القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 518 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي



























 

 
 

حوارات: د. محمود عباس: الثورة لم تنتهي، وأمامها تحديات صعبة

 
الأحد 18 كانون الأول 2016


حاوره : ماجد ع محمد

بعد المجازر المروعة التي ارتكبت وترتكب في عموم سوريا بحق المدنيين وفي حلب بوجهٍ خاص منذ ما يزيد عن ثلاثة أشهر من قبل قوات النظام والطيران الروسي والميليشيات المتحالفة مع الأسد، فحلب غدت قاب قوسين من أن يبسط الأسد وميليشياته وجلاوزته سيطرتهم عليها، ولا شك أن خروج مدينة حلب من الحاضنة الثورية رغم تدميرها هو انتصار معنوي كبير لنيرون سوريا، باعتبار أن حلب هي العاصمة الاقتصادية لسوريا وثاني مدينة مهمة بعد دمشق، وحول مآلات الثورة السورية والتراجيديا السورية الكبرى كان لنا هذا اللقاء الخاص مع الدكتور محمود عباس المقيم حاليا في أمريكا.


ـ في مقارنتك بين بشار والامبراطور الروماني كانت صورة الأسد أكثر وحشية ودموية، بل لم يتباهى الامبراطور الروماني بشناعة أفعاله كما فعل الأسد، فبرأيك من أين استمد بشار هذه الثقافة الدموية؟ 
 
* رغم الواسع الزمني بينهما، وتجاوز البشرية مراحل حضارية وإنسانية عديدة، إلا أن بشار الأسد ووالده تجاوزوا أشرس أباطرة الرومان إجراما. فثقافة بشار الأسد الدموية، وأخلاقياته نابعة: من مفاهيم حزب عنصري شمولي. ومن تربية في حاضنة اجتماعية سياسية وفكرية موبوءة، مليئة بالخداع والحقد وكراهية الأخر، وتكريس الإجرام، وهي ذاتها التي نبعت منها والده والحاشية المحاطة بهما.

ـ في محاضرتك بمكتبة مدينة الجامعة الغربية في هيوستن، قلت لجمهور من المحاربين القدماء والمتقاعدين الأمريكيين بأنه لإزالة جذور الصراع في منطقتنا لا بد من التدخل الخارجي كأنجع الحلول، ولكن المقلق أنه لحد اليوم لا يزال التدخل مقتصراً على الروس، ألا ترى بأن الوجود الروسي بغياب القطب الآخر سيكون كارثي على المنطقة؟

* بعد تحويل الثورة السلمية إلى صراع مسلح، توقعنا بأن سوريا ستنجرف إلى كوارث، فوجدنا بأن الحل الأفضل هو تدخل القوى الكبرى لحسم الموقف، والتي كانت ستضع حدا لسلطة بشار الأسد والمعارضة المسلحة، ومساندة الشباب الثوري لتنظيم ذاتهم، وبالتالي القدرة على زرع مفاهيم حضارية. وللأسف لم يحصل، والتطورات مالت لصالح الهيمنة الروسية، ولا شك إذا استمر غياب الأمريكيين، فإن سوريا، ولربما جزء واسع من المنطقة، ستعيش أوضاع كارثية، تحت ظل سلطتين دكتاتوريتين شموليتين، يؤمنان بالسلاح والمجازر كحكم فاصل.

ـ في مقالتك (سورية محمية روسية) قلت بأن روسيا هي المنتصرة الوحيدة في سوريا والشعب السوري هو الخاسر الأوحد، وأن  لا السلطة ستتمكن الخلاص من المحاسبة، ولا المعارضة ستستطيع التملص من الجريمة، فعلى ماذا كان استنتاجك؟

* أعلن ناتو أنه بتنصيب روسيا صواريخ س400، من الصعب التدخل في سوريا، وبعدها لم تجد روسيا المنافس، فبدأت بتثبيت مركزها عن طريق المجازر المتتالية بحق الشعوب السورية، وتدمير مدنهم. وجدلية عودة الثورة إلى الظهور بعد المطبات، تؤكدها تجارب التاريخ، وإن طال بها الزمن، فلا بد وأن الشعب السوري في النهاية سيملك القوة على دفع الدول الكبرى لمحاكمة السلطة الاستبدادية والطاغية بشار الأسد، وسيحاسب المنظمات التكفيرية والانتهازيين الذين كان لهم دور في المجازر التي حصلت.

ـ العالم كله تأمل خيراً من جنيف عساها تحمل خيراً للسوريين الذي يعانون من ويلات حرب النظام عليهم، باعتبار أنها مدينة مؤتمرات السلام، ومركز عصبة الأمم، والمحكمة الدائمة للعدل الدولي، فلماذا إذن سميتها لعنة جنيف بخلاف الكل؟

* مؤتمرات جنيف في كثيره كانت تمديداً لأمد الصراع، لم يمنع القتل والدمار، بل ازدادت براميل الموت، ألا يكفي أن تكون هذه لعنة؟

ـ اعتبرت سامنثا باور بأن الأسد مسؤول عن قصف المدنيين في حلب وبقية أنحاء سورية، كما رأت أكثر من دولة أوربية مروراً بالعشرات من دول المشرق اعتبروا بأن الأسد مجرم حرب وطاغية، والسؤال أما من آلية قانونية لدى الأمم المتحدة ومجلس الأمن ودول العالم  للجم الطغاة ؟

* لو كانت سامنثا باور ومن معها ومشاركيها في الرأي قوة رادعة لروسيا، لما كان بشار الأسد مجرما، ولأصبح في خبر كان منذ بدايات الثورة السلمية. وللأسف، ومن الوجه القانوني، فالفيتو الروسي والصيني، كافيتين لحجم صدور أي قرار إدانة بحق بشار الأسد كمجرم حرب، أو حتى محاكمته.

ـ هل ترى بأن انتقال وحصر كل المقاتلين في إدلب عبر توافقات دولية هي محاولة لإنهاء الثورة؟ أم هي بداية لمرحلة جديدة من الصراعات الطويلة الأمد؟ ما هي التحديات الجديدة أمام المعارضة السورية في قادم الأيام؟ 

* تجميعهم في إدلب، دلالة على انتهاء المعارضة، فمن البديهي ستبدأ مرحلة جديدة، وللأسف لم تبق المعارضة على ذاتها حتى تكون أمامها تحديات جديدة.  مع ذلك فالثورة لم تنتهي، وأمامها تحديات صعبة، رغم أنها أزيحت وعتمت عليها عندما تحول الشارع السوري من الصراع السلمي إلى صراع مسلح، وتسلطت عليها المنظمات الإسلامية التكفيرية.

ـ تركيا التي كانت تضع الخطوط الحمر أمام نظام الأسد منذ انطلاقة الثورة، لماذا بدت خطوطها وكأنها رسم في الهواء، بل وتنازل خطابها الحماسي في حماية السوريين من براثن النظام إلى أن وصل بها الأمر الى عقد اتفاقٍ أخير مع الروس لوقف إطلاق النار في مدينة حلب؟

* إنها سياسة المصالح، فعندما انتبهت تركيا أن أمريكا تتنازل عن خطابها، قلدتها ولكن بأسلوب آخر، فتجنبت السقوط، بالتنازل لروسيا، والابتعاد عن الناتو، والتخلي عن المعارضة، وبعد تمثيلية الانقلاب، أدرك أردوغان أن مركزه على المحك، وروسيا هي الأمرة والناهية في المنطقة، لذلك تنازل ليحصل على وعود، علماً بأنه كان المساهم الأكبر في أسلمة المعارضة. وبتغطية إعلامية، شارك في نقل قضية الشعب السوري إلى قضية إنسانية محصورة في حلب الشرقية، وتمت تمثيلية التنازل عن حلب مقابل السماح له بدخول سوريا واستلام جرابلس من داعش دون قتال، وفي المرحلة التالية تنازل عن كل حلب، مقابل سماح بوتين له بالتوسع في المنطقة الكردية.

ـ في عدة مقالات شككت بمصداقية الباحث السوري محمد جمال باروت، والسؤال فمعروف بأن العراق وسورية خضعتا معاً لسلطة البعث، ولكن لِمَ ياترى في العراق ظهر كتاب منصفون أمثال شاكر خصباك، هادي العلوي، عبدالحسين شعبان، ومنذ الفضل، بينما في سوريا لم نجد من ارتقى الى مصافهم في العدل والحق والانصاف؟ 

* عدة احتمالات، منها: أن الثورات الكردية المتتالية في جنوب كردستان، منذ بدايات القرن الماضي احتضنت معظم الأحزاب السياسية المعارضة العراقية ومعهم شريحة واسعة من الحركة الثقافية العربية، وهذه الحاضنة كانت مفقودة في سوريا، كما وأن الحركة الكردية في غربي كردستان كانت أضعف من أن تستطيع الدعم أو التأثير على الحركة الثقافية العربية السورية، أو حتى على تلك الشريحة التي كانت تدعي الفكر الثوري، مع ذلك لم تخلى الحركة الثقافية والسياسية السورية العربية من شخصيات بل شرائح ساندوا القضية الكردية في سوريا، ولكن وللأسف كان صوتهم أضعف من أن تتجلى على الإعلام كما ظهر فيها الإخوة في العراق. ومثال محمد جمال باروت موجود في العراق أيضا، وفي العديد من الدول العربية الأخرى، وهي شريحة عروبية انتهازية تبحث عن مصالحها وتضر بالقومية العربية، مثلما فعلها المذكور، ومعه مجموعة تستغل في مركز الاستراتيجيات العربية في قطر، من أجل المال، بعضهم انتقلوا من أحضان البعث السوري إلى دولة قطر الإسلامية الداعمة للفكر العروبي الإسلامي التكفيري.

ـ باعتبار أن شهادة الدكتوراة حصلت عليها في موسكو تخصص جغرافية الشرق الأوسط الأقتصادية، هل ترى بأن وقوف الروس إلى جانب الأسد كان وجود تكتيكي طالما هدفهم اقتصادي بحت، وأنه كان بالإمكان أن يتخلى الروس عن الأسد لو حصلوا على ضمانات فعلية من المعارضة السورية؟

* لا أظن بأنه تكتيك، أو مصالح اقتصادية فقط، فروسيا تطمح لإعادة ما خسرته الاتحاد السوفيتي في الشرق، وبوتين يود تحقيق حلم القياصرة بالمياه الدافئة، حتى ولو كانت على حيز استراتيجي مغاير للماضي. وبالمناسبة مثل هذه المعارضة لم تكن تملك أية ضمانات لتقدمها لروسيا، خاصة وهي بهذه السوية الفكرية الإسلامية الراديكالية المرفوضة من العالم، ومن روسيا بشكل خاص .

ـ أتممت علومك وتخصصك في روسيا وكونك مقيم حالياً في أمريكا، هل ترى بأن القطبين فعلاً في حال تنافر حيال قضايا العالم، أم أن ثمة تبادل للأدوار بينهما، وما الشد والجذب بينهما عبر الإعلام إلا نوع من الدراما لأكشنة المواقف والخلافات السياسية أمام وسائل الإعلام العالمي؟

* نستطيع تسميتها الصراع على المصالح، وليس التنافر كما كانت في الحرب الباردة، والتي كانت تستند على نشر أيديولوجيتهما (الشيوعية والإمبريالية) فبعد سقوط الاتحاد السوفييتي وصعود سلطة بوتين، ظهرت استراتيجية حديثة بين روسيا من جهة وأمريكا وأوروبا، من جهة أخرى، فالمصالح الاقتصادية هي المهيمنة عند الأمريكيين، وعند الروس الأهم هي إعادة الهيمنة السوفيتية، عسكريا واقتصاديا، مع ذلك فخلافاتهم تظل ضمن جغرافية الحوارات الدبلوماسية.

ـ كردياً كيف للحركة الكردية أن تكون بالمستوى النضالي المطلوب في هذه المرحلة العصيبة من عمر المنطقة؟ والشق الثاني من السؤال، ألا ترى بأن المثقف الكردي الذي حمل سيفه طويلاً على الحركة الكردية عملياً هو دونها خدمة وحركة وفاعلية؟

* لتحقيق هدفها القومي، على الحركة الكردية التحرر من هيمنة القوى الإقليمية، ولا نعني قطع العلاقات التكتيكية أو الاستراتيجية معها، ونجاح هذه الخطوة تستند على مدى القيام بحوارات كردية -كردية متواصلة. والحركة الثقافية حتى هذه المرحلة هي في معظمها انعكاس للشق السياسي. ورغم ظهور تنظيمات ثقافية واتحادات، لم يتمكنوا الخروج من تحت تأثيرهم، لهذا ظلت دون الأحزاب فعالية، ولا تزال لا تملك ناصية التأثير والإرشاد، والنصح. وبالمناسبة فالنقد الحاد والتهجم على الأحزاب لا تدرج ضمن خانة التنوير والنصح وتصحيح المسارات، ولا تضعها في مقدمة الحركة السياسية أو تجعلها رائدة لها.

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 5
تصويتات: 4


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات