القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 535 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي


























 

 
 

فيسبوكيات: نداء الى الأخوة في PYD

 
الأربعاء 06 حزيران 2012


 د. سربست نبي

إلى الأخوة في PYD أقولها لكم بصراحة ودون مواربة, ما تقومون به تقشعر له الأبدان وترفضه العقول الحرّة, ولايمت إلى العمل السياسي الثوري بشيء. إنه يثير الخشية أكثر من الطمأنينة, ويبعث على الحذر والارتياب أكثر من الثقة, ويكرس الانقسام أكثر من التضامن والوحدة. ماتقومون به لم تقم به محاكم التفتيش في القرون الوسطى بحق الهراطقة والممسوسين والمنحرفين والشواذ. ما تقومون به ينطوي على موقف ذاتي بالوصاية الأخلاقية والاستعلاء النابعين عن قناعة ذاتية بالقداسة والطهارة وفي الوقت ذاته على إدانة صارخة للمجتمع, لأنه لا يرى فيه إلا كائناً مسخاً, وقاصراً أخلاقياً, وعاجزاً عن إنتاج قيمه الخاصة, لهذا ينبغي تأديبه. ما تقومون به يمهد السبيل أما شريعة الغاب كي تسود, يمهد السبيل أمام منطق الوصاية الذئبية حيث يستطيع كل ذئب سياسي أن يفترس خصمه المختلف, دون رادع منطقي أو أخلاقي, بزعم انحرافه عن جاد الصواب.


يقيناً, أيها الأحبة, حين تغيب السلطة المنظمة الراعية والمشتركة نصبح قاب قوسين أو أدنى من الهلاك, أو الافتراس الذئبي المتبادل. إذ بمقدور كلّ واحد حالئذ أن ينصب نفسه حاكماً وقاضياً ليس على مصلحته فحسب بل على مصالح الآخرين. إن تلك الحالة الذئبية هي كالنار الراقد تحت الرماد الآن, وفي هذا الوقت بالذات, ومتى ما سهونا عنها ستلتهمنا جميعاً. في مثل هذه الحالة بمقدور كل متجرف متغطرس أن يملك المسوّغ كي ينصب نفسه حاكماً وقديساً على الآخرين.
أيها الأخوة: أقولها, حرصاً على مستقبلكم وعلى تضحياتكم العظيمة, إن مهمتكم التاريخية هي تحرير الإنسان والوطن والشعب سياسياً, كما أعلنتم, وليست تطهير المجتمع والأفراد من عدد محدود من الشواذ والمنحرفين أخلاقياً. مهمتكم خلاص المجتمع وتحريره, إذا أردتم, وليس تقويم الأفراد وعقابهم وفقاً للتقاليد الطالبانية في العقاب.
إن فضيلة الثوّار الحقيقيين هي أنهم ينشغلون بصناعة التاريخ أكثر من الاهتمام برذائل الأفراد وتهذيبهم أخلاقياً, لأنهم يدركون أن التاريخ هو الذي يصنع الفضائل والرذائل معاً وليس العكس. والثورات الحقيقية لا تكترث بالانحرافات الفردية, وهي بطبيعتها ليست ثورات القديسين أو الأنبياء أو الطهرانيين أو التقاة, بل هي ثورات البشر الواقعيين الغارقين في دنس الخطيئة, يشترك فيها العظماء والأبطال والرعاع غالباً والدهماء والأوباش, الشهداء والقديسين, وحتى اللوطيين والمدمنين. فلا تقزموا أهدافكم ولا تبخسوا غاياتكم, ولا تستهينوا بدوركم ولا بمقاصد ثورتكم, واعلموا أن الانحراف والفضيلة يلعبان معاً دوراً كبيراً في جميع الثورات. والسياسة الحقيقية والناجحة هي إدارة شؤون البشر بوساطة عيوبهم ورذائلهم أكثر مما يدارون بفضائلهم, كما يقال عادة.
امضوا في ثورتكم ضد الاستبداد, فالثورة تطهّر من تلقاء نفسها المجتمع والأفراد معاً لأنها تطيح بالأوضاع الشاذة والشروط التي أوجدت كل الانحرافات في حياة الإنسان وفي سلوكه فـ( الثورة رحلة عبر المطهر) كما كان ماركس يقول.
لا تضيعوا أنفسكم ولا تبددوا ثورتكم في ملاحقة فرد شاذ أو منحرف ولا تعبثوا بمصيرها. إن أكبر انحراف في التاريخ هو أن نبقى مسستعبدين حتى الآن لهذا القهر الاجتماعي والسياسي- القومي, وهنا تكون وظيفة الثورة الحقيقية. إن أكبر شذوذ في العالم هو أن يحكمنا طاغية مهووس, دون رادع, وهنا ما ينبغي أن نعلن رفضنا بالذات. إن أكبر مهانة للكرامة الإنسانية هي أن نكون شهوداً على هذه المجازر الدموية وهذا الاغتصاب الجماعي اليومي, الذي بات فاضحاً ومألوفاً, من أقصى البلاد إلى أقصاه وندير الظهر لكل ذلك ونلاحق قوّاد صغيراً في زقاق أو وكّر قذر. ما التهديد الذي يشكله هذا القوّاد القذر والتافه علينا وعلى مستقبلنا قضيتنا وعلى مصير شعبنا مقارنة بالقوّادة السياسية الرائجة, المتأنقة والمقنّعة؟ هل بقائه من عدمه سيشكل فارقاً كبيراً في الموازين السياسية والمعادلات التاريخية؟
أيها الأخوة, لستم بأنبياء ولا بقديسين, وحتى لو كنتم كذلك أو ادعيتم ذلك, فقد عجز الأنبياء في حملاتهم الإلهية وثوراتهم الورعة من تطهير الأرض من الشواذ والمنحرفين, بل أقرّ الجميع في نهاية المطاف بحتمية بقاء هؤلاء حتى يوم الحساب. هل نسيتم أن يسوع المسيح لم يمنح حق إدانة ( مريم المجدلية) لأحد فكيف برجمها!!! وهو القائل من منكم كان بلا خطيئة فليرجمني بحجارته. حتى ثوريّاً دنيوياً من طراز( لينين) كان يقول( أنا لا أثق بثورية أولئك الذين يستغرقون في مسائل الجنس والأخلاق كما يستغرق الفقير الهندي في تأمل صرّته). أخيراً أقول الغوا الأوضاع الخاطئة يقلّ عدد المخطئين, ثوروا ضد الأوضاع الشاذة وشروط العبودية يقلّ عدد الأفراد الشاذين, محال على الفضيلة والخير أن يسودا عند الأفراد ببقاء هذه الأوضاع والشروط السياسية, محالٌ على العبيد أن يكون أخياراً ونزيهين, إن ذروة الشرّ واللا أخلاقية تكمن في أن يكون المرء مستعبداً.
ودمتم أعزّة وأحراراً.
( برجاء المشاركة في النقاش والحوار باحترام متبادل بعيداً عن التهاتر, وإلا سأضطر إلى حذف كل تعليق يخرج على هذا الشرط)
عن الصفحة الشخصية لـ د. سربست نبي
http://www.facebook.com/photo.php?fbid=3607497743727&set=a.1227911255552.2033844.1162189199&type=1


 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 4
تصويتات: 24


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات

عفوا، التعليقات غير ممكنه لهذا المقال.