مواد جريدة صوت الكورد

جريدة البارتي الديمقراطي الكوردي - سوريا

العدد/318                         تشرين الأول /2007 م                 2707/ كوردي   

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في الذكرى الحادية عشرة لاستشهاد

المناضـل كمال أحمد درويش

 

 

في الثالث من تشرين الثاني سوف تحل الذكرى الحادية عشرة لاستشهاد المناضل والمنظر الكبير الأمين العام ﻠﻠﭘارتي في سوريا , مع رفيق دربه , وحليفه الشهيد شيخموس يوسف عضو المكتب السياسي لليسار الكوردي الشقيق .. وهما يؤديان مهمة قومية تحالفية في مدينة الحسكة نيابة عن رفاقهما في التحالف الديمقراطي الكوردي آنذاك ..

لقد كان الرفيق كمال من خيرة المناضلين الذين تركوا لنا تراثا نضاليا كبيرا وحافلا , ورؤية وطنية وقومية , ودليلا اجتماعيا وثقافيا مكتنزا ً , يمكن النظر إليه بمثابة سفر كبير , يضم طاقة هائلة من عمل ميداني , وممارسة واعية , يتسم بفكر نشط يقظ , وعقلية ناضجة كبيرة اعتمدت منهجا ديمقراطيا علميا , ووسطية سياسية عميقة , واعتدالا صائبا بعيدا عن التطرف والمغالاة يمينا ويسارا في حفاظ متكامل على قدرة الكادر القيادي المتقدم , وفي صياغة برنامج نضالي عامر بالعمل المثمر , عامر ٍ بالنشاط المتجدد القائم على وعي تام بحقائق التاريخ , ووقائع الحياة , والرؤية المشرقة بمستقبل وطني زاهر , كشعب عريق يشكل القومية الثانية في سوريا , ويمتد على أوسع مساحة وطنية وجغرافية في العمق السوري , بحيث ترك هذا الشعب بصماته على التاريخ البعيد والقريب , بل والممتد في أدق أعماق تاريخ المنطقة , ليكون اللاعب النشط والإيجابي والقادر على صنع ملحمة وطنية تاريخية عابقة بالقيم المعرفية والخلقية والقيادية , جنبا إلى جنب مع أقدم مكونات الشعب السوري ( الهوريين والحثيين والميتانيين والسوبارتيين والكنعانيين  والكلدانيين والآثوريين ) بالتصدي للغزوات المغولية والفرنجية التي اجتاحت المنطقة إلى أعقاب الغزو الاستعماري القريب في بداية القرن العشرين 1920, والذي كان فرسان الشرق على الدوام من خيرة المقاتلين والمتصدين لكل من حاول إركاع أبناء هذا الشعب المتنوع الأطياف والألوان والأعراق , ليظل محافظا على أصالته وعمق انتمائه , وروعة دفاعه عن وجود تاريخي راسخ وعميق , والدعوة إلى تواؤم وتكامل وجداني , وعيش مشترك رغيد بين هذه الأطياف والأثنيات والأفكار والاتجاهات والأديان والطوائف ..

لقد كان المناضل الشهيد رمزا من رموز هذه الثقافة التاريخية والسياسية والفكرية لشعبنا , بل علما  وطنيا بارزا ومعبرا عن تلاحم أبناء الشعب السوري , ومحط احترام وتوقير لكافة شرائح ومكونات المجتمع السوري , وهو ما تجلى في رحيله حينما شارك في تشييع جثمان الشهيد مئات الألوف من مختلف الانتماءات والشرائح والأطياف الوطنية السورية  , كما شهد مأتمه المهيب آلاف الزائرين المعزين , ممن أبدوا أسفهم البالغ وهم يعددون مناقب الشهيد , وخصاله النادرة , وآفاقه الفكرية النيرة , ورؤيته الوطنية البعيدة , ومصداقية عمله النضالي الجامع والمؤسس لرابطة وطنية مدنية وحقوقية وسياسية واسعة وهو من أجلّ توجهات اﻠﭘارتي وامتداداته الفكرية وقواعده وثوابته ..

كانت انطلاقة الشهيد كمال من نهج راسخ وثابت وعظيم هو نهج البارزاني الخالد , بما اتسم به هذا النهج من مرونة وحيوية وأفق مضيء , وقدرة على التجدد والاستمداد من التراث النضالي الكوردستاني وصهره في تلاحم كفاحي بين الوطني والقومي والإنساني .. ليكون عصارة فكر تجددي , تحرري , سلمي , يعتمد منطق الحضارة والمدنية والعلم والإيمان بأفق إنساني رحب  أساسا ً منهجيا لمنطلق قومي مكتنز بهذا الفهم الحواري المتكامل والمتآنس مع روح الحياة وتجددها وأفقها المعرفي المزدهر , حتى استطاع الشهيد ومن خلال فهمه العميق لهذا النهج أن يحشد بقوة وإيضاح مسهب أكبر طاقة تنظيمية حزبية وجماهيرية ﻠﻠﭘارتي في هذا المنهج الحياتي الواسع .. ليكون مع كوادره المتقدمة , ونفر من قيادته ورفاقه المخلصين الطاقة المبدعة لنشر رؤية الحزب وتعميقها في الواقع الجماهيري للشعب الكوردي خاصة والسوري عامة , وهوما امتد إلى مؤتمرنا العاشر وقواعده الفكرية والنضالية وعزم رفاقه على إحياء اﻠﭘارتي وإعادة الاعتبار له .

لقد كان وجوده حضورا كاملا ﻠﻠﭘارتي , كما شكل غيابه فراغا هائلا , سوف يملأ بقوة واقتدار من تلامذته وكوادره وخيرة مناضليه بعد عودة آمنة ﻠﻠﭘارتي إلى النهج , وخروج أوّلي من الأزمة الخانقة التي أوقعها فيها نفر من المشوّهين والمضللين والإقصائيين ممن كانوا في الأصل بعيدين عن تمثل رؤية المناضل الشهيد , وممن عرقلوا إلى حدّ كبير مساعيه الكبيرة وجهوده لجمع كلمة اﻠﭘارتي , وحسن قيادته في مرحلة اتسمت بالتشويش والبلبلة , والأذى مما كان مصدر قلقه , ومبعث حزنه وأساه , حتى امتدت بقوة إلى مرحلة حرجة بعد رحيله لتكون الانطلاقة الجديدة بادرة فعلية وتشميرا واعياً لبسط فكرة الحزب , ونشر ثوابته , وتعزيز رؤيته وإعادة المصداقية له , وإعلاء شأنه وتعميق خطه وبعث كل الإمكانات والطاقات لخدمة نهجه وتجديده ونشر الحياة في مختلف صعده النضالية .

ألف تحية إلى ذكراك العطرة , وتاريخك النضالي الحافل , وفكرك النيّر .. وقلبك الكبير , وروحك الحية الصادقة النابضة بالحياة في كل منزل دخله نهج اﻠﭘارتي والبارزاني الخالد , فكرا وممارسة وقيما أخلاقية عالية ..  ولسوف تظل ذكراك حية , عطرة , زاهية , تعبق بالشذى .. وتشرق بالأمل , وتضيء حياتنا بألف شمعة وشمعة ..

ولسوف يظل أبناؤك ورفاقك وكوادر اﻠﭘارتي أمناء على خطك النضالي وفهمك العميق , وشروحك المستفيضة وأنت تنهج بهم في دروب النضال , بشهامة وعزة , وقدرة على اختراق كل صعب , وتجاوز كل محنة .. آملين أن نجد في هذا الكادر – وقد شمّر عن ساعد الجدّ – مصداقية زرعك لأغرسة باتت تؤتي أكلها , وتدفع إلى البناء من جديد , وإعادة الاعتبار ﻠﻠﭘارتي  , في ظل تجدد رؤيته المدنية والسلمية لتكون الوسيلة المثلى ااخروج من كل عقبة ..

 

لك العلياء والعليا ترام               ومجد الأكرمين لكم مقام ُ

 

وإلى ثراك الطاهر ألف تحية,وسلاما وبركة عامرة,حافلة بتربة الشهادة الطاهرة وإلى رفيق دربك شيخموس يوسف .

ــــــــــــــــــــــ

البلاغ الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية

 ﻠﻠﭘارتي الديمقراطي الكوردي– سوريا

 

في الثلث الأخير من الشهر العاشر الجاري انعقد اجتماع اللجنة المركزية ﻠﻠﭘارتي الديمقراطي الكوردي – سوريا, في جوّ مفعم بالحيوية والتآلف وعقد العزم على بذل الإمكانات المتوفرة والمتاحة لمعالجة التراكمات والترهلات التي انتابت حياة الحزب , وجعله يبحث عن مخرج فعلي لأزمته وواقعه المتردي , وما كان من أسباب ودوافع تحول دون انطلاقته وتجدده , وإعطاء نهجه وثوابته , ورؤيته الوطنية والقومية وبعده الجماهيري قوة التألق ونبضا ساخنا للدفع بالانخراط في عمل جاد , ليستبعد كل ألوان وأشكال المهاترات الجانبية , وأساليب التضليل والحرف عن المسار , ومحاولة الإيقاع في البلبلة والتشويش مما تثيره بعض الأبواق الضالة  , مما يؤثر بشكل قاطع على دفع عجلة اﻠﭘارتي إلى سكته الطبيعية , ويلهي الجماهير عن رسالتها السامية , للدفاع عن وجود حيوي وقادر ومؤثر للشعب الكوردي في سوريا على ساحته الوطنية , وضرورة توحيد الحركة الكوردية و البحث عن مخارج جادة في هذا الإطار والخروج من لغة التخوين والتآمر ومنطق التشهير  , متجسدة في إيماننا العميق بضرورة تجديد نهج البارزاني الخالد , ورفع سوية النضال فيه , وإعطائه بعدا حياتيا متجددا , يتماشى مع القيم المدنية , و فلسفة العصر , وقضايا السلم و الانعتاق , في رؤية حياتية جامعة , تؤسس لتواصل قيمي مع مستلزمات المجتمع المدني , وتطور حقوق الإنسان , ونقل الحريات العامة  و حرية التعبير والإرادة والفكر إلى منهج حركي يجدد ذاته , ويرقى إلى أبرز قضايا المجتمع الإنساني , علما ومعرفة ومنهجا ورؤية ديمقراطية ناضجة , تقوّم المسار في دفع أطياف ومكونات المجتمع السوري إلى عملية تفاعل وتجاذب ووئام , إبعاداً لشبح الإلغاء والإقصاء والتغريب , وزج المجتمع في متاهات الحيرة والتدابر والخصام , والاستئثار بالقرار سياسيا واقتصاديا واجتماعيا , بما يحرم القطاع الأكبر من هذه المكونات من التعبير عن ذواتها ثقافة وفكرا وانتماء وطنيا ً , والتزاماً حراً , وإرادة بناء ٍ وتغيير وإحياء , ومحاربة لكل أشكال المعوّقات التي تحول دون الحداثة والبناء وإنضاج الحالة الوطنية المتقدمة والمزدهرة .. لقد عالج الاجتماع - بتفصيل - واقع الحزب وفكره , ورؤيته الوطنية وبعده القومي , ومنهجه الإنساني , ورؤيته المعرفية المتجددة , وأسقط كل ذلك على التطورات السياسية الحاصلة في المنطقة والعالم , ليقف بعمق ومسؤولية على التهديدات التركية التي تنطلق من القادة والساسة والترك وصانعي القرار التركي , بما فيه البرلمان , كمنبر يدعي الديمقراطية والمدنية وحقوق الإنسان , وما يترك ذلك من أثر كبير في ارتداد العملية السياسية , وتراجع الفكر الديمقراطي , وانتهاج سياسة التلويح بالعصا , والتهديد بالقصف المدفعي المتكرر تمهيداً لاختراق حدود إقليم كوردستان العراق بحجة مطاردة وملاحقة أفراد حزب العمال الكوردستاني مع تواجده في عمق كوردستان تركيا , وفي معظم أنحائها وجبالها الحصينة , بدعوى انطلاقهم من هناك , علما ً أن عشرات التصريحات والتلويحات كانت تثار قبل ذلك حول المادة 140من الدستور العراقي , بتدخل سافر في شؤون الإقليم , ومحاولة جره إلى صراعات هامشية , حيث يجد القادة الترك من حزب العدالة والتنمية الإسلامي والذي يدّعي الطهر والسماحة والإخاء الإسلامي , ويتلفع بأثواب الديمقراطية والعلمانية الزاهية , ليجد هؤلاء في أي إنجاز قومي أو وطني في كوردستان العراق مساساً بأمنهم القومي , وتحركا باتجاه إثارة عواطف مماثلة في كوردستان الشمالية , علماً أن أبواب الحل الديمقراطي والسلمي مفتوحة لحلّ أكبر معضلة وطنية تواجه تركيا , وتجرها إلى مستنقع وبيل من العنف ودوامته وأدواته وثاراته وحروبه المدمرة ..لقد كان الرد العملي والمتزن من القادة العراقيين عموماً , ورئيس جمهورية العراق السيد جلال الطالباني , ورئيس إقليم كوردستان المناضل مسعود البارزاني , ورئاسة الإقليم تتجه بوضوح إلى ضرورة معالجة الواقع بأسلوب مدني سلمي , وضرورة الرجوع إلى أصل المعضلة , وليواجه بشجاعة قضية ثلاثين مليون كوردي محروم من أبسط الحقوق القومية والإنسانية والحضارية , بدلا من المطاردة والتهديد , واجتياز الحدود , وخرق القانون الدولي , وتحمل لوم العالم , واستنكار القوى المتعددة الجنسيات والتحذير الرسمي من الولايات المتحدة الأمريكية ...

  لقد وقف الاجتماع مطولا ً على هذا الواقع , ودعا إلى استنكار أي خرق للحدود أو تدخل في إقليم كوردستان العراق , وضرورة الإصغاء لنداءات المجتمع الدولي والشخصيات العالمية المؤثرة بالعودة إلى جادة الصواب وطاولة المفاوضات ..كما تناول الاجتماع الضجة المثارة حول الفيدرالية والتقسيم في العراق , طالبا من لا يدرك أبعاد الاتحاد الفيدرالي الرجوع إلى القانون الدولي , وحسن قراءة الدستور العراقي المستفتى عليه , والابتعاد عن الآراء والمواقف المرتجلة والمحكومة بثقافة احتكار السلطة والتعريب وقهر الآخرين , وعدم قبول الرأي الآخر , والاحتكام إلى قرارات صارمة مركزية تعيد إلى الأذهان آثار الدكتاتوريات الفردية   وألوان القمع والاستبداد في النظام البائد ..كما وقف الاجتماع مطولا على مجمل السياسة العالمية والإقليمية , وضرورة الانخراط فيما يصلح مجتمعنا ويتيح له المجال في الانفتاح على السياسة الدولية , والاحتكام إلى القرارات والمواثيق والعهود التي تحفظ للإنسان قيمه وكرامته وأمنه واستقراره , بعيدا عن أشكال الاستبداد والإذلال والإرهاب وبؤره وتهديداته , ووسائل القتل والترويع وتدمير أمن المجتمع الإنساني في أي مكان في العالم.. ليجد من ذلك مدخله الحقيقي إلى ضرورة رعاية المجتمع وقضاياه , ومحاربة الفقر وألوانه , والتخلف وقيمه , والقمع والتشريد وفلسفة الإبعاد والتهجير ..ودعا الاجتماع إلى ضرورة بذل الجهود الميدانية العاملة على الساحة الوطنية و الكوردية لمعالجة آلام ومحن وأمراض الفقر ومظاهره , وألأوان البؤس والحرمان فيه والانخراط بجدية لخدمة المجتمع , وإبداء كل الإمكانات المتاحة والضرورية للتواصل والتكامل والتفاعل مع قضايا الجماهير , مركزاً في الوقت نفسه على جدية العمل التنظيمي كأداة نضالية ترقى إلى معالجة كل أسباب وعوامل الخلل في العلاقات الحزبية والوطنية والقومية , وضرورة التلازم بين الفكر والممارسة .            

.أواخر تشرين الأول 2007   

اللجنة المركزية

للبارتي الديمقراطي الكوردي ــ سوريا

ــــــــــــــــــــــ

البارتي يدين التهديدات التركية لجنوب كوردستان

بــــــيان  :  صادر عن اللجنة المركزية للبارتي الديمقراطي الكوردي ـ سوريا

يا جماهير شعبنا الكوردي في كل مكان .. أيتها القوى الوطنية ، الصديقة والشقيقة في الوقت الذي تترسخ فيه قيم الديمقراطية والسلم والمدنية ، وتتجلى التطورات على الساحة الدولية باتجاه تعزيز المواثيق والعهود الدولية ،وقضايا حقوق الإنسان والحريات العامة ، وحقّ تقرير المصير للأمم والشعوب ،وتواكب القضية الكوردية المدّ العالمي في تنامي الشعور بضرورة حلّ هذه القضية حلاً سلمياً عادلاً في كل جزء بما يتوافق مع الضرورات الوطنية والقومية ،وتتماشى مع قيم العدل والديمقراطية والقانون الدولي ..

في هذا الوقت بالذات تستعرض الآلة الحربية التركية قوتها ملّوحة بالتهديد ،والملاحقة واختراق الحدود في كوردستان العراق ،بحجة مطاردة حزب العّمال الكوردستاني وضرب مواقعه ،واستئصاله من المواقع الجبلية الوعرة التي يتحصن فيها،مّما يعد سابقة خطيرة ،وخرقاً سافراً للقانون الدولي ،وتجاوزاً لحرمة إقليم آمن ينعم بالهدوء والاستقرار والازدهار ،وتنامي التجربة الديمقراطية الفريدة فيه ،بل يتجاوز ذلك إلى التدخل الواضح في كركوك ومساندة من يعترض على تنفيذ المادة (140) من الدستور العراقي المستفتى عليه ، والوصاية على تركمان العراق ،في الوقت الذي يتجاهل حقوق ثلاثين مليون كوردي في كوردستان تركيا , محرومين من أبسط مبادئ حقوق الإنسان لغة وثقافة ومصيراً .

إننا في الوقت الذي ندين ونستنكر فيه هذا التدخل ، بالاستناد إلى التصويت البرلماني الغريب على إجازة خرق الحدود العراقية التركية ، ندعو إلى ضرورة حلّ سلمي وعادل للقضية الكوردية ، هذه القضية التي تعد من أكبر المعضلات في تركيا والتي يستوجب حلّها داخلها ، كما نشجب أي تجاوز للحدود وقصف للقرى الآمنة في كوردستان العراق ، وندعو المجتمع الدولي ومنظماته والقوى المتعددة الجنسيات والعالم المتحضر إلى الوقوف في وجه أي اعتداء من شأنه أن يلحق أي ضرر بالأمن القومي للعراق عامّة ، وإقليم كوردستان خاصة ومحاولة تدمير بنيته ،تحت أيّ ظرف أو ذريعة ، مما يتنافى قطعاً مع المعاهدات الدولية والإقليمية ، وميثاق الجامعة العربية ، حيث تنص هذه المواثيق على منع أي اعتداء أو تجاوز للحدود الدولية مهما كان مبررُ الدولة المعتدية وحججها ، مما لا نجد أي مسوّغ يجيز هذا الخرق سواء كان عراقياً أو عربياً أو دولياً ، وهو ما أكد عليه /خافير سولانا/ والرئيس الأمريكي والقادة الميدانيون في العراق بتحذيرات واضحة ، كما أبدت رئاسة إقليم كوردستان استعدادها الكامل للدفاع عن أراضيها والردّ على الاعتداء ،والذي لا يعطي أيّ مسوّغ لمثل هذا الاعتداء المكشوف والمعّرى ، مهما كانت الحجة التي تختفي وراءها نوايا الجونتا التركية ، لتدرك بعمق أنّ العمق الدولي والاستراتيجي للقضية الكوردية أكبر من أوهام الترسانة العسكرية ، وأدواتها القمعية ، ووسائلها الالتفافية ، وبحثها عن طرق شتى لإعاقة تطوّر تجربة الإقليم الفذة والمتميزة ..

آملين أن يدرك الساسة الترك المعادلة الجديدة في العلاقات والقيم والأعراف ومقاييس التحرك الدولي ومعاييره المواكبة للمد العالّمي الجديد ، والتطورات المتلاحقة على الساحة العالمية ..

عاش نضال شعبنا في سبيل الديمقراطية والتحرر والانعتاق ..

 

          20/10/ 2007م

       اللجنة المركزية

    للبـارتي الديمقراطي الكوردي - سوريا

ــــــــــــــــــــــ

 

مفهوم القيادة وتكاملها

 

 

   في شخصية القائد الخالد مصطفى البارزاني

 

الحلقة الأولى ..                                                                    بقلم : بافي ســـفين

 

القيادة والقائد لغة :

ورد في المعجم  الوجيز كلمة القائد والقيادة من فعل قاد- قوداً- وقيادة أي مشى أمامه وقاد الجيش أو الأمة بمعنى  أمره والقيادة هي مهنة القائد.

القيادة والقائد بالمعنى السياسي :

هي التحكيم بالمواقف أي في الناس بقرار ٍ له سلطة الإلزام على الآخرين.

مفهوم القيادة لدى علماء الاجتماع والسياسة :

للعلماء آراء مختلفة حول الصفات التي يجب أن يتحلى بها القائد فلكل رأيه في ذلك إذ يقول العالم(دور كهايم) إن دور القائد يتحقق من خلال الفردية الأخلاقية التي تحكمها عوامل اجتماعية .وللمفكر (هانز شبايدل )رأي في ذلك إذ يقول يجب أن تتوفر في القائد قيمٌ أخلاقية هي (الفطنة – العدل – الشجاعة - الاعتدال) ويقول كبير المفكرين الإسلاميين العلامة (ابن خلدون) في مقدمته الشهيرة يشترط في القائد أن يحمل صفاتٍ هي (العلم – العدالة – الكتابة – سلامة الحواس والأعضاء مما يؤثر في الرأي والعمل)

دور الشخصية القيادية في التاريخ:

تعتبر مسألة الشخصية من أهم القضايا السياسية والاجتماعية في التاريخ القديم والمعاصر وذلك لما لها من تأثير في الثورات والأحداث وصنع القرار . فمن خلال دراسة ومتابعة جميع الثورات والتحولات الاجتماعية والعلمية والسياسية نجد أن هناك أشخاصاً قياديين اتسمت شخصياتهم بسمات ٍ وصفات ٍ تختلف عن غيرهم من الناس مكنتهم من تحسس أهداف الجماهير وأصبحوا أداة التغير الاجتماعي والسياسي والاقتصادي في عصرهم وتاريخ الشعوب لا يمكن أن يكون مستقلاً عن تاريخ أولئك العظماء الذين يمكن تسميتهم بصانعيه والذين اصبحوا خالدين في ذاكرة شعوبهم بما تركوا من آثار عميقة في حياة المجتمع بسبب نضالا تهم العظيمة وأعمالهم البطولية في سبيل حرية ورفعة شعوبهم.

يقول المفكر (لونار تشارسكي) إن الثورات الواسعة لا يمكن إلا أن يكون لها زعماء كبار، والبارزاني الخالد من تلك الشخصيات النادرة التي أثبتت دورها ومكانتها في قيادة الشعب الكوردي منذ ثورات بارزان الأولى حتى ثورتي أيلول وكولان العظيمة واتصفت قيادته بسمات ٍ وصفاتٍ تختلف عن غيره من القادة في الثورات الكوردية المتعاقبة وهي :

§        القيادة الوطنية

§        القيادة الديمقراطية

§        القيادة الإنسانية

§        القيادة التكتيكية

القيادة القومية                                                                   

البارزاني قائد وطني :

بدأ القائد العظيم مصطفى البارزاني حياته السياسية منذ ثورات بارزان الأولى حتى ثورة كولان العظيمة كوردياً يناضل ضمن إطار عراقي يحارب الحكومات الدكتاتورية التي تعاقبت على اضطهاد الشعب الكوردي في العراق من أجل تحقيق حكم ذاتي ينعم فيه الأكراد بالعدالة والحرية والديمقراطية وقد تجلت وطنيتة من خلال النهج الواضح للحزب الديمقراطي الكوردستاني منذ تأسيسه حيث كان الحزب واقعياً وصريحاً في طرح الشعارات والأهداف في جميع المراحل التي مرت بها القضية الكوردية .

وعلى الرغم من الخلافات الدائمة مع الحكومات العراقية لم يحول ثورته إلى عداءٍ بين الكورد والعرب بل بين الحكومات الدكتاتورية والشعب الكوردي وفتح أبواب كوردستان أمام جميع الوطنيين من أبناء الشعب العراقي حتى أصبحت ملجأ ً لجميع الوطنيين الفارين من بطش الدكتاتورية والإرهاب .كما أولى الأخوة العربية الكوردية أهمية كبيرة وعمل من أجل تطوير العلاقات التاريخية بين الأكراد وجميع سكان العراق بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية أو القومية وأسس علاقاتٍ طيبة ومتينة مع العديد من القبائل العشائر العربية وخاصة قبيلة (شمر) وزعيمها الشيخ عجيل الياور.

البارزاني قائد ديمقراطي :

لقد ساهم البار زاني في تأسيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني في منتصف الأربعينات وتم اختيار الديمقراطية اسماً وشعاراً يزين صدر البارتي وذلك لإيمانه العميق بالديمقراطية لأن في الديمقراطية  يكون الشعب مصدر السلطة والسيادة فمن خلال مسيرته النضالية وضع أسس الديمقراطية ورسخ بناء الديمقراطية وعزز التلاحم الجماهيري من خلال إفساح المجال للشعب للتعبير عن رأيه في جميع الأمور المتعلقة بمصيره ومستقبله ففي عام 1963م قدمت الحكومة العراقية مشروع حلٍ للقضية الكوردية في كوردستان العراق ولكن البارزاني بإيمانه العميق بالديمقراطية عقد مؤتمراً في السابع عشر من آذار حيث حضره ألفي كوردي بينهم خمسة وستون مندوباً عن اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكوردستاني وكبار القادة من البيشمركة وممثلو القبائل والعشائر والأقليات من جميع أنحاء العراق حيث  استشارهم في موضوع المشروع الذي قدمته الحكومة فأخذ بنصائحهم وتوجيهاتهم ووقف عند ملاحظاتهم وفي النهاية تم رفض المشروع لأنه استثنى كركوك وخانقين من منطقة الحكم المركزي المقترح .

فبذلك جسد الديمقراطية في حياته النضالية قولاً وفعلاً لأنه أدرك تماماً أن الديمقراطية تعني حرية الجماهير وهي الصيغة المثالية التي تكفل للمواطن ممارسة حريته التي تجعل منه أنساناً كريماً قادراً على العطاء والبناء والدفاع عن مكاسب الوطن ..

 

      يتبع في العدد القادم                     

 

ــــــــــــــــــــــ

الجدار التركي لن يكون أقوى من جدار برلين

 

   صحيفة الرياض السعودية وفي عددها الصادر بتاريخ 6/9/2007 أوردت خبراً مفاده أنّ السلطات التركية قررت إقامة جدار فاصل مراقب الكترونيا على طول حدودها مع العراق ( كوردستان الجنوبية ) بطول ما يقارب 470 كم وكلفة تقدّر بمليارات الدولارات , تحت ذريعة منع تسلل عناصر حزب العمال الكوردستاني ( PKK ) إلى داخل تركيا . كما أشارت الصحيفة المذكورة إلى أن إيران قد أيدت الفكرة واعتزمت أن تحذو حذو تركيا في مشروع مماثل للتصدي لحزب الحياة الحرة PJK الكوردي رغم أن الحدود المرسومة لأيران مع الدولة العراقية تبلغ أضعاف تلك التي مع تركيا ..

أمام هذا الخبر يطرح السؤال التالي : هل تضمن تركيا وإيران سلامة أمنهما الداخلي من وراء إقامة مثل هذا الجدار ؟! وهل يمكن للقلاع والحصون والقواعد الالكترونية المسلحة بأسيجة نارية أن تحفظ أمن بلدان تعج بملايين الكورد من السكان الأصليين الذين عاشوا على أرض آبائهم وأجدادهم منذ فجر التاريخ ؟!  الواضح أن السلطات الحاكمة في الدولتين  لم تتعظ من التاريخ وتجاربه ومن النتائج الفاشلة  لحل الأزمات الداخلية فيما أريد نقلها إلى خارج الحدود , أو تم اعتماد العنف وإرهاب الدولة المنظم لحلها .. ويبقى دوما الحل الديمقراطي العادل والجذري هو الأمثل والأنجح لكل القضايا والأزمات الداخلية , وإن كانت العقلية الطورانية العنصرية والأخرى الفارسية في منطقها البدائي تقودان إلى سبيل السحق والقتل والإبادة , ورفض أي تعامل مدني وديمقراطي , صحيح أن مثل هذه المشاريع قامت وتقام لكن الحالة تختلف تماما عما هي عليه الحال بالنسبة لكلتا الدولتين , والقضية التي يقام هذا المشروع من أجل حلها والتي تحاول من خلاله أن تقفز على الواقع وعلى حقائق التاريخ , وأن تجرّم سلطاتها بتجاوز القانون الدولي . علماً أن الولايات المتحدة الأمريكية عندما قررت إقامة جدار على طول حدودها مع المكسيك كان ذلك بالاتفاق مع الدولة الجارة  , وذلك لوضع حل لأزمة تعاني منها كلتا الدولتين على طرفي الجدار .. حيث قضايا تجار المخدرات وتجار البشر , وبالتالي فالمصلحة المشتركة لكلا الشعبين تتطلب المساهمة في إقامة مثل ذلك المشروع . ولكن المشروعين البدائيين ( التركي والإيراني ) يتنافيان مع أبسط مبادئ شرعة حقوق الإنسان , فالمشروع التركي جاء اقتداء بالمشروع الإسرائيلي , والتناقض صارخ وواضح حيث كانت تركيا وكذلك إيران من أوائل الدول اللائي أدانت جدار الفصل الإسرائيلي الذي سمته بالجدار العنصري , في حين استهدفت إسرائيل من وراء إقامة الجدار العازل على طول حدودها مع الضفة الغربية , إبعاد ما تعتبره خطرا على الأمن الإسرائيلي , ومنع هجمات الثوار الفلسطينيين في داخل إسرائيل كما تدعي طبعا ً .. لكن في حالتنا هذه الأمر يختلف تماما لسببين أساسيين :

الأول : إن القضية التي يعتبرونها خطرا على دولتهم , ليست قادمة من كوردستان الجنوبية , وبالتالي يمكن إبعادها بالجدار العازل , بل هي في العمق من التصلب والعنصرية والدكتاتورية تجاه قضية ثلاثين مليون كوردي .

الثاني : إن الشعب على طرفي الحدود المرسومة بين إقليم كوردستان وكلتا الدولتين , شعب واحد حافظ على وحدة تراثه ولغته وثقافته وحتى اقتصاده منذ آلاف السنين وبالتالي لا يمكن له أن يتجزأ بجرة قلم , من خلال إقامة مشاريع كهذا , وإن هذا الشعب الواحد الذي يصل إلى نحو خمسين مليونا وجد على أرضه وحافظ على لغته وثقافته الواحدة , وقيمه وتقاليده وحرصه على تراثه ما يمكنه أن يمارس حقه في حياة مدنية . وعلى ضوء هذا يمكننا القول بأن الجدار التركي أو الأيراني أو ما يشابههما لن تكون نهايته أفضل ونتائجه أهم من تلك التي توخاها واضعو جدار برلين الذي انهار بلمحة بصر أمام إرادة الشعب الألماني الذي تجزأ رغما عن إرادته هذا من ناحية , ومن ناحية ثانية فإن القضية التي يراها الأتراك والايرانيون خطرا على كياناتهما لا يمكن حلها في بناء جدار عازل لأنها ليست مسألة منع تسلل المسلحين من داخل كوردستان إلى أراضي الدولتين بحل مسألة شعب مضطهد غير معترف بوجوده , وبالتالي إيجاد الحل العادل لقضيته هي الضمانة الأقوى لأمنهم واستقرارهم , فمنبع القضية من الداخل وليس من الخارج حتى يمكن ردعها ببناء جدار مراقب الكترونيا .. أن القضية الكوردية في كلتا الدولتين اللتين هما نتاجا تقسيم طولاني عام 1516 م إثر معركة جالديران بين الدولتين الصفوية والعثمانية .. إن هذه القضية قضية شعب قسمت أرضه , ومزق كيانه , وفصل بين أبنائه أفخاذا وعشائر وقبائل وأسراً واحدة مقسمة على طرفي الحدود المرسومة بين إقليم كوردستان وكلتا الدولتين , شعب واحد حافظ على وحدة تراثه ولغته وثقافته وحتى اقتصاده منذ آلاف السنين وبالتالي لا يمكن له أن يتجزأ بجرة قلم , من خلال إقامة مشاريع كهذه , وإن هذا الشعب الواحد الذي يصل إلى نحو خمسين مليونا وجد على أرضه وحافظ على لغته وثقافته الواحدة , وقيمه وتقاليده وحرصه على تراثه ما يمكنه أن يمارس حقه في حياة مدنية . وعلى ضوء هذا يمكننا القول بأن الجدار التركي أو الأيراني أو ما يشابههما لن تكون نهايته أفضل ونتائجه أهم من تلك التي توخاها واضعوا جدار برلين الذي انهار بلمحة بصر أمام إرادة الشعب الألماني الذي تجزأ رغما عن إرادته هذا من ناحية , ومن ناحية ثانية فإن القضية التي يراها الأتراك والايرانيون خطرا على كياناتهما لا يمكن حلها في بناء جدار عازل لأنها ليست مسألة منع تسلل المسلحين من داخل كوردستان إلى أراضي الدولتين بحل مسألة شعب مضطهد غير معترف بوجوده , وبالتالي إيجاد الحل العادل لقضيته هي الضمانة الأقوى لأمنهم واستقرارهم , فمنبع القضية من الداخل وليس من الخارج حتى يمكن ردعها بيننا جدار مراقب الكترونيا .. أن القضية الكوردية في كلتا الدولتين اللتين هما نتاجا تقسيم طولاني عام 1516 م إثر معركة جالديران بين الدولتين الصفوية والعثمانية .. إن هذه القضية قضية شعب قسمت أرضه , ومزق كيانه , وفصل بين أبنائه أفخاذا وعشائر وقبائل وأسراً واحدة مقسمة على طرفي الحدود , وجبالا شاهقة شماء لا يمكن إركاعه , وإركاع أبنائها , لأنها تظل أرضا واحدة صعبة على أية  قوة على وجه الأرض يمكن أن تهدد بالفناء , وتضرب في الأعماق وتدمر ثورات وتعلق قادة على أعواد المشانق , ولكن شعبا أبيا ً كالشعب الكوردي الأبي الواحد , الذي يمتد جذره في التاريخ الإنساني إلى أحد عشر ألف عام , لا يمكن أن ترهبه الترسانة المسلحة  والتهديد بالفناء , وإقامة جدار فصل عنصري , لأن الجدار الجبلي الطبيعي الشامخ لم يستطع فصل العائلة الواحدة بل وحّدها وعمّق أواصرها وشدّ عزيمة أبنائها بالأرومة الواحدة , بل زادتها تصميما وإرادة وإمدادا على التواصل مع الحياة , ومواكبة المدّ الحضاري والتطور الإنساني لقضايا الشعوب , وإن أبناء ثورات النهري وديرسم وآمد ومهاباد ومحمود البرزنجي وآﮔري داغ والبارزاني الخالد , لا يمكن أن يفصل بينهم أي جدار عنصري , بدعوى أي تهديد باستباحة الحدود وخرقها وتجاوز أبنائها وتهديد تجربة ديمقراطية تترسخ وتتنافى في كوردستان العراق , لتكون نموذجا حيا لديمقراطية , يدير الساسة الترك ظهورهم لها , وهي تقتحم عليهم حصونهم وقلاعهم وأفكارهم التي ترى ظاهرها في برلمان تركي منتخب ديمقراطيا , وباطنها تحت حراب الجندرمة وتلويحات القوة الغاشمة , والتدمير والقتل وإبادة الآلاف مع ادعاء الديمقراطية والمدنية , والتذرع بسماحة الإسلام وطهره ونقائه في تعامله مع الشعوب والأمم واختلاف لغاتها وألوانها .. وهي تعيش رؤية بدائية قومية طورانية ..

إن مراجعة جدية للسياسة التركية العنصري ةتستوجب بناء قلاع داخلية , وحصون راسخة من العدل والمساواة وإحقاق الحقوق , وإعطاء الشعب الكوردي حقه وإرادته في الحياة , بدلا من اللجوء إلى الحصون والقلاع الالكترونية الأمنية الجائرة , مما يترافق ويتوافق ومنطق التهديدات الأخيرة , وصلف القيادة العسكرية التركية , وتفكيرها البدائي والذي يتحمل لوم العالم المتمدن فعلا ً .

ــــــــــــــــــــــ

 

ورقة للمناقشة

حول الدور الوظيفي  للبارتي ؟!! والبعدين الوطني والقومي ؟!

 

عندما حسم القائمون في البارتي خياراتهم باتجاه عقد مؤتمرهم العاشر كخطوة مبدئية  لرد الاعتبار لنهجهم فكراً وممارسة ، طرح هذا الخيار موضوعياً إعادة النظر لمجموعة من الأسس والمحددات على الصعيدين التنظيمي والفكري ، وفرض هذا الخيار ظلاله بإلحاحية على جو المؤتمر والقائمين على المؤتمر ، تبحث لذاتها الحلول غير القابلة للتأجيل ، تتكثف وباختصار شديد حول الدور الوظيفي للبارتي في هذه المرحلة .

أي بمعنى أشمل البحث عن صياغة جديدة تحدد من خلالها الميكانيزمات العملية الممكنة والمنسجمة مع خطها السياسي ، حيث حددت معالمها في التقرير السياسي الصادر عن المؤتمر العاشر .

من غير الممكن أن يتم الاتفاق على برنامج سياسي دون الاتفاق على الآليات العملية القادرة على ترجمتها فعلياً على أرض الواقع .

وخاصة أننا أدركنا بأن الآليات العملية للتنظيم هي التي تحدد هويتها الفعلية في الساحة النضالية . وكذلك هي التي تحدد مصير التنظيم وهي التي تحكم على مدى الصدقية والجدية في فهمنا لمنظومة إعادة الاعتبار للبارتي ،"هذه القاعدة" من الصعب أن نتحاشى هذه القاعدة ،لا بل من المستحيل أن نغض النظر عن مستلزمات هذه القاعدة وما تفرضه من ضرورات لتستكمل عملية إعادة الاعتبار ، من الاستحضارات الأولية لها ،ليتم انجازها بشكل فعال.

غير أن هذه الآليات ولكي تكون منسجمة مع طبيعتها علينا أن نؤسس لها أولا وبشكل منهجي الأنساق التي تحدد مسارها ، وهنا ما نقصده بالمعنى الدور الوظيفي للبارتي . اعتماداً على قاعدة الانسجام والتكامل فيما بين الآليات العملية والوظيفة المطلبية . إذا ً دعونا نتفق أولاً حول الدور الوظيفي للبارتي في هذه المرحلة؟!!

وأهم محددات هذه الآلية :

أولا: التحريض على التفكير من خلال طرح الأسئلة وما يتبعها من تساؤلات تنصب بمجملها لترسم المسار العملي للبارتي .

ثانياً: الوصول إلى صيغة جمعية متفق عليها لدى القائمين في البارتي لإدراك مهمتهم .

على كل .. عودة إلى صلب الموضوع .. ما علينا معرفته عن " البارتي" بأنه تنظيم سياسي طوعي حمل الهم القومي للشعب الكوردي في سوريا من خلال برنامجه السياسي المعلن . إلا أن هذه الجملة التي تحدد المهام وطبيعة التنظيم بحاجة إلى فكفكة لاستقرائها بشكل منهجي وعلمي .. لنكون على بيّنة من أمر المهمة أولاً.. أي بمعنى :

ما هو الهم الكوردي؟!! وما حجمه؟!! وما هي خواص هذا الهم ؟!! هل هذا "الهم" يدخل في نطاق القضية القومية الكوردية في سوريا ؟!! أم أنه إشكال مواطنة عابرة في ظل قواعد استبداد ؟!! وإلى أي درجة تتقاطع إشكالية القضية (القوم أو القومية الكوردية ) مع إشكالية المواطنة في سوريا؟!!

بالتأكيد من الصعب الرد على هذه التساؤلات دون معرفة الواقع الديمغرافي الكوردي في سوريا ؟ وأيضا الشرط الجغروسياسي الذي يحتضن هذا الـ(القوم - القومية) الكوردية في سوريا؟!! وكذلك الشرط السياسي ببعديه الإقليمي – المحلي والدولي الذي يتحكم في مصير هذا "الهم" إلى أي درجة يكون التجاوب متوافقا ً في التمييز ما بين المواطن والوطن ؟!!

هل هناك وطنان للفرد في مرحلة الانعتاق القومي .. وطن الإقامة ووطن القومية؟!! الأكراد في سوريا نموذجاً.

لا أحد ينكر الدور النضالي المركب للأكراد وهم في مواقعهم "إيران ،العراق ،تركيا ،سوريا، وباقي الجمهوريات ".. إنما من الضروري توضيح الخط الفاصل ما بين النضال القومي وبغض النظر إن كان كورديا ً أو كوردستانيا ً البعد والنضال الديمقراطي لعموم البلاد.

قدر الأكراد استوجب عليهم هذه المعادلة ويبدو ألا مناص منها فهي تتقاطع في مناحي عدة وتتفارق عند خط البعد الاستراتيجي .. هذه المعادلة هي التي أسست لفكرة نبذ الثقافات .. حيث عجزت الحركة الكوردية رغم كل نضالاتها  أن تؤسس لفكرة التوحّد القومي من خلال القفز على المهام التي استوجبت تحديد معالمها الثقافية بثقافة المتكون الواحد. ومنها تتدرج الأسئلة .. ما هو الفرق  بين الوطن والوطنية ؟!! وما المغزى السياسي لهذا التفارق ؟؟!!

ومن جهة أخرى .. يندرج وينسحب السؤال إلى المغزى من وجودنا القومي .. هل وأنا الكوردي أنتمي إلى أمة كوردستانية أم إلى أمة كوردية ؟!!

ما هو الفرق الوجودي بين الكوردية والكوردستانية ؟!!     

أسئلة لم تتوقف ويجب ألا تتوقف وعلينا أن نستنبط منها كل المتشعبات لنصل إلى حدود التوضيح لكل معاني المفردات التي تؤسس لنا الرؤية . وعليه يتم تحديد المسار الفكري القادر على ابتداع الأشكال النضالية المناسبة للمرحلة وبذلك نحدد الدور الوظيفي للبارتي .

هذه الأسئلة نضعها بين أيديكم ..لأن الغاية منها قد حددت مسبقا ًوالتي تتلخص :

أولا ً:التحريض على التفكير من خلال طرح الأسئلة وما يتبعها من تساؤلات تنصب بمجملها لترسم المسار العملي للبارتي .

ثانيا ً: الوصول إلى صيغة جمعية متفق عليها لدى القائمين في البارتي لإدراك مهمتهم ،لأن التطرق لها والخوض في تفاصيلها بات ضرورة لا يمكن التأخير عنها في المناقشة والحوار للوصول إلى الصيغة المعرفية التي تتكفل بتوضيح الرؤى السياسية أولا ً والتي ستسهل لنا العبور إلى عمق المجتمع.. من خلال استرسالنا في الأسطر السابقة وكأننا أثرنا موضوع آخر لا يقل أهمية في طرحها ونقاشها والتي تتجسد في التميز المعرفي ما بين القضية والإشكال . حيث هي الحد الفاصل للنقلة البرنامجية للتنظيم . فمن الموضوعي أن نلقي الضوء على هذا التميز ونعمل على تحديده سياسيا ً أي "نجسده" لكي نؤطره برنامجيا ً كمدخل أولي للرد على الأسئلة وتبعاتها.

الواقع الكوردي في سوريا بين القضية والإشكال؟!

إذ أنّ أغلب البرامج السياسية للأحزاب والتنظيمات الكوردية أو الكوردستانية تتحدث عن القضية الكوردية في أدبياتها .. كقضية في مكان نفوذها وموقعها الجغرافي .. حتى بات لدينا أربع قضايا كوردية  شائكة في العالم..القضية الكوردية سوريا ، والقضية الكوردية في العراق ، والقضية الكوردية في إيران , والقضية الكوردية في تركيا , ناهيك عن قضايا الكورد في الشتات أو في بعض الجمهوريات ...

إن كان الاتفاق على تسمية القضية الكوردية في سوريا.. فما هي تسمية الحالة العامة للواقع الكوردستاني ؟!!

أم أن هناك قضية كوردستانية كبرى تتشعب منها قضايا ومنها القضية الكوردية في سوريا ؟!!أم أننا نعترف وبشكل خجول بوجود أربع قضايا لأربع مجتمعات كوردية – البعض يسميها كوردستانية والبعض الآخر يسميها كوردية؟!!

من جهة أخرى ما هو مفهوم القضية الكوردستانية وإلى أي درجة تتقاطع مع مفهوم القضية الكوردية؟!!

هذه الأسئلة بحاجة إلى تبصّر وتمعّن لأنها ومن خلال الرد عليها ، سيتم تحديد هويتنا السياسية وطبيعتها ، وبالتالي ستحدد المسار الفعلي والعملي للتنظيم .

من المعلوم أنّ القضية بأسرها , وبغض النظر عن حجمها ,  تحمل في داخلها معرفتها وبالتالي تحدد منظومتها وتفرز أدواتها السياسية المتناسبة معها , هذه القاعدة لا خلاف حولها ، إنما ما هو ملفت للنظر أن الحركة السياسية الكوردية في سوريا قد أضاعت البوصلة السياسية وهي تحاول البحث عن المفهوم للمصطلحات , وخاصة إذا أدركنا المعاني للمفردات والمصطلحات  على أنها هي التي تؤطر الفكر السياسي. في قراءة أولية لمجمل المصطلحات المستخدمة في الأدبيات السياسية الكوردية ولدى مقارنتها بالوقائع المطلبية للحركة ترى أنّ الفارق الأولي لهذه المصطلحات قد ازداد شرخاً عمّا يحمله من معنىً .. ولهذا السبب تحديداً ترتجل الحركة السياسية الكوردية مفرداتها السياسية ليعوم ما هو باطن غير مدرَك .. ولهذا السبب يتم النظر إلى الحركة السياسية الكوردية على أنها حركة باطنية لا تعلن عمّا تختزنه .

وقد شاءت الظروف السياسية وخاصة بعد "سايكس بيكو" أن يبقى الأكراد مُوازين للشريط الحدودي المرسوم بطول يناهز 800 كم طولي وبأعماق مختلفة ليشمَلهم التقسيم , مع جزء لا يستهان  به من الطيف المكوّن للمجتمع الكوردستاني بعمومه. أعتقد أنْ لا خلاف حول هذه الحقيقة .. إلا إذا كانت هناك أرآء مخالفة لهذه الوقائع سنضطر آنذاك للرد عليها بالمعنى التاريخي , إنما الخلاف يدور حول تجسيد هذه الحقيقة ..

هل نحن جزء من كوردستان وبغض النظر عن المساحة الجغرافية؟!!

هل الوطن الكوردستاني يفرض على الامتثال له كحقيقة وجودية؟!!

أم أن الوطن السوري قد شطّ بنا  وفرض علينا  ما رسم قسراً عن الشعوب , وأصبحنا ونحن أكراد جزء من الوطن السوري ؟!! إشكالية لا تزال قائمة , وتحتاج إلى عملية بحث وتدقيق ولكن ما يهمّنا أن ندرك قوة ارتباطنا بالنسيج الوطني , وما يتعلق بالواقع الجغرافي السوري عامة والمحيط بنا بشكل خاص , وما هي القضية الكوردستانية في ذلك , والتكوين الكوردستاني , أسئلة تطرح للبحث , وورقة للمناقشة .

 

ــــــــــــــــــــــ

الفيدرالية في العراق اتحاد أم تقسيم ؟!

 

من زاوية قانونية و سياسية

 

يخطئ من يظن أن الدول المنضوية تحت مظلة هيئة الأمم المتحدة في حدودها الحالية , وجغرافياتها المحددة نهائية في وصفها وتركيبتها , ولا يمكن المساس بحدودها الموضوعة , أو جعل ذلك من المقدسات التي لا يمكن انتهاكها أو تعديلها , أو إجراء مراجعة لإرادة أبنائها , وما يعانون من تغليب لعنصر أو تهميش لآخر , أو إلغاء وشطب لتجمع سكاني , وإعطاء الآخرين الفرصة الكاملة للسيادة والاستعلاء والاستئثار بالسلطات جميعا ً ..

لقد جاءت هذه الدول , ورسمت تلك الحدود على أنقاض دول وممالك وإمبراطوريات كبيرة , كانت تتحكم بمصائر شعوب العالم قرونا , رغم إرادة أبنائها , تتناحر وتصطرع وتتصادم وتتوسع حدودها أو تتقلص حسب الأدوار التاريخية المتعاقبة , حيث لم تكن لهذه الإمبراطوريات وتلك الدول الكبيرة حدود معينة ثابتة , حتى كانت الحرب العالمية الأولى , بما جرت من مآس ٍ وويلات وضحايا وخسائر في أرواح الملايين وممتلكاتهم وبلدانهم , وحتى كان انتصار الحلفاء , لترسم حدود وتحدد دول وإمارات وممالك , على الرغم من إرادات شعوبها وأممها , لتكون حدودا مرحلية مصنوعة وموضوعة , كحل مرحلي , و لتضم تلك الدول إلى هيئة الأمم المتحدة , ولتشكل بمجموعها أعضاء الأسرة الدولية , دون استشارة شعوب عريقة وذات شأن في التاريخ الإنساني والحضارة الإنسانية كالشعب الكوردي والأمازيغي والكشميري والسوداني وشعوب البلقان والتشيك والسلوﭭاك ...

وما يهمنا في هذا المجال ما حدث في العراق بإلحاق كوردستان ( كوردستان الجنوبية ) فيما يعرف بولاية الموصل في العهد العثماني , حيث ألحق هذا القسم رغم إرادة أبنائه , وكان من نتائج ذلك خراب وتدمير وحروب طاحنة حصدت آلاف الضحايا , نتيجة تنكر الحكومات العراقية المتعاقبة لحقوق الشعب الكوردي , والنضال الدامي والدؤوب الذي خاضه هذا الشعب بقيادة البارزاني الخالد , والوصول إلى إنجاز تاريخي كبير في اتفاقية الحادي عشر من آذار1970م , بالاعتراف بحق الشعب الكوردي في حكم ذاتي في ظل عراق يفترض أن يكون ديمقراطياً , وما حدث بعدئذ من اتفاقية الجزائر الخيانية بعد أربع من السنين , ليستمر نضال الكورد , وتستمر ثورة ﮔﻮلان التحريرية في 26/5/1976م حتى كان سقوط الطاغية صدام حسين بعد حرب الخليج الثانية , وإصراره على المقاومة حتى النزع الأخير ..

وقد تنفس الشعب العراقي بمختلف أطيافه ومكوناته الصعداء , وخاض العملية السياسية بجدارة , وإن تعرّضَ لموجة إرهاب عارمة , ليكون العراق الخندق الأمامي في حرب إرهابية عالمية تغذيها مجموعة حاقدة من أيتام صدام حسين وتنظيم القاعدة , وجماعات دينية ومذهبية متطرفة , على الرغم من كل ذلك استطاعت التحالفات العراقية من خلال التركيبة القومية والمذهبية ( الائتلاف والتحالف الكوردستاني  وجبهة التوافق والحوار والفعاليات السياسية الأخرى ) أن تشكل حالة جديدة في عملية ديمقراطية عدّت سابقة جديدة بنموذج ديمقراطي تعددي برلماني فيدرالي , خضع لاستفتاء جماهيري عارم , حيث أنجز دستور عصري مدني صوّت عليه اثنا عشر مليون عراقي , ليخرج العراق من نظام مركزي دكتاتوري ومستبد إلى نظام اتحادي فيدرالي , تتم فيه توزيع الصلاحيات للأقاليم , وتخفف من قبضة المركز , وقراراته الصارمة , حيث نصت المادة الأولى من هذا الدستور على أن العراق ( دولة اتحادية واحدة ذات نظام جمهوري ديمقراطي برلماني تعددي , وتسمى الجمهورية بالجمهورية الفيدرالية العراقية ) . كما فصلت المادة الثانية في تحديد شكل الجمهورية الاتحادية والمقترح من حكومة إقليم كوردستان :

( تتكون الجمهورية الفيدراللية العراقية من إقليمين هما :

أولا ً : الإقليم العربي : ويضم المنطقتين الوسطى والجنوبية من العراق ومحافظة الموصل (نينوى) في الشمال باستثناء الأقضية والنواحي ذات الأغلبية الكوردية والواردة ذكرها في الفقرة ثانياً أدناه .

ثانياً : إقليم كوردستان : ويضم محافظات كركوك والسليمانية وأربيل وبحدودها الإدارية قبل عام 1970 ومحافظة دهوك وأقضية عقرة والشيخان وسنجار وناحية زمار من محافظة نينوى وقضائي خانقين ومندلي من محافظة ديالى , وقضاء بدرة من محافظة واسط ..) ...هذا هو نص المادة الثانية المقترحة .   وتأتي المادة 140من الدستور المستفتى عليها لتحدد الطرق القانونية المقترحة لتطبيع مناطق الإقليم الأخرى , والمستقطعة وفق قانون التعريب الجائر ومنها محافظة كركوك وتوابعها , ومناطق تابعة للموصل وأربيل ولكن التربية القومية الأحادية والصارمة , والمفهوم العروبي المغذى طيلة عقود دامية ومريرة , والرؤية القومية والمذهبية الضيقة , لفئات وأفراد ومجموعات , لا تزال تعيش أوهام الطوباوية القومية والمذهبية البدائية , ترفض كل صيغة قانونية , مدنية , متطورة , أرادت في الآونة الأخيرة , ومن خلال هجمة هستيرية مذعورة , لتتنكر لكل ما هو دستوري وديمقراطي مدعومة في ذلك بقوى الإرهاب والتطرف , وطبول تقرع هنا وهناك , ومجاميع تدعم من هذا الطرف الإقليمي أو ذاك , لترفض أي سياق تطوري , هو حصيلة نضالات الشعب الكوردي وقادته ومفكريه ودماء شهدائه , والنضال التحرري للشعب العراقي وما كان له من آلاف التضحيات في سبيل الوصول , وعبر معارضة سنين , قدم خلالها آلاف القرابين , ليصل إلى هذا القانون العصري المتقدم , والذي يقر بإقليمين عربي وكوردي , من شأنهما أن يحققا توافقا وتصالحا وانسجاما وسوقا للعراق إلى الانخراط في المجتمع الدولي , بعد أن كان بلدا غازيا – بحكم قيادته الدكتاتورية المتسلطة والعنصرية – وخارجا على القانون الدولي , ومغامرا في دخوله حروبا إقليمية خاسرة , جرّت على العراق كل أشكال وألوان الويلات والخراب والدمار في الحرث والنسل والاقتصاد ومفاصل الحياة الأساسية وعلى كل صعيد , لتأتي الأصوات المتنكرة للنظام الفيدرالي تارة بكونه تقسيما للعراق , وتارة بكونه عرقيا ومذهبيا , وتارة بكونه بضاعة مزجاة جاء بها الاحتلال من خارج الحدود , وتارة بحجة طرحه من قبل مجلس الشيوخ الأمريكي بتقسيم العراق إلى كيانات ثلاثة , مع كون هذا القرار غير ملزم أولا , وغير مقيد للعراق بصيغة عمل فيدرالي يخرج من إطار الدستور العراقي الذي حدد شكل الفيدرالية ثانيا , وبالإشارة إلى واقع تقسيم العراق تحت ضربات تنظيم القاعدة والتكفيريين والمجاميع الإرهابية التي تحرض بكل ما تملك من قوة , حرب طائفية  تقسم العراق , بل تقسم ما هو مقسم أصلا في الكرخ والكرادة والكاظمية والأعظمية وفتن الفلوجة والأنبار , وما تقوم به من قتل وضرب آلاف المدنيين والأبرياء في المساجد والكنائس ودور العبادة ومعاهد العلم والجامعات والأسواق المزدحمة بالباعة ودور العرض والمطاعم والفنادق ومحلات التجارة .. مما يتنافى مع أبسط مبادئ الإسلام السمح الذي يحرّم قتل النفس البريئة , مهما كان الدافع إلى القتل , ومهما كان شكله من تفخيخ وتلغيم وتفجير انتحاري محرّم شرعا وقانونا , وعرفا وأخلاقا ..

إن طرح مجلس الشيوخ الأمريكي , ونائب رئيس لجنة العلاقات الخارجية في دعوتهما إلى إقامة ثلاثة كيانات فيدرالية ذات صلاحيات واسعة , لم يكن بدافع التقسيم الانفصالي بل الإداري , دون أن تملك حق الدفاع عن مثل هذا الطرح الأساسي تقسيما إداريا .. إن هذا الطرح حرّك الكامن من النوايا العنصرية والمذهبية , لتأتي الحملة الهستيرية ضد الفيدرالية موجة عنصرية ومذهبية تقسيميه أصلا , لأنها الأصل في الفتنة والأصل في إعلان الحرب على العراقيين بمختلف أطيافهم وانتماءاتهم القومية والمذهبية والفكرية , و لأنها تحرض في الأصل على الفوضى , وتحاول لي الأمر والعودة بالتاريخ إلى الوراء , لأحلك حقبة دكتاتورية فاسدة وشمولية , ومدمرة للعراق بمختلف نسجه القومية والاجتماعية ونخبه الفكرية وقادته وساسته الذين اصطلوا بنار  الحقد والفكر الأحادي والرؤية القومية البدائية والمذهبية المتخلفة , ليأتي هذا الطرح بمثابة اختبار لتلك النوايا التي تعرّت بوضوح كامل .

لقد تحركت الماكينة الإعلامية البدائية الزاعمة الدفاع عن العراق العربي , بإعلان موجة عارمة من الزعيق والضجيج والتباكي على وحدة العراق , مع أن الفيدرالية الدستورية , بما تهيئ من توزيع وتقسيم لصلاحيات الأقاليم , وتخفيف من أعباء المركز , يعطي مزيدا من التلاحم والانفتاح وتحقيق مستلزمات وحدة وطنية , لا بل وتماسك للأطراف المنخرطة تحت ضربات الاضطهاد والتمييز والحرمان والتراكمات والتي تؤدي إلى تقسيم العراق وإلى تقسيم أي بلد يشعر أبناؤه بالظلم والإجحاف والشطب والإلغاء بل الإبادة الجماعية كما كان يفعل النظام البائد , و يحاول القوميون المتطرفون ( القومجية ) العودة إليه وإعادة نصاعة الوجه العربي إليه كما يدعون   , مع أنهم كانوا المسؤولين بالدرجة الأولى عن تشويه الفكر القومي العربي , ونزعة التطرف وإبعاده عن المفهوم القومي الإنساني المنشود . لقد تعرضت أطياف الشعب العراقي ومكوناته وقواه العاملة والفاعلة , والتيارات السياسية الليبرالية والديمقراطية والدينية المتنورة , و تعرّض سائر الأحرار إلى سياسة قتل ومطاردة وتهجير ونفي , وتدمير كامل للبنية التحتية العراقية , واستئثار نادر بالسلطة من قبل مجموعة حاكمة طاغية أحرقت الأخضر واليابس , وقادت العراق إلى كوارث ومآس ٍ .. وأرجعت به إلى الوراء ليدخل أحلك مرحلة تاريخية .. ليأتي النظام الفيدرالي حلا عادلا ومتطورا .. ينبغي دعمه وتأييده وترسيخ وحدة العراق الوطنية من خلال دعم هذا النظام الذي ارتآه العراقيون في أروع تلاحم وطني استفتي عليه بدلا من صب الزيت على النار , وتأجيج الصراعات , وانطلاق بعض الأبواق والفضائيات العربية لتأريث الصراع , ومدّه , وإشاعة ثقافة القتل والفوضى والتدمير في أبنائه , بنعيق الشؤم ونذير الخراب , والتدخل السافر في شؤون العراق .

 

ــــــــــــــــــــــ

_  الزاوية التاريخية _

 

مفهوم جديد للحضارة الإنسانية

 

 

الحلقة الثانية ..

سبق أن درسنا واقعا ً تاريخياً موثقاً يستند إلى مكتشفات ودراسات تاريخية دقيقة , تثبت هورية إبراهيم الخليل , وانطلاقة رحلته من عمق كوردستان وأرمينيا ورجحان أن تكون عاصمة الهوريين ( أوركيش) منطلق هذه الرحلة التاريخية الموثقة , وما ذهب إليه العلامة الدكتور سيد محمود القمني في كتابه الذي مرّ ذكره ( النبي إبراهيم ذلك المجهول ) من ثبات هورية النبي إبراهيم , وما أتى على توثيقه السيد عبد الحميد الروحاني في دراسته ص(31-33) الواردة في مجلة ( sorgul  ) ومن خلال نحت لغوي دقيق لكلمة ( أوركسديم ) والتي نسبت فيها ( أور) إلى أور الكلدانية في الترجمة العربية لنص التوراة , دون أن ينص عليه النص العبري الأصلي , هذه المدينة التي خرج منها إبراهيم الخليل عليه السلام ..

ومما يؤكد تلاقي الدراستين , التأكيد على النسب الهوري للنبي إبراهيم , وقصة رحلته من الشمال إلى الجنوب والاستقرار في مكة المكرمة لبناء الكعبة المشرفة مع ولده إسماعيل , كما جاء ذكره في القرآن الكريم , والذي أوردناه في الحلقة الأولى من هذا البحث , وقد بحث د.سيد قمني في ( أور ) هذه التي خرج منها إبراهيم الخليل في رحلته التاريخية العظيمة , فاستبعد أن تكون أور الكلدانية إذ أن رحلة النبي كانت قبل نشأة أور الكلدانية  بألف عام , والذي انتهى إليه أن هذه المدينة تقع في كوردستان  كما ينص بالحرف يقول : " والغريب ها هنا هو أن آرام النهرين وفدان آرام وحاران /حرّان/ كلها مدن تقع شمالي بلاد الشام وشمالي غربي العراق أي في كوردستان وأرمينيا .." حيث العشيرة الإبراهيمية يقول د. القمني : " من المعلوم أن هناك مدنا عديدة معروفة باسم (أور ) لأن كلمة أور تدل على معنى المدينة أو تنسب المدنية إليها , فبالإضافة إلى أور ( الرافدية في العراق ) قرب مصب الفرات هناك أورشليم ( مدينة السلام ) وأرتو مينوس باليونان و أوروك بالعراق , وأور = آرتو على جبال آرارات شرقي بحيرة وان في الأراضي الكوردية الأرمنية .. " وقد فصل القول في أصل الترجمة العبرية , واختلاف ذلك عن النص العربي للتوراة كما بينا , لينتهي إلى القول بأدلة واشتقاقات لغوية , سوف نوضحها أكثر , لقربها من اللغة الهورية الكوردية , كما نص عليه العلامة المذكور , ليقول : " وهكذا يتضح لنا أن العشيرة الإبراهيمية وافدة على المنطقة الجنوبية ( العربية والكنعانية)  من جنوب أرمينيا بشمال كوردستان والممتدة جنوبا حتى أوركيش ذات اللغة الهندوأوربية الكوردية على الأرجح , لسيادتها في هذه المنطقة – في ذلك التاريخ البعيد – أما أولاد إبراهيم وأحفاده فقد تعلم كل واحد منهم لغة أهل المناطق التي سكنوها , فإسماعيل تعلم العربية في مكة ( من قبيلة جرهم سدنة الكعبة ) واسحق وموسى تعلما العبرية , وعيسى تعلم الآرامية في بلاد كنعان ( فلسطين ) ... " . ويربط القمني بين الحثيين والكاشيين والهوريين الذين كانوا يحكمون بلاد الشام في الألف الثالث قبل الميلاد , وكيف استطاع الشعب الحثي الآري أن يقضي على دولة ( هوريا ) , يقول القمني :  " في هذه الفترة كانوا يطلقون على سوريا اسم بلاد هورو , وما تزال آثارهم باقية إلى يومنا هذا ( قلعة الهوريين شمال سوريا , والمسرح الهوري العظيم .. ) " . ولتأكيد الاشتقاق الآري لكلمة ( أوركسيد يم ) بالإضافة إلى الاختلاط بين العبرية كمتحدر من لغة بني يعقوب أولاد إبراهيم عليه السلام , وذريته من بعده , والأصل الهوري الآري للكلمة , يمكننا الوقوف على تحليل لغوي نحتي قوامه :

 

ــــــــــــــــــــــ

 

حول ضرورة  الإصلاح ( اﻠﭘارتي نموذجاً ) ؟؟

 

الحلقة الأولى

 

ينبني هذا التساؤل على فرضية الضرورة المبنية على قاعدة الرغبة لدى أي مجموعة أو مؤسسة أو تنظيم في ديمومة الاستمرار.

إذا نحن ننطلق من ضرورة التساؤل الذي فرض نفسه للتطوير , كقاعدة قائمة على النتائج التي كشفت لنا عن المعيقات حيث أدت موضوعيا إلى عيوب ونواقص عكست سلبا على البنى الذاتية لتوصل بنتيجتها إلى خلل بات البحث عن الحلول لتخطيها ضرورة لا يمكن تأجيلها أو التأخر عن معالجتها.

إن الاعتراف بوجود / إشكال ٍ ما ؟! / قد نتفق أو نختلف في وصفه , وأهميته , أو حتى تكوّنه تاريخيا ً إنما من دون أي شك لا نستطيع إنكاره أو نفيه أو حتى التقليل من أنه ﮐ / إشكال / معيق لحالة الاستمرار والديمومة الدائمة التي تستدعي منا ونحن على مختلف آرائنا من تحديد ماهيته ومن ثمّ البحث عن آلية تساعدنا في سبر هذا الإشكال وتحديد مواطن الخلل فيه  ومن ثمّ طرح الحلول العلمية لتخطيها .

بناءً على هذه القاعدة ننطلق في إبداء الرأي , تمهيداً لفتح سجال ٍ , ولمختلف الآراء أو قل هي دعوة لتشكيل فريق عمل لكل الحريصين على نهج  اﻠﭘارتي من الملتزمين والوطنيين للمساهمة في إبداء الرأي وطرح الحلول التي تصب في خانة البحث عن الحلول لمعضلة الإصلاح , للسعي إلى التفعيل من حالة مصابة بها  اﻠﭘارتي نسميها حالة الترهل السياسي .

قبل الخوض في صلب الموضوع لا بدّ من توضيح التساؤل : لماذا نخص  اﻠﭘارتي تحديدا في هذا البحث؟! .

لو أننا تطرقنا في تشعبات البحث لكان من الأجدى أن نوسع دائرة البحث لتشمل الحركة السياسية الكوردية في سوريا بشكل عام إلا أن النموذج الذي اتبعناه ولنا منه غاية اختصرناه بالبحث عن اﻠﭘارتي تحديدا في هذه المرحلة الحساسة التي تبشر بمنعطفات تتطلب منا الحيطة والحذر لذا اﻠﭘارتي أولا ً . موضحين رؤيتنا التي تعتمد على قراءتنا للوحة السياسة الدولية بشكل عام والإقليمية الكوردستانية بشكل خاص وأكراد سوريا جزء من المعادلة . لن نستفيض بالشرح ولن نسهب في التحليل , سنكتفي وبقدر من التوضيح الأولي بما يكفي لتخصيص الرؤية لهذا البحث , لذا سننطلق من خصوصية المرحلة التي تجلت بشكل واضح في المتغيرات التي كشفت عن معالمها في المنطقة , وباتت أنساقها المعرفية والاستراتيجية تتوحد من خلال فلسفتها المعتمدة في هذه المرحلة , وكان نتيجتها سقوط حاكم بغداد وإعلان إقليم كوردستان ثم الانصراف بعدئذ إلى النظام الإيراني ومتعلقاته والملف النووي , وما يشكله من خطر داهم . طبعا هذا لم يعف ِ حكام أنقرة من خلال السياق النافذ إلى عموم المنطقة والتي تبدو على مفترق من الطرق ... إلخ . من خلال هذا نتساءل أين موقع الحركة السياسية الكوردية في سوريا ضمن هذه المتغيرات و اﻠﭘارتي تحديدا ً ؟!.

لو عدنا بالذاكرة بعض الشيء إلى الثمانينات من القرن الماضي لكان رد الحركة الكوردية في سوريا واضحا من خلال الشكوى الدائمة من سلبية الظرف الدولي من القضية الكوردستانية بشكل عام , وضياعها في أتون الصراع الدولي , ولهم في هذا الكثير من الحق ..  رغم أن هذا ما كان ليعفي الحركة الكوردية في سوريا أن تتخلى عن تحديد خطابها السياسي , لتتحاشى التعويم والتسويف في رؤيتها الكوردستانية من خلال تحديد هويتها الوطنية.

أما الآن فإننا سنتفق على أن الظرف الدولي هو في أحسن أحواله من الوضوح , والموقع الكوردستاني في خانة الحراك الدائم , ليس فقط في جغرافيته بل وبشيء من التمحيص نستطيع القول بأنه يقارب أن يكون أحد دعائم هذا الحراك إقليميا.. 

هذا مما يستوجب التأكيد على الحركة السياسية الكوردية  في سوريا وكجزء من هذه المعادلة أن تجد نفسها أمام تساؤلات كبيرة في هذه المرحلة وقد فرضتها المتغيرات , والمطلوب منها الرد والتوضيح لتبني برامجها بما يتناسب مع المتغيرات الجديدة , وأهم شروطها هو تحديد مفهوم الوطن , وجدلية علاقته بالمواطنة للأكراد في سوريا , مما سيدفعها إلى تحديد ماهيتها القومية الكوردية وخصوصيتها الكوردستانية , كتأسيس لخطابها السياسي , الذي سيحدد شكل تحالفاتها القادمة , لتحقق مطالبها الآنية والاستراتيجية ضمن أنساق رؤيتها التي سوف تتبناها بعلاقتها مع الداخل السوري والعام الكوردستاني . وهذا مفصل دقيق وحساس وخاصة على الصعيد السياسي , لا يمكن التغاضي عنه , أو تأجيله من خلال تسويفه زمنيا كما يتصوره البعض .

وكل ذلك سيستدعي بالضرورة إعادة هيكلية اﻠﭘارتي تنظيميا تماشيا وتجاوبا مع روح هذه المتغيرات . من خلال هذه اللوحة وبغض النظرعن التفصيلات ننظر إلى اﻠﭘارتي بشكل خاص بناء على خصوصيته التي كانت وحتى فترة قريبة " ذماً " من البعض على اﻠﭘارتي , إنما أثبتت هذه الخصوصية ميزة لا يمكن تخطيها أو حتى تجاهلها لا في الساحة الكوردية في سوريا فحسب , بل في عموم سوريا .. لسبب بسيط بأنها تعتمد على القراءة السياسية والتي فرضتها الظروف , والمتجلية في المعادلة التي تعتمد أولا على شكل التحالف وقوته ومكانته .. لتحدد فعالية أي حراك سياسي .. انطلاقاً من أهمية الدور المحيط في أي تغيير داخلي . ومن هنا نستطيع الجزم بالقول بأن اﻠﭘارتي هو الرقم الصعب في أي معادلة سياسية .. وتحديدا اﻠﭘارتي .. لا بحكم فعالية كوادره .. أو بحكم جماهيريته .. أو مكانة منظريه .. أو تضحياته .. إنما بحكم نهجه , ورؤيته الواضحة , وعمقه الاستراتيجي .

ولأهمية هذا النهج نصب اﻠﭘارتي في محط أنظار ٍ , وعقبة لا يمكن تخطيها أو تناسيها لأي مشروع سياسي مستقبلي في الساحة السورية بشكل عام والساحة الكوردية في سوريا بشكل خاص .. وبكل المستويات , وعليه تزداد المراهنات ابتداء من المراهنات السياسية , وصولا إلى المراهنات الأمنية .. ومنه نرى بقدر ما كان اﻠﭘارتي تنظيميا معافى وفاعلا بقدر ما باتت مطاليبه التي هي مطالب شعبه قريبة المنال .. من هنا ولهذه القناعات , التي تحتاج إلى صفحات أكثر وأعم .. خصصنا هذه الصفحات ﻠﻠﭘارتي دون غيره , كمحاولة منا إلى لفت الأنظار عن مكامن الخلل لتخطيها ولتأخذ مكانها في هذه المرحلة , وتتخطى ركام الماضي , بناء على تبنيها للبرنامج الوطني ومن معالجة ما حددناه " بالترهل السياسي" المصاب به اﻠﭘارتي .

عودة إلى البدء , إذاً  تتأسس الرؤية على أن الإشكال يكمن في الترهل السياسي المصاب به اﻠﭘارتي كوصف للحالة , ببعدها السياسي مما عكس ذلك موضوعيا , على خلق الذات العاجزة على التفعيل اجتماعيا , وهذه من أخطر الآفات التي تستدعي منا الوقوف عليها وتخطيها بكل صبر وحزم و دراية واعية , آخذين بعين الاعتبار تداعياتها التنظيمية والبرنامجية .. إنما كيف ؟

هنا لا بدّ من تسجيل ملحوظة تتكثف بالتساؤلات التالية :

1-    هل الترهل السياسي حالة عرضية ؟

2-    هل الترهل السياسي ﮐ " حالة " تلازم البناء النظري للبرنامج ؟

3-    ما علاقة الترهل السياسي بالبيرقراطية المؤسساتية ؟

4-      ما الفرق بين الترهل السياسي وسياسة الترهل ؟   

5- هل من الممكن التخلص من الترهل السياسي ؟ وكيف يمكن ذلك ؟  

هذه التساؤلات نذكرها هنا للاستئناس والتذكير فقط , وليس للشرح , لأن مجال البحث الذي نحن بصدده , لا يستوعب ذلك , إنما نذكرها لنحدد ملامح الترهل , وتبيان محيطه للعمل على التخلص من عوارضها . إيمانا من أن الترهل وفي كل مرحلة كابحة للحركة السياسية ومتممة على حتمية موته المحقق . والشواهد التاريخية تثبت ذلك .   

إنما في خصوصية اﻠﭘارتي , و اﻠﭘارتي بشكل خاص , حيث هو موضوع بحثنا  نؤكد على أن ما يجعل اﻠﭘارتي في حالته التنظيمية كتنظيم و حزب ليس لأنه معفى من الترهل السياسي , أو لأنه قد أوجد الآليات القادرة على محاربة الترهل وتخطيه , بل بالعكس قد نصل إلى القول إن اﻠﭘارتي في حالة تآكل بسبب معايشته للترهل ومحافظ عليه في بنيانه .. لا بل وأكثر من ذلك قد حملها رغم أنها كانت حجة مستنكرة لدى كل الفرقاء في اﻠﭘارتي إلى كل من انفصل عنه , حيث أدت بهم إلى الانحلال أو التفسخ أو التقوقع , بينما حافظ اﻠﭘارتي على موقعه كتنظيم متعايش مع الترهل . هذه المعادلة التي تبدو للوهلة الأولى شائكة بعض الشيء , أو غير مفهومة , لذا علينا أن نسلط الضوء على مكمن خصوصية اﻠﭘارتي التي تدفعه إلى أن يبقى متماسكا لحد ما كتنظيم سياسي , رغم استفحال الترهل السياسي , إنما وقبل هذا علينا أن نقر بأن الترهل لا يجوز النظر إليه بأنه وليد اللحظة السياسية الآنية , بل رؤيته كاستمرار لحالة جذر سياسي , تموضعت داخل الحركة السياسية والمجتمعية , استمراراً مع مرحلة عصف البلاد , لتخلق واقعا أفضل ما يمكن أن يقال فيها بأنها مرحلة خاصة أصابت المجتمع السوري بعمومه بكثير من الأذى والحرمان والإلغاء والتمييز . ومن هنا قد نتلمس بعض الشيء المسببات التي ساهمت موضوعيا وكجزء من إفرازات القمع للمجتمع على حالة اﻠﭘارتي كحركة سياسية وكجزء من هذا الواقع المهمش . هذا ليس تبريرا إنما إعادة للمأخذ وتحديده على أن التهميش والقمع المجتمعي يفرض حالة التفارق والتعارض للحركات السياسية التي ترى في نفسها جزءً من الحركة المطلبية التي تود الخلاص عبر النضال المضاد للقمع للوصول إلى الديمقراطية للمجتمع .

 

ــــــــــــــــــــــ

 

الملامح الكوردية في بلاد الشام السورية.

 

 يتبادر هذا العنوان مباشرة لكل من له إلمام بالحياة الكوردية , لغة وعادات وقيماً أخلاقية , ومروءة وشهامة , وعفة نفس , وطيبة قلب , وشجاعة نادرة , وهي ما تجسدت في " باب الحارة " و " ليالي الصالحية " ودروب المجاهدين والمقاومين , ممن حفلت بهم الثورات والانتفاضات الوطنية , والتي كان مهندسها ومخططها في ثورة /1925/ الثورة السورية الكبرى الكوردي الحرستاني عمر ديبو آغا , والمناضل ابن الغوطة حسن الخراط, والبطل الباراﭭﻲ, وآل زلفو , وشمدين آغا الذي شهدت له ساحة شمدين طبول الحرب والمقاومة في الأزمات إلى جانب المجاهد الأكبر في جبال حارم والزاوية إبراهيم هنانو , هذا إلى جانب ما تمتعت .....به شخصية الزعيم ( عبد الرحمن آل رشي ) من صفات النبالة وكمال العقل وحسن القيادة , واستحواذ الحب والاحترام معا , إلى جانب ما أوتي مخرجه ( بسام الملا ) من دقة الأداء في اللباس والزي رجالا ونساء بالنطاق القماشي المعروف (noq û nav  ) وهما تسميتان كورديتان إلى جانب السروال الممشوق , والعمامة , والخنجر الصوراني , وأجواء الياسمين والقرنفل والبرك الدياربكرية , والطراز الشرقي المعروف , وعادات صارمة في استقبال الضيوف , وتبادل الزيارات , وطرق في المعيشة , حتى في الأطعمة , لا تكاد تختلف عن الحياة الكوردية بأجل وأدق معانيها , إضافة إلى الشخصيات الكوردية الحية التي جسدت المسلسل من ( عبد الرحمن آل رشي , ومنى واصف  , وعباس النوري , وأدهم الملا ووفاء موصللي ومخرج المسلسل بسام الملا .. وسوى هؤلاء ) ممن يذكر بأبناء الصالحية وحارة الأكراد والمعضمية , ودوما والشاغور والميدان , ممن ذكر أعلامهم وأسرهم وعائلاتهم الكبيرة والعريقة الأستاذ عزالدين الملا فيما يتجاوز ثلاث مئة صحيفة , حيث ذكر : آل الأيوبي ,  كم نقش , شخا شيرو , الدالاتي , داري , آل ﺴﻠﻴﭭا وجنبلاط وآل معين , الخاني , الباراﭭﻲ , زلفو ,و شمدين آغا , وأتى غيره على ذكر الآلوسي , اللوجي , و قره ﭼﻮلي , وعشرات العائلات الدمشقية العريقة , كالعظمة والبيطار والعريان والعطار , مما تعجز عنه هذه الصفحات اللماحة والتي لا يمكن التفصيل فيها حيث ينتشر الكورد المستعربون على مساحة سوريا شرقا وغربا وشمالا وجنوبا , ففي محافظة اللاذقية يذكر أحد البحاثة الفرنسيين أن مناطق بأكملها كانت عامرة بالكورد بشكل مطلق من أعالي هاتاي وأنطاكية إلى أدنى السواحل البحرية مرورا بجبال الكورد التي عربت إلى جبال اللاذقية , ثم إلى جبال سمعان وحارم , وسرمينية الغاب وقرى حماة وحمص , وجبال القلمون , حيث تجد في هذه الأمكنة آثارا وقلاعاً وقرى كوردية عامرة , ففي منطقة الحفة وحدها تجد أربعا وستين قرية تضم عشائر كوردية عريقة هي ( عوجان , شيخان , موشان , شكاك ...) و رؤساهم ( نوري الحجي – قرية سلمى , محمد آغا بازيدو – وادي باصور , محمد شفيق – قرية شلف , يونسو – قرية أوبين ) . حيث يتواجد هؤلاء على مساحة جبل الأكراد الغربي من قرى سلمى إلى سرمينية الغاب .

أما في محافظة إدلب , ففي جسر الشغور وحده تجد خمس وثمانين عائلة من عشيرة نجاري وهي عشيرة كوردستانية معروفة تنتشر بين سوريا وتركيا , ورئيسهم فؤاد آغا النجاري وآل سرمدى وبرمدى وتل شمرون من أكراد الكيخيا ( قلعة حارم ) , وفي قرية ملس تجد رئيسهم شعبان آغا , أما في كفر تخاريم فتجد زعيمهم إبراهيم هنانو . وفي حماة وحمص وقراها وقضاء قصير تجد آل المراد ,كوجان , سلو , الزعيم  , البرازي , مندو , الكوردي , كوردية , وعائلة شروف الواسعة الانتشار في قصير وعائلة العالم المشهورة في حماة وكذلك آل الشيشكلي . أما في حوران والجولان والباب فتجد عشائر الأكراد , وأكراد القره ﮔﮫﭼﻲ في قرية قياسين , حيث تجد في الباب وحده ثمانية آلاف عائلة , وفي تل حاصل تجد أكراد ( الدنان ) وهي عشيرة تنتشر بين سوريا والعراق , ولا يزال قسم كبير منهم يدينون بالايزيدية , أما جبال الكورد في شمالي حلب فعدد قراها ثلاث مئة وخمس وستون قرية وعشائرهم ( آغاوات , برازا , جومي , شكاكي , آنكا , بيان , و شيخان )تتوزع في قرى واسعة خصبة جبلية ونواحي  جنديرس , معبطلي , شيخ الحديد , رجو , بلبل وشرّان , ومن رؤسائهم فائق المنان , وهو من قرية دير صوان , وفي كوباني تجد نحو تسعين قرية من قرى الكورد منتشرة على مساحة واسعة من الأرض , كما يمتد الكورد على طول الحدود الشمالية والشرقية إلى أقاصي عين ديوار , في اتصال جغرافي عميق يصل إلى حدود آرارات في الشمال  كما يمتد الكورد في لبنان وفلسطين وغور الأردن , ولا تزال أكبر القيادات الفلسطينية التي تتصدر منظمة التحرير من أصول كوردية عريقة , ومن الأسر الحاكمة التي حكمت لبنان حتى وقت متأخر ( آل سليفا وآل معين وكان لآل جنبلاط ولا يزال دور تاريخي بارز ) .

وللأسف العميق فإن هذه الملامح الكوردية الأصيلة لا تكاد تجدها إلا في نطاق تعريبي , رغم التقارب الشديد الذي حصل بين المجتمع الكوردي والعربي , جيرة واختلاطا وتمازجا في القيم والمبادئ والدفاع والتاريخ المشترك , إلا أن السلطات المتعاقبة تمادت في إغفال هذا الامتداد العميق على مساحة سوريا , بل حاولت طمس معالم الوجود الكوردي , لغة وثقافة وقيماً وتقاليد , شاطبة على هذا الوجود تاريخيا وقانونيا ودستوريا , غير مدركة أن عمق التاريخ والجغرافيا سوف تؤكدان على مر ّ الأيام أصالة الوجود الكوردي , وعمقه الثقافي وأعلامه الكبار في العفة والقانون والسياسة والآداب , مما يمكن إفراد ببحث مستقل . وقد خصص لأعلام الكورد أربعة مجلدات كبار , سوف ترى النور في القريب , وسوف يأتي نشر هذه الصفحات المشرقة إضافة كبرى إلى التاريخ العلمي والفقهي والقيادي للكورد عبر تاريخ اتسم بالحيوية والتألق والمساهمة الفاعلة في الفكر والحضارة الإنسانية , وإغناء التلاحم التاريخي بين شعوب المنطقة , ودور الكورد الإيجابي في الرفاه الفكري والاقتصادي والقيادي , وهو ما أشار إليه د. عمر موسى باشا في / الأدب في بلاد الشام / , ودور الأشراف الكورد في القرن الخامس للهجرة , وما كان لهذا الدور الريادي من أثر كبير في بلاد الشام ومصر والحجاز والمغرب , والديار الشامية السورية خصوصا ً .

        

ــــــــــــــــــــــ

كلمة لا بدّ منها

 

حينما تختل ّ الموازين وتضطرب المقاييس , ويجد الإنسان نفسه أفراد وجماعات وشعوباً وأمماً .. في حالة من الإعياء الفكري والنفسي .. ويرى منظاره معتما ً قاتما , يدرك من خلاله رؤية تزداد اضطرابا ً.. حينما يجد نفسه في هذا الموقع المؤسي والمحزن .. ينبغي أن يراجع نفسه ويقوّم رؤيته .. وينظر بعين باصرة , وفكر يقظ , وقلب مفعم بالإحساس بالآخرين ..لقد أدرك الإنسان , وهو يستجمع طاقاته , ويراجع معاييره , ويدرس تاريخ الحرب والسلم .. أن خير  البشرية وازدهارها , وروح المدنية وانتصارها , واستقرار الأمم والشعوب وأمنها وعمرانها .. ترتد جميعا إلى معايير سليمة , ومناهج ناضجة , ورؤى عميقة الوقع في حسابات التاريخ ..فما يكرهه لنفسه , ينبغي أن يكره مثله للآخرين , وما يستهجن ويستقبح يفرض حالة مماثلة لسواه , ليحسن الرصد , ويدرك شكل ما يختاره , حتى يبعد عن نفسه هوى الغريزة , وبؤس الأنانية , وشبح النفس الأمارة بالسوء ..إن ما نشهده اليوم في ساحتنا الكوردستانية , من تهالك الترك على بضعة آلاف من التركمان في جزر متفرقة متناثرة وعلى بعد  آلاف الأميال من أنقرة واستانبول .. يهددون ويلوّحون بضرورة إعطائهم حقوقهم القومية الكاملة , ليقفزوا على ثلاثين مليون كوردي متصل الثقافة والجغرافيا والتجاور والعادات والتقاليد مع بني جلدتهم في جغرافية شاسعة تمتد من آﮔﺭي داغ إلى جبال همرين , ومن أعالي هاتاي والمتوسط إلى أعماق بلاد اللور في الخليج .. دون أي اعتبار لجيرة أو عقيدة أو تاريخ مشترك .. بل محاولة لسحق كل آمالهم وتطلعاتهم ومحاولة إبادة جنسهم ..إن نظرة إنسانية هادئة تفضح هذه الأنانية القومية الغريزية .. وهذه البدائية الساذجة في التفكير , كلمة لا بدّ من قولها , ورأي لا بدّ من طرحه .. ليكشف الإنسان هول وبشاعة التناقض وبؤس وضحالة الفكر السطحي الساذج حينما تختل المعايير , وتضطرب المقاييس لديه  , فهل من مراجعة ؟!! .

ــــــــــــــــــــــ

 

الحرية لمعتقلي الرأي و مناضلي شعبنا الكوردي في سجون البلاد

ــــــــــــــــــــــ

 

موقعنا على الانترنت: WWW.Alparty.info                        أو   WWW.Alparty.eu                                           

 البريد الألكتروني :                                    info@alparty.info