القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 418 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي



























 

 
 

مقالات: الأنظمة الشمولية ومرايا الرأي الواحد ..!

 
الأثنين 03 تشرين الاول 2016


دهام حسن

إن مشكلة النظم الشمولية، أو أنظمة حكم الحزب الواحد، أنها لا تعر التيارات الأخرى من الموالاة أو من المعارضة أو سواها أي انتباه، فهي تدبّ على عكازتها مهما تهرأت وتنظر إلى الآخرين بنظرة عداء طالما لا يقرون لها بتبعيتهم لها حتى لو مالؤوها في كثير من المواقف، لأنها لا تريد ناصحين، أو أصدقاء لهم رأي داخل حدود الوطن، تقبلهم كأتباع فقط، لهذا فهي تنظر إليهم بنظرة استعلاء وتهميش لهم لا كجماعات تتمتع باستقلالية ولها شخصيتها الاعتبارية، فحتى القريبون منها بعيدون عن أي تقويم أو تحليل موضوعي يمس عمل السلطة، لأنهم جردوا من التفكير بحرية، فهم متوجسون بالتالي من عرض أي رأي مخالف لرأي السلطة خشية من شر السلطة المستطير؛ فنتيجة تسييج ذهنية هؤلاء بإسار السلطة، فلا تتفتح قرائحهم إلا بنبرة المديح والخشوع و الامتثال، فهم يعرفون ما تفكر به السلطة،


لهذا ـ غالباً- ما تأتي آراؤهم على مقاس تفكير السلطة حتى لو كان هذا الموقف واضح الخطأ، وظاهر الضرر، طالما زين بميزان السلطة، ونظر إليه بمنظار السلطة، وقيس على مقاس تفكير السلطة كما نوهنا؛ فحال متخذ القرار ضمن هذا الجمع من الطبعات الفوتوغرافية المتماثلة، حال من يجلس في داخل مربع من المرايا لا يرى إلا صورته، الإعلام واحد مهما تعددت القنوات الفضائية، والأقلام ذاتها مهما اختلفت عناوين الصحف، والخطب الحماسية ذاتها، والكذب هو الكذب مهما اختلف المنبريون، لهذا تتكاثر أخطاء النظام، وتتوالى (مطباته)، إلى أن تتفاقم، وقد تفضي في النهاية إلى أزمة يصعب بالتالي تجاوزها، أو الفكاك منها إلا بضريبة قاسية مكلفة؛ رائدهم هو مصالحهم الذاتية، وهي فوق مصلحة الوطن ، حتى الدفاع عن الوطن يكون في إطار منظار تلك المنافع ومدى إدامتهم في إدارة دفة السلطة، لهذا فهم لا يلتفتون إلى أولئك الذين يقدمون لهم النصيحة في تجاوز معضلة ما، اقتصادية كانت أو اجتماعية أو سياسية..
في حين نرى أن قادة الغرب عندما تعترضهم معضلة اقتصادية أو اجتماعية ما، يستعين الرئيس بخبراء بمن فيهم ليسوا من تياره، فيستمزج الآراء بغية الخروج بمعالجة ناجعة، لكن قادة الأنظمة الشمولية يتناسون أن التفكير الأحادي أكثر عرضة للخطأ، في حين أن تلاقح الأفكار المتباينة غالبا ما يعبد الطريق نحو الرأي السليم والصحيح، لكن هؤلاء (المعصومين) يكابرون رغم ما هم عليه من غي ومخادعة ذات، فالصحيح أن مصالح هؤلاء هي التي تعمي بصرهم و بصيرتهم من النظر بموضوعية للأمور، فيتظاهرون بأنهم على حق، وأنهم يمثلون كافة أطياف المجتمع، ويحاولون أن يفرضوا عليه لبوسهم السياسي، و التكلم باسمه، وتمثيله ككتلة واحدة متجانسة، متجاهلين أنه لا يوجد في أي بقعة من الأرض مجتمع متجانس، فالمجتمع منقسم بطبيعته إلى طبقات وفئات و شرائح تتعارض مصالحها، فيتجسد ذلك التعارض على الصعيد الاجتماعي بتعددية طبقية تتجلى في الصراع السياسي....
يمكن في النهاية أن نقف عند ثلاث دوائر بها يكتمل قوام النظام، و ما تعكس مراياها من ظلال على عدسة القيمين على السلطة؛ والسلطة عادة تتبع طريقتين لجذب هؤلاء وربطها بعجلتها؛ الأولى هي بث الخوف، والثانية هي فسح المجال لإفساد بعض النفوس اللاهثة وراء المال والاغتناء لإسكاتهم بالتالي ببعض الإغراءات التي لها سحرها بحيث لا يقاوم، وكثيرا ما ينطلي الأمر على المناضلين الكبار، والدوائر الثلاث هي كالتالي:
.الدائرة الأولى: وتشمل الفريق المتحالف مع النظام، وهذا الفريق يركز على الجانب الإيجابي في السلطة، لكنه أيضا ينتقد بعض السلبيات، والعلاقة بين الطرفين في مد وجزر، بينهما نقاط التقاء كثيرة، وأيضا نقاط اختلاف وتباين، لكن هذا الفريق ولأسباب عديدة، كثيرا ما يتغاضى عن نقاط الاختلاف، ويتمسك بنقاط التلاقي كي لا يخلق للسلطة أي إحراج ويسبب بالتالي إلى القطيعة ربما، فيركز على الإيجابيات، ويسكت غالبا على مضض لانتهاكات السلطة متنصلا منها بحجة أنه ليس صاحب القرار، في حين أن الكثيرين من المراقبين يحملون هذا الفريق وزر ما تنتهكه السلطة وبأنه شريك متواطئ وضالع في انتهاكاتها، وإلا فلماذا تظل متشبثة بالتحالف مع هكذا نظم طالما يجلب هذا التحالف أو المشاركة لشعوبها الكثير من التشكي والمعاناة، هذا الفريق معرض للانقسام من جانب، والتشظي خارج سور النظام من جانب آخر، وقد يبقى شريكا صغيرا متواطئا مع السلطة .. في هذا الفريق كثير من المستفيدين بما تقدم لهم من أعطيات وتسهيلات وامتيازات، لا يلتقي هذا الفريق مع المعارضة،وقد يشكك في مصداقيتها وارتباطاتها، وربما حرض السلطة ضدها، فهم يشعرون بأنهم مدينون للسلطة، وكونهم فقدوا رصيدهم الاجتماعي في الشارع، فلم يبق أمامهم سوى الدوران في فلك السلطة، هذا التحالف لا مستقبل له، فهو يضعف عندما تقوى السلطة، لأن السلطة لم تعد بحاجة إليه، وينتهي بانتهاء السلطة لأنهم ربطوا مصيرهم بمصير السلطة، هذه الدائرة تعكس مرايا مغبشة عن الواقع ، وتحجب الحقيقة عن الناس، نتيجة ممالأتها للسلطة وركضها وراء مصالحها الذاتية الأنانية الضيقة...
الدائرة الثانية :وتحصر بـ (أزلام ) النظام، هؤلاء لصيقون بالسلطة بل هم جزء من السلطة دون أن يكون بيدهم اتخاذ أي قرار .يناصرونها ظالمة أو مظلومة ،فيها المستفيدون و المرتزقة، لكن هؤلاء جميعا رغم ثرثرتهم، لا يملكون جرأة اتخاذ أي قرار كما أسلفنا أو تحمل أية مسؤولية خطيرة، حتى إن واحدهم يتنصل من تبعات ماضيه السلطوي، لما فيه من ارتكابات فيما لو أقصي، هؤلاء موظفون لدى السلطة، ولا يتعدى دورهم سوى كونهم أبواقا وبيادق؛ هؤلاء يلوحون بمرآة السلطة، ولا تجد في مراياهم إلا صدى السلطة يتراءى ويتردد....
الدائرة الثالثة : هي السلطة ذاتها، وهنا تضيق الدائرة، بحيث لا يتجاوز عدد أفرادها عدد أصابع اليد الواحدة ،وعن هذه الفئة الصغيرة يتفرع كل هذا الجهاز الضخم، بحيث ينتشر في كل قصبات الدولة، فلا توجد مؤسسة مهما صغر شأنها بمنأى عن عينها، هذه الدائرة أمنية أكثر منها سياسة، وهي تتحكم في كل مفاصل الدولة، كما أنها تضغط على الدائرة الأولى، وتوجه الدائرة الثانية .. مرآة هذه الدائرة لا تعكس إلا مصالح هذه الفئة المتسلطة الحاكمة، وعلى هذا الأساس تتحكم وتتصرف وتنطلق..
وفي الختام أقول: إن الرأي الواحد المفروض، من أية حكومة متسلطة كانت، أصبح ممجوجا أبدا لا يعكس الواقع الحقيقي، ولم يعد مقبولا في الحالات السياسية، في عالم اليوم ضمن هذا التطور والتغيير الحاصل... والديمقراطية تفترض التعددية، أي التمتع بالحريات العامة، والتوسع في المشاركة، وفي إدارة السلطة، والديمقراطية أخيرا.! هي الإ كسير الناجع لكثير من العلل السياسية، وبلسم لكثير من الاحتقانات، وتقويض لحالات من التذمر والتمرد..
عند هذا سوف تعكس المرآة واقعا حقيقيا، يتعايش فيه مختلف الآراء، ترى فيها نفسك و الآخرين ، كل يأخذ حيزه المتاح، ويتصرف بحرية في ضوء ذلك على قدر قوته واشتراكه في السلطة، أو في المعارضة، وتبقى المنافسة الحرة الشريفة هي الوسيلة الأسمى لشغل المناصب، وهنا سوف تتعدد الآراء، ولا تعود المرآة تعكس رأيا واحدا متحكما فحسب..
كتبت في أيار 2001 

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 5
تصويتات: 2


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات