القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 507 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي



























 

 
 

مقالات: مسعود البارزاني كاريزما استراتيجية في الشرق الاوسط

 
الثلاثاء 19 شباط 2013


  لولو خان
 
ليس من السهل على القائد السياسي ان يحرك السياسة في منطقة جيوبوليتيكية – براغماتية مثل منطقة الشرق الاوسط الا اذا كان يمتلك حضوراً كاريزمياً وفكرا استراتيجيا مزاوجا بين الركيزتين منطلقا الى آفاق الملعب السياسي. الرئيس مسعود بارزاني الذي دخل عالم السياسة من بوابة قضيته الكوردية التي استعصت على الحل منذ ما يقارب من قرن وماتزال لان الجغرافية السياسية جد متداخلة بين تلك الدول التي تتقاسم كوردستان والسياسات الاقليمية جد متعارضة والمصالح متشابكة ومداخل ومخارج السبل والوسائل لا تكاد تبين وتظهر واللاعبون على الساحة كثر فقد استطاع الرجل ان يمسك بخيوط اللعبة ويحركها ساعة ما يشاء عند اشتداد الحدث وتأزيم الوضع.


تعتبر ثمانينيات القرن المنصرم ارضاً خصبة للسياسات الاستراتيجية حيث كان العالم كله منشغلا بالحرب العراقية الايرانية وكانت كوردستان ساحة حرب وكوارث وكانت القضية الكوردية تعيش في احلك الظروف واعسر المراحل لان السياسات المتباينة للاخوة الاعداء كانت تلتقي في البوتقة الكوردية ولذلك كانت المنفرج الوحيد لتوافقهم البراغماتي وهنا امسك مسعود بارزاني بالخيط الاول من خيوط اللعبة وادرك نقطة الضعف الجيوبوليتيكية وادار دفة الصراع واستحضر الشرط الاول لحضوره الكاريزمي: (فكر كثيراً وتكلم قليلا) وعند احدى زياراته الى الراحل حافظ الاسد وبين ثنايا الحديث المتبادل قال له الاسد (على ماذا تراهن بعد الكارثة (اجابه بارزاني: (اراهن دائما على شعبي وعدالة قضيتي). وهنا ادرك الاسد ان مسعود بارزاني ليس رئيس حزب سياسي بل زعيم شعب وقضية. وقد اكد لي احد ضباط القصر الجمهوري السوري عام 1987 ان للبارزاني حضوراً كاريزمياً عند الاسد وهو الشخصية الوحيدة من شخصيات المعارضة العراقية التي يوليها الاهتمام.
جاءت التسعينيات وقد تغير وجه العالم وذهبت الحرب الباردة الى غير رجعة وانفرجت مضايق الساحة السياسية واصبحت القضية الكوردية مفتاحاً لكثير من المغاليق قبيل واثناء وبعيد حرب الخليج الثانية (عاصفة الصحراء) وهزيمة صدام في الحرب والانتفاضة الشعبية في كوردستان وما تلاها من الهجوم المعاكس للجيش العراقي واستبسال البيشمركة في الدفاع عن الارض والشعب وحدوث معركة (كورى) الشهيرة حيث برزت فيها حنكة القائد العسكري في مواجهة جيش الغزاة. وهنا استحضر مسعود بارزاني الشرط الثاني لحضوره الكاريزمي (الصبر حتى التضحية واجتراح البدائل) وقد اقتضت الخطة العسكرية بضرب المقدمة والمؤخرة في آن واحد فانكسر الجيش العراقي. فكانت معركة (كورى) حاسمة غيّرت مسار الأحداث وأجبرت صدام على الرضوخ لمنطق الحوار وفتح باب التفاوض مع قيادة الثورة الكوردستانية. وهنا وظف القائد مسعود بارزاني هذا الانتصار العسكري على كافة الجبهات السياسية ورغم قيام الغرب بفرض منطقة الملاذ الآمن في كوردستان واعتبار القضية الكوردية قضية انسانية الا ان مسعود بارزاني ظل يرفض هذه المقولة العائمة ويدفع بالمقولة الاساسية الاصلية وهي ان القضية الكوردية  سياسية وتحتاج الى حل توافقي وعلى عواصم الغرب ذات القرار الاستراتيجي البراغماتي ان تدرك ان استخدام التعمية السياسية وحجج المماطلة والتسويف ذات البعد التكتيكي كلها ذهبت ادارج رياح الانهيارات الايدلوجية العالمية وهزائم الشرق الاوسط العسكرية، فقد امسك بارزاني بثلاثة خيوط استراتيجية اولها: ضرب الخلايا الاستخباراتية الامريكية داخل كوردستان وحدث ذلك نهاية صيف عام 1996 بعد معركة اربيل الشهيرة وانهيار المنظومة الاستخباراتية الامريكية وعلى اثرها اعلنت الادارة الامريكية من البيت الابيض ان الذي يدير السياسة الخارجية الامريكية الآن في الشرق الاوسط هو مسعود بارزاني بعد ان كشف اوراق ما وراء البحار التي تتضمن التحالفات والمؤامرات.
 اما الخيط الثاني فهو اعتماد سياسة اقناع غرف السياسات الاستراتيجية الغربية) الانكلوساكسونية – الامريكية) بأن القضية الكوردية سياسية وذلك عندما اعتمد في الداخل على سياسة العفو والتعايش السلمي بين جميع المكونات والبدء بالاعمار السكني والعمران المؤسساتي بعد استدعاء المنظمات والشركات الغربية تلك التي ترفد سياساتها البراغماتية وحدث ذلك بعد توقيع اتفاقية واشنطن عام 1998 بين الطرفين الكورديين (ب د ك – ي ن ك)
 اما الخيط الثالث فهو: لا تستقيم السياسة العراقية الا بوجود مسعود بارزاني قبل وبعد سقوط نظام صدام عام 2003 وذلك بترسيخ الثابت السياسي وتثبيت المتحول البراغماتي حيث جر الاطراف التقليدية والناشئة الى طاولة حوار وطني شامل فاستطاع مسعود بارزاني من خلال المداولات الماراثونية ان ينجز الفيدرالية لكوردستان والدستور الدائم للعراق وينهي حقبة الصراع العسكري الدموي توازياً مع انهاء صراع الجدل البيزنطي حول المصطلحات الايديولوجية وتحجيم الاطراف المتصارعة ووضع القطار السياسي على سكة البراغماتية والانطلاق نحو العالمية بركوب عربة البازار السياسي الاقليمي والدولي لتحقيق الاستراتيجية الكوردية ذات الابعاد الموشورية.
 ان زيارات الرئيس مسعود بارزاني الى دول البازار السياسي والقرار الاستراتيجي تأتي لترسيخ تلك اللعبة المعقدة ذات الخيوط المتشابكة ولتجديد تلك الخيوط وتلوينها بالمعطيات الاقتصادية الجديدة في كوردستان متوازية مع المعطيات السياسية الكوردستانية في الاجزاء الاخرى وذلك بتنشيط التوازنات وتمتين التوافقات وتحويل حلبة الصراع المضاد المتخاصم الى طاولة التوافق البراغماتي المنسجم وهي نظرية سياسية استخلصها الرجل من مخزونه النضالي السياسي ذي الابعاد الاستراتيجية الاربعة: )سياسة التوافقات الداخلية الكوردستانية) و)لعبة التوازنات الاقليمية( و (التشابك الاستراتيجي الكوردي – الغربي وفق التجاذبات ذات البعد الايجابي) و)استدامة مصالح البازار السياسي وتدويرها وتحويرها حسب الحدث السياسي.(
وهكذا استطاع هذا الرجل الاستراتيجي ان يضع كوردستان والقضية الكوردية في جميع الاجندات العالمية والاقليمية وزجها في كل الملفات وربطها بكل شاردة وواردة في الشرق الاوسط لتسيّر القافلة الكوردية ولو سيراً وئيداً نحو مقصدها المنشود.

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 5
تصويتات: 1


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات

عفوا، التعليقات غير ممكنه لهذا المقال.