القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 552 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي


























 

 
 

حوارات: نارين عمر: شهدنا ظهورا مكثفا للتنسيقيات والاتحادات التي تمكنت تقديم الكثير، لكنها فيما بعد أصيبت بالخمول والوهن

 
السبت 20 ايلول 2014


الكاتبة والشاعرة نارين عمر تجتهد في مختلف ضروب الكتابة، وتنشط في النشر بالشأن الكوردي بشكله السياسي وكذا الأدبي والثقافي، وتتفاءل بدور إيجابي للكاتب والإعلامي الكوردي إن قام بالدور المنوط به. وللمزيد من إلقاء الضوء على تجربة الكاتبة، كان لصحيفة «كوردستان» هذا الحوار معها:   
 
س1-إلى أي حد يمكن للكتابة والكلمة أن يكون لهما تأثير على قوة وزيادة الحراك الفكري والثقافي وحتى السياسي في مجتمعٍ كالمجتمع الكوردي في سوريا ؟ 
*- بالتّأكيد الكتابة تترك بصمتها الواضحة على المجتمع من مختلف النّواحي في هذا الوقت, وفي كلّ زمان ومكان, لما لها من تأثير على أفراد المجتمع بمختلف أعمارهم و توجّهاتهم واتجاهاتهم. لذلك وجدنا الكتابة الكورديّة بأجناسها المتنوّعة تسارع إلى القيام بدورها الفعّال في الأحداث الأخيرة التي هبّت على المجتمع الكورديّ انطلاقاً من القول السّائد بأنّ تأثير القلم والكلمة لا يقلّ مطلقاً عن تأثير السّلاح وأثر الرّماح, لهذا يجب أن يتوافقا دوماً ويتفقا على التّحرّك معاً للوصول سهولةٍ إلى الأهداف المرجوّة والمنشودة. 


س2- ما الدور الذي يستطيع الكاتب والاعلامي  لعبه في الحركة الكوردية ومنظمات المجتمع المدني إذا أعطيت له الفرصة ؟
*- يستطيع الكاتب والإعلاميّ القيام بدورٍ كبير وفعّال في الحركة الكورديّة ومنظّمات المجتمع المدنيّ وفي كلّ المنظّمات والجمعيات والحركات الأخرى, لأنّه وحتّى من غير مساعدة أو شراكة هؤلاء  يستطيع القيام بواجبه على أكمل وجه, ويوظّف قلمه وفكره وعواطفه في خدمة شعبه ومجتمعه دون أن يبدي استياءً أو تذمّراً, فكيف إذا دعته الحركاتُ أو المنظّمات إلى هالة الشّراكةِ الحقيقيّة في الحقوق والواجبات. بكلّ تأكيد هذه الشّراكة ستساهمُ في جني أفضل ثمار العطاء والإبداع التي ستكون نواة التّقدّم والتّطوّر الّلذين بدورهما سيوصلان المجتمع إلى مراكب الإنسانيّة الحقّة التي تحقّق لنا أفضل وأنبل ما نتمنّاه. 
  
س3- المثقف الكردي لم يأخذ دوره لا في التنظيمات السياسية و لا في خارجها ؟ فما العلاقة بين الكاتب وبين قادة و أعضاء الأحزاب , لماذا هناك حساسية و صراع فكري بينهما ؟
*- مع الأسف ما تزالُ أحزاب الحركة الكورديّة تبدي في الكاتب والإعلامي آراء ومفاهيم خاطئة وغير سليمة, وتعتبرهما على خطّ مخالف لخطّها, وكأنّهما ولدا في عالم مختلف عن عالمها, أو أنّهما يعملان في اتجاهٍ معاكس لاتجاهاتها, لذلك نجدها تنظر بعين الرّيبة والحذر إلى دورهما في المجتمع وفي القضايا المتعلّقة بالوطن والشّعب, أو هكذا تحاول أن تظهره للمجتمع. 
إذا عدنا سنواتٍ إلى الوراء سنجد أنّها تعّمدت القيام بذلك منذ بداياتها الأولى حين أبعدت "أوسمان صبري" بتهمة الخيانة العظمى, و"نور الدّين ظاظا" بتهمة التّنازل عن بعض الأهداف والمبادئ خلال فترة اعتقاله, و"جكرخوين" بحجّة الانحياز إلى هذا التّيّار ورشيد حمو بتهمة الانحياز إلى ذاك الاتجاه وغيرهم كثيرون, فحتّى الفنّانين لم يفلتوا من مكيدة ظنونهم وأفكارهم الجهنّميّة. ماذا فعلوا بـ "محمد شيخو" و"سعيد كاباري"؟؟ محمد شيخو الذي قام لوحده وبصوته وطنبوره بثورةٍ حقيقيّة تعجز الأحزاب المنضويّة في الحركة وخارجها من القيام بها, وهو الذي تعرّض إلى السّجن والنّفي. 
نتيجة هذه الممارسات الخاطئة من قبل أحزاب الحركة  تشكّلت لدى الكاتب والإعلاميّ أيضاً فكرة سوداويّة عن مختلف الأحزاب, حتّى وصل بهم الأمر إلى مقاطعتها أو الوقوف في الصّفّ المخالف لها. 
أرى أن يتجاوز الطّرفان مثل هذه الأفكار والمفاهيم الخاطئة التي رُسّخت في فكرهم ووجدانهم, وأن يجتمعوا معأ في محراب الحقيقة, ويعقدوا معاً جلسات مصارحة ثمّ مصالحة ليتمكنّوا من تجاوزها, والعبور إلى مرفأ العمل المشترك والنّضال المشترك على أسس التّآلف والتّودّد وحسن النّيّة, لأنّنا ككرد نعيش في ظروف حسّاسة ودقيقة, وعلينا جميعاً أن نتصالح ونتكاتف لنستغلّ هذه الظّروف التي نمرّ بها ونعيشها, والتي ربّما لن تتكرّر بعد عشرات سنين قادمة لئلا يلعننا التّاريخ ولئلا ترجمنا أجيالنا القادمة بجمرات لومها وعتابها. 
  
س4- كنتم ككتاب من الأوائل الذين انضموا الى الشارع السوري المنتفض وثورته , حتى قيل عنكم بأنكم تركضون إلى الأمام من خلال خطاباتكم و مقالاتكم عبر مواقع التواصل الاجتماعي والانترنيت, كيف تفسرين هذه النقطة ؟
*- منذ دخولي إلى عالم الأدب والكتابة عاهدتُ نفسي أن أظلّ مخلصة لشعبي وقضيّتي وأرضي, أعمل من أجلهم دوماً, وفي كلّ الظّروف والأوقات الصّعبة منها واليسيرة, التّعيسة منها والسّعيدة, لأنّ الكاتب المخلص هو الذي يسخّر قلمه وفكره وعواطفه في خدمة مجتمعه وشعبه في أحلك الظّروف والمواقف وأصعبها, لذلك حاولتُ أن أكون إلى جانب شعبي ومجتمعي في هذه المرحلة الجديدة والحسّاسة التي نمرّ بها وآمل أن أكون قد قدّمت القليل من الكثير الذي نطمح إليه. 
أمّا ما تفضّلتم به من القول "حتى قيل عنكم بأنكم تركضون إلى الأمام من خلال خطاباتكم و مقالاتكم" فأحبّ أن أوضّح على أنّني كنتُ دوماً في الصّفوف الأماميّة وفي كلّ المناسبات, ولم أتخلّف عن نداء الوطن والشّعب منذ ثلاثين عاماً وحتّى الآن. 
  
س5-الساحة الفكرية والسياسية الكوردية تعج بالتنسيقيات والاتحادات والرابطات والأحزاب والجمعيات, أين تجدون انتم نفسكم ككتاب ومثقفين  خاصة في هذه الظروف الدقيقة حيث الثورة السورية ؟
*- في الحقيقة  قبل السّنوات العشرين التي مضت كنّا ما نزال نحلمُ بكروب ثقافيّ, أدبيّ أو جمعية أو منظّمة ثقافيّة أو إعلاميّة وأدبيّة, وبعدها شهدنا ولادة بعضها وإن كانت ولادة عسيرة. خلال السّنوات الأربع الماضيّة شهدنا ظهوراً مكثّفاً وملحوظاً لها بالإضافة إلى العديد من التّنسيقيّات والمنسّقيّات والاتحادات وغيرها. أعتقد أنّ الكثير منها بدأت بداية موفّقة وسليمة, وتمكّنت من تقديم الكثير للشّعب والوطن, والتأثير في الجماهير, لكنّها فيما بعد أصيبت بالكثير من الخمول والوهن, ولم تستطع القيام بالواجبات والمهام التي أنشئت من أجلها أصلاً نتيجة عوامل وأسباب عدّة ومتباينة, ولكنّني أستطيع أن أجزم أنّ بعض أحزاب الحركة الكورديّة كانت السّبب المباشر والآثر في تراجعها وتفكّكها, لأنّها تقرّبت إليها, وأبدت استعدادها لمساعدتها أو مشاركتها في مسيرة عملها ونضالها, ولكنّ هدفها الحقيقيّ ظهر فيما بعد والذي يكمن في سعيها إلى إضعافها والإساءة إليها بغية تشتيتها وتفكيكها, وقد تمكّنت إلى حدّ كبير من تحقيق رغبتها والوصول إلى مسعاها, طبعاً من خلال الوصول إلى بعض الانتهازيين أو الطّارئين على مثل هذه المنظّمات والتّجمّعات. 
  
س6- يقال بأن ما يحدث اليوم في المناطق الكوردية من سوريا من قتل سياسي ومصادرة للرأي هو استنفار للغرائز في مواجهة العقل السياسي والمنطق والحوار أو هو فشل في إنتاج عقل كوردي جديد ، أنت ككاتبة كيف ترين هذا ؟
*- نعم, إلى حدّ كبير أوافقكم الرّأي فيما تفضّلتم به, وما يحدث الآن ليس وليد اليوم أو نتيجة الأحداث الجارية خلال أعوام قليلة مضت, كما ذكرت قبل قليل, بل هو استمرار ممنهج لما بدأه العديد من مسؤولي الأحزاب منذ التّأسيس لأوّل تنظيم سياسيّ, حزبيّ كورديّ في سوريا, لذلك يبدو أنّ الفشل سيكون ربيب إنتاج هذا العقل الكورديّ الذي نسعى إلى إنتاجه ليكون نواة حقيقيّة لخلق إنسان كورديّ خالي العقل والذّهن والضّمير من شوائب ونوائب  تعكر صفوها ومزاجها. 
يجب أن يتكاتف الجميع وبكلّ قدراتهم وإمكانيّاتهم الكبيرة وحتّى البسيطة لتجاوز هذه المرحلة, معتمدين على لغة الحوار والمنطق المعمّدين في عبق التّآلف والصّدق والصّراحة. 
يجب تجاوز المرحلة دون تردّد أو مواراة أو مكابرة, مثل هذا العمل يتطلّب القفز فوق كلّ الخلافات والاختلافات في الرّأي أو الرّؤى. 
  
س7- سوريا ليست ساحة صراع بين الثورة والنظام فقط ، بل أصبحت الآن ميدان صراع للقوى الإقليمية أيضا, كيف ترون مستقبل سوريا خاصة في  ظل غياب مشاريع واضحة المعالم للمعارضة السورية؟ 
*- مع الأسف هذا الحراك الجماهيريّ, الشّعبيّ, العفويّ أراد له الشّعب أن يتحوّل إلى ثورة, لكنّه تحوّل فيما بعد إلى فورة نار وظلام على الشّعب السّوريّ خصوصاً وشعوب المنطقة ككلّ بسبب عدم وجود معارضة حقيقيّة تقودها, تدخل الأمان والاطمئنان إلى نفسها وبالها. 
القيادة في سوريا استطاعت الاستفادة من هذه الأحداث بشكل كبير سواء بالاعتماد على ذاتها أو بمساعدة قوى اقليمية أو دوليّة, بينما المعارضة السّوريّة بكلّ أطيافها, بكلّ مكوّناتها بما فيها المعارضة الكورديّة لم تتمكّن من فعل أي شيءٍ للشّعب السّوريّ لا على المستوى الوطنيّ ولا على المستوى الاقليميّ والعالميّ, بل أستطيع أن أجزم أنّ معظمهم باع نفسه مقابل مكاسب ماديّة وقياديّة ورياديّة, وبالتّالي باع الوطن والشّعب والأهداف التي يسعى إليها شعبنا المغلوب على أمره. 
من جهةً أخرى القوى الاقليميّة والدّوليّة انتهزت فرصة حدوث هذه الأحداث في سوريا, فوجدت فيها فرصتها الماسيّة في السّيطرة على المنطقة ككلّ بوسائل وسبل مختلفة دون الشّعور بأدنى درجات الحسّ الإنسانيّ تجاه عموم الشّعب السّوريّ, ضاربة عرض الحائط كلّ مبادئ حقوق الإنسان التي نصّت عليها المواثيق والعهود الدّوليّة التي خُطت بأناملهم والتي يدّعون السّعي إلى تحقيقها في كلّ وقتٍ وحين. أين هذه القوى والدّول من حقول الطّفل السّوريّ الذي يُقتل أمامهم دون رحمة أو شفقة؟ أين حقوق المرأة الأمّ والزّوجة والحبيبة والأخت؟ المرأة التي شهدت عهد السّبي والنّخاسة وهي تعيش القرن الواحد والعشرين, عهد الحقوق الإنسانيّة والثّورة التّكنولوجية الهائلة, والحضارة المتطوّرة؟ تُباع وتشرى لهذا وذاك, تغتصب أمام أبيها زوجها وأخيها!!! 
مستقبل سوريا مرهون بمستقبل منطقة الشّرق الأوسط ككلّ, وهو مستقبل مربوط بيديّ وبين أنياب القوى الاقليميّة والدّوليّة التي ترى نفسها قوى عظمى وصاحبة القرار والتّنفيذ, والتي يكمن مقاس وفصال المنطقة وشعوبها في عبّ فكرها ومخطّطاتها, وبحسب تصريحاتهم فإنّهم يخطّطون, بل يتنبّؤون بسنوات وأعوام طويلة الأمد والمدد لشعوب منطقتنا. 
  
س8- المجلس الوطنيّ الكوردي في سوريا طالب وقال بأنه سيفاوض جميع الأطراف في المعارضة السورية على برنامجه الذي رفع فيه سقفه إلى المطالبة بحق تقرير المصير للكورد ضمن وحدة سوريا, كيف تنظرون الى هذا المطلب كمثقفين؟
*-عن أيّ مجلسٍ كورديّ نتحدّث؟ أين هذا المجلس الذي يستطيع تنفيذ هذا المطلب  حتّى بالأحلام ؟ نحن لا نملك معارضة ولا مجلساً يمثّلنا ككرد وإلا لما وصلنا إلى الحالة التي وصلنا إليها من البؤس واليأس! 
ربّما استطاعت القيادات الكورديّة تحقيق بعض الأمور في بداية تأسيس المؤتمر الوطنيّ الكورديّ الذي تحوّل فيما بعد إلى المجلس الوطنيّ الكورديّ  وخلال الشّهور الأولى, لكنّ الوهن والضّعف تسللا إلى جسده شيئاً فشيئاً, ودبّ فيه الانقسام والتّشتّت في المواقف والآراء والتّوجّهات, ولم يستطع تحقيق أبسط الحقوق للشّعب وللقضيّة الكورديّة. 
هل استطاعت المعارضة الكورديّة من تعريف الآخر غير الكورديّ بقضيتنا وحقوقنا حتّى ترفع سقف مطالبها إليهم؟ هل أعادوا الاعتراف بحقوقهم من الآخر الذي يسمّونه المعارضة السّوريّة؟ علماً أنّ مَنْ تسمّي نفسها "المعارضة العربيّة"  حتّى الآن لا تعترف بالشّعبِ الكورديّ كشعبٍ وكأمّةٍ وكقوميّة, تراهم مواطنين سورييّن لا يستحقّون سوى حقّ المواطنة, ومن هنا لا بدّ لأحزاب الحركة الكورديّة التّحرّك سريعاً للحصول من المعارضة السّوريّة على عهودٍ خطيّةٍ ورسميّة موثّقة تضمن للكورد حقوقهم. 
  
س9- برأيك وأنت كاتبة وشاعرة ألا ينبغي أن تتوضح خطوط و معالم المثقفين والأكاديمين والمبدعين الكرد, وأن يتحملوا مسؤولياتهم التاريخية لما يجري داخل الحركة الكوردية في سوريا, وأن يعملوا بفعالية أكثر وأعمق ليكون لهم دوراً فاعلاً ؟ 
*- نعم, يجب أن يكونوا كذلك. يجب أن تتوضّح خطوط و ومعالم عملهم وكفاحهم من خلال قلمهم الذي يجب أن يضخّ بعواطفهم المفعمة بحبّ الوطن والشّعب, والعمل من أجلهم بإخلاصٍ ونبل. 
عليهم في البداية أن يتقرّبوا إلى بعضهم البعض بنيّةٍ صافية خالصة, وأن يتعاهدوا على العمل المشترك ًسعياً للتأسيس لمظلّةٍ أدبيّة, ثقافيّة, إعلاميّةٍ سليمة البنيان, قويمة الأركان, ومن ثمّ باستطاعتهم التوجّه إلى أحزاب الحركة الكورديّة بأهداف وملامح ومطالب موحّدة أو مشتركة واضحة المعالم. بذلك يتمكّنون من لعب دور فاعل وفعّال في صفوف الأحزاب الكورديّة وغيرها من الحركات والمنظّمات, لأنّ العقل المثقف-برأيي الشّخصيّ- هو العقلُ الذي يحرّرُ صاحبه من القيود المختلفة التي تجعله أسيرَ معتقداتٍ ومفاهيمَ قد تعيده إلى عهودٍ هو ومجتمعه في غنى عنها. عليه أن يكون شريكاً في كلّ المنظّمات والحركات الحزبيّة والمدنيّة. 
  
س 10- برأيك إلى أين يمضي المثقف الكوردي في سوريا في خضم هذه الإرباكات المختلفة التي تظهر في المشهد الثقافي وهل أخذ دوره الاعتيادي بعيداً عن التسلط السياسي والتنظيمي؟
*- يجب أن يمضي إلى ما فيه خير الشّعب والمجتمع وخصوصاً في هذه المرحلة التّاريخيّة والمفصليّة التي نعيشها. يجب ألا يلغي الكاتب الكورديّ الآخر من الكتّاب والإعلاميّين. ليكتب مَنْ يجد في نفسه ملكة الكتابة, والقارئ هو خير حَكَم على نتاجه, وما يقدّمه هو جواز سفره إلى قلب ونفس القرّاء والمستمعين, قد يحصل منهم على الإقامة الدّائمة ومن ثمّ على الجنسيّة الأدبيّة والثّقافيّة والمعرفيّة, أو على إقامةٍ مؤقتة تنتهي صلاحيتها بعد فترة محدّدة. ليس هناك كاتب كبير أو صغير, الكاتب الكبير يظهر من خلال نتاجه الذي يقدّمه لجماهير شعبه ووطنه وللإنسانيّة عموماً. 
الالتزام بقضايا الوطن والأمّة, وبقصايا المجتمع والجماهير لا يعني بالضّرورة التزام الكاتب أو الإعلاميّ بتنظيم حزبيّ أو سياسيّ أو مدنيّ, ولكن إذا أراد الالتزام فهو بالتّأكيد قادر على القيام بواجب هذا الالتزام. 
  
س11- يتطلب من الجميع القيام بالواجب القومي والوطني والشعور بالمسؤولية التاريخية تجاه شعبهم, إذاً ما رأيك ككاتبة وكشاعرة من قضية الالتزام السياسي والتنظيمي؟ وهل بمقدور المثقف أن يلتزم بالجانب التنظيمي؟
أرى أنّ الكاتب أو الإعلاميّ بإمكانه الانتساب إلى أيّ تنظيم حزبيّ أو حراكٍ سياسيّ اذا وجد لديه الرّغبة في ذلك, شرط ألا يتحوّل إلى عضو ثانويّ فيها, أو إلى صوفيّ أو مريدٍ يحقّق لهم رغباتهم ومطالبهم دون تردّدٍ أو إبداء رأي أو اعتراض على الأخطاء. كما يجب على أعضاء  الأحزاب وتحديداً القياديّين منهم اعتبار هؤلاء شركاء حقيقيّن في كلّ ما يخصّ قضايا المجتمع والشّعب, على أنّ يقوم كلّ منهم بدوره ضمن الاختصاص الذي يجد نفسه قادراً بالعمل فيه. يقوم بواجبه وفقاً لإمكانيّاته وقدراته الذّاتيّة والفكريّة. 
هناك مقولة أردّدها على الدّوام وهي أنّه ليس بالضّرورة أن يكون السّكرتير أو القياديّ في الحزب أو التّنظيم إعلاميّاً أو كاتباً أو شاعراً, ولكن ما المانع أن يتسلّم الكاتب أو الإعلاميّ أو الفنّان مركز القيادة والرّيادة أو السّكرتاريّة في أيّ حزب أو تنظيم أو تجمّع كورديّ ؟! 
لاشكّ أنّ الوضع السّياسيّ يترك أثره الكبير في الأديب والكاتب والإعلاميّ, لأنّ السيّاسة تعتبر غصناً نضيراً من غصون شجرة الحياة والمجتمع تماماً كما الأدب والإعلام يشكّلان الغصون  (الفروع) الأخرى, فكلّما كان الوضع السّياسيّ إيجابيّاً, مريحاً ومطمئناً سينعكس ذلك على الوضع الأدبيّ والإعلاميّ وبالعكس. 
  
س12 ـ النقد نصفه موهبة ونصفه الآخر دراسة, كيف تفهم الأستاذة نارين عمر مسألة النقد وخاصة ما نلمسه في المشهد الثقافي الكردي في سوريا .
*-النّقد وكونه يُعتبر علماً من العلوم، وجنساً فنياً لا يُستهان به فقد استند إلى قواعد وأصول لا بدّ لكلّ مَنْ يحاول ويرغبُ في الإبحار في خضمّه أن يكون ملمّاً بأكبر قدر منها إلى جانب ضوابطه التي ترقبُ مَنْ يتعامل معها وترصد تحرّكاته, من أبرزها: صوابُ التفكير، واستخدام العقل، والعاطفة التي تتجاوب مع هذا العقل وتسايره. فلا يُعقل أن يعرض كتابٌ أو مؤلف أيّاً كان موضوعه وأيّاً كانت محاوره وركائزه من دون أن يحمل في طيّاته مفاهيمَ وفكر وقيم تهمّ الإنسان والمجتمع ككلّ. 
من هنا نجدُ أنّ الناقد الحق الصّادق هو من يعرّف المنقود بمواطن الخطأ لديه بطريقة أدبية، مهذبة يراعي فيها مشاعره فلا يوقعه في قاع الإحباط والسّوداوية معتمداً على الأدلة المقنعة، ومرتكزاً على قواعدَ سليمة وآراء صحيحة، مستندة إلى اليقين ومنطلقة من الضّمير الحيّ اليقظ. مع الأسف نحن الآن لا نعيشُ أزمة كتّابٍ ولا أزمة شعراء ولا فنّانين إنّما نعيشُ أزمة نقاد، نحن بأمسّ الحاجةِ إلى الاتفاق على الصّيغةِ السّليمةِ للنّقدِ الذي ينطلقُ من بنيةِ الصّدق وعدم المحسوبية والمجاملة، نقدٍ حقيقيّ يلغي من قاموسه مفرداتٍ تحملُ في طيّاتها معاني الإساءة والتّهكّم. وعلينا أن نعترفَ بأنّ النّاقدَ الحقيقيّ نادر الوجودِ في عالمنا، أمّا هؤلاءِ الذين يظهرون بين الحين والحين، ويشهرون أقلامهم التي يتآكلها الصّدأ من كلّ الجهات، يتهجّمون على هذا ويسبّون ذاك، ويتخبطون في دروبٍ لا صلة أخلاقية وأدبية تجمعهم بالنّقدِ والأدب، فهم وفي العرفِ العامّ للنّقد يعتبرون منتقدين، هزليين، لا ينتمون إلى فنّ النّقدِ الحقيقيّ الذي يُعتَبَرُ من أسمى أنواع الفنون والأدبِ، بل إنّهم لا يخجلون من الإشهار بنسبِ المنقودِ أو شخصيته أو عائلته. لكن علينا أن نقرّ بوجود بعض الأشخاص الذين تتوافر فيه بعض شروط النّقد, الذين يحترمونَ أقلامهم ومقالاتهم النّقدية -على الرّغم من ندرتهم-  لأنّهم في الأصل نقّاد حقيقيّون يمتلكون ملَكة النّقدِ والأدب، وهؤلاء نحترمهم ونقدّرهم ونتمنّى أن تكثرَ السّاحة الأدبية والنّقدية من أمثالهم. 
  
س13- كلمة أخيرة تريدين قولها؟
*-أقطف إليكم من رياض القلب أكاليل شكرٍ وتقدير على ثقتكم بي, أتمنّى أن أكون قد تمكّنت من الاستيفاء بالمطلوب, مع الودّ الخالص إلى جريدة "كورستان" وإلى كلّ العاملين فيها. 
  
نارين عمر , ولدت في مدينة ديريك "المعرّبة إلى المالكية" التابعة لمحافظة الحسكة  بسوريا. أنهت دراستها الابتدائية والإعدادية والثّانويّة في مدارس المنطقة ، ثمّ أكملت دراستها الجامعية في جامعة دمشق /كليّة الآداب والعلوم الإنسانية ,  وتخرّجت منها في العام 1995 من قسم الّلغة العربيّة ، وتدرّس في الثانويات مدينتها مادة الّلغة العربية. 
دخلت عالم الأدب والكتابة في سنّ مبكرة من خلال قراءاتها المثابرة والمتواصلة لكلّ ما كان يقع بين يديها .. وتكتب الشّعرَ الغنائيّ كذلك وقد غنّى من كلماتها معظم فنّاني المنطقة الكرد. نشرت في العديد من الجرائد والمجلات الكوردية والعربية وفيما بعد في المواقع الالكترونية المختلفة وبالعربية والكوردية. 
  
حاورها: ريزان عثمان 
  
المصدر: جريدة كوردستان 

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 4
تصويتات: 4


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات

عفوا، التعليقات غير ممكنه لهذا المقال.