القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 283 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي



























 

 
 

مقالات: كيف يعدم الكردي ذاته - الجزء الثالث

 
الثلاثاء 10 تشرين الثاني 2015


د. محمود عباس  

  تدريس مفاهيم الأمة الديمقراطية، وإيديولوجية منظومة المجتمع الديمقراطي، ومفاهيم قائد حزبي، ومقتطفات من كتب عبد الله أوجلان كمقدسات فكرية، لطلاب المدارس في الصفوف الأولى، كارثة فكرية، ولن يرضخ لها إلا من يضطر إليها وعلى مضض، وعلى الأغلب قلة من المجتمع الكردي، سيقبلونها لأطفالهم، وأغلبية الذين يفرضونها، يتبعونها بعشوائية فكرية، يحق لهم تقديسها، وعرضها في المكتبات العامة، لكن لا يحق لهم فرضها على أطفالهم، وأطفال غيرهم، وضخها ضمن مناهج مدرسية، لتلقين طلاب المدارس الابتدائية.


    إدخال هذه المفاهيم وبشكل قسري، لا يختلف عن عملية فرض مفاهيم وكلمات بشر فرضوا كأنصاف الألهة على الشعوب ورسخوها في ذاكرة الأطفال، كجمال عبدالناصر وحافظ الأسد وأتاتورك وصدام حسين ومعمر القذافي، ومفكرين كلينين أو ماوتسي تونغ، وظهر أن معظمهم لم يكونوا سوى زعماء سلطات أو أحزاب، وكانوا طغاة في كثيره، ومفاهيم بعضهم غارقة في الضحالة، أو كانت أفكار وربما نظريات قابلة للدحض ودحضت في كثيره، وأثبتت عدم جدوى معظمها في الواقع العملي، مع ذلك ليس من الخطأ عرضها على رفوف المكاتب العامة، لكن ليست على مقاعد الأطفال الدراسية، وفي الصفوف الأولى.
  ربما يحق عرضها بمنهجية معينة للكبير، وفي الصفوف المتأخرة كاطلاع ومقارنات، أو أن تعرض لهم للاطلاع عليها برغبتهم، وفي الفترة التي لهم القدرة على التحليل والاستنتاج، ولا سلبية بأن تدرس في مراحل التاريخ المعاصر كحركات تحررية ومفاهيم وإيديولوجية أو أن تطرح على المجتمع كمصدر ثقافي ومعلومات ذاتية. 
 لكن، وكما ذكرنا، في المرحلة الأولى من تكوين العقلي والمعرفي للطفل، وفي فترة ترسيخ المعلومات الأولية لديه، كارثة، وستؤدي إلى نفور الأهل وأولياء الأمر من كلية التدريس، وأي كانت حوافزها، سياسية كانت أم فكرية، وعن إدراك للعملية التدريسية، وأدلجة المناهج، أو مدفوعة من قبل معارضة سياسية، فستؤدي بالتالي إلى الرفض، والرفض سيقابلها عملية الفرض بالقوة، وهذه ستؤدي بطريقة أو أخرى إلى تفاقم عملية النزوح من مناطق النفوذ، وسيطرة الحزب، ومن جغرافية التعليم ذاك، وستؤدي إلى إغراق المجتمع بكليته في صراع أبشع من الصراع السياسي وهو الصراع الثقافي، كالتي أثيرت قبل سنوات من قبل السلطة الشمولية عن طريق مربعاتها الأمنية، وتثار بعضها الأن ثانية، وطفت وبشكل مفاجئ وتنتشر وبسرعة بين الحركة الثقافية، تبنتها بعض الكتاب، وعليه بدأت بعض الأحزاب الكردية توزع شهادات الوطنية أو الخيانة للمجتمع الكردي، والأخير هو المتوقع للرافضين بإرسال أطفالهم إلى تلك المدارس، وهنا لا نضع  أحكامنا، بل هي في أيدي المختصين وخبراء اللغة الكردية والمناهج.
 طرق تمهيد المجتمع لتغيير فكري، أهم بكثير من نوعية المفاهيم ذاتها، وتحضير العائلات الكردية لتقبل المدارس الكردية، ربما أهم من التعليم ذاته، وتحتاج إلى دراسة جميع الجوانب، والاستماع إلى كل الانتقادات، وعلينا ألا ننسى أن ثقافة السيادة والموالي مغروزة في ذاكرة أغلبية المجتمع الكردي، وليس من السهل تقبل المطروح من قوة كردية منفردة حزبية ذاتية، لا تمثل إلا جزء من الشعب، وحيث هناك معارضة قوية من الطرف الآخر من الشعب، والتي تتلاءم ومنطق الضعف الذاتي المتراكم لديه ومنذ قرون. 
  من الإنصاف أن نضع هذا الاحتمال، وقد تكون عرضة لجدلية النقاش. لو فرضت عملية التدريس باللغة الكردية، على المنطقة، وعلى هذا النهج وضمنها مفاهيم وأقوال حافظ الأسد أو البعث، قبل سنوات من سلطة بشار الأسد وبقرار وزاري، وأشرف عليها مؤسسات الدولة، لكان نسبة القبول أكبر بكثير، فقط لأن السيد الطاغية هو الفارض، والموالي من المفروض تقبلها، ولا تعني هذا أنها مقبولة الأن أو أنها ستكون مقبولة بذاك الاحتمال، إنما الغاية هو أن نتخلص من منطق الفارض والمفروض عليه، السيد والموالي، وأن تعرض عملية التدريس والمناهج إلى دراسة شاملة، تشترك فيها الحركة الثقافية، وبشكل خاص المختصين بمجالات التعليم. علينا أن نتقبل أنه هناك ثقافة خاطئة ومشوهة غرزتها فينا السلطات الشمولية وعلى مدى القرون الماضية، ويجب الوقوف عليها، وتنقيتها، وتحتاج إلى جميع أطراف الحركة الكردية، الثقافية قبل السياسية، المشاركة وبوعي العمل عليها وبصدور ترحب وتقبل الرأي الأخر والنقد.
 غربي كردستان، أمام عملية معقدة، وجملة من التضاربات السياسية، والفكرية، والثقافية، ولا يمكن حلها دون شراكة كلية بين الأطراف المتنازعة داخليا، فالإملاءات المتنوعة، الثقافية والسياسية والعسكرية الفردية، ومن جهة حزبية متسلطة، ستبقى ناقصة ومليئة بالسلبيات، وستوسع الهوة بين المجتمع إلى حد تفاقم الصراع، وستظهر عداوة لا يحمد عقباه، وستفاقم من انعدم ثقة المجتمع بواقعه وقياداته، وحركته السياسية والثقافية، ولربما حتى بكرديته وكردستانه، وستوسع من الصراعات الجانبية كالتي كانت قبل سنتين وطفت على السطح ثانية بقدرة قادر، وهي (وطنية الداخل وخيانة الخارج) وعدم أحقية المهاجر أو النازح بالتدخل في أمور الوطن، وإقحام البعض الشهداء ودمائهم في هذه القضايا. ولا شك هناك قوى إقليمية تفرض نشر هذه الصراعات، لتحديد مسيرة الحركة الكردية، وتعارض بل وترفض الشراكة الكردية -الكردية، ولا نستبعد أن إي تقارب بينهم قد تؤدي إلى تفاقم هجمة القوى الإقليمية على غربي كردستان، وعليه لا بد من البحث عن مخارج للخلاص من هذه المعضلة، فبدونها ستكون ستتفاقم المسيرة الخاطئة، وستتزايد المصاعب، والنهاية ستكون هشة بل وقد تكون فاشلة...
يتبع...
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
10- 25 -2015
نشرت في جريدة بينوسا نو العدد(42) الناطقة باسم رابطة الكتاب والصحفيين الكرد.

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 3
تصويتات: 2


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات