القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 453 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي


























 

 
 

مقالات: ما دور الكرد في آستانه

 
السبت 14 كانون الثاني 2017


د. محمود عباس

   محطات قادمة ستتبع آستانه، قبل أن تبلغ الأوضاع في سوريا النهاية، أي الحل العسكري تحت الغطاء السياسي المشوه، فالحديث عن الحل السياسي في ظل الاستراتيجية الروسية سذاجة، وإن كانت هي الحلقة الأكثر تفعيلا، وليست الأكثر بريقا، مقارنة بحلقات جنيف الجالبة أرقامها المتتالية الشؤم على السوريين، وذلك زمن الصراع المتعادل، الذي أودى بسوريا إلى أعماق الدمار. 
  فالمؤتمر الذي تضع روسيا لبناتها الأساسية لدفن المعارضة السورية، وتحضيرها للتوقيع على شهادة وفاتها، تختلف عن سابقاتها بعدة أوجه: في جنيف أو قبلها، كانت روسيا وأمريكا تتناقشان على أجنداتهما قبل قضية الشعب السوري، واليوم روسيا تحاور ذاتها بشكل عملي، رغم وجود تركيا وإيران. 


وفي بدايات الصراع، على السلطة ونقصد بعد غياب الثورة، كانت تركيا تدعم الجيش الحر، وفي جنيف -1 كانت تركيا ومعها الدول الداعمة للمعارضة تدعم النصرة وغيرها من المنظمات التكفيرية المتطرفة، وفي جنيف-2 كانت تركيا تدعم بشكل شبه مباشر منظمة داعش، والسلطة ظهرت للعالم بأنها الأفضل مقارنة بالمنظمات الإرهابية التي توسمت بها المعارضة، رغم التدخل السافر من قبل إيران وميليشياتها. واليوم في آستانة، تركيا تحتل جغرافية من المنطقة الكردية في سوريا لتستخدمها كورقة ضغط على كل الأطراف السورية وعلى راسهم الكرد، ولذلك فهي ليس فقط ستدعم روسيا بل تضغط على المعارضة لقبول الشروط الروسية، لا صوت يعلو فوق صوت روسيا.
المؤتمر الذي لن يكون فيه وجودا للمعارضة والسلطة، إلا تلك الأشباح التي حافظت روسيا على حياتها، وجمعتها في مناطق معينة، فحقوقها وحقوق سلطة بشار الأسد في آستانة لن تتجاوز سوى الاستماع، وهكذا من سيرافقهما أو سيحضر بدعوة، لملء الكراسي الفارغة في القاعة، وان تحدثا فسيكون من خلال القنوات التي ستفتحها روسيا، وإن كان بوجود تركيا وإيران، كحكمي الطرفين في لعبة كرة القدم، وحتى الأن بتغييب أمريكا، وتتبين بأن اللعبة لا تحتاج إلى أكثر من حكم، يفصل المقام حسب أجنداته، والطامحة لأن تطبق مبدأ سوريا المحمية الأهم لها على سواحل البحر المتوسط، مع ذلك فهي، أي روسيا، ستحتاج إلى أوراق ووثائق من الأطراف التي ستدعوها للحضور، لتلوحها عالميا على أنها عقدت مؤتمرا سوريا ولصالح سوريا.
  ولا خلاف على من سيوقف الحرب في سوريا، روسيا أو غيرها، بل الخلاف على أن روسيا رجحت إرهاب الدولة على منظمات إرهابية، وفي الواقع الفعلي الطرفين إرهاب، فلم تقدم روسيا خدمة للشعوب السورية، بل ما قدمته حتى الأن هي الإبقاء على نظام استبدادي برئيس وسلطة يحملون صفات مجرمي حرب بدون نقاش، واستخدمت ست مرات الفيتو لحمايتهما، وليس لضرب المعارضة أو للدفاع عن الشعب ومصالحه، وهنا تكمن جوهر النقد الموجه لروسيا، وباستراتيجيتها هذه بلغت ما بلغته من هيمنة، وأصبحت المخطط الأول والأخير للقضية السورية، لذلك لا بد للكرد في خضم هذه الاستراتيجية من استخدام كل طاقاتهم للحضور، والإصرار عليه.
 والأغرب في هذه التمثيلية، المؤدية إلى تغيير في تركيبة المؤسسات الحكومية السورية، محاولة خفية لإرضاء الطرف السني وعدم أبعاد العلوي، والثاني التأكيد للعالم بأن روسيا كانت على قدرة بإخراج سوريا من محنتها قبل أن تسقط في يد الإرهابيين التكفيريين. والمؤسسة العسكرية، على الأغلب، ستكون أول مؤسسة ستتعرض إلى التغيير، وفي هذا المجال ستنظر في القوة العسكرية الكردية ومستقبلها، وإلى ما ستكون عليه نظام المنطقة الكردية، ولهذه احتمالات بحثت فيها على الأغلب في الأروقة الروسية أو لربما تشاورت فيها مع كل من تركيا أولاً وإيران وسلطة بشار الأسد ثانية. فالعرض الكردي في القضيتين جاهزتين، كدستور ونظام وكقوة عسكرية منفصلة عن الجيش السوري، والاعتراض من قبل جميع القوى الإقليمية حاضرة وبحجج متنوعة، فإن كانت قدرة إقناع الحركة الكردية (خاصة إذا اتفقت على نقاط معينة) لروسيا صلدة فقد تحصل على إسناد وموافقة ولربما دعم لمساندتها.
 كثيرا ما نسأل لماذا مدينة آستانة؟ والاسم كان قد برز قبل سنتين، على لسان المعارضة والسلطة في أول اجتماع منفصل لهم في وزارة الخارجية الروسية، وحينها تم جس نبط الطرفين، ومهدت لاستراتيجيتها التي أوصلت سوريا إلى الواقع الجاري، أي بعد إخضاع السلطة وتدمير المعارضة وإضعاف السيطرة الإيرانية، وإزاحة أمريكا، وهذا ما حصلت عليه روسيا، واكتملت بعد استدراج تركيا السنية إلى جانبها، وهذه الأخيرة تمهيد لخطة مستقبلية بعد تشكيل الحكومة السورية القادمة أو أثناءها، أي لتكن للسنة طرف مساند.
 ويبقى السؤال: مادامت روسيا تقص وتفصل حسب أجنداتها، فما الذي سيأخذ بالكرد إلى مدينة شعبها وحكومتها تنزاح إلى تركيا الأردوغانية بحكم التقارب القومي والمذهبي، والمدينة تستخدمها روسيا لإبراز هيبتها أمام محاولات الاجتياح الأمريكي للجمهوريات الأسيوية السوفيتية السابقة، ولمواجهة تصاعد علاقاتها مع أمريكا؟ وإلى مؤتمر هو في عموميته رسالة غير مباشرة لأمريكا، بأن القضية السورية بيدها، وتعقد في المدينة التي تظن بأنها مدرجة في حلفها. مع كل هذا نرى بأنه للكرد فرصة دولية لإبراز مطالبهم، أو ما هم عازمون عليه في سوريا مع أو بدون وجود السلطة الحالية، وبالإمكان عرض دستورهم المقترح، وغايتهم من تطبيق النظام الفيدرالي، والمرجح أن وجودهم بهيئة أو لجنة موحدة، ستزيد من ثقلهم الدبلوماسي وستقوي احتمالية قبولهم والاهتمام بهم، من قبل جميع الأطراف، من الروسية إلى الأمريكية، ومن المعارضة إلى السلطة، وبالتالي قد تعيد تركيا وإيران حساباتها بشأن القضية الكردية في سوريا.
لا بد للكرد من دراسة الواقع الدبلوماسي والسياسي القادم، والعمل معا، بعدم اتخاذ مواقف انعزالية، فالعلاقة المحتملة بين روسيا والإدارة الأمريكية القادمة، رغم ضبابيتها حتى اللحظة، تبين أن لهم موقف متقارب من القضية الكردية في سوريا، وهذه في كثيره تقف على مدى استغلال الكرد كحركة متقاربة من مجريات الأحداث ومن الاستراتيجية الروسية في المنطقة. فليس عبثا روسيا وباشراك تركيا تطالب حضور أمريكا في آستانة، وهي عمليا موجهة للإدارة القادمة، لأننا نعلم أن المؤتمر سيعقد في 23 من الشهر الجاري، وإدارة ترمب ستستلم البيت الأبيض في 20 من الشهر، إذا عمليا هو تحرك دبلوماسي روسي لفتح أبواب مغايرة للماضي مع الإدارة القادمة، خاصة وهي توافق حتى اللحظة على الخطوط العريضة للاستراتيجية الروسية في سوريا وفي شكل ما في الشرق الأوسط.
 أي كانت مواقف الكرد في آستانه، في حال حضورهم، فلن تغير من الموقف الأمريكي لهم، فهم وبكل المقاييس، العسكرية والسياسية، القوة الضامنة الوحيدة حتى الأن التي ستستند عليها أمريكا في استراتيجيتها لمحاربة داعش، ومن المحتمل أن يتصاعد هذا الدعم إلى موقف سياسي، وهذا الاحتمال يمكن أن تكون أكثر قربا إلى التأكيد في حال تمكنت الأطراف الكردية من بلوغ حوار ما والتقرب من البعض على نقاط معينة، وتركيا من جهة وإيران والسلطة من جهة أخرى، ستعترضان على هذه القضية، لأنها مجرد قضية لشعب مرفوض  حقوقه بكل أوجهها، ومن جميع هذه الأطراف، وثانيا لأن القضية الكردية تعني النظام الفيدرالي، أو تغيير في البنية السياسية الإدارية لسوريا، وبالتالي يصبح نظاما مقبولا دوليا، من حيث البنية الديمقراطية، وهذه قد تصبح الشرارة التي ستنتقل إلى دول الجوار المستعمرة لكردستان، ونعني تركيا وإيران.

الولايات المتحدة الأمريكية
mamokurda@gmail.com
1/12/2016م

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 5
تصويتات: 4


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات