القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 436 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي



























 

 
 

مقالات: شرق أوسط جديد ... لم لا ؟

 
الأحد 30 تموز 2006

صلاح بدرالدين

         الشغل الشاغل لفئة من كتاب ومثقفي منطقتنا ومن مختلف الملل والآيديولوجيات  انتظار وترقب ما تصدر من مقولات ومصطلحات ومواقف عن مسؤولي وممثلي دوائر الغرب الأوروبي والأمريكي حتى تصدر ردود فعلها المرسومة مسبقا والمحفوظة عن ظهر قلب وباتجاه واحد والمتمثلة بالرفض المطلق دون تأويل أو تحقيق أو تقييم والحكم يعود أولا وأخيرا الى المصدر لا الى المضمون , وهنا مكمن المأزق في عزل العقل واحتجاب المنطق والتشبث بقاعدة التعامل الجاهلي القبلي


وقد تفاقمت هذه الظاهرة منذ أن جاهر – الاسلام السياسي – وتجلياته – الطائفية السياسية – بالدعوة وطلع علينا ببدعة – الفسطاطين - على غرار خطاب – بن لادن – والزرقاوي – والخميني – ونصرالله – وأحمدي نجاد -  وبدرجة أخرى بعض تيارات – حركة الاخوان المسلمين – وخاصة في الاردن ومصر ذلك الخطاب الغيبي الشمولي العنيف الرافض للحوار والنابذ للآخر المخالف .
          مشكلة هذه الفئة المتعلمة هذه أنها تعيش في داخلها تناقضا صارخا قذفها  نحو متاهة الضياع فهي وبحكم الفراغ الناشيء في كيانها وعدم استقرارها المعرفي  تدير أزمتها الثقافية  بانتظار المبادرات الاستراتيجية والرؤا السياسية والتقديمات الثقافية والفلسفية القابلة للنقاش العلمي  التي تكاد تقتصر منذ قرون على المؤسسات الغربية منذ عهد التنوير والنهضة من دول ومراكز أبحاث وجامعات ومفكرين ومنظرين لتقوم بدور رد الفعل الخالي من أي ابداع جديد وهو من أسهل أنواع المجهود الفكري لايمارسها الا الكسالى فنحن معشر شعوب الشرق – الروحاني – خسرنا الرهان منذ انتصار – حطين – ودب الجمود بوعي وعقول أسلافنا وتعلمنا من بعد ذلك وببطىء شديد ودون استيعابها على الوجه الأكمل  ألف باء قيم الحرية وأشكال الثورات وصراع الطبقات  وتقرير المصير والديموقراطية والمساواة وحقوق المواطن وحقوق المرأة وقوانين ثورات التحرر الوطني وأسس الفكر القومي وبناء الدولة الحديثة وقوانين الادارة والمجتمع المدني وبناء الجيوش والاستراتيجية والتكتيك وأجهزة الأمن والقمع والسلاح وتجهيز المستشفيات وأدوية العلاج  واشارات المرور وربطة العنق جميعها من ذلك الغرب الاستعماري الامبريالي المستكبر – سمه ما شئت – وما زلنا حتى اللحظة أكثر حاجة اليه حتى في متطلباتنا المعيشية وغذائنا اليومي وفي حلنا وترحالنا خاصة في زمن العولمة وتردي المستوى الحضاري في مجتمعاعتنا بفعل التقاتل والقتل على الهوية  والظلامية الدينية والطائفية والعنصرية  في ظل النظم الاستبدادية السائدة , وهذه هي الأسباب التي تحول على أن نكون في الترتيب الثاني والثالث حسب دراسات التنمية البشرية الموثوقة وأن تكون العلاقة غير متكافئة بل ومختلة لجانب تفوق الغرب ويجب وبالضرورة  تصحيحها ولن تستقيم الأمور بطريقة تسعير المشاعر وانفلات الغرائز العنيفة  والعداوات المطلقة والصراع الديني والحضاري وركوب الموجات الطائفية والمذهبية .
           شرق أوسط جديد
       جميع شعوب العالم ينشدون حياة أفضل ووظيفة ممثليها ومفكريها وقادتها تحقيق آمالها وطموحاتها في حياة أكثر تقدما ورفاهية وفي منطقتنا المنكوبة بأنظمتها والقسم الأعظم من ساستها ومثقفيها – الشرق الأوسط -  التي نعيش بين جنباتها شعوبا ومللا وأديانا ومذاهب ابتلينا منذ عقود – ولا نذهب أكثر – بأنظمة مستبدة فاسدة على وجه العموم تسلطت على تركة أكثر الامبراطوريات تخلفا في التاريخ مزقتها الكولونيالية الغربية ثم أسكنتها بكل عوامل التفجير ومنها خطوط الحدود الملغومة التي رسمت عن سابق تصميم كنتائج لاتفاقية سايكس – بيكو واللعبة الاستعمارية المعروفة , وفي ظل هذه الوقائع الموضوعية تطرح مهام المعالجة والتغيير نفسها بالحاح التي تتطلب التهيئة وتوفير كافة شروط وأسباب النجاح الاجتماعية منها والسياسية والاقتصادية والثقافية والمهام كبيرة ومتشعبة لن تنجز بقرارات أو أعمال متهورة مغامرة ولاشك أن مكونات الرأي العام والمجتمع المدني تجمع على التغيير والتجديد في العقول أولا وفي كل بيت وقرية ومدينة وتتمنى حدوث ذلك اليوم قبل غد .
       شعوب المنطقة مرت في مراحل وشهدت وخبرت العديد من الشعارات والمقولات ووقفت الى جانب بعضها وتمنت انجاز البعض الآخر خاصة عندما تعلق الأمر بانتصار الحلفاء ودحر النازية والفاشية واستقلال الدول الجديدة وانتصارات حركات التحرر وظفر ثوراتها وقيام الدول الاشتراكية الفتية تحت سلطة العمال والفلاحين وبعد ذلك سقوط الدكتاتوريات والأنظمة المستبدة , ومنذ توقف الحرب الباردة ووحدانية القوة الأعظم والتحولات الديموقراطية على الصعيد العالمي بدأت الأنظار تتجه الى هذه المنطقة التي تعج بالدكتاتوريات والاصوليات ( الدينية والعلمانية ) الى جانب توفر النفط والموقع الاستراتيجي ووجود اسرائيل والقضايا القومية والوطنية العالقة دون حلول ( الكردية والفلسطينية ) خصوصا مما يزيد الحالة تعقيدا وتشابكا , وبسبب ترابط المصالح الدولية والاقليمية وضرورات تحقيق الحلول المتوازنة والأجواء العالمية المؤاتية بعد غياب عامل التنافس بين الكتلتين الغربية والشرقية بادر الغرب منذ حوالي العقد بطرح مبادرات ومشاريع سياسية لم تتحقق بمعظمها حتى الآن بفعل مواقف أنظمة الاستبداد وعراقيلها المعروفة وممانعة قوى الارهاب ولامبالاة وعجز حركات الشعوب  ومن أهمها مشروع – الشرق الأوسط الكبير – الذي قدم مضمونه وأهدافه على شكل مبادىء الاصلاح والتغيير الديموقراطي وحرية الشعوب وحقوق انسان والمرأة واحياء المجتمعات المدنية وتحقيق السلم ومحاربة الارهاب مما لم يتعارض بتاتا في اطاره النظري  مع مطامح شعوبنا وقواها الديموقراطية والوطنية وشكل المشروع بداية خطاب سياسي جديد من جانب الغرب عموما والولايات المتحدة الأمريكية خصوصا ينم عن تراجع كبير في مفاهيمه السابقة وثقافته الاستعمارية القديمة وتغير عميق في مواقفه السياسية تجاه الشعوب والبلدان ( مع الابقاء على انحيازه لاسرائيل ) , ومن الواضح أن مصالح الغرب أولا وآخرا أملت هذاالتبدل الذي يتوافق في الوقت ذاته مع مستقبل شعوب المنطقة التواقة الى الحرية والخلاص وقد يحدث ذلك في التاريخ في مراحل معينة قد لا يدوم طويلا عندما يبدأ التراكم وتظهر التناقضات مجددا وينشب الصراع من نوع جديد أو من الجائز أن يفسر كأحد مظاهر النظام العالمي الجديد بعد انهيار المعسكر الاشتراكي السابق .
       من حيث المبدأ وكما ذكرنا من صلب مصالح شعوبنا أن تتسع صدورنا وتتفتح عقولنا للترحيب  باطروحة – شرق أوسط جديد – وبغيرها من المفاهيم والمشاريع التي تتعلق بقضايا المصير وتغيير ما هو قائم نحو الأفضل كما رحبنا قبل ذلك الى درجة التبني  بمقولات صدرت من نفس المصادر الغربية وعلى مر التاريخ منذ العهد البيزنطي قبل آلاف السنين وحتى الآن  مثل الديموقراطية والاشتراكية وغيرهما من التقديمات التي أسلفنا ذكرها أعلاه  واذا كانت وزيرة الخارجية الأمريكية قد كررت الأطروحة حديثا وسبقها – شمعون بيريس -  قبل أعوام فذلك لايغير من الأمر شيئا فمن حقهما أن يفسرانها كما يشاءان  ومن حقنا وواجبنا أن نقرأها حسب مصالحنا ومن هنا أرى أن تكون مواصفات – الشرق الأوسط الجديد – الذي ننشده بالصورة التالية  :
أولا : زوال أنظمة الاستبداد واجراء التغيير الديموقراطي في دول الشرق الأوسط المتعددة الشعوب والثقافات  لتتجدد والاحتكام الى ارادة الشعوب وصناديق الاقتراع في أجواء الحرية والسلم والاستقرار واحترام حقوق الانسان وحقوق المرأة  وحرية الأديان والمعتقدات .
ثانيا : اعتماد الحل السلمي الديموقراطي لقضايا الشعوب والقوميات في الشرق الأوسط  ومعالجة القضية الكردية في المنطقة ( سورية – تركيا – ايران بعد حلها في العراق )  سلميا وعبر الحوار  على قاعدة حق تقرير المصير والاتحاد الاختياري والشراكة العادلة .
ثالثا : استكمال الحل السلمي للقضية الفلسطينية على أساس حق تقرير المصير والقرارات الدولية والاتفاقات المبرمة بين السلطة الوطنية الفلسطينية واسرائيل ووقف أعمال العنف من جانب جميع الأطراف وخاصة الوقف الفوري للاعتداءات الاسرائيلية السافرة بحق الشعب الفلسطيني  .
رابعا : ادانة ووقف العدوان الاسرائلي المدمرعلى لبنان وانسحاب جيشه من الأراضي اللبنانية وتجريد الميليشيات غير الشرعية والطائفية من السلاح وبسط السيادة اللبنانية على كافة الأراضي وتنفيذ الارادة الوطنية والدولية في ترسيم الحدود بين لبنان وجيرانها ونشر القوات الدولية عليها مع تعزيز الوحدة الوطنية وقطع الطريق على التدخلات الخارجية في شؤون لبنان خاصة من جانب نظامي دمشق وطهران الاستبداديين  .
خامسا : تعامل دول المنطقة بعد التحولات الديموقراطية واجراء الاصلاحات سيكون مع دول العالم صغيرها وكبيرها بالتكافىء والتوافق وحسب الاتفاقيات والمصالح المشتركة على ضوء القانون الدولي بعيدا عن الهيمنة والوصاية والتدخل والاحتلال  .
سادسا : تحقيق ارادة شعوب المنطقة في شرق أوسط تخلو دوله  من أسلحة الدمار الشامل وسحب الأسلحة من المجموعات الارهابية وجميع الميليشيات  والمنظمات والتيارات الفاشية  وتسريع النمو الاقتصادي والاعمار في ظل السلام والعدل والتعايش السلمي بين الشعوب والمكونات الاجتماعية والدينية والثقافية .
سابعا :والى حين تحقيق ذلك يجب التصدي المشترك والجماعي السياسي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي والعسكري  للارهاب بكافة أشكاله وخاصة ارهاب الدولة وارهاب المنظمات الاصولية دينية كانت أم علمانية فئوية كانت أم فردية والعمل على استئصال جذوره من المجتمعات وتعزيز علاقات التعاون والتضامن بين قوى التغيير والديموقراطية والسلام في بلدان الشرق الأوسط .

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 0
تصويتات: 0

الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات