القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 552 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي


























 

 
 

مقالات: تأسيس أول حزب كوردي في سوريا - افكار

 
الأثنين 04 تموز 2016


محمد قاسم " ابن الجزيرة "

تأسس أول حزب كوردي في سوريا في 14حزيران 1957، وقيل، أن ذلك كان بإيحاء من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ، ليوجه الكورد نحو عمل قلاقل في الساحة التركية التي يوجد تنازع  بينها وبينه على المركز في إدارة السياسة في المنطقة.
 يحلم الترك بإحياء نفوذهم كما كان عليه في الدولة العثمانية، وكان عبد الناصر، يحلم في توحيد الدول العربية (إحياء الإمبراطورية العربية (الإسلامية). يتزعمها، ويستخدم الكورد وقود ا في صراع بالوكالة مع تركيا. 


في ذات الوقت، تبنى ثقافة –ومنهج-تنشيط روح العروبة بين أبناء الشعوب العربية عبر حركة عرفت "الناصرية"، وتأسيس ميلشيا شعبية (عشائر عربية) زودتها بالأسلحة، لتكون رادعا لاحتمال نمو الروح القومية الكوردية وقوة الفعل على الأرض. 
 وهذا ما فعله حزب البعث أيضا، فعزز النزوع العروبي –كما فعل عبد الناصر – فأسس " الحرس القومي" ميليشيا شعبية زودها بالأسلحة. وادخل السلاح إلى المدارس والجمعات ومختلف المؤسسات المدنية" عسكرة الحياة المدنية" وهي ظاهرة أيديولوجية ممقوتة. نفرق هنا بين الحاجة المنية، والوسيلة العسكرية للحفاظ على الحكم، والتسلط على حياة الشعب المدنية.
 لكن اختلف المنهج حيث اتبع نهج الأيديولوجيا الماركسية، وزعم أنه طورها بإضافة البعد القومي الذي كان مغفلا في الرؤية الأيديولوجية الماركسية (الأممية). 
وذلك على حساب الروح الدينية الإسلامية التي كانت حاضرة في الرؤية الناصرية بشكل ما. هذه الروح الإسلامية التي ساهمت-خلال تاريخها-في التخفيف من حدة العصبية القومية نسبيا، وان كان العرب هم الحكام الفعليين للدولة الإسلامية عبر الخلافة الأموية والعباسية والفاطمية... مع فروق في كل مرحلة فيما يخص دور العرب وغيرهم. (موضوع يحتاج بحثا مطولا وعميقا ومسؤولا).
 في الخلافة الأموية كان العنصر العربي والروح العربية قوية، وهذا ما يدفع الأحزاب العربية المتشددة أن تلوذ دوما بتلك المرحلة التاريخية تستلهم منها روحها القومية.
أما الخلافة العباسية فقد قامت بتأييد قوى غير عربية، كالكورد (أبو مسلم الخراساني) والفرس (البرامكة) وبعضهم ينسبهم إلى الكورد أيضا (قضايا تاريخية تحتاج تدقيقا). 
فأبو مسلم، أسس للدولة العباسية عسكريا، وأنهى الدولة الأموية. والبرامكة كانوا العمود الفقري في إدارة الدولة العباسية (يحيى البرمكي)، وقد انقلب عليهم نظام الحكم (العربي) باسم "الخلافة الإسلامية" فقتلوا أبا مسلم بطريقة اقل ما يقال فيها "الخيانة" ونكبوا بالبرامكة بطريقة بعيدة عن الروح الإسلامية. فسميت تاريخيا "نكبة البرامكة". تختلف الروايات في الأسباب لكن خلاصتها ترتد إلي شك الحكام على أساس شعور عروبي –وان لم كن متبلورا كمعنى قومي كما حصل في القرون الأخيرة. 
وهكذا، فالتاريخ يعيد نفسه مع الكورد –كما يبدو-في سوء فهمهم الواقع في مراحل متتالية، فيقعون ضحية أخطاء نهج سياسي يتبعونه، ويفتقر إلى وعي الواقع، وطبيعة الاتجاهات النافذة. فيصبحون وقودا لمشاريع تصب في مصالح غيرهم على حساب قضيتهم القومية/الوطنية. وتذهب جهودهم وتضحياتهم الكبيرة هدرا. بل وترتد -في نتائجها-على العلاقة البينية الكوردية، فتخلف (أو تنتج) مشكلات لا يسهل معالجتها. لافتقارهم –كما يبدو أو يستنتج -إلى "روح الأمة" الجامعة بينهم، فكرا ومشاعر ووعيا للمصلحة القومية/ الوطنية المشتركة. 
باختصار تنقصهم حالة (بيئة) ثقافية حيوية اجتماعيا؛ توفر التأسيس لعلاقات بينية واضحة الأسس والملامح والمنهج، وتجمعهم عليها ليس فقط نظريا، بل وعمليا أيضا.
القومية مفهوم يعني شعورا بالانتماء إلى أصول واحدة خلال تاريخ طويل. وهذا الشعور قد يجعل أصحابها في ظروف صراع مع قوميات أخرى في ظروف معينة. لكن:
 ليست القومية وحدها تفعل ذلك. فقد فعل الدين ذلك، وفعلت الأيديولوجيا الماركسية ذلك، وفعلت القبلية (العشائرية) ذلك، وفعلت الطائفية والمذهبية ذلك، وفعلت الحياة الحزبية السياسية ذلك، على اختلاف برامجها.
فالمسألة –إذا-أكثر اتصالا بمستوى الوعي، وطبيعة الثقافة الاجتماعية، ونموذج الشخصية التي تدير الأحوال ...الخ. أي إن المشكلة ثقافية. بدليل ارتقاء دول غربية كانت موجودة على أساس قومي، لكنها تطورت نحو روح الوطنية أكثر، مع نمو الوعي القانوني تجريبيا في مسيرة نموها، بينما انفرط عقد أيديولوجيات حاولت أن تتخذ الأممية محورا لفعاليتها السياسية (الماركسية نموذجا).
ومن المؤسف فإن الواقع الذي عليه الكورد الآن، لا يزال يهمل دور (الثقافة والوعي) في تحقيق نتائج، على صعيد وحدة الشعور، والأهداف "الروح الجامعة". وقد يحتاج الأمر بحثا عميقا في التاريخ وما افرزه من مكوّنات ثقافية، تشمل القناعات والمعتقدات وأسسا نفسية (سيكولوجية) في ترسيخ (المنظومة الفكرية والقيمية والثقافية بشكل عام).
التجربة الماركسية (الأممية) لم تحقق شيئا مذكورا في محاولتها الارتقاء على الواقع القومي/الوطني. كما أن التجربة الإسلامية الأكثر نجاحا في إذابة الفوارق تاريخيا، لم تمنع انتعاش الصحوة القومية التي انطلقت من أوروبا، ومن ثم انتقلت إلى الشرق بمفهوم جديد سياسي/وطني مبني على أساس (نتائج دراسات وبحوث ذات طبيعة عميقة(فلسفية).
ولعبت الأقوام المسيحية –في لبنان خاصة- دورا مهما في إذكاء الروح القومية في المنطقة العربية لأكثر من سبب وغاية. وقد نجحت –إضافة لعوامل أخرى-في زعزعة الحال الإسلامية ممثلة بالخلافة العثمانية، لكنها لم تنجح في توفير استقرار يحفظ لهم أو لغيرهم استقرارا. بل ربما زادتهم انعزالا وما يستتبع ذلك من أحوال نفسية غير مستحبة.
ومن المؤسف أن بعضهم –وانسياقا مع زعم المرونة وتكيف- أحيانا تنازلات-مع النظم استثمروا ذلك لتحقيق مصالح ذاتية على حساب الكورد، وتقربوا إلى النظم التي تعادي الكورد كنظام البعث مثلا، تحت شعار "سنبني دولة على أكتاف البعث" فانخرطوا في نمط ثقافي قد يكون أفادهم في مصالح ذاتية شخصية، كالوظائف، والمناصب والتجارة خاصة العقارية ...الخ. لكنها لم تخدم عنفوان القومية والشخصية الخاصة لديهم. في ظروف استغلال الدين وهيمنة نهج الكنيسة، وروح خاصة ذات نكهة قومية مستترة، في غياب أحزاب قومية واضحة الملامح والأهداف.
 وفي الفترة الأخيرة بدأت فكرة القومية لدى بعضهم تتبلور. وسواء اتفقنا مع مفرداته أم اختلفنا فان الطرح القومي سياسيا، فيه روح أكثر وضوحا واستقلالية في المنظومة الفكرية والقيمية، ومسؤولية أيضا. وتمثل مرحلة طبيعية في التطور الاجتماعي /السياسي. وتوفر فرصا أفضل للحوار حول قضايا التاريخ والراهن والمستقبل، إذا استطاعت الأحزاب أن تكوّن لذاتها منظومة فكرية منطقية...  وإطارا أخلاقيا انسيانا. ينظم العمل والأداء السياسي.
والأمر نفسه يصح في الحالة الكوردية، شريطة إعادة النظر في بناء المنظومات الحزبية على أساس روح قومية مستنيرة، يكون للثقافة والمنطق والعلم ...الدور الأبرز في صياغتها النظرية، ومن ثم في ترجمتها إلى واقع. 
فالبعد الثقافي في الشعوب هو المناخ السليم لعمليات التفاهم والتطبيع. وإنما السياسة -بمعنى ما -وسيلة تحقيق ذلك تنفيذيا. 
لكن المعادلة الحالية تختلف، فان السياسة -ودون توفر أرضية ثقافية حيوية ومستنيرة-تدير الأمور بنزعات ذاتية لا توفر للمسار السياسي –الحزبي-الثبات والاستقرار، والقناعات الأعمق بالقضايا. وهنا بدأت المشكلات ولم تنته ولن تنتهي مادام الأمر كذلك.
ديرك في  1/7/2016

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 3
تصويتات: 2


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات