القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 547 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي


























 

 
 

مقالات: المثقف الكوردي والحركة السياسية الكوردية ..ما له وما عليه..!

 
الأحد 05 شباط 2012


دهام حسن

ما يؤخذ على الحركة السياسية الكوردية في سوريا عموما هو إهمالها الجانب المعرفي، وتخلف غالبية أعضاء القيادة الواضح في ميدان الفكر، وكان منطقيا في هذه الحال أن يعكس سلبا التخلف الفكري على التعاطي السياسي، وتأتي المعالجات السياسية بالتالي قاصرة ولا ترقى إلى المستوى المطلوب، فيبدو وكأن الوصول إلى منصة القيادة هو الغاية القصوى والمحطة الأخيرة في رحلة الكادر السياسي.. بالمقابل من الطبيعي أن تلاحق نظرة الشك والغيرة دينامية المثقف، ثم التحسس من دوره كمراقب وناقد، وقد لمسنا ذلك عند التئام المجلس الوطني الكوردي، وجاء التباين في رؤى الساسة والمثقفين والمستقلين واضحا..


من المعلوم أن دور المثقف يتحدد في النقد والتحليل، لهذا فعند تعاطيه مع أي ظاهرة سياسية أو حالة حزبية، ما عليه سوى ممارسة هذا الدور، فلا يهادن هذا السياسي أو ذاك الحزبي، ولا يتجاوز قناعاته، فليست مهمته المراضاة والمصانعة، سواء مع المسؤول الحزبي، أو مع القائد السياسي، حتى لا يفقد دوره المستقل هذا، من هنا تأتي أهمية ثقفنة السلطة الحزبية حتى تواكب مهامها النضالية باقتدار..فضلا عن ذلك علينا الإقرار بأن ما يؤخذ على المثقف كما السياسي هو أن يتحول المثقف إلى أداة للترداد لا أداة للنقد، فلا نريد له أن يكون بوقا للسياسي أو للقائد الحزبي في الدفاع عن نهجه في القيادة أو التنظيم الحزبي..
من المعلوم أن القيادة التي تأتي بالقائد السكرتير في أحزابنا الكوردية هي التي تتحمل مسؤولية هذا الاختيار، لكن المصيبة أو الطامة الكبيرة عندنا الآية معكوسة فالقائد الأول في الحزب غالبا هو من يأتي بقيادة انتهازية، ليرفرف هؤلاء الكوادر كطيور البيادر حول السكرتير.. بالمقابل إن تفاعل السياسي الإيجاب مع الواقع الثقافي يخلق حالة من الثقة والارتياح، ينجم عنه أيضا وضع من التعاطي السليم مع المحيط بسلوك متقدم، فالاحتساب  أو الانتماء للنخبة الثقافية هو مسؤولية ومهام، ولا يعد ذلك تشريفا، ثم أن المثقف ينبغي أن يقصد بنقده للسياسي التقويم ولا تكون غايته الجلد، كما أن المثقف لا يريد من السياسي أن يتوسل التمويه أو الكذب لحجب الحقيقة..
على المثقف زرع محبة المعرفة في نفوس السياسيين فالذين (يقرؤون فقط هم الأحرار، لأن القراءة تطرد الجهل...) بتعبير جفرسون رئيس أمريكي سابق، وهنا من الأهمية بمكان أن يكون  تحصيل الفرد الثقافي بواسطة العين والكتاب ولا ننصحه بثقافة السمع والتلقين لأنها ثقافة الطاعة والتقليد.. أما التطير من الكتاب والثقافة فهو شأن الكثيرين قديما وحديثا، لكن دوما يأتي هذا التطير من المركز في الدولة والحزب فهذا أحدهم يقول :عندما أسمع كلمة الثقافة أتحسس مسدسي، وقيصر روسيا نقولا الثاني في معرض هجومه على الثقافة يقول: (جميل أنت أيها القلم، ولكنك أقبح من الشيطان في مملكتي)..
إن المثقف ليس موظفا لدى قيادة الأحزاب، وبالتالي فهو لا يستطيع أن يبلع أو يهضم ويستمرئ بالتالي خطل القيادة، أو يبرر هذه المركزية المشددة لغالبية الأحزاب، لأن هذا التشدد لا ينطوي إلا على خيبة وهامشية أفراد محطمين ارتضوا بخيمة المركزية خانعين لا قانعين، ففي الحياة الداخلية لأي حزب ينبغي قيادة الحزب دون خداع القواعد، وما نلحظه غير ذلك، فعقلية القائد المتحجرة، والتخلف السياسي، هما السبب الأول والرئيس في التعامل السلبي مع الأعضاء، وهذا أيضا جزء من التخلف الاجتماعي، فالثقافة التقليدية هي التي تمجد الماضي كما تمجد الفرد التقليدي، وتكرس حالة من التبعية واتباع السنن السارية لمصلحة الحاكمين، في هذا المنحى جاء توظيف قول الإمام الغزالي "السلامة في الاتباع والخطر في البحث" هذا الموقف من الإمام الغزالي كحالة سياسية يدخل ضمن إطار الركون إلى الماضي وتكريس ما هو قائم دون رؤية نقدية تجديدية للواقع بغاية تجاوزه..
إننا لا نريد من المثقف ولا نرضى له تلك الروح الانتهازية، نريده صاحب رؤية معرفية ورسالة بعيدا عن التلقين والاتكاء على الآخر السياسي الجاهل، فليست مهمة المثقف التقرب من القيادات الحزبية لكسب ودّها الظاهري ثم التهكم منه في غيابه، فقد يخسر نفسه كصاحب رسالة معرفية إذا ما سار خلف السياسي بدافع المصلحة دون قناعة، فليست مهمة المثقف اصطناع الأعذار ليبرر للقائد الحزبي هذا السلوك السلبي أو ذاك التصرف الخاطئ، ومعلوم أن أخطاء هؤلاء القادة السياسيين والحزبيين تملأ المقابر كما يقال، وبالتالي فجدير بالمثقف التنبه لكل ذلك، نريد للمثقف أن يكون صاحب رؤية نقدية جريئة، فمن طبيعة المثقف والثقافة الانفتاح والحيوية والتجديد بخلاف الإنسان الحزبي الذي كثيرا ما يقيده الروتين الحزبي في إطار متكلس من المصلحة المباشرة، فيغض طرفه عن كثير من الممارسات الخاطئة وقد يتقبل بتمريرها ولو على مضض، إننا لا نريد من المثقف أن يلعب على أكثر من وتد بروح انتهازية ممجوجة وممقوتة، فلا ينسى دوره كصاحب رسالة، وبالتالي عليه ألا يفرّط بهذه المهمة الجليلة..علينا هنا التذكير أو التنويه من أن مشكلة المثقف ليس مع السياسي عموما بل مع السياسي المتسلط الجاهل وحده الذي يتحسس مسدسه عندما يسمع كلمة ثقافة..
عندما التأم المجلس الوطني الكوردي منذ فترة قريبة قلنا فيه، لا نريد له إلا أن يكون بيتا جامعا لجميع الأطراف الراغبين في التكتل السياسي، ولكننا في الوقت ذاته أبدينا توجّسنا من سعي البعض المحموم لإقصاء بعض الأطراف، مع محاولة آخرين لتدجين بعض الانتهازيين من المثقفين أو إقصائهم، وكان هذا التوجس في محله، ولاحقا تنبه السيد مسعود البارزاني رئيس الإقليم لهذه النقطة وأثارها خلال لقائه مع وفد المجلس الذي زار الإقليم بدعوة رسمية من رئاسة الإقليم، عندما أبدى حرصه الكبير على وحدة الكلمة الكوردية في سوريا دون أي إقصاء..
كان حضور المثقفين في المجلس ملحوظا، ما نتمناه للفريقين السياسي والثقافي هو التلاقي على المحبة، وتجاوز خطوط الجفاء، مع وجوب وأهمية هذا التفاهم، دون سعي الطرف السياسي لاحتواء الطرف الثقافي أو إقصائه، بالمقابل لا نريد للطرف الثقافي التعالي على الجانب السياسي، وعدم الاستهانة بدوره المعرفي أو التفريط به، أو ترك أوراقه  بيد السياسي من جانب آخر، عليه أن يلعب دوره كمعادل إيجابي، لكن ما لحظناه أيضا أن المجلس الوطني الكوردي إلى تاريخه لم يلعب الدور المرجو منه فما زال دوره في الحراك الوطني هامشيا، والحركة السياسية اليوم عاجزة عن استقطاب الشباب، الشارع منقسم فالحركة باتجاه والشباب في اتجاه آخر مغاير، حتى في داخل المجلس نفسه الانقسام واقع حقيقي، فما يفرق أكثر مما يوحد والجميع في حيرة وكأنهم في عتمة داخل نفق دون   بازغة أمل تعينهم للخروج إلى النور ..
ثمة أمر آخر ينبغي الإقرار به وهو أن شعبنا الكوري في سوريا لم يزل يفتقر إلى نخب ثقافية متخصصة ومتعمقة في مجال الكتابة في الفكر والسياسة، ففي هذا الميدان لما يزل  حظ الكورد كمكون مميز في سوريا ضعيفا متأخرا، فعند تناول القضايا الفكرية لا بد للسياسي أن يستأنس بتحليل المثقف ويأخذه بالحسبان ويكونان "السياسي والمثقف" في علاقة حميمية ويتصرفان بالتالي في ضوء ذلك.. يؤسفنا أن كنا شهودا على حذر السياسي من المثقف من جانب والسعي لتدجينه من جانب آخر حتى ينصاع ويمتثل، بالمقابل فإن بعض المثقفين للأسف لم يستطيعوا أن يحافظوا على استقلاليتهم بل فرّطوا بشخصيتهم الفكرية المستقلة ومضوا إلى حظيرة الأحزاب ليمتثلوا رأي هذا الحزب أو ذاك بدافع الحاجة والمصلحة، وهذا ما يؤكد عما قلناه قبل قليل عن ضعف وهشاشة المثقف الكوردي فضلا عن تخلف الواقع الثقافي والسياسي الكوردي، بل الاجتماعي عموما..
من جانبي ما لمسته للأسف من لدن المثقفين وأنا أعاين وأعايش الواقعين الثقافي والسياسي في مدينة القامشلي أهم مركز للحراك في الميدانين لمست أن انتهازية المثقف توازي عنجهية السياسي إن لم تتجاوزها، فهل هكذا موقف جاء كون هؤلاء ضحلي الثقافة ترى، أم بسبب حاجتهم، أو انتهازيتهم وهشاشتهم أصلا .؟ أم أن حنكة السياسي واستغلاله لحاجة هؤلاء جرتهم لهذه السقطة ليرتموا في حضن القيادة الحزبية السياسية؟!
أتمنى - في الختام – من الجانبين الثقافي والسياسي، ألا يكونا على طرفي نقيض، بل من الأهمية بمكان أن يلتقيا كطرفين حميمين يكمل أحدهما الآخر، فكلاهما بحاجة إلى جهد ورؤية الآخر، وبتضافر جهودهما تكتمل رؤيتهما المستقبلية بعدا، وتقوى رسالتهما النضالية وتغدو الساحة الكوردية الفسيحة أكثر انسجاما وتوحدا وغنى وبهاء..



 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 4.33
تصويتات: 6


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات

عفوا، التعليقات غير ممكنه لهذا المقال.