القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 604 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي


























 

 
 

مقالات: حرب كردستان.. أخف الضررين

 
الخميس 01 تشرين الثاني 2007


يفجيني ساتانوفسكي*

تدور احدث ازمة داخلية في الشرق الاوسط في الغالب حول العلاقات التركية ـ الكردية. وعلى الرغم من ان كردستان العراق لم تحقق استقلالا ابدا الا انها تتحرك في هذا الاتجاه. ويتوقع كثير من الخبراء ان حربا اقليمية اخرى او اغتيال زعيم سياسي او تصفية ارهابي كبير يمكن ان يسبب مشاكل كبرى. غير ان العالم من المحتمل له ان ينتهي اذا تحققت كل هذه التوقعات.
لقد حصدت حرب حزب العمال الكردستاني الممتدة من 10 سنوات ضد تركيا ارواح اكثر من 30 ألف شخص واحتفظت بقوة عدة آلاف من الانفصالين امام واحد من اقوى الجيوش في المنطقة. ويعمل اكثر من 3 آلاف مقاتل كردي من كردستان العراق ويقاتل 2500اخرين في تركيا.


لهذه الحرب مضامين سياسية خطيرة.. حيث تبذل تركيا ـ التي كانت على شفا التمزيق جراء الاتفاق الودي بعد الحرب العالمية الاولى ـ كل ما في وسعها من اجل الحفاظ على وحدة اراضيها.. ولا تعترف انقرة باية اقليات عرقية وتنظر للاكراد بوصفهم اتراكا جبليين وليس كمجموعة انفصالية.
ربما لم يكن امام الاكراد من اختيار سوى التمرد بعد تعرضهم لمعاملة عنصرية قاسية على مدى عقود طويلة. وقد واجه نظراؤهم مشاكل مشابهة في العراق في ظل حكم صدام حسين وفي ايران في عهد الشاه محمد رضا بهلوي. كما ان الرئيس السوري بشار الاسد لا يبدي اي تسامح تجاه الاكراد.
ومع عدم وجود مدخل للوصول الى البحر وعدم وجود دولة تمثلهم الا ان الاكراد الذين يتراوح عددهم ما بين 25 الى 35 مليون نسمة والذين يعيش جزء منهم ايضا في ارمينيا قد حافظوا على لغتهم وتقاليدهم وتنظيمهم الاجتماعي القائم على العشيرة.
والوضع يرثى له لان عصبة الامم كانت قد وعدت باقامة دولة كردية مستقلة في عشرينات القرن الماضي.
وترد انقرة بلا هوادة على اي هجوم ارهابي لا سيما عندما يتم قتل جنود اتراك ولا تتفاوض على مكاسبها الاقليمية. وهذا هو السبب في ان المجتمع الدولي يستمر في مناقشة قضية مرتفعات الجولان السورية التي احتلتها اسرائيل في حرب يونيو 1967 لكنه لا يسأل تركيا عن ميناء الاسكندرون الذي يعود لسوريا في الاصل. والسبب ببساطة هو ان انقرة لا تناقش مثل هذه القضايا. وبالتالي فان الحكومة التركية والبرلمان والجيش لا يبالون بما تفكر فيه بغداد او واشنطن بشأن التوغلات العسكرية في العراق. وقد سبب القرار الاخير من قبل لجنة الشئون الخارجية في مجلس النواب الاميركي الذي يصف قتل الارمن في الحرب العالمية الاولى على يد الاتراك العثمانيين عملية ابادة جماعية غضبا في تركيا ويقال انه قد اثار هذه الازمة. وليس هذا الامر كذلك لان القرار زاد فقط من رفض انقرة في ان تأخذ بعين الاعتبار توصيات حليفتها. فنفس الشيء حدث في 2003 عندما قررت الولايات المتحدة غزو العراق ورفضت تركيا السماح لها باستخدام قواعدها الجوية في هذا الغزو.
لقد تغافلت لجنة الكونجرس الاميركي عن حقيقة ان العمليات العسكرية التركية يمكن ان تعرض الاستقرار الاقليمي للخطر ومستقبل الاكراد ووحدة الاراضي العراقية. وطالما ان انقرة قلقة ومهتمة فان على واشنطن ان تختار بين تركيا واقليم او دولة كردية مفترضة مع وحدات متمردة.
الاكثر احتمالا هو ان تركيا سوف تقوم بعمل عسكري لان مسعود بارزاني زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يسيطر بالفعل على الوضع في شمال العراق لن ينزع سلاح المقاتلين الاكراد ويحجمهم باي حال من الاحوال.
يريد الرئيس العراقي جلال طالباني ان ينسحب حزب العمال الكردستاني من شمال العراق على الرغم من ان بارزاني مصمم على صد العدوان التركي لانه لا يستطيع تحمل حرب اهلية في كردستان اذا حاولت ميليشيا كردية ـ عراقية نزع سلاح مقاتلي حزب العمال الكردستاني.
من غير المحتمل ان تسبب المشاكل في كردستان العراق اية اضطرابات اقليمية. ويمكن لعملية عسكرية محدودة تقوم بها انقرة ان تصعب الامور بشكل كبير على القوات الاميركية في العراق وتفاقم الوضع في اكثر اقليم عراقي مستقر وتسبب مشاكل في اربيل والسليمانية التي من المتوقع ان يتم اعادة نشر وحدات اميركية من وسط العراق فيها. غير ان كل ذلك هو مشكلة واشنطن. وسوف يكون من الصعب في الواقع ان يوصف العراق الذي له علم وطني وحكومة وميزانية ويحتفظ بسفارات في بلدان كثيرة ان يوصف بانه دولة متحدة الاراضي لانه لا يستطيع حماية مواطنيه. فضلا عن ذلك فان سلطات الاحتلال غير قادرة على تحقيق هذا الهدف. وبالتالي فان هجوما عسكريا تركيا سوف يكون من الصعب عليه تغيير اي شيء.
الشرق الاوسط يواجه ازمة لاجئين بما في ذلك 6 ملايين شخص مشرد من العراق وعدم استقرار في الاردن وسوريا. والوضع في السودان يظهر ان المجتمع الدولي عاجز تماما وان هذا البلد سوف يتفتت حتما خلال العقد المقبل. كما تعاني المنطقة ايضا من انفجار سكاني في مصر واليمن وباكستان. ويتم استنفاد المياه والموارد الاخرى بشكل سريع جدا. والاقتصاديات الاقليمية تتردى وكثير من الاطفال لا يستكملون التعليم. ومن ثم فان المرء يستطيع القول ان العملية التركية لن تفاقم الوضع بشكل عام. كما ان المشكلة النووية الايرانية تشبه بشكل متزايد ازمة الصواريخ الكوبية. وتظهر استقالة زعماء براجماتيين مثل علي لاريجاني مسئول الملف النووي وامين مجلس الامن الاعلى في ايران ان طهران تنظر الى الايديولوجيا باعتبارها اهم من الحرب.
ففي مسعى للاحتفاظ بسيطرة ايديولوجية صارمة على البلد فان القادة الايرانيين مستعدون لمواجهة هجوم اميركي ـ اسرائيلي محتمل والتهديد الناشئ من باكستان التي تقع منشآتها النووية قرب معسكرات ارهابيين.
امام هذه المشاكل غير الظاهرة فان العملية التركية في شمال العراق تكون ليست سوى شيء تافه. وحتى الان فان على الشرق الاوسط ان يختار بين سيناريو سيئ جدا وبين كارثة محققة. والاخبار من على الحدود التركية ـ العراقية تنذر بالانتقال من وضع سيئ الى وضع سيئ جدا. لا يوجد شيء يمكن للمجتمع الدولي بما في ذلك حلف شمال الاطلسي والاتحاد الاوروبي عمله. فبروكسل (مقر حلف شمال الاطلنطي) تتعامل مع تركيا التي تدرك ان حلفاءها وشركاءها يعتمدون عليها بدرجة كبيرة. او بعبارة الامير الكسندر جورشاكوف احد اكثر الدبلوماسيين نفوذا واحتراما في القرن الـ19 فان الجيش والبحرية التركيتين هما اصدقاء انقرة الوحيدين.
ان انقرة لن تنسى ابدا ان الاتفاق الودي وعصبة الامم ارادا تقسيم تركيا في الماضي. كما انها تدرك ايضا ان الاتحاد الاوروبي ابدا لن يضم تركيا التي عند احسن الاحوال يمكن ان تصبح شريكا مميزا او يمكن ان تتعاون فقط مع الدول الشرق اوسطية.
سوف تعزز تركيا وحدتها الاقليمية وامنها دون ان تلتفت لمصالح البلدان الاخرى. ويجب على روسيا والصين اللتين تعززان الان قوتهما الاقتصادية والعسكرية ان يتعلما هذا الدرس.

يفجيني ساتانوفسكي*
* رئيس معهد دراسات الشرق الاوسط
* خدمة ام سي تي ـ خاص بـ(الوطن).

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 5
تصويتات: 1


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات