القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 491 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي



























 

 
 

مقالات: الحركة السياسية الكوردية في سوريا.. المرحلة الراهنة والمتطلبات..!

 
الثلاثاء 06 اب 2013


دهـام حسـن

لا يسعني في مستهل تناولي للموضوع، وتبعا لقراءتي للحالة السياسية في البلاد، ومواكبتي لنشاط الحركة الكوردية في سوريا، لا يسعني هنا إلا أن أفاجئ الزميل القارئ بهذا الحكم القطعي والقاسي في آن، وما يعتمل في نفسي من مآخذ، وبالتالي للقول: إن الحركة السياسية الكوردية - للأسف – دون مستوى المرحلة، وعاجزة عن مواكبة الحدث، وقاصرة عن إدراك المتطلبات السياسية والنضالية المطروحة على الميدان الوطني والقومي، وهي بهذا غير جديرة لتمثيل الكورد سياسيا في أي محفل، الوهن والعجز والأمية السياسية تلف جسم الحركة، وتستبد بأوصالها، فقوّاد الأحزاب يتحركون دون تدبر، ويتخبطون دون أن يتبينوا سبيلهم، أو فلنقل عن حالتهم بأنهم متعثرون كونهم أساسا يسيرون بلا طريق، ويصح فيهم مثال فرنسيس بيكون في وصفه لحالة الأعرج السائر في الطريق من أنه يسبق من يركض بلا طريق،


 فالحزبية بممارسات هؤلاء القادة استحالت إلى ما يشبه الحلقية المغلقة، أو ما يسمى في عرف القبائل والعشائر بالأحلاف، الحزب انقلب إلى "حلف" فلا موقف سياسي حضاري له يمكن أن يشهّره  مدافعا عن قناعاته فبضعة أحزاب صغيرة تتحالف لتشكل محورا حلفا موسميا لا حزبا سياسيا تظللهم خيمة ما، واستحالت مكاتبهم إلى مضافات، أو كما يقال بالعامية في حكايات شعبية  مأثورة تتداولها أبناء المنطقة "أوضة بكندي ما فيها غير ميْ وفيْ" وبالتالي فلا رؤية ولا أهداف ولا طريق، لكن جعجعة فحسب..

أما لو تناولنا الحالة من جانب معرفي صرف، فلسوف تكون الصدمة أو الصفعة أشد، تصور أن كادرين في الحركة السياسية الكوردية ومن تنظيمين مختلفين كلاهما يثني على هذا التوالد غير الشرعي، والتوائم المنغولية في الحركة السياسية الكورية بأنها نتيجة أجواء الديمقراطية تعيشها الحركة، أخي ما هكذا تكون التعددية، بل هي حالة من التشتت والتشرذم وأيد خارجية وأخرى مشبوهة، هي كانت القابلة لهذا التوالد والتكاثر غير الطبيعي، وللأسف جاءت الولادة بأشأم توائم، وهنا أترك لكم خيار أسماء الأحزاب الوليدة، وأسماء الأشخاص الذين تسنموا قيادتها، الحركة السياسية الكوردية عاجزة من أن تخطط لمشروع، لهدف، يمكن النضال في سبيل تحقيقه، فهي تعمل كما قلنا دون بوصلة، بعضهم يفكر في إطار أيديولوجي ضيق، لا يرى أمامه على مدى خطوتين، فيقول أنه مستعد للتعامل مع الشيطان طالما يقرّ له الشيطان بحقوقه القومية المشروعة، وينسى أن الحقوق تؤخذ ولا تعطى، ولا يجود بها أي إنسان حتى لو اتسمت بسجايا الملائكة، فكيف بالشيطان! إن الحقوق تؤخذ أو تتحقق بطريقتين اثنتين: أولاهما أن يكون صاحب الحق بقوة تمكنه من انتزاع حقوقه بالقوة، الحالة الثانية أن ينعم النظام القائم بدرجة من التقدم الاجتماعي والديمقراطية والحضارة، مع إدارة جيدة لشؤون السياسة والاقتصاد، فيتفق الجميع دونما صعوبة وعناء على شكل من إدارة البلاد، في ظلّها ينال كل ذي حق حقه، ويتمتع كل مواطن، بل كل مكون اجتماعي بكامل حقوقه، فلا تجاوز ولا إجحاف بحق أحد، مع رضا وموافقة جميع الفرقاء، ومن خلاله ينعم الكورد كسواهم من الشعوب بحقوقهم دون زيادة أو نقصان ..
على صعيد آخر لقد جرى سعي محموم في الآونة الأخيرة لجر الكورد إلى معارك جانبية بعد تصوير الحالة وكأن الصراع عرقي، وأن المنطقة الكوردية هي المستهدفة، وليس أمام الكورد إلا المواجهة، والغاية هنا توريطهم في معركة لا ناقة لهم فيها ولا جمل، لا قوميا ولا وطنيا، وإقصاؤهم بهذه الذريعة بالتالي عن المعارضة، فأي تواجد مسلح هو بعقيدتهم ذو طابع إسلامي إرهابي، ولا بد من مقاومته، وغالبية الفصائل الكوردية في المجلس الوطني الكوردي مع هذا التوجه للأسف، لا لغباء رموزه، لكن مداراة لرغبات النظام، أو ما به يوعدون، على الحركة السياسية الكوردية أن تتحرك بوعي ومسؤولية، وأن تحسن التصرف إزاء مختلف الحالات، لاسيما إذا استشعرت بالخطر، لا أن تتسرع في إطلاق أحكام ارتجالية كالتعبئة والتجييش إزاء عدو موهوم، على الحركة ألا تنطلي عليها لعبة إثارة النعرات العرقية، على الحركة أن تخاطب العقل لا أن تدغدغ العواطف وتجيّـش المشاعر، وعلى العموم عليها ألا تتسرع في المواقف قبل أن يتوضح أمامها جانب من الحقيقة، إننا اليوم بحاجة إلى وعي وطني أكثر من حاجتنا إلى وعي قومي متعصب، إن تمجيد القيم القومية وتثمين الآيديولوجية القومية أثناء النضال الثوري يخشى أن يأتي بنتيجة عكسية بعد الثورة وبالتالي يكون الكورد هم أول ضحايا هذا الوهم، فيقعون في فخ التعصب، كما يدخل في هذا السياق أيضا ذاك التوجه العجول في إيهام الناس، بأن الثورة قد انتهت، وبالتالي دفعهم لتأبينها، بقراءة الفاتحة عليها ..
في هذا السياق ثمة من يقول أن الخاتمة بيد القوى الخارجية، الروس و أيران من جانب والغرب ممثلا بالولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا من جانب آخر، وهنا يفقدون المعارضة من قواها الذاتية التي فجرت الثورة، وهذا أيضا لا يمكن الموافقة عليه لأنه يحط من همة الثورة، ويجدر بنا ونحن شهود على الثورة السورية أن نتذكر شعار الثورة الفرنسية1789م "حرية، إخاء، مساواة" ونتذكر قول روبسبيير أحد قادة الثورة آنذاك من أن الثورة هي حرب الحرية ضد أعداء الحرية، إن هكذا شعار يوحد بين أقطاب المعارضة في علاقة وتواصل ويمهد بالتالي لإقرار الواحد بحقوق الآخر السياسي وقبوله، أما عدم تقبل الآخر لما يطرحه أحدنا من حقوق مشروعة لا يعني نهاية الأمر، عندها ليس أمام واحدنا سوى متابعة النضال، فبعد أن نفرغ من الثورة، علينا أن ندرك من أن نجاح الثورة أو حتى إخفاقها لا يعني ألبتة نهاية النضال أو آخر المشوار، فقد نتحالف في محطة نضالية أخرى ونتفاهم في الرؤى السياسية مستقبلا، وقد نتعادى سياسيا في محطات أخرى، هكذا دواليك، فهذه هي طبيعة النضال ..
إن قراءتي للمشهد تقول ليس هناك من تقسيم للخريطة السورية لا جغرافيا ولا ديموغرافيا، بل أن البلاد لابد أن تشهد حالة من التقدم والديمقراطية في نهاية المطاف حتى لو استأثرت بعض القوى المتربصة أو الظلامية بمقاليد السلطة في بداية الثورة لفترة ما، واستأثرت بثمار الثورة، أو حققت شيئا من المكاسب، فطبيعي كما يقول نابليون: هناك من يتسبب في الثورة وهناك من يتكسب منها، لكن في نهاية المطاف لابد أن تستتبّ حالة الاستقرار وتشهد البلاد حالة من الديمقراطية والتقدم الاجتماعي والحضاري، وفي ظل هكذا أوضاع يحل كثير من المسائل العرقية والمذهبية العالقة من خلال النضال السياسي والاجتماعي وفي مناخ ديمقراطي..
لعبة الأحزاب
رغم أن المجلس الوطني الكوردي لم يرقَ إلى درجة الطموح والمراد، وظلَّ دون مستوى التطلعات، رغم ذلك فقد تفاءلتْ به جماهير غفيرة من قطاعات شعبنا، ومع ذلك فلم يَرُقْ حتى هذا الصرح السياسي المتواضع لبعض قادة الحركة، فسرعان ما بادر بعضهم إلى دق إسفين في هيكل هذا البنيان السياسي، فاشتغلت المحاور والاستقطابات، ولدت فكرة الاتحاد السياسي فجوبهت بسلسلة من المعارضات الهجومية فلم تبصر النور، ومات وهو في المهد، أفلح التقدمي في جرّ "الوحدة، شيخ آلي" واحتوائه بالتالي من موقف "الوحدة" المستقل نسبيا، أو فلنقل ركض إليه الوحدة بعد أن دبت البلبلة في صفوفه إثر التلاعب بمقررات مؤتمر الحزب الأخير، فجاء هذا التقارب حلا ومناسبة للتنصل من بعض الالتزامات تجاه الواقع الحزبي، وإنقاذا للوضع التنظيمي، وما يدعو لتكريس الاتجاه اليميني في الحزب بعد معركة الاتهامات داخل التنظيم ومازال الصراع مستمرا وإن خفّت حدته، الفارق بين التقدمي والوحدة، أن هناك في داخل صفوف الوحدة من يقول "لا" للخطأ، أما لدى التقدمي فلن تجد سوى "نعم" للمسؤول الأول ويصح فيهم قول الشاعر:
ما قال لا قط ُّ إلا في تشهّده   لولا التشهد لكانت لاءه نعم
وسرعان ما حذت حذو الوحدة في اللاموقف بعض التنظيمات، اليسار بفصيليه مع "جمال شيخ باقي" فكان مناسبة جيدة أن يسلم زمام أمرهم للتقدمي في السليمانية وكأنها دون تاريخ، فتم دمغ اليسار بدمغة اليمين ليصاب المتابعين بعمى الجهات، فضلا عن أحزاب مجهرية أخرى لا مجال لذكرها، أما حزب "يكيتي" الذي قاوم ما يمس استقلاليته لفترة، وتفاءلنا بهذا التفرد المميز في الموقف والاستقلالية لديه، هذا بالنسبة لي على الأقل، لكنه في النهاية وجدناه يسلم أمره للتقدمي  ليرضى بنصف الغنيمة فركض إليه في السليمانية ليفتح له سبيلا آخر مع محور آخر بعد أن يئس من البارتي، ولطي صفحة الماضي، وهذا ما حصل، باعتقادي أن "يكيتي" رغم أني توسمت فيه الخير لم يرقَ إلى مستوى حزب مؤهل ليقود المرحلة، وأن القيادة التي تفاءلت بها خيرا، ومحضتها كبير الثقة، مازالت تنقصها الحكمة، وأن التطلعات الذاتية لدى قيادة "اليكيتي"  لم تغلب عليها ما تقتضيه المرحلة من استيعاب للواقع، والتضحية بالمركز، ولا يخفى على أي لبيب كيف انطلت على قادته لعبة الآخرين فقد أفلح الآخرون في إغوائهم ولو قليلا لثنيهم عن مشروع الوحدة، بل فلنقل مشروع قيادة المرحلة من قبلهم كما خيّـل إليّ توهما في القدرة والأهلية، وبهذا أفلح الآخرون في جرّهم إلى محور آخر، ففقدوا ريادتهم في الحركة ودورهم في الإمامة السياسية، وراحوا خبط عشواء، يتخبطون كالآخرين خلف التقدمي ودون هداية أو بوصلة، أما البارتي يبقى الأمل رغم أنه بمثابة حلم يتبدد، فلم يرقَ إلى مستوى ما يطمح إليه واحدنا، فلم يقدر أن يلعب الدور الجامع والريادي المأمول منه في الحركة السياسية الكوردية، ولمّ الشمل الكوردي، وهو في فترة من الفترات وقع في فخ التقدمي وكان يمشي وراءه بحسن العلاقة، من جانب آخر هو بالأساس وحقيقة يفتقر إلى قيادة جديرة، فإذا كانوا يعتمدون على إرث البارزاني الخالد فهم بالمقابل يفتقرون إلى قيادة مؤهلة للاضطلاع بأعباء المرحلة، وثمة من يتربص بهم شرّ تربص، واستمراريتهم في الدور الريادي يقتضي منهم أدوية بطولية، بأن يقوموا أولا بلملمة فرقائهم المتناثرين، والإيتاء بقيادة جديرة، وكوادر مؤهلة لقيادة المرحة، البارتي هو أكثر الأحزاب بعدا عن التيار الثقافي،..
ثمة أحزاب أخرى صغيرة خرجت من إبط التقدمي، تعيش حالة متذبذبة، بين بين، لا تتجرأ أن تظهر بموقف مستقل أو مميز، وكأن استمراريتها بانتهازيتها يكتب لها عمر أطول، فطاب لها هذا التلكؤ، وظلّ أي فصيل منها يتعثر أو فلنقل ظلّ يظلع، واستمرأ بالتالي هذا اللاموقف، ولم تتخلص من عقدة الأنا التي عفرها التراب على مرّ الأيام، إن الحركة السياسية الكوردية باعتقادي مقبلة على محاور جديدة ستتشكل، وهذا ما أتمناه وأتوقعه طالما توافق فصائل الحركة الكوردية مجتمعة على شكل جسم واحد، على رأي واحد أمر غير متوقع، كما هو حال المجلس الوطني الكوردي، فتلك اللملمة كانت كذبة وها هي تنهار لأنها لم تبن على أساس منطقي، أما لعبة الكبار لغايات ومنافع ذاتية لا تخفى على المتابع للشأن الكوردي، هذا الشكل القادم من الانشطار يتمركز أحد محاوره حول نهج البارزاني وهو قد ينضم إلى المعارضة الوطنية ربما لاحقا، والآخر سيبقى في محور السليمانية وفي خانة الموالاة على ما يرجح، أو المعارضة الناعمة، أي يتكتك مع النظام من وراء الستار إلى ما قدر الله، هذه هي قراءتي وبالتالي هواجسي كمتابع ومراقب، أقولها بكل أسف، فإن قسوت فليست غايتي شخصا بعينه أو حزبا ما، فغايتي التذكير والتنبيه ليس إلا، رجائي أن تركزوا على الخيار السليم لتصحيح المسار والعدول عن هذا الشطط والانحراف عن جادة الصواب، فشعبكم ينتظر منكم موقفا سليما صحيحا جريئا، فهل أنتم قادرون على إنتاجه، أتمنى أن يخرج بيننا قائد جريء يحمل فكرا متقدما ولكن هيهات فقد أحبوا أن ينفدوا بجلدهم، واستطاب لهم أن يقبعوا خارج أوطانهم سالمين غانمين.!

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 4
تصويتات: 8


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات

عفوا، التعليقات غير ممكنه لهذا المقال.