القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 374 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي





























 

 
 

مقالات: على أبواب أوربا

 
السبت 20 تموز 2013


غسان جانكير

ثمة مقولة ل لينين مفادها أن جانبي الحدود بين الدول, محكومة بنظرية الأواني المُستطرقة . فالخلل الموجود على طرفي الحدود لا يستقرّ إلّا بإعادة التوازن, إن كان من الناحية البشرية أو المعيشية .
عبثاً تُحاول دول الإتحاد الأوربي تحصين حدودها أمام الهجرة الغير شرعية, وعبثاً يُحاول بوليس هذه الدول استجواب اللاجئين, لمعرفة شبكات تهريب البشر, فالمهربين بنظر الكثرة الكثيرة من اللاجئين يكادون أن يكونوا أنبياء. في إنقاذهم لحياة الكثيرين, في أوقات الحروب والمجاعات, في الوقت الذي تتقاعس هذه الدول عن الإسهام – بحسب نفوذها السياسي أو الاقتصادي أو العسكري – في إيجاد الحل لهذه الهجرة من خلال وقف أسبابها .


في أحد مراكز اللجوء في النمسا, وفي جلسة حول إبريق الشاي, يحس المرء بعودة الإنسان إلى فطرته الأولى, حيث لا انتماء إلّا للإنسانية, ولا وظيفة للغات سوى كحاجة التواصل, فإن استعصت عن الفهم, كانت الإيماءات كفيلة بتيسير الأمور.
الكلّ لديه قصة تعجزُ المُجلدات عن ضمّ تفاصيلها, والكلُّ لديه من الآمال ما تعجز قرون الشرق عن تحقيقها, فقط بضعة سنين في أوربا كافية كي يشعر المرء بإنسانيته, وكي يُقدّم يد المُساعدة, لأهلٍ جابه الأهوال من أجلهم .
في الجزء اليسير من الثانية, حيث يأخذ المُتحدث حاجته من التنفس لإكمال حديثه, يسترق آخرٌ الفرصة لسرد مُعاناته .
أحدهم أحرق أصابعه كي يُزيل عنها البصمات, التي أُخذت صورتها في بلغاريا, ويُفضّل الموت انتحارا على العودة الى حياة التشرد في بلغاريا . امرأة حامل تُسابق الزمن – أمنيةً – كي تضع مولودها, والحصول بواسطته على الإقامة, ومن ثمّ المُطالبة بجمع شملها مع زوجها, كلّ هذا وهاجس الترحيل الى بلغاريا لا يُفارقها. و آخر يُحدثك عن استغلال المُهرّبين البلغار لسذاذجتهم , فيلفّ بهم ريف العاصمة صوفيا, ويلقيهم في إحدى القرى على أنها قرية نمساوية. و آخر تظهر على ساقه آثار عضة الكلب البوليسي البلغاري حينما أطلقها عليهم البوليس في الغابة, وأحراش الغابة التي أدمت جسده, والمُعاملة السيئة التي تلقاها في السجن .
فتاة رقاوية تُسابق الابتسامة كلماتها كجمالٍ إلهيّ, هربت مع أسرتها من النظام السوري و الجماعات السلفية معاً, وتركت الأسرة ربها مجهول المصير .
و آخرٌ يرى تشبّع جو الجلسة بالمآسي, فيُضفي عليها بعض المرح, بسرد آخر نكتة عن معاناة اللجوء, مفادها أنّ أحدهم كاد أن يحصل على الإقامة بواسطة كلب فمن حق الكلب أن يطالب بلمّ شمله مع صاحبه – فحقوق الكلاب تسبق حقوق الانسان – غير أن البوليس أكتشف في آخر لحظة بأن الكلب قد أُخذت بصماته في بلغاريا أيضا .

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 5
تصويتات: 2


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات

عفوا، التعليقات غير ممكنه لهذا المقال.