القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 522 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي



























 

 
 

مقالات: مبايعة أردوغان للبغدادي

 
الجمعة 19 حزيران 2015


د. محمود عباس

 عنوان سيستبعده معظم القراء، وسيمتعض أولئك الذين يجدون في أردوغان السياسي المحنك والمسلم النقي، باني تركيا الحديثة، وموجهها إلى الإسلام الصحيح، لكننا لا سنتبعده، رغم عنجهيته العثمانية، وغروره المتصاعد، واعتزازه بذاته كقائد للحركة السياسية الإسلامية الليبرالية، لكن يبقى شكنا مطروحا، ببعده الرفاعي الباطني الصوفي، لخلفية التدخلات التركية المتنوعة في المنطقة، وفي سوريا بشكل خاص، كعدم جديته بالقضاء على سلطة بشار الأسد من جهة، والتركيز للسيطرة على المنطقة الكردية، ودفاعه عن داعش ومساندته غير المباشرة لها، من جهة أخرى. 


   تصريحات أردوغان، القومي المسلم، حول غرب كردستان، تندرج ضمن سياسته المخططة لحصر القضية الكردية بين حزب مسيطر عسكريا وقضايا حدود الدولة التركية الجنوبية، وهي لا تختلف في كثيره عن أساليب سلطة بشار الأسد حول القضية الكردية حتى ولو اختلفت الأدوات المستخدمة، وتظهر من خلال:
1. تهديداته المبطنة
2. بيان عدة فصائل تكفيرية تابعة للمعارضة السورية، المدافعة عن داعش تحت سقف تهجير عرب السنة.
3. وبيان الائتلاف الوطني السوري ضد الكرد تحت صيغة التنديد بقوات الحماية الشعبية والمتهمة بتهجير العشائر العربية من مناطق سكناهم.
4. والكتابات الاستفزازية لبعض الشخصيات المحسوبة على المعارضة السورية في المواقع الاجتماعية.
5. ونداءاتهم العنصرية، التي تخدم أجندات سلطة بشار الأسد، والمدمرة للبعد الوطني لكلية سوريا، والقاضية على مبادئ ثورتها.
 كل هذه مجتمعة، تفضح بشكل جلي سياسة أردوغان تجاه القضية الكردية، والمغطاة بالاتهامات الموجهة للكرد تحت صفة أن حزب أل ب ي د وقوات الحماية الشعبية يمثلون شعب غربي كردستان، أو على محور ارتباطاتهم التكتيكية وتبعيتهم الاستراتيجية. مع ذلك، وبغض النظر عن اتفاقنا مع سياسة أل ب ي د أو اختلافنا معه، فالتطورات العسكرية الجارية في المنطقة، ودحر قوات داعش وإزالة سيطرتها على المنطقة، تضعضع تكتيك تركيا بالنسبة للمنطقة الكردية، وتعزلها عن العمق السوري، والتي تعمل سلطة بشار الأسد على خلقها بطريقتها، كخط حماية لتكتيكها العسكري، تحت سيطرة حزب كردي دون بقية الحركة، وذلك بتقويض هيمنة عرب السنة والتركمان أو تهجيرهم من المنطقة الحدودية مع تركيا، مثلما فعلتها في  المناطق الحدودية مع لواء اسكندرونه، حيث العمق التركي الذي يعتمد عليهم للدخول إلى المنطقة الكردية، وتقليص هيمنة ال ب ي د  بشكل خاص، مثلما يستخدمهم داعش في سيطرته أو المعارضة المسلحة في صراعهم مع سلطته. 
  وهذه تجبر تركيا إلى التحرك على المستوى الإعلامي المباشر، مثلما يقوم نظام بشار الأسد بالتلاعب بالورقة الكردية، لتسويد صفحتهم كمعارضة وطنية، أمام المعارضة العربية في الخارج والمسلحة في الداخل، وخلق صراع بينهما، وهو ما بلغته في كثيره، وعليه نجد كل هذا التهجم من قبل شخصيات معارضة عربية على الكرد، بدون تحديد القوى السياسية، وكان المأمول من هؤلاء، حملة البعد الوطني على التخلي عن التعصب القومي، وأن يكونوا أكثر وعيا وإدراكا لهذه الألاعيب، لكن وللأسف جرف العديد منهم إلى المطب، إما عن طريق الضغط التركي أو خباثة سلطة بشار الأسد، ولم يكتفوا بكتابة بياناتهم، بل ملئ البعض منهم صفحاتهم الاجتماعية، وبلغة غير سوية بعيدة عن المنطقين الوطني والسياسي، وهم بهذا يوسعون من هوة الخلافات القومية بين الكرد والعرب، والشعبين براء من القضية، التي عملت عليها سلطتي البعث والأسدين قرابة نصف قرن، وكنا نتمنى ألا ينجرفوا إلى الثقافة الماضية، المساندة  لمخططات نظام بشار الأسد، والمساعدة لتركيا بتفعيل مخططها حول غربي كردستان، وتسهل لها للقيام بخطوات عملية قد تصل إلى زيادة دعمها لقسم دون آخر من المجموعات المسلحة في المعارضة السورية، لتوجهها إلى المنطقة الكردية، متناسين صراعهم مع السلطة. 
   وللأسف هؤلاء الإخوة وبهذه الأساليب ينزلقون إلى المستنقع من الجهتين، طرف بشار الأسد، بحجة الدفاع عن المهجرين من العرب السنة، والتي تثيرها السلطة عن طريق أدواتها المخترقة للمعارضة المسلحة، وطرف تركيا لأنها تتلاءم وأجنداتها. مع ذلك على الكرد أن لا يقطعوا الأمل بأن يستيقظ هؤلاء الإخوة العرب من الشخصيات والمنظمات المعارضة على ما يجرفهم إليه سلطة بشار الأسد، والتيار العروبي الإسلامي التكفيري المنافي للثورة، والتي يمهدها لهم تحركات أردوغان. وليتذكروا أن الشعب الكردي تعرض ويتعرض إلى عمليات التهجير التي نفذتها سلطة بشار الأسد مباشرة أو عن طريق أدواتها، بشكل أبشع وأوسع ديمغرافية وجغرافية مما يقال حول العشائر العربية، وتظهر إحصائيات ميدانية أنه أكثر من نصف الشعب الكردي نزحوا أو هجروا من مناطقهم، وأكثر من ثلثي الشباب. والغريب، أن أغلبية الحركة الكردية تتبرأ من كردية أل ب ي د وقواته العسكرية، والمعارضة العربية تتهمها بالعنصرية القومية الكردية.
 هذه الخطوات تؤكد على أن مبايعة البغدادي والاعتراف بداعش كممثل عن دولة إسلامية قادمة، حقيقة من حيث الواقع العملي، حتى ولو غاب عنها المبايعة الكتابية أو النظرية، طرق وكميات دعمها تندرج ضمن الاعتراف بها كشبه (دولة)إسلامية بشكل غير مباشر، فالعديد من القوى المعارضة السورية المسلحة والشخصيات السياسية لم يبينوا موقفهم حتى اللحظة من داعش، مثلما بينوه من قوات الحماية الشعبية، وتركيا لم تظهرها أيضا لغاية مخفية، تقع خارج القضية الكردية، تندرج ضمن عملية احترازية مسبقة لئلا تظهر حركات راديكالية داعشية أو مشابهة لها ضمن تركيا ذاتها. والضجة الأخيرة المفتعلة حول تحرير معبر (تل أبيض) تأتي في إطار هذا البعد الاحترازي إلى جانب أنه:
1. الأكثر أهمية وسهولة في إيصال المساعدات العسكرية واللوجستية الأخرى لداعش.
2. أهم نقطة لتمرير الملتحقين بها، فحصرهم ضمن أراضي تركيا قد يخلقون لها قضايا ومشاكل غير متوقعة.
3. نقطة تهريب النفط السوري من خلاله إلى تركيا، وكل ذلك على حساب المعارضة السورية الحقيقية.
 وما يقوم به داعش والنصرة ومن والاهم من المجموعات المسلحة في المعارضة السورية (المعارضة لا تعني أن جميعهم يتبنون المفاهيم الثورية وأغلبهم لا يمثلون الثورة السورية) مدعومة من قبل تركيا لأجندات ذاتية، آخرها هو القضاء على سلطة بشار الأسد بشكل كلي، بطريقة أو أخرى تندرج قسم منها ضمن دعم المعارضة الإسلامية على حساب طمس بقايا الثورة السورية لئلا تنتقل إلى داخل تركيا، إلى جانب المخططات الإقليمية الأخرى في المنطقة. وكما ذكرنا في بحث سابق أن داعش منظمة لها أبعاد عاهرة وأساليب المرتزقة، لتمرير مخططها العروبي الإسلامي في المنطقة، فمعظم قادتها من البعث المتلائم حاضرا مع مجموعات إسلامية تكفيرية عروبية. 
المبايعة العملية أنسب للدولة الإسلامية من النظرية، والتحاليل الإعلامية تظهر بأن السيد أردوغان هو الذي يبحث لذاته عن كرسي الخلافة، وإعادة  أمجاد ماض العثمانيين، لكن يتبين، بما يقدمه هو ورجال حكومته على الإعلام وفي الواقع الفعلي من الدعم اللوجستي والتغطية على التسهيلات التي تجري في مطارات تركيا وجغرافيتها أثناء مرور التكفيريين، بأنه لا يعارض قيام دولة الخلافة الإسلامية، ويجدها أنسب له ولدولته من قيام كيان كردي على حدوده، وعليه فلم يتوانى على تجميع البعض من فصائل المعارضة المسلحة لكتابة البيان، ومن الغريب أنه لم يظهر مثل هذا التلاحم في وجه سلطة بشار الأسد وشبيحته، منذ بدء الصراع المسلح في سوريا. 
 ومن المؤسف أن أغلبية المعارضة العربية، تتناسى أن الصراع هو مع سلطة بشار الأسد، وأردوغان الباحث عن مصالحه القومية، قبل مصالح الشعب السوري، وأنه بعزل هذين الطرفين ومعهم القوى العروبية الإسلامية كمنظمة داعش والبعث المتخفي تحت غطاء الإسلام السني السياسي، لن تكون هناك مشاكل مستعصية على الحل بين الكرد والعرب، وبشار الأسد لا يتخلف في هذا البعد عن تحركاته وخلقه للصراعات في مثل هذه المواقف الملائمة له، وكما ذكرنا آنفا على المعارضة العربية المهاجمة على الكرد، شخصيات ومنظمات، أن تستيقظ وتتخلص من رواسب طغيان الفكر البعثي، وهيمنة السلطة الشمولية والتي لها اليد الطولى بنقل صراع الشعب الكردي مع سلطته (دون أغلب الأحزاب الكردية) إلى صراع بين الكرد والعرب، وهو ما تستفيد منه تركيا بشكل غير مباشر، والأغلبية الكردية تعلم أن للسلطة السورية اليد الطولى في سيطرة داعش وتراجعه في المنطقة الكردية.
  وننبه ثانية للإخوة العرب الذين هاجموا بدون منطق، أن ما يثار إعلاميا (من قبل البعض من المعارضة السورية حول عمليات التهجير المرفوضة، إن وجدت) ليست سوى محاولات لتبرئة جرائم السلطات العروبية السابقة حول عمليات التهجير والتعريب التي طالت الكرد قرابة النصف الثاني من القرن الماضي، وهم بهذا يودون نقل الكرد من واقع الضحية إلى معتد. ولاشك نحتاج هنا أن نذكر هؤلاء الغيورين من شخصيات المعارضة على العشائر العربية في المنطقة الكردية، بوجود أكثر من مليون مهجر ونازح عربي من الداخل السوري يسكنون آمنين في المنطقة الكردية، ولا ننسى المستوطنات الغمرية العربية المبنية من عصر حافظ الأسد والمستولية على نصف الأراضي الزراعية للفلاحين الكرد، وهم محميون من قبل قوات إدارة كانتون الجزيرة، والتذكير أبديناه هنا، لتبيان أن ادعاءات التهجير تستند إلى خلفية سياسية قومية عنصرية يترأسها سلطة بشار الأسد ويستفيد منها حكومة أردوغان، لتهميش القضية الكردستانية وتقزيمها ضمن قضية الصراع مع بعض الأحزاب الكردية، وهذه أحد أهم القضايا التي تدفع بنظام بشار بالتلاعب بمجريات الأحداث في المنطقة الكردية، وبأردوغان على دعم داعش. وقلق الأخير من تحرير مدينة تل أبيض وغيرها من المناطق السورية من شرور داعش، يعرضها أمام المعارضة العربية على أن المراحل الأولى لتقسيم سوريا ينفذ كرديا، متغاضياً عن ظهور الدولة الإسلامية المبنية والمدعومة على أنقاض جغرافية الدولتين.
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
6162015

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 0
تصويتات: 0

الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات