القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 364 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي





























 

 
 

مقالات: أين المرجعية الكردية؟

 
الأثنين 15 كانون الثاني 2007

جان دوست

الأحداث التي شهدتها الساحة الفلسطينية مؤخراً من نزاع مسلح بين حركتي حماس و فتح المتناحرتين و الساعيتين إلى الاستئثار بالسلطة  و لو على حساب الدم الفلسطيني, نبشت في رماد ذاكرتي الصور المؤلمة عن حرب الإخوة في كردستان قبل عدة أعوام, و كذلك اعادت إلى ذهني المعارك المؤسفة الضارية بين مقاتلي حزب العمال الكردستاني  من جهة و بيشمركة  البارتي و الاتحاد الوطني من جهة أخرى!!
وقتذاك كنت أتألم كأي مواطن كردي و أستخسر الدماء الكردية التي تراق بأيد كردية بدل أن تراق في ساحات القتال ضد أعداء الأمة الكردية من غاصبي الحلم الكردي  و محتلي أرض كردستان!!  و كنا نعلم أن الصراع في أحد جوانبه أيديولوجي  و في أحد جوانبه صراع بالوكالة  و في جوانب كثيرة منه صراع على النفوذ و السلطة و خاصة ما جرى بين البارتي و الاتحاد في ما عرف وقتها بأزمة معبر إبراهيم الخليل!!!.

ما رأيناه في هذه الأيام من اقتتال داخلي بين فتح و حماس( هم لم يستطيعوا استيراد المصطلح الكردي  براكوزي Birakujî بمعنى قتل الإخوة, مع أنه الأسب أكثر من الحرب الأهلية حتى!! لأن الكرد يفتقرون إلى المركزية في أي شيء و هم مستوردون لا مصدرون إلى أمد لا يعلمه إلا الله) مثال ساطع على ضرورة وجود المرجعية بأي شكل من الأشكال.
و المرجعية لدى أمة ما  دليل على تقدم تلك الأمة و بداية صياغتها كأمة متجانسة تحتكم إلى هيئة ما في خصوماتها  و تعقد مشاورات عليا  و تبني استراتيجية المستقبل  بناء على قرارات تلك المرجعية.  المرجعية تعني  وجود نظام و قانون و أبسط ما نراه من المرجعيات هو في العائلة  فالأب  أو الأخ الأكبر  يمثل مرجعية لباقي أفراد العائلة, و في القبيلة  يكون شيخها هو المرجع في النزاعات و غير ذلك.  أضف إلى ذلك المرجعية الدينية التي تعرفها المجتمعات الكردية جيداً  و لكن في نطاق ضيق  فليس هناك مثلاً رجل دين كردي  ( مفتي أو شيخ) له كلمة نافذة لدى جمع أبناء الشعب الكردي( بخلاف ما نجده لدى الإخوة الايزيديين من هرمية متطورة أكثر مما لدى المسلمين الكرد).
إن حاجة الكرد اليوم إلى مرجعية سياسية عامة  لهي حاجة استراتيجية كبرى بشرط أن تكون قرارات المرجعية تلك ملزمة للجميع لها حكم القانون بحسب ميثاق شرف توقعه الأحزاب الكردستانية الكبرى, و يكون مقرها في بداية الأمر في بلد غير كردستان ثم ينتقل مقر هذه المرجعية التي يمكن تسميتها بالجامعة الكردية أو البرلمان الكردي العام  إلى جزء من كردستان .
لقد بدأنا المقال بالحديث عن الأزمة الفلسطينة لأننا رأينا بمجرد تصاعد الأزمة و إراقة الدماء أن الوساطات قد بدأت من كل جانب لاحتواء الأزمة بدأً من الملك الأردني و حتى الحكومة المصرية و الجامعة العربية مروراً بأمين عام منظمة المؤتمر الإسلامي أكمل الدين اوغلو!  و بالفعل  فقد تمكنت هذه الجهود من تهدئة الوضع و إعلان هدنة و لو هشة بين الأطراف الفلسطينية  المتصارعة .
في الحالة الكردية  قتل الآلاف من المقاتلين و المواطنين العاديين  و خربت بيوت و دمرت ممتلكات دون أن يتدخل أحد لوقف النزيف الداخلي الكردي  بل ربما كان الجيران من العرب و الترك و الفرس يصبون الزيت على تلك النار المتقدة و أصبح حال الكرد مثل حال متصارعين في حلبة الملاكمة في جولة لا تنتهي دون حكم يفصل بين المتلاكمين!!
أقول  لو كان هناك  مرجعية ما( هناك تجارب لمرجعيات  لكن كانت تطغى عليها الصفة الحزبية و الموالاة لهذا الطرف الكردستاني أو ذاك  مما يكان يجعلها طرفا في النزاع لا حكماً)  لاختصر المتقاتلون الدم و الزمن قبل أن تتصافح الأيدي في واشنطن التي هي أبعد إلى أربيل من القامشلي أو آمد!! لشهدنا على الأقل هدنات  لنقل جثامين القتلى و دفنهم كما ينبغي  و كما هو الحال حتى في الحرب الضروس التي تنشب بين جيشين عدوين!
إن غياب المرجعية في الحياة الكردية بشكل عام قد جر ويلات على الشعب الكردي, و الحديث عن غياب المرجعية الثقافية أيضاً (المجامع اللغوية الكردية الملزمة في اللغة و القواعد كما عند شعوب الله الأخرى) هو حديث له صلة بغياب المرجعية الدينية و السياسية في الحياة العامة الكردية التي يجب , و قد دخلنا الألف الثالثة بعد الميلاد, أن ترتفع إلى مستوى حياة المجتمعات المتقدمة في العالم الثالث على الأقل  بعيداً عن احتكار أي طرف كان للحقيقة المطلقة.


غياب المرجعية الثقافية و دورها  في إنعاش الأدب الكردي

من المعلوم أنه لدى جميع شعوب العالم علماء لغة منتدبون لتطوير لغاتهم و تحديثها  و  جعلها مواكبة للعصر الذي تعيش فيه , علماء يعيشون في مختبراتهم( اللغوية) ينحتون المصطلحات الضرورية و يصدرون سنوياً نشرات بآخر ما توصلوا إليه في حقل اللغة مساعدين بذلك الكتاب  و المثقفين على تطوير لغتهم و اكتشاف المخزون( المفرداتي) لتجاوز  اللغة المغبرة و نفض ما علق بها من رماد حرائق أوهام تضخم الذات. كل شعوب العالم على سبيل المثال تملك تقويماً واحداً بأشهر معلومة للكل و واضحة حين التلفظ بها للقاصي و الداني,  ففي الصين التي فاق سكانها المليار  نسمة منذ سنوات بعيدة  ليس هناك  مثقف واحد و لا كاتب  يجرؤ على (اختراع) اسماء للشهور من تلقاء نفسه. الكل خاضع  للغة المندارينيةا  الموحدة . أما عندنا  فلكل كاتب ( شهره) الخاص به  و لكل حزب  تقويمه الخاص به  و لكل موقع الكتروني  فصوله الخاصة به!!
كتبت قبل  عدة أعوام  زاوية في آزاديا ولات  الجريدة الصادرة بكرديتها الخاصة بها في اسطمبول التي لا تتكلم إلا بتركية يعتمدها الأتراك من اكبر كاتب فيهم إلى أصغرهم و في أي بقعة من الأرض وجدوا. ناديت في تلك الزاوية قائلاً: يا شهور الأكراد اتحدي!  و كان هذا النداء سيمفونية تعزف للثيران المستريحة في أسفل الربض!!  فلا الشهور الكردية اتحدت  و لا لجان تشكلت  لبحث  هذه الفوضى العجيبة التي لا نظير لها حتى بين أكثر قبائل الأدغال الافريقية تخلفاً.
أما عن قواعد اللغة الكردية( و أتحدث هنا عن الكرمانجية الشمالية) فحدث و لا حرج! كل كاتب هو عالم في قواعد اللغة  و كل دار نشر  لها  قواعدها الخاصة التي تتعامل معها على أنها قرآن من لدن عزيز حكيم.  فهده دار نشر  تقدس الإمالة( إمالة الأحرف الصوتية في حالات إعراب خاصة)  و كنت و كانت روايتي Mijabad  ضحية مثل هذه العقلية ( ديكتاتورية اللغة)  و خرجت روايتي للقراء بشكل عجيب من الناحية اللغوية فاعتبرت ذلك زناً لغوياً. و لا شك أنني و الناشر  كل واحد منا اعتبر نفسه على حق  في ظل غياب مرجعية لغوية  تصلح حال اللغة و تنهي مثل هذه الخصومات بما لها من سلطة معنوية على الجميع.
يقول لك ناشر ما: سننشر كتابك و لكن  وفق  اللغة التي تعتمدها دار النشر!!  و لا أغرب من هذا الشرط, حيث لا يمكن أن تسمعه في أي  دولة في العالم مهما كانت صغيرة الحجم و السكان!!  مسألة اللغة يتم حسمها خلال بضع سنوات إن كانت هناك نية خالصة لتجاوز العقبات أما نحن فلغتنا  حمل  يقوده كل مبتدئ  إلى مسلخه  و يذبحه على هواه قرباناً لمعبوده فلان أو علان!!
طبعاً  ليس معنى كلامي هذا  دعوة مفتوحة للفوضى  و التسيب اللغوي,  إذ لا بد من الرقابة اللغوية  و التحرير  اينما كان, بل هي دعوة لتوحيد اللغة و قواعدها ما دام توحيد الأهداف يبدو شبه مستحيل في الوقت الحاضر على الأقل.



 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 3.5
تصويتات: 4


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات