السفراء والرؤساء أو حضور الاحتفالات, فلا بد له من أن يصحب معه رئيس الوزراء أو الوزير المختص ليحمل عنه المسؤولية عن تصرفاته. اما الصلاحية أو السلطة التي يتمتع بها رئيس الجمهورية في لبنان كما في جميع انظمة الحكم البرلمانية, فهي حقه في تعيين الوزارة.
ففي لبنان وبموجب المادة /53/ من الدستور لا يجوز للرئيس تعيين الوزراء, بل له تسمية رئيس الوزراء "يسمي رئيس الجمهورية رئيس الحكومة المكلف بالتشاور مع رئيس مجلس النواب استناداً الى استشارات ملزمة يطلعه على نتائجها".
لكن رغم النص الدستوري في حرية رئيس الجمهورية في تسمية رئيس الحكومة إلا انه ملزم ومقيد بتسمية رئيس الحكومة من الاغلبية النيابية وعلى الأرجح يكون زعيم الاغلبية النيابية, ولهذا كان رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ملزماً ضمنياً بتسمية وتكليف زعيم الاغلبية النيابية السيد سعد الحريري بتشكيل الوزارة, ورغم اعتذاره في العاشر من سبتمبر 2009 عن تشكيله للحكومة إلا ان رئيس الجمهورية ملزم ثانيةً بتسمية  من يكون من الاغلبية النيابية وعلى الأرجع سيكون زعيمها السيد الحريري, لان استمرار الوزارة في الحكم وعدم تعرضها لهزات دستورية أمر مرهون بحصولها على ثقة البرلمان وتأييده, بمعنى ان رئيس الوزراء في الحالة اللبنانية ـ حيث وجود اغلبية برلمانية ـ أمر مفروض على رئيس الجمهورية لا يمكن التنصل منها لضمان استمرار الوزارة في الحكم.
وبما ان الوزارة هي التي تتحمل اعباء السلطة الاجرائية, والمسؤولية, لذا يكون على رئيس الوزراء تشكيل حكومة من اللذين يعاونونه في تنفيذ سياسته لانه سيتحمل مسؤوليتهم تجاه رئيس الدولة وتجاه البرلمان, لان الوزارة في النظام البرلماني وحدة متجانسة تتحمل بصفة جماعية تبعة سياسة الحكومة العامة أمام مجلس النواب بموجب المادة /66/ من الدستور.
أما خضوع رئيس الوزراء المكلف لتوافقات مفروضة عليه أسماءً وحقائب وزارية مسماة بالأسماء من خارج دائرته السياسية سيعرض وزارته الى ازمات دستورية لا يتحمل نتائجها الا الشعب اللبناني ولبنان الدولة والوطن, ولهذا جاء رفضه لشروط التيار الوطني الحر بزعامة العماد ميشيل عون في توزير السيد باسيل.
ان بعض الحقائب الوزارية التي ظهرت اهميتها لدى بعض الفرقاء نظراً لاستغلالها في مصلحة فريق معين وحجبها عن مؤسسات الدولة كوزارة الاتصالات على سبيل المثال وخاصة بعد العملية الارهابية التي تعرض لها الرئيس الشهيد رفيق الحريري, وكذلك بعد ان تم كشف شبكة الاتصالات التي أقامها حزب الله اللبناني لمصلحته تحولت تلك الوزارة الى وزارة امنية تتسابق القوى المختلفة للاستحواذ عليها بحيث أصبحت معضلة تتهاوى عليها مشروع بناء الدولة, وقد سبق أن بقي منصب رئاسة الجمهورية شاغراً لمدة ستة أشهر فلم يكن بمقدور مجلس النواب من الانعقاد لانتخاب رئيس الجمهورية نتيجة انتقال المجلس من تأجيل الى تأجيل لمدة ستة أشهر الى أن كان اتفاق الدوحة وتلاقي الارادة الاقليمية في ذلك, وهكذا سيكون مصير تشكيل الحكومة أيضاً, فقد خطط للبنان ان يكون مصيره مرتبطاً بالتوافقات الاقليمية والدولية لارتباطات بعض القوى اللبنانية الداخلية بها.

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 1
تصويتات: 1


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات