القسم العربي |  القسم الثقافي   القسم الكوردي أرسل مقال

تقارير خاصة | ملفات خاصة |مقالات | حوارات | اخبار | بيانات | صحافة حزبية | نعي ومواساة | الارشيف

 

بحث



عدد زوار القسم العربي

يوجد حاليا / 264 / زائر يتصفحون الموقع

القسم الثقافي



























 

 
 

مقالات: هل تلعب ايران وسوريا دورالحصانين الجديدين لأمريكا؟

 
الأثنين 20 تشرين الثاني 2006

جان كورد

صرّح في 19/11/2006 السيناتور الأمريكي البارز جون ماكيّن (الذي أسقطت طائرته في حرب الفيتنام وتم أسره هناك، والذي يعتبره الكثيرون المرشح الأكثرشعبية للرئاسة المقبلة في عام 2008)، بأن العراق بحاجة ماسة إلى مزيد من القوات الأمريكية، وليس إلى تقليلها، فالعراق يجب أن لايترك سهل المنال لايران التي تسعى على الأرض للاقتراب خطوة خطوة من اسرائيل ، وأي ايران؟ ايران التي يطالب رئيسها بصراحة بازالة اسرائيل من على وجه الأرض.

بينما يقول السيناتور جوزيف بيدن الذي عليه استلام رئاسة لجنة العلاقات الأجنبية  في مجلس الشيوخ بأن الأمريكان اجتازوا نقطة  الحديث عن مزيد من القوات، وبأن السؤال الأهم هو كيف نرحل من العراق دون أن ندعه يهوي في الفوضى؟...
موقفان واضحان في الاختلاف ولكنهما متفقان على عدم افساح المجال لايران أو القاعدة أو كليهما لانتزاع العراق من أيدي الأمريكان... فهذا موضوع خطير جداً لأمن واستقرار المنطقة، لأن كلاً من ايران والقاعدة، إن اتفقا على طوي صفحة الصراع العقائدي بينهما مؤقتاً، سيشكلان محوراً قوياً ورقعة جاذبة لكل أعداء أمريكا، وهذا ما سيعرّض المصالح الاستراتيجية الأمريكية وحلفاءها في المنطقة، وبالتالي سيعرّض وجود اسرائيل للخطر الداهم والمتفاقم، ولن تكون الولايات المتحدة ذاتها ومعها انجلترا في مأمن من استهدافها عن طريق العمليات الإرهابية الكبيرة على غرار ما حدث في 11/9 في نيويورك وواشنطن ، وفي 7/ 7 في لندن...
هذا ما يعلمه كل عاقل متتبّع للأخبار والأحداث ومجرياتها في المنطقة والعالم...

إذن، ما الخطوة التالية بعد أن قلب العنف المتنامي الأوضاع في العراق رأساً على عقب، وأكّد تقرير جيمس بيكر، الديبلوماسي العريق ووزير الخارجية الأسبق، بأن البيت الأبيض يحتاج إلى خطط جديدة للتغلّب على مصاعبه في العراق، بأقل قدر ممكن من الخسائر وبحفظ ماء الوجه، وتقليل المصاريف...؟ وبعد أن استمع المحققون في الكونغرس إلى شهادة كل من المنسق السياسي ديفيد ساترفيلد وقائد القوات الأمريكية في المنطقة جون أبي زيد، اللذين لم يبديا تشاؤماً كبيراً حيال الوضع السياسي والعسكري في العراق على الأرض، وأكّدا بأن هناك تقدماً ملموساً في كل النواحي بسبب التعاون المثمر بين القوات الأمريكية والادارة العراقية وقواتها العسكرية والأمنية....

إن خبرات الادارات الأمريكية السابقة في جنوب شرقي آسيا وفي أمريكا اللاتينية، أيام الحرب الباردة، ترينا بوضوح أنها اعتمدت دائماً على قوى اقليمية قد تتعارض سياساتها ومواقفها تماماً مع سياسات الولايات المتحدة، وتم استغلال تلك القوى لأغراض حربية وسياسية وكقوى ضغط على بلدان وأحزاب وقوى أخرى لفترات محددة وبهدف تحقيق مكاسب معينة في هذه المنطقة أو تلك... حتى أن تلك الادارات استفادت من أعدائها الشيوعيين أثناء حرب الفيتنام ، في لاوس وكمبوديا وغيرهما...
إلا أن الوضع يختلف الآن بعض الشيء لأن الادارة الأمريكية الحالية كانت قد طرحت بعد أحداث سبتمبر 2001 مشروعاً حول دمقرطة العالم وأحد فصوله كان يدعى "مشروع الشرق الأوسط الكبير"... ومن ناحية أخرى فإن "النيوكون" الذين وضعوا سياجاً قوياً حول البيت الأبيض يعتبرون أن كل ما يقومون به صحيح مائة بالمائة وأن من يختلف معهم إنما يسير بعكس المصالح الوطنية الأمريكية ويعرّض أمن البلاد والمواطن الأمريكي للخطر...

في مثل هذا الوضع المتأزم، وبخاصة بعد النجاحات التي حققها الديموقراطيون في كل من البرلمان والكونغرس، مستفيدين من تذمّر الشعب الأمريكي من مسلسل الأخطاء الكارثية المرتكبة في العراق ومن تزايد عدد الضحايا الأمريكان وكبر حجم النفقات العسكرية دون تحقيق انجازات هامة على طريق دمقرطة العراق، لابد من أن يستخدم البيت الأبيض كل أنواع الأسلحة التي بحوزته، ومنها اتباع أساليب الادارات السابقة في كسب حلفاء جدد بهدف استخدامهم كأحصنة لجرّ العربة التي طبّت في الوحل اللزج منذ أكثر من عامين...
ايران وسوريا اللتين يعتبرهما البيت الأبيض غارقين في المؤامرة على العراق الديموقراطي الجديد لم يتركا فرصة إلا واستخدماها لدفع العربة الأمريكية إلى أعماق المستنقع العراقي، وهذا ما يعلمه القاصي والداني، لأن نجاح الأمريكان في العراق سيؤثر سلباً في بقاء النظامين اللذين لامكان فيهما للديموقراطية والحرية، لا في طهران ولا في دمشق، حيث هناك مشروع معاكس تماماً لمشروع الحرية الأمريكي، هو المشروع الشيعي الايراني الذي يطمح إلى تحقيق تماس مباشر، على غرار الجنوب اللبناني عبر حزب الله مع اسرائيل عن طريق سوريا... إلا أن هذين البلدين متهمان في أمريكا بتهم كبيرة أخرى، سوى التورّط في تفجير العراق وأهله، ألا وهي تهمة السعي لامتلاك السلاح النووي في ايران، وتهمة امداد حزب الله في لبنان بالصواريخ والراشقات والأموال والخبرات عن طريق سوريا، وتهمة مساعدة وحماية زعماء حركة "حماس" الفلسطينية التي ترفض الاعتراف بدولة اسرائيل، إضافة إلى تهمة اغتيال رفيق الحريري ، رئيس الوزراء اللبناني الأسبق و22 شخصاً كانوا في رفقته... إضافة إلى احتمالات التعاون والتنسيق السرّي مع أكبر عدو لأمريكا: القاعدة التي يتزعمها بن لادن وأيمن الظواهري...

السؤال الأول المطروح هنا هو: " إلى أي حد يمكن الاستفادة من ايران وسوريا في تهدئة الأوضاع في العراق؟."  والسؤال الآخر:" هل يمكن جرّ البلدين بسهولة إلى الانخراط في تجربة أمريكية مع أعدائها على غرار تجربتها في لاوس وكمبوديا في القرن الماضي؟"

الجواب هو : " لنحاول ! ولنرمي الكرة في ملعب الايرانيين والسوريين الذين يريدان الظهور بمظهر المنتصر علينا في العراق، ولكنهما لايدريان بأنهما إن بدءا بالمشاركة في اللعبة التي نضع – نحن الأمريكان قواعدها – لن يتمكّنا كلاعب القمار من التراجع بسرعة في الوقت الذي يريد دون أن يمنى بخسارة كبيرة..." فالأمريكان – كما أسلفنا من قبل- ، سواء أكانوا جمهوريين أو ديموقراطيين، عازمون على أن لايصيبهم في العراق ما أصابهم في الفيتنام، ويعلمون بأن التراجع عن "مشروع الشرق الأوسط الكبير" هو انتصار للقاعدة وسيثير المزيد من التساؤلات بين قوى المعارضة الديموقراطية في المنطقة حول "الثقة" بالبيت الأبيض... وبأن القوى المعادية لها ستعتبر الأمر سقوطاً وانهياراً لأمريكا ، وبالتالي سيشحذون السكاكين للتخلّص من نفوذها الكبير في المنطقة...
وماذا عن اسرائيل وتركيا؟ لماذا لا تحاول أمريكا دعوتهما للمساعدة في اعادة الأمن للعراق؟ أو لماذا لاتلّح على دور أكبر للسعودية والأردن والكويت في العراق، وتتوجّه على وجه الخصوص إلى دولتين معاديتين لها في هذا الوقت العصيب.

برأيي إن الولايات المتحدة تسعى لاستخدام حصانين جديدين لجرّ العربة من الوحل، وبمجرّد أن تسخرهما من أجل تنفيذ حلقات معينة من مسلسل مصالحها في العراق تنبذهما من جديد وتحرّك قوى أخرى ضدهما بهدف منعهما من كسب نقاط إيجابية لهما من هذا "التعاون المؤقت"...

ايران تريد شيئين هامين: " تمرير مشروعها النووي وتقليص دور المعارضة الديموقراطية التي تنفذ إليها عبر العراق وبخاصة بعد أن شرعت الولايات المتحدة بتمويل هذه المعارضة ضد النظام الحاكم في طهران."

سوريا لها طموحات متواضعة ولكنها هامة لبقاء النظام السوري:"تحرير النظام من المحكمة الدولية بخصوص اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، واعتبارها دولة ذات نفوذ في المنطقة وعنصر استقرار كما في عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد، وبعض المعونات المالية وإهمال المعارضة الديموقراطية التي تسعى للاستفادة من خلافات أمريكا مع النظام السوري."  فهذا النظام الذي تم طرده من لبنان بحاجة إلى اعادة اعتبار على حساب العراقيين...  

لذا يمكن القول بأن الحلف الشيعي الكبير في المنطقة سيقبل بأن يقدّم للبيت الأبيض حصانين أو التظاهر بأنه مستعّد لذلك إلى أن تنتهي عواصف لبنان والمحكمة الدولية والملف النووي الايراني ومسألة الدعم اللوجستي لحزب الله... ولكن الذين لن يفرحوا لمثل هذا التقارب بين الأمريكان والايرانيين والسوريين كثيرون، وفي مقدمتهم الصينيون والروس والأوربيون والعرب السنّة وأطراف المعارضة الديموقراطية في كل من سوريا وايران، وقبل كل الناس: اسرائيل وتركيا.

إنها مسألة معقدّة ومتشابكة، ونقاط الصراع بين الطرفين الرئيسيين في "التحالف التكتيتي الجديد" أكثر من نقاط الاتفاق، والصراع على العراق سيستمر، وقد يطفح الكيل وتتوسّع بقعة العنف الدامي لتنال غير العراق، ومن المحتمل أن يساهم آخرون في تفجير الأوضاع أكثر فأكثر، فإذا ما ارتكبت تركيا خطأ جسيماً كالتوغّل في كوردستان العراق بهدف انتزاع لواء الموصل بذريعة امحاء حزب العمال الكوردستاني في داخل الاقليم الكوردي العراقي، فإن أحجار الدومينو ستصيب بعضها بعضاً ولايدري أحد أين تنتهي حدود العنف في المنطقة، أو إذا شنّت اسرائيل فجأة حرباً على سوريا بهدف عرقلة التعاون بينها وبين الولايات المتحدة، أو فيما اذا شنت غارات مفاجئة على المواقع النووية الايرانية...

عقلاء الكونغرس الأمريكي وخبراء الادارة الأمريكية يطرحون مثل هذه الأسئلة على أنفسهم كل يوم ويبحثون لها عن أجوبة مقنعة وقوية، ولذلك فإن العراق سيبقى نقطة أساسية من نقاط الارتكاز الاستراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية، ولكن التكتيكات ستتغيّر دون المساس بالخطوط الأساسية لاستراتيجية الأمن الوطني في أمريكا، وإحدى نقاط هذه الاستراتيجية بالتأكيد هي عدم السماح لايران بالاقتراب أكثر من اسرائيل أو الاستمرار في تسخير سوريا لذلك.

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 5
تصويتات: 1


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات