القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 352 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي





























 

 
 

مقالات: وجهة نظر حول الديمقراطية التوافقية

 
الأحد 06 كانون الثاني 2008


سعيد فرمان

أصبحت الديمقراطية وبفعل الإستراتيجية العالمية الجديدة أكثر الكلمات والمصطلحات شيوعاً وتداولاً في المرحلة الراهنة ,  سواء كان ذلك على الصعيد العالمي , أو المحلي- الإقليمي  , لا بل إنها تعد اليوم من أهم مفردات القاموس السياسي والفكري والثقافي رواجاً في منطقتنا (منطقة الشرق الأوسط), و باتت حاضرة  كمفهوم سياسي, واصطلاح ثقافي وإيديولوجي على لسان مختلف الفئات والشرائح الاجتماعية , السياسية والثقافية والفكرية , وحتى الفئات الشعبية هي الأخرى لم تستطع أن تكون بمنأى عن استخدام هذا التعبير الذي بدأ يكتسح الحياة السياسية والثقافية والإعلامية , ويطرق أبواب الأنظمة والقوى التقليدية في هذه المنطقة دون أي إذن , أو موعد مسبق .


وهذا هو ما يهمنا في هذا الصدد على سبيل المناقشة وبيان الرأي .؟ فما هو سر هذه الكلمة , هل تستطيع هذه الكلمة أن تكون علاجاً سحرياً ناجحاً لمعالجة قضايانا المزمنة والمتراكمة تاريخياً , أو إنها طريقة للتعبير عن الإرادة  والرأي الحر, وآلية ناجحة لإدارة مجتمعاتنا , ودول منطقتنا ؟ أم إنها إضافة لما تنطوي عليه من تأويلات إيجابية أخرى , تشكل البلسم الشافي لمداواة جراحات شعوب وأمم هذه المنطقة ؟ وهي وإن كانت كذلك , فما هي حاجتنا نحن أبناء الشعب الكردي والشعوب والقوميات المتداخلة والمتجاورة معنا إليها, ؟ وهل من الممكن لها أن تدخل ( وفق النموذج الغربي ) في سياق ميكانزمات العمل السياسي الناجح في هذه المنطقة0 للإجابة على هذه التساؤلات وغيرها لابد من القول بداية 0 إن الديمقراطية هي من حيث المنشأ والانتماء صناعة أوربية بامتياز.؟ فقد ولدت ونمت في المجتمعات الأوربية الغربية , وهي النتاج الطبيعي لتطور وتقدم تلك المجتمعات من خلال عملية مخاض عسيرة دامت قروناً ً من الزمن , وكلفت الكثير من التضحيات في سبيل تثبيتها و ترسيخها كممارسة لإدارة وتنظيم الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية في الدول الأوربية والغربية .؟
لقد شهدت المجتمعات الأوربية – الغربية حالة نهوض علمي وصناعي وإبداعي مذهل , مما سمح لها ببناء وتشييد نماذج حضارية – مدنية متطورة ومتقدمة , بالتزامن مع تناول قضايا الشعوب والقوميات في منطقتها , وحلها بالركون لمنطق الاعتراف بالتنوع والاختلاف القومي والاثني , من خلال بناء الدول القومية – الوطنية , ومعالجة الاستثناءات , أو المتبقيات في هذه الظاهرة الاجتماعية(ظاهرة بناء الدول القومية) , وفق آليات العمل والممارسة الديمقراطية, ومبادئ الحرية , والمسوغات العلمية لوحدة الجنس البشري ...... الخ
إن مسألة المقاربة والموازنة بين مجتمعات متطورة قطعت أشواطاً كبيرة جداً في عملية التقدم والارتقاء في جميع مجالات وجوانب الحياة كالمجتمعات الأوربية - الغربية التي شيدت نظماً ومؤسسات ديمقراطية ( وإن كانت  ليست كاملة بمعنى الكمال المطلق ), وبين مجتمعات متخلفة لازالت تعاني من مسائل ومشاكل عديدة ومتنوعة , وتنتمي في أحسن الحالات وأفضلها لمنطقة الريف العالمي , إن لم نقل لمنطقة البداوة العالمية لجهة التصنيف الحضاري والصناعي العالمي.  أقول إن مسألة المقاربة هذه تأتي  للتأكيد على أهمية معرفة , وتشخيص السياق التاريخي الذي تطرح فيه مثل هكذا رؤى وحلول لقضايا المنطقة المعقدة ,  والمتداخلة مع بعضها البعض , الواقعية منها والمختلقة !!! لكي تكون المعالجات والحلول ناجحة ومفيدة , ولكي لا تتكرر أخطاء وعيوب الماضي الذي لا زال بعضنا يحاول الاحتماء بمنظومته الفكرية والسياسية , كحالة تعبير عن عدم المقدرة في الولوج إلى الحاضر , واستشفاف المستقبل0؟ وعليه فالسياق التاريخي الراهن لمنطقتنا كما هو واضح لا يستدعي الديمقراطية وفق آلياتها و نموذجها الغربي المتطور, ذلك النموذج الذي نأمل في الوصول إليه بشكل طبيعي ومتدرج بعد أن يتم  تخطي هذه المرحلة التي لا يمكننا إلا إن  نسميها بالانتقالية والمؤقتة , أما الشكل أو النموذج الذي تحتاجه هذه المنطقة كحالة انتقالية ومؤقتة هو النموذج الديمقراطي التوافقي , أو التوافق الديمقراطي وذلك لعدة أسباب وحقائق لا يمكننا تجاهلها , أو غض النظر عنها وهي.
  1-  لا زالت منطقة الشرق الأوسط تعاني من حالة تخلف وتأخر شديدين بسبب تدني مستوى التعليم والمعرفة , وانتشار الأمية والجهل بين عامة الشعب , وسيادة منطق العلاقات والقيم العشائرية والقبلية والدينية , ومحدودية رقعة تواجد الفكر الليبرالي – العلماني , وتواضع تأثيره على الساحة السياسية والاجتماعية , إلى جانب تشويه الحياة السياسية والثقافية , وتغييب دور الجماهير وحكم القانون , وتهميش مؤسسات المجتمع المدني , وتغليب المفاهيم الغيبية والقبلية على سواهما من المفاهيم والنصوص القانونية والدستورية , وإن وجدت في بعض دول المنطقة, هذه الحالة التي تعكس إلى حد بعيد , وبشكل صادق  درجة التخلف الاجتماعي والسياسي لشعوب هذه المنطقة , تشكل حجر عثرة في طريق أية ممارسة للديمقراطية بآلياتها النموذجية المتطورة,  أو القريبة منها , وتحتم على مجتمعات هذه المنطقة , التحرك و السير باتجاه العمل التوافقي , ذي  الطابع أو المسحة الديمقراطية , والتخلي عن طرح الديمقراطية بشكلها المجرد , وبخطوطها العريضة  التي تبقى دائماً بحاجة للتحليل  والاجتهاد.؟
 2- توجد في منطقة الشرق الأوسط عدة قوميات وطوائف لم تستطع حتى الآن نيل حقوقها,  ولم تتمكن من التعبير عن إرادتها , ولغة القمع والاضطهاد والإنكار هو الأسلوب السائد والوحيد للتعامل معها , لقد خلق هذا الأسلوب الممنهج في طريقة التعامل مع قضايا الشعوب والطوائف في هذه المنطقة حالة احتقان مزمنة , انعكست سلباً على مسألة التعايش المشترك , وأفضت لزرع بذور الكراهية والحقد بين مكونات المنطقة ,  وفقدان الثقة بالآخر , والاحتماء بالطائفة أو القومية  أي كان الانتماء الفكري أو السياسي لهذه الفئة أو تلك , أو لهذا الشخص أو ذاك , لذا فإن العزف على وتر الديمقراطية بشكلها ونموذجها الغربي المتطور, والقفز على مسألة التوافقات بين أطياف ومكونات هذه المنطقة , يعكس إلى حد بعيد نظرة تبسيطية للأمور , وينم في الوقت نفسه  عن مخطط  يستهدف القوميات والطوائف المضطهدة , وذلك تحت ستار وشعار حكم الأغلبية , وخضوع الأقلية لها, تلك الاغلبيات والأقليات التي تشكلت جراء التقسيمات التي استهدفت الجغرافيا والديموغرافيا في هذه المنطقة .؟  ولاقت الشعوب والقوميات والأعراق ( كالكرد ) على أثر ذلك القمع والإنكار على أيدي حكومات وأنظمة الاغلبيات الوهمية تلك ,  ولازالت ترزح تحت نير الاضطهاد والاستبداد , نتيجة لتقسيم الأوطان بين عدة دول في المنطقة , ووضعهم في خانة الأقليات لإعطاء مشروعية وهمية لمسألة إنكار حقوقهم القومية العادلة 0
إن مسألة التوافقات التي تطرح بخصوص مشاكل المنطقة , وبعد إن تفعل بآليات ديمقراطية مناسبة ومتوافقة مع خصوصيات  شعوب , وأقوام منطقتنا , وبمراعاتها لكل ما هو ثابت وأصيل تاريخياً , وذو مشروعية جغرافياً , سيساهم في خلق المناخ الملائم  لتقليص مساحات الاختلاف والتباين بين الشعوب , والإسراع في تجاوز الظواهر السلبية التي رافقت تاريخ هذه المنطقة , وما لحق بأبنائها من غبن وإجحاف على أيدي قوى وجهات عديدة منها الخارجي البعيد , والداخلي القريب  الذي لم يرأف مطلقاً بشعوب وأبناء منطقته ؟
إن الطرح التوافقي الذي بات يزاحم الأطروحات الأخرى , يرمي لإيجاد شراكة حقيقية بين أقوام وأمم وطوائف هذه المنطقة , كما أنه يهيئ أيضاً الأرضية والمناخ المناسبين للانتقال إلى عصر ومرحلة المجتمع الديمقراطي المتطور , الذي لا يمكن له أن يقوم إلا في جو ومناخ حضاري متقدم , تنتفي فيه قمع الشعوب والطوائف , وتصان فيه حقوق الإنسان الفرد , وحقوق القوميات والأمم المغلوبة على أمرها .؟؟؟ 


 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 0
تصويتات: 0

الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات